القائمة الرئيسية

الصفحات

من أصول التقاضي المستقرة أن المدعي يحدد خصمه في الدعوى (2)

من أصول التقاضي المستقرة أن المدعي يحدد خصمه في الدعوى (2)


بقلم المحامي / عارف الشعال
استثناءات المبدأ:

فإذن المبدأ الأساسي بالتقاضي أن المدعي هو الذي يختار خصومه كما بيّنا في الجزء الأول، 
ولكن لهذا المبدأ استثناءات نصَّ عليها القانون والاجتهاد القضائي، وتعتبر ضوابط لهذه الحرية المطلقة التي يتمتع بها المدعي في تحديد خصومه، وقبل التطرق لهذه الاستثناءات يجب ألا يغيب عن بالنا نهائياً أن: 
((ما يرد على سبيل الاستثناء أو القيد يجب تفسيره في أضيق الحدود، ولا يجوز القياس عليه))
(نقض 1 – ق 701 – تا 12/ 11/ 2008 – مجموعة الحسيني في الخصومة – ص50)


أما بالنسبة لاستثناءات المبدأ فهي:

أولاً: الاستثناء في القانون:

نص القانون على استثناءين لهذا المبدأ أحدهما خاص والآخر عام، حيث أوجب في الاستثناء الخاص اختصام أشخاص محددين في بعض القضايا التي ذكرها صراحة، وفي الاستثناء العام منح المحكمة سلطة اختصام أي شخص تقدر ضرورة اختصامه عن طريق إدخاله بالدعوى.


آ - الاستثناء الخاص:

أورد القانون صراحة استثناءات قليلة له، حيث خشي أن يتواطأ الخصوم بين بعضهم فتتضرر مصالح أشخاص لم يختصمهم المدعي في لائحة دعواه، فنصَّ صراحة في بعض القضايا المحدودة من يلزم المدعي باختصامهم في الدعوى، عندما نصَّ في المادة /14/ أصول على أنه: 

((إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد التركة وجب اختصام سائر الورثة))
وفي المادة 416 /آ أصول حينما نص على أنه:

((يجوز في المناطق التي لم تجر فيها أعمال التحديد والتحرير طلب بطلان إجراءات التنفيذ تبعا لطلب استحقاق العقار المحجوز كله أو بعضه وذلك بدعوى يختصم فيها مباشر الإجراءات والمدين والدائنين المقيدين))

ب - الاستثناء العام:


سمح القانون للمحكمة إذا استشعرت أن هناك من قد يضار من قيام هذه الدعوى، أو من الحكم الصادر فيها، أن تدخله فيها، 
أو إذا بدت لها دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم،

أو إذا رأت أن مصلحة العدالة تقتضي إدخال شخص أو أشخاص محددين فلها ذلك. (المادة 153 أصول)

ثانياً: الاستثناء في الاجتهاد القضائي:


لم يكتف القضاء بالاستثناءات والضوابط التي نصَّ عليها القانون، فرأى أن مصلحة العدالة ودرء شبهة التواطؤ، تقتضي أيضاً اختصام أشخاص محددين في بعض القضايا، مثل القضايا العينية العقارية، 

فقد استقر الاجتهاد القضائي في قضايا تثبيت البيع على وجوب اختصام جميع ورثة البائع درءاً لشبهة التواطؤ، (نقض2 – ق1132 – تا 31/ 7/ 2000 – الحسيني – قا 810)

أو في قضايا تثبيت القسمة على وجوب اختصام كافة أصحاب الحقوق المسجلة على الصحيفة (نقض2 – ق1150 – تا 31/ 7/ 2000 – الحسيني – قا 4228)

أو في دعوى تغيير النوع الشرعي للعقار، حيث فرض وجوب اختصام جميع المالكين إضافة لوزير الزراعة، (نقض2 – ق921 – تا 14/ 6/ 1998 – الحسيني – قا 4324)

أو دعوى استحقاق المال المحجوز، حيث أوجب اختصام الحاجز والمحجوز عليه فيها، (نقض3 – ق617 – تا 25/ 3/ 1995 – المحامون 1996 – ص939)

وهكذا نرى أن القاعدة الأساسية بالتقاضي تنص أن المدعي هو الذي يحدد خصومه بالدعوى، ولا يجبر أن يختصم من لا يريد اختصامه، ولكن القانون والاجتهاد القضائي أوردا استثناءات محدودة لهذه القاعدة كما أسلفنا أعلاه،

ومن البديهي أن هذه الاستثناءات لا يقاس عليها، لأن القياس يجري على القاعدة الأساسية وليس على استثناءاتها.

ولكن ماذا يجب على المحكمة أن تفعل بالدعوى التي ترى وجوب اختصام أشخاص آخرين فيها؟؟
وهل يحق لها أن تعتبر الخصومة فيها معتلة فتردها، أم تقوم بإدخال من ترى وجوب إدخالهم بالدعوى؟؟
هذا ما سنجيب عليه في القسم الثالث إن شاء الله.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع