القائمة الرئيسية

الصفحات

جريمة دهس شخص نائم على سكة القطار وهل يسأل السائق؟

جريمة دهس شخص نائم على سكة القطار وهل يسأل السائق؟


يتكلم المحامي:-
في بداية حياتي المهنية وفي مدينة كربلاء وقع حادث دهس بواسطة القطار وقد توكلت فيها مجاناً وملخصها :

كان شاب يرعى الغنم نهاراً ويحرسها ليلاً بدلاً من والده الكبير في السن وفي أحد الايام والغنم ترعى بالقرب من سكة الحديد
جلس الشاب على السكة ولسهره المتواصل غلبه النوم ونام نوماً عميقاً وجاء القطار متجهاً الى مدينة كربلاء وقبل وصوله محطة (عون) شاهد سائق القطار شيئاً على السكة استعمل المنبه - الهورن - ولكن المجني عليه لسهره الطويل لم يستفق من نومه فدهسه القطار وفارق الحياة

وفي خلال ايام جاء والد المجني عليه المسن الى المحكمة بغية توكيل محامي للمطالبة بالتعويض عن فقدان ولده فلم يقبل جميع المحامين التوكل عنه لسببين:
أ- انهم اعتبروا القضية خاسرة كون سائق القطار لا يسأل لان المسبب هو المجني عليه حيث ان القطار لا يمكن تغيير اتجاه سيره كي يتفادى الدعس

ب- ان والد المجني عليه فقير الحال وليس لديه ما يدفع به اتعاب المحاماة ولرفض جميع المحامين التوكل عنه قررت التوكل عنه مجاناً فرح الرجل واخذ يدعولي بالخير والتوفيق

وكانت بدايتي بدعوى صعبة الكسب للغاية لان الزملاء اجمعوا على انها خاسرة لان سائق القطار لا يسأل
ولم يحدث في تاريخ القضاء ان جرم سائق للقطار عن دهس شخص ينام على السكة وبعد قراءة الاوراق التحقيقية ذهبت الى محطة القطار واطلعت على مكان الحادث

شاهدت اعمدة الهاتف الممتدة بمحاذاة السكة وقست المسافة بين عمود وآخر فرأيتها متساوية ومقدارها (٢٠) متراً بين كل عمودين
وعين يوم للمرافعة وقلت لنفسي لعلي اوفق في كسب هذه الدعوى وانا حديث العهد بممارسة المحاماة لاني اقوم بها مساعدة لفقير ولوجه الله تعالى.

وفي اليوم المحدد حضر المتهم وممثل عن دائرة السكك الحديديه و والد المجني عليه
بدأت المرافعة بالاستماع الى افادة والد المجني عليه بعدها بدأ القاضي بتوجيه الاسئله للمتهم ومناقشة عن كيفية حصول الحادث ثم بادرني بالسؤال هل لديك اسئلة؟
فأجبته:- بنعم ، وبدأت أسال المتهم بالأتي:

س١- هل شاهد المتهم المجني عليه وهو نائم على السكة؟
فأجاب: بكلا ولكنه شاهد شيئاً من بعيد على السكة.

س٢-هل استعملت المنبه عندما شاهدت شيئاً على السكة؟
فأجاب: بنعم وبعدة مرات.

س٣- كم كانت المسافة بين القطار ومحل الحادث؟
فأجاب: لا اعلم بالضبط.

س٤- ماهي سرعة القطار عندما كنت تسير خاصة وان محطة الامام عون قريبة من محل الحادث وعليك ان تتوقف عندها؟
فأجاب: كانت السرعة بين ٤٠-٥٠ كم في الساعة.

س٥- اذا كنت تسير بهذه السرعة كم هي المسافة التي تحتاجها لايقاف القطار؟
فأجاب: بحدود (٧٠-٨٠) متراً.

وبهذا انتهت الاسئله وبدأ نائب الادعاء العام بتلاوة مطالعته وطلب الافراج عن المتهم وحيث ان الدفاع اخر من يتكلم طلب القاضي إلقاء ما لدي فطلبت امهالي وأجلت المرافعة لمدة اسبوعين

وبعد دراسة الاوراق التحقيقية وما افاد به المتهم اثناء المرافعة وجدت المسافة بين عشرة اعمدة الممتدة مع سكة القطار تساوي (١٨٠)م وان القطار كان يبعد عن مكان الحادث حين وقوعه بهذه المسافه وكان بامكان السائق ايقاف القطار تفادياً لحصول الحادث بمسافة (٨٠-٧٠)م باعتراف المتهم امام المحكمة وقد ركزت في دفاعي على هذه النقطة واقتنعت المحكمة وصدر الحكم بغرامة وبالتعويض لوالد المجني عليه يدفع من قبل دائرة السكك الحديديه وبهذه الدعوى كسبت اول دعوى جزائية في حياتي المهنية ورغم ان المحامين القدامى اجمعوا على خسارتها وليس فيها امل للنجاح.

ان كسب مثل هذه دعوى ليس امراً سهلاً وخاصة لمحام حديث العهد بالمهنة وهذه الدعوى زادتني ثقة بنفسي وأعطتني زخماً كبيراً للمتابعة والمطالعة والاعتماد على النفس ولا مجال لليأس.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع