القائمة الرئيسية

الصفحات

دعوى جزائية لبيع الحلى المقلدة


في الستينات من القرن الماضي كان احد الصاغة قد وكلنا وكالة عامة في بغداد للدفاع عنه في قضاياه وكان له محل لبيع المصوغات الذهبية قرب سوق السراي وفي احد الايام داهمت الشرطة الاقتصادية محله واستولت على كمية من المصوغات الذهبية المتكونه من قلائد نسائية تحتوي على ليرات ذهبية رشاديه

دعوى جزائية لبيع الحلى المقلدة


وتم القاء القبض عليه بتهمة تزوير الليرات المستعملة في القلائد وبقى موقوفاً في مديرية الامن العامة قرابة اربعة اشهر دون ان اتمكن من مواجهته او قراءة الاوراق التحقيقية لان الامن العامة تمنع المحامين او الاهالي من مواجهة ذويهم الموقوفين بعد ذلك احيل من قبل قاضي التحقيق الى محكمة الجنايات


وفي اليوم المعين للمرافعة احضر المتهم الى المحكمة وعندها تمكنت من مواجهته واستفسرت منه عن اسباب توقيفه فشرح لي الاسباب وسألته هل ان الليرات مقلدة؟ (مزورة) اي ليست اصلية ، أيد ذلك وسألني بماذا اجيب القاضي اذا سألني عنها هل اجيب الحقيقة؟ فقلت له نعم وقل انها مقلدة واذا سألك الا تخاف عقوبة السجن باعترافك هذا. أجبه سيدي هل تريد الحقيقة ام غيرها

وعند بدء المرافعة سأله القاضي عن الاسم والعمر والمهنة وهي الاسئلة الروتينية ، وسأله هل الليرات تعود لك وهل هي حقيقية ام مزيفة؟ اجابه بانها غير حقيقية وانها مقلدة ، فسأله القاضي الا تخشى السجن! فأجابه اني اقول الحقيقة وبعد ادلاء الشهود شهاداتهم وهم شرطة من الامن العام طالب نائب المدعى العام بالحكم على المتهم وفق مادة الاحالة كونه أقر بجريمته وان المادة التي احيل بموجبها تتضمن الحكم بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات ومصادرة الاموال محل التهمة

وجاء دوري للدفاع فطلبت امهالي لتهيئة الدفاع فأمهلت وأجلت المرافعة شهراً واحداً وعند خروجي من المحكمة طلبت من موكلي ان يجلب لي احدى القلائد المحتوية على ليرات رشاديه مزيفه

وفي يوم المرافعة جلب احدى القلائد فوضعتها في جيبي وبعد افتتاح الجلسة طلب رئيس الجلسة القاء دفاعي وكان دفاعي يتضمن مايلي:

١- ان مادة الاحالة لا تنطبق على فعل موكلي لانها اشترطت ان يكون التقليد والحيازة والصنع او التزوير او التعاطي بعملة مستعملة في العراق حالياً او في اي بلد من بلدان العالم وحيث ان الليرة الرشاديه الذهبية لم تعد نقوداً متداولة في الدولة التركية وانها اصبحت مجرد مصوغة ذهبية تباع في كل انحاء العالم وهذا الشرط غير متوفر في مادة الاحالة

٢- ان كل صائغ يبيع اي مصوغة ذهبية بمقدار ما تحويه من الذهب يختلف سعره وفق معيار معين (٢١) قيراط او (١٨) قيراط

٣- لم يقدم أي شخص شكوى ضد موكلي كونه باع مصوغة الذهب على انها حقيقية وظهر انها مزيفة

٤- اضافة الى كل ذلك فان طلب السيد/ نائب المدعى العام حكم على موكلي وفق مادة الاحالة وهذا يقتضي القاء القبض على أي امرأة تحوز هذه القلادة او تلبسها او تبيعها لانها غير حقيقة

وبدوري فأني اخضع لنفس مادة الاحالة كوني حائز على قلادة مزيفة وأخرجتها من جيبي وعرضتها على المحكمة والحاضرين. عندها قررت المحكمة رفع الجلسة للمداولة وبعد ساعة او اكثر نادى المنادي باستئناف الجلسة واخذ رئيس المحكمة يتلو القرار وكان القرار يتضمن نفس دفاعي بان مادة الاحالة لا تنطبق على فعل المتهم لان العملة الرشاديه لم تعد عملة مستعملة في الوقت الحاضر لذا قررت المحكمة الحكم بيراءته واعادة المصوغات اليه

التعقيب: ان دراسة الدعوى بصورة جيدة ودقيقة وخاصة مادة الاحالة كانت السبب بكسب هذه الدعوى لان دراسة الدعوى وتكييفها القانوني يعتبر نصف كسب الدعوى بالاضافة الى قناعة المحامي بحقية موكلة بالدعوى
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع