القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال اكتظاظ المراجعين وتاخير الطلبات امام المحاكم


بقلم المحامي عارف الشعال 

في الأيام الخوالي، كان اتصال هاتفي بسيط بالأخ "محمود" (موظف مستودع البداية المدنية بدمشق) كفيل بأن يؤمن لك في اليوم الثاني مباشرة ما تحتاجه من وثائق.

أما في عصر "اللصيقة القضائية الثاني"، تمّ حظر الطلبات الشفهية لدرجة أضحى معها الكلام بالسياسة أهون على الموظف من أن تقدم لها طلباً شفهياً لقضاء أحد حوائج المتقاضين، إذ سرعان ما يقاطعك مستنكراً:
تقدّم بطلب خطي أستاذ!!

 مقال اكتظاظ المراجعين وتاخير الطلبات امام المحاكم


ومن المعلوم أن سبب هذا التشدد بتقديم الـ (طلب الخطي) هو تعزيز موارد صندوق اللصيقة خاصة، ذلك (الطلب الشفهي) عبارة عن (كلام) وبما أن (الحكي ببلاش) فهذا يعني أن الصندوق لا يستفيد من هذا الكلام، فقد أصدر السادة القضاة المشرفين على الدواوين بحظر الكلام المجاني مع الموظفين نهائياً، واستبداله بالطلبات الخطية وتوابعها من لصاقات.

تكمن المشكلة باستبدال الكلام المجاني، بالطلب المأجور، أنه تسبب بتراكم العمل وبطئه الشديد في بعض المفاصل في العدلية، مما نجم عنه تردي شديد بخدمة المتقاضين، التي كانت سيئة أصلاً.

وكمثال على ما نقول نعود للأخ محمود المذكور أعلاه، حيث تقدمنا له بطلب خطي للحصول على وثيقة منذ خمسة أيام عمل، وحتى اليوم على الوعد يا كمون، ومنظر الطلبات الخطية المأجورة المتراكم لديه مرعب فعلاً ولا يدعونا للتفاؤل بإجابة طلبنا المأجور في القريب العاجل، مما يدفعنا للترحم على أيام الطلبات المجانية وحكي البلاش.

وبناء عليه:
أشهد: 
أن السيد القاضي البدائي المدني الأول بدمشق قد فرض سطوته على الموظفين لدرجة جعلت من النادر أن يستجيب موظف لطلب شفهي لقضاء حاجة للمتقاضين، (يكاد بعض الموظفين إذا ألقيت عليه التحية، أن يقول لك قدم طلب تحية أستاذ)

أشكُّ: 
أن هذه السطوة ستستمر طويلاً، إذ أنها ستخبو مع نقل السيد القاضي لمحكمة أخرى، أو بانشغاله بشؤون محكمته، وقد تصحو الهمّة بين الفينة والأخرى، عند الشعور بانخفاض موارد الصندوق.

أشكو: 
من عدم التوازن بين الحرص على موارد الصندوق، والحرص على خدمة المتقاضين، إذ أنه من الملاحظ أن الاهتمام بزيادة موارد الصندوق رافقه تدهور بجودة الخدمة السيئة المقدمة للمتقاضين، بينما يفترض أن ترتقي وتتحسن باضطراد.

أُذَكِّر:
أنَّ الأصل هو تقديم خدمة جيدة للمتقاضين، وليس جباية الأموال لصالح الصندوق، مما يتطلب الحرص على تقديم هذه الخدمة بأفضل ما يمكن، توازي الحرص على جباية الأموال من جيوب المتقاضين.

لذلك .. أطلب:
رفد الأماكن التي تشكو من اكتظاظ مراجعين، بأسطول من الموظفين، وتنظيم العمل بينهم بسلاسة، تجعل المتقاضي يشعر بالامتنان للخدمة المقدمة له، تفوق شعوره بالامتعاض من تقديم ثمنها من جيبه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.ش
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع