القائمة الرئيسية

الصفحات

هل الخلع طلاق أم فسخ للزواج؟

بقلم المحامي عارف الشعال 

من المسائل الهامة التي يطرحها عقد المخالعة الرضائية، معرفة فيما إن كانت تعتبر طلاقاً أم فسخاً لعقد الزواج،

لأنها إن كانت فسخاً للزواج فلا تعتبر إحدى الطلقات الثلاث التي يملكها الزوج قبل البينونة الكبرى.
ومن مساوئ قانون الأحوال الشخصية السوري سكوته، عن مسائل كثيرة هامّة، كهذه المسألة، وبالتالي إحالة الحكم فيها للمبدأ العام في القانون وهو الرأي الراجح في المذهب الحنفي كما هو معروف.

هل الخلع طلاق أم فسخ للزواج؟


وحيث أنه جرت العادة العودة لكتاب قدري باشا كمرجع معتمد في الرأي الراجح بالمذهب الحنفي، فنجده يحسم هذه المسألة وينص 

في المادة 278 منه بكل وضوح على:

((يقع بالخلع طلاق بائن سواء كان بمال أو بغير مال وتصح فيه نية الثلاث ولا يتوقف على القضاء))


وهذا هو مذهب الأحناف في الواقع، فالمخالعة الصحيحة عندهم تعتبر طلقة بائنة واحدة، 
أما إن كانت المخالعة ناقصة، كأن تكون بلا بدل، أو ببدل دفعه الزوج، فهذه الطلقة تعتبر رجعية كما ذكرنا في الموضوع السابق، مع المستند الفقهي.

في الواقع يعتبر جمهور الفقهاء وغالبية المذاهب أن الخلع طلاقاً وليس فسخاً للزواج، على رأسها المذهب الحنفي، (بدائع الصنائع للكاساني، ج3، ص152-البحر الرائق لابن نجيم، ج4، ص77 - حاشية رد المحتار لابن عابدين، ج3، ص488)
ويقول الفقيه الحنفي الكبير "السرخسي" بكل وضوح: "والخلع تطليقة بائنة عندنا" (المبسوط، ج3، ص32)


ولكن بالمقابل من المفيد أن نعلم أن هناك رأياً معتبراً أيضاً في الفقه يعتبر الخلع فسخاً للزواج، وعلى رأس هذا الرأي الصحابيان الجليلان "ابن عباس" و"ابن عمر" (تفسير البيضاوي- ج1 ص519) 
وهو رواية عن الخليفة الراشدي "عثمان بن عفان" (تفسير ابن كثير – ج1 – ص365)

وأخذ المذهب الحنبلي بهذا الرأي معتبراً الخلع فسخاً، وهذا مذكور بالعديد من كبار المراجع في الفقه الحنبلي مثل (المغني لابن قدامة، ج8، ص181 – كشاف القناع للبهوتي، ج5، ص216 – الإنصاف للمرداوي، ج8، ص392).

وبالتالي نلاحظ أن رأي المذهب الحنبلي في هذه المسألة مريح للناس أكثر، من رأي الجمهور ورأي المذهب الحنفي، كونه يعتبر الخلع فسخاً للعقد وليس طلاقاً، فيحدُّ من عدد الطلقات الثلاث التي تؤدي للبينونة الكبرى، وبذلك يمنح سعة للناس ذوي المزاج العصبي أو المتسرع الذين يكثرون من إيقاع الطلاق بمناسبة وبغير مناسبة، ويتحرجون من موضوع المحلل.

وهذا الأمر يعتبر من سلبيات التقيد بمذهب فقهي محدد، علماً أن موضوع اختيار الرأي الفقهي المناسب من هذا البحر الواسع في الفقه بمذاهبه العديدة تعتبر تحدياً لا يستطيع الكثير من الناس النجاح فيه.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع