القائمة الرئيسية

الصفحات

ظاهرة حرمان المرأة من الميراث في المجتمع الفلسطيني والعربي

حرمان المرأة من الميراث في المجتمع الفلسطيني والعربي 

ظاهرة حرمان المرأة من الميراث في المجتمع الفلسطيني والعربي
ظاهرة حرمان المرأة من الميراث في المجتمع الفلسطيني والعربي

بقلم إسلام أبو السعود / العيادة القانونية 

تبر ظاهرة حرمان المرأة من الميراث ظاهرة خطيرة تتفشى في المجتمع الفلسطيني ، نتيجة الموروث الثقافي والسيطرة الذكورية التي تنظر إلى المرأة على اعتبار أن لا قيمة لها ولا يحق لها أن ترث ولا شك أن حرمان المرأة من الميراث عادة جاهلية طالما سمعنا عنها فقد كانوا لا يورثون النساء بل كانت تعد جزء من التركة وقد جاء الإسلام بعدالته ليفرض للمرأة نصيبها من الميراث قليلا كان أم كثيرا بصفتها بنتا أو أما أو زوجة أو أختا أو غير ذلك ،فكانت من أصحاب الفروض في حالات ومن أصحاب العصبات في حالات أخرى ، وذلك في النصوص القرآنية من سورة النساء كحق شرعي وثابت لها وليس منة وفضل من أحد فقد جعل للزوجات ميراثاً لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [سورة النساء: آية 12].كذلك جعل للبنات نصيباً من ميراث آبائهن. قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [سورة النساء: آية 11]. قال تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} [سورة النساء: آية 7]، هذا هو دين الإسلام الذي أنصف المرأة وأعطاها نصيبها".


وعلاوة على ذلك فقد اعترف لها بالذمة المالية الخاصة وكلفها بالأعمال وخاطبها بالشرع كما خاطب الرجل تماما.

أسباب حرمان المرأة من الميراث:

·الأعراف والعادات: فقد درج العرف عند الكثيرين على حرمان بناتهم من الميراث حفاظا على أملاك العائلة كما يدعون، حيث توريث الفتاة يؤدي إالى انتقال الملك إلى عائلة غريبة سيما إذا كانت المرأة متزوجة لذلك كثير من العائلات المالكة تحرم بناتها من الميراث حفاظا على هذا الإرث.

·الثقافة الذكورية في المجتمع: حيث فكرة تفضيل الذكر على الأنثى وهيمنته عليها أدى إلى حرمان المرأة من ميراثها واستخدام عدة طرق لذلك منها تنازل الأب لأبناءه الذكور عن أملاكه قبل وفاته أو ارغام الفتاة عن التنازل عن ميراثها لصالح إخوانها دون مقابل أو بمقابل يسير جدا بما يعرف" بمراضاة البنت" .


·الضغط النفسي وخوف الفتاة من المطالبة بحقوقها: كما ذكرت د.هداية شمعون إلى أن الأسباب التي تجعل المرأة لا تطالب بحقها في الميراث هي الخوف الشديد من التعبير عن الظلم الواقع عليها، والذي يأتي نتيجة التهديد المباشر أو الغير المباشر من الإخوة أو المحيط الأسري للنساء، والأمر الثاني: أن النساء يفكرن بعاطفتهن لذا: يجدن أنفسهن أمام خيار صعب : أما اختيار طريق المحاكم وهذا يعني تخلي أسرهن عنهن ،وحدوث شرخ في العائلة، ولذا يفضلن رغم شعورهن بالظلم أن يبقين في ظل حماية اجتماعية وبقاء أخواتهن عن حصولهن على حقهن في الميراث.

آثار حرمان المرأة من الميراث

حرمان المرأة من الميراث يؤدي إلى تداعيات خطيرة، حيث يتسبب في نشر البغضاء والعداوة بين أفراد الأسرة الواحدة ويجعل الأنثى أقل ولاءً لأسرتها، فهي تشعر بأنها تشغل المكانة الدنيا بالنسبة لتلك العائلة، كما أن المرأة في المجتمع الذي يحرم المرأة من الميراث يعاني من المشكلات النفسية التي تتضمن القلق والتوتر الدائم وفقدان احترام الذات وانخفاض مستوى الشعور بقيمة الذات ومشاعر العجز والإحباط وفقدان الثقة، ولا تعاني النساء وحدهن من الآثار النفسية المترتبة على حرمانهن من الميراث، بل ستمتد آثاره إلى الآخرين حتى لو لم يكونوا طرفاً في الموضوع فالأطفال والشباب، خاصة الإناث منهم، سيشعرون بالنقص وبالتالي عدم ممارسة حياتهم بفاعلية و كفاءة، كما أن هناك آثارا سلبية على المرأة جراء انتشار هذه الظاهرة فهي تشعر بظلم كبير من أهلها وربما يتم مقاطعتها بسبب ذلك ،ناهيك عن زوجها وأولادها والضغوط التي تمارس ضدها وهذا ما يخلق حالة من التوتر والقلق تزيد من حدة المشاكل الاجتماعية والتفكك الأسري، وهذا ما أكده د.أحمد الدويكات رئيس نقابة الأخصائيين الإجتماعيين والنفسيين، كما أكدته الأخصائية النفسية في مركز حل النزاعات سمية حبيب.

موقف الشرع من حرمان المرأة من الميراث

كانت المرأة في الجاهلية مجردة من كافة الحقوق ومنها الميراث حيث كانت تعد جزء من التركة وجاء الإسلام ليرفع من ِشأنها ويمنحها كافة حقوقها ومنها حقها في الميراث


وفي هذا المقام ذكر د. ماهر الحولي موقف الشرع حيث قال: "لا شك أن السعي في حرمان النساء من الميراث - سواء سعى في ذلك الميت قبل وفاته أم الورثة من بعده - يعتبر أمراً محرماً ومن عادات أهل الجاهلية الأولى، وعملاً يدل على عدم الرضا بقسمة الله تعالى، وكل طريق يتخذ حيلة لإسقاط حق المرأة من الميراث يعتبر من الحيل المحرمة كما يفعله بعض من قسا قلبه وغلظ طبعه من الهبة للذكور قبل مماته، أو الوصية لهم بقصد حرمان البنات من الميراث بحجة أن البنت لو ورثت فسيذهب المال إلى زوجها وأهله، وغير ذلك من الحجج السخيفة التي يريدون أن يبطلوا بها شرع الله تعالى".


و يردف د. الحولي: "لا يحل لوالد أن يحرم بعض أولاده من الميراث، ولا يحل له أن يحرم الإناث أو يحرم أولاد زوجة غير محظية عنده، كما لا يحل لقريب أن يحرم قريبه المستحق من الميراث بحيلة يصطنعها، فالميراث نظام قرره الله تعالى بعلمه وعدله وحكمته، وأعطى به كل ذي حقٍ حقه، وأمر الناس أن يقفوا فيه عند ما حدده وشرعه، فمن خالف هذا النظام في تقسيمه وتحديده فقد عصى ربه { يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم } (النساء 176 ). فمن خالف عما شرع الله في الميراث فقد ضل عن الحق الذي بينه الله، واعتدى على حدود الله عز وجل، فلينتظروا وعيد الله {ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين}. (النساء :14)

وفي الختام نقول أنه يجب تكثيف حملات المساهمة في توعية النساء بالحقوق القانونية من خلال عقد ورشات عمل قانونية وإصدار كتيبات ونشرات دورية والقيام بحملات إعلامية وهذا واجب العلماء والدعاة وخطباء المساجد، وكذلك على ذوي الاختصاص إقامة ندوات وورشات عمل تبين أحكام الشريعة في قضية ميراث المرأة ومن ثم إدخال المفاهيم الصحيحة في مقررات التربية الوطنية والتربية الدينية ومقارنتها بالأعراف السائدة، وكذلك تنشئة الأبناء تنشئة دينية سليمة قائمة على معرفة حدود الله حتى لا يظلموا حينما يصبحوا رجالاً.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع