القائمة الرئيسية

الصفحات

قرار محكمة صلح رام الله القاضي بانقضاء الدعوى الجزائية عن الشهيد باسل الاعراج


قرار محكمة صلح رام الله القاضي بانقضاء الدعوى الجزائية عن الشهيد باسل الاعراج في الدعوى رقم 3665/2016 جزاء صلح رام الله تاريخ 12/03/2017 الصادر عن سعادة القاضي امجد الشعار 
والذي جاء فيه .... 

الشهيد باسل الاعراج
الشهيد باسل الاعراج 

قرار


حيث تنامى إلى علم المحكمة في الاسبوع الماضي نبأ استشهاد المتهم الثالث : باسل الاعرج وهو يقاوم سلطات المحتل الاسرائيلي في مدينة رام الله ، وهو ما تأكد من خلل الكتاب الصادر عن النيابة العامة والمورد والمضموم إلى ملف الدعوى ، وهو ما يؤكد خبر استشهاده ، وحيث إنه لم يتمكن من الحصول على شهادة وفاة للشهيد خصوصا أن جثمانه ما زال محجوزا لدى سلطات الاحتلال ، وحيث إن الوفاة يعتد بها على شيوع الخبر، فل يسعنا أمام هذه الجرائم غير الانسانية التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي سوى التر حم على تلك الرواح الطاهرة، والقلوب المؤمنة التي روت بدمائها أرض أوطانها، وقدمت حياتها في سبيل ربها ووطنها، فصعدت إلى بارئها راضية بما نالت من فضل الشهادة، مستبشرة برضى الله عليها، مرددة قوله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم"،) صدق الله العظيم( . سورة التوبة آية )111.


المحكمة وبعد تدقيقها في الملف و أوراق هذه الدعوى تجد أن النيابة العامة الفلسطينية قد أحالت المتهم المذكور وآخرين لملحقتهم عن تهمة : حيازة سلح ناري بدون ترخيص خلفا لحكام المادة 25 /2 من القانون رقم 2 لسنـ1998ـة . ومن حيث القانون و برجوع المحكمة إلى نص المادة المذكور تجدها تنص على أنه:" يعاقب ... بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة مالية مقدارها 500 دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حاز أو حمل أو نقل سلح ناري أو ذخائر بدون ترخيص من الجهات المختصة ".


وحيث إن العدل يتحقق كلما اقترب القانون الوضعي من القانون الطبيعي وعندها يكون أقرب إلى المثالية والكمال وهو الاساس الذي جعل الافراد قد ضحوا بحريتهم المطلقة لاقامة دولة القانون ، ولعل هذه التضحية من أجل تحقيق قيمة أسمى وهي العدل ، ولما كانت الغاية من القضاء إقامة العدل ، ولا شك أن القضاء مسؤولية أساسها البحث والتنقيب عن الحق لدمغ الباطل ، والفصل في دماء وأموال وأعراض الناس ، ولذلك يرتقي القاضي منصة العدالة، ليسود العدل الذي هو أساس الملك . والقضاء يرتكز على الاخلاق الحميدة والضمير الحي للقاضي ، وهو ما يسمى (بروح القانون) بالإضافة إلى أسس وقواعد مكتوبة محددة سلفا تطبق على كافة الخصوم ، وهنا يحضرني قول رسولنا الكريم محمد عليه أفضل السلم ص : " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". (حديث شريف).


وإن المحكمة تود الشارة بداية إلى أن هذا القانون الذي أسند للمتهمين على أساسه تلك التهمة هو اسند للمتهمين على أساسه تلك التهمة وإن المحكمة تود الشارة بداية إلى أن هذا القانون الذي صدر مجموعة من القوانين لتنظيم الحياة صادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني الذي بدوره في الاراضي الفلسطينية ، وإن من المعروف أن المجلس التشريعي عندما يتم اصدر القوانين فهو يصدرها بصفته منتخبا من الشعب وممثل لارادتهم ، وبالتالي يكون الشعب بمجموعه قد ارتضى تلك القوانين الصادرة عمن يمثلهم ، ولعل الشعب الفلسطيني في فترة من الفترات عانى ويالت الفلتان الامني ، وهو ما يقصد به تراجع قوة السلطة أمام الفراد والمجموعات غير الملتزمة بتطبيق القانون ، وهو ما خلق حالة من الاحباط والاثر السلبي على نفسية أفراد المجتمع الفلسطيني ، بل وحذا بالبعض لترك الوطن كونه لا يأمن على نفسه وماله وعرضه ، وهو المر الذي يسعى له الاحتلل و يتقاطع مع رغبته وأهدافه وطموحه ، والمحكمة تود التنويه أنه وخلال الانتفاضة الاخيرة تشكلت مجموعات مسلحة منها مقاومة للمحتل ، ومنها ما له مصالح فرديه ، و أخرى تهدف للفوضى ، لا بل ومعنية بتشويه صورة المقاومة الشريفة ، وهنا لا بد من التفرقة ، إذ إن قانون الاسلحة والذخائر النافذ صحيح أنه يعاقب على حيازة السلاح ، 



غير أن المقصود ليس سلاح المقاومة ، بل ذلك السلاح الذي يستغله الكثير من الاشخاص غير المنضبطين تحت اسم المقاومة بهدف الاخلال بالامن والنظام العامين ، فتراهم يتاجرون بالسلاح ، والسيارات المسروقة، والمخدرات ، ويعتدون على الفراد والمؤسسات ، وهم معنيون بحالة الفوضى وإلصاقها بالمطاردين والمقاومين الحقيقيين حتى يكفر الناس بالكفاح والنضال والمقاومة ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنهم معنيون بخلق حالة الفلتان ليمرر الاحتلال مشروعه الاستيطاني بينما ينشغل الفلسطينيون بقتال بعضهم البعض ، وهنا يأتي دور القضاء الفلسطيني العادل ، أحد السلطات الثلث ، والذي يتمتع بالاستقلال والحياد ، بصفته ليس سلطة اتهام ، بل هو الملجأ الاخير للناس خصوصا وقد اختلط الحابل بالنابل وأصبح هناك أشخاص يستغلون اسم المقاومة ، مما قد يؤثر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والوطني وبالتالي يصب بالنتيجة في مصلحة الاحتلال . وهنا لا بد من القول أن احترام القانون واجب على الجميع فالدولة الحديثة دولة تخضع لحكم القانون ، والقانون هو سيد الحاكمين والمحكومين جميعا ، وكما قال أحدهم : لا تزرع حيث لا توجد شجرة الحرية في أرض لا يعرف أصحابها احترام القانون , لانها ستطرح الفوضى ، عقوبة على مخالفة القانون، فلا قانون، وحيث لا يوجد قانون، لا يوجد مجتمع سليم. كما قال الثائر تشي جيفارا أن القانون الذي لا يطبق على الجميع ويستثنى منه أحد يجب أن لا يحترم . غير أن المحكمة وفي إطار تطبيقها للقانون لا يخفى عليها أن ما يسمى دولة إسرائيل تحتل اليوم أراض ليست لها. ويعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي، مع كل ما يستتبع ذلك من حرمان وحد للحرية وأنواع المذلة . وبالتالي يحق للفلسطينيين أن يطالبوا بوضع حد للاحتلال الاسرائيلي لاراضيهم ، كما ويحق لهم أن ينشئوا على تلك الاراضي المحتلة دولتهم المستقلة. 



وما زال الاحتلال قائما يحق لهم بل ويجب عليهم أن يطالبوا بأرضهم وبحريتهم وأن ينظموا المقاومة التي تحقق لهم هذا الهدف . وإن حق تقرير المصير كان موجودا عبر التاريخ ؛ لكنه كان عرفا ، ثم تحول إلى مبدأ سياسي ، ثم أقر فقهاء القانون الدولي المعاصر قانونيته ، وبناء على ذلك فإنه من حق كل شعب مستعمر أن يعبر عن رأيه في تقرير مصيره. 


ولهذا فإن كل هذه الثورات والحروب وكل حركات التحرر ، كلها قانونية وشرعية ، أما الدول التي تستخدم القوة العسكرية لتحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها، فهي تنتهك قوانين وأحكام النظام الدولي. ولهذا أصدرت الامم المتحدة العديد من القرارات لتؤكد حق الشعوب في الكفاح ، و باستخدام القوة بما يتناسب مع ميثاق المم المتحدة من أجل الحصول على تقرير مصيرها ومن هذه القرارات: 
(قرار رقم 2621، الصادر في 12 تشرين أول أكتوبر عام 19700م)، الذي ينص على التأكيد من جديد على حق الشعوب المستعمرة في الكفاح بكل الطرق الضرورية التي في متناولها ضد الدول الاستعمارية التي تقمع تطلعاتها، ومن هذا المنطق فإن كل حركات التحرر التي تكافح من أجل تقرير المصير مشروعة، ولها حق الحماية من النظام الدولي، و لهذا اعترفت الامم المتحدة في قراراها عام 1974 م، بمنظمة التحرير الفلسطينية ، ومنحتها عضو مراقب دائم في الجمعية العامة ، ولعل من أهم القرارات الصادرة أيضا القرار رقم 2326 في عام 1974 م، الذي أكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وفيه تم الاعتراف بأن الشعب الفلسطيني شعب كامل ومتكامل ، وأن له قضية عادلة ، ومن حقه الدفاع عنها ، وجاء في القرار: " الفلسطينيون كشعب له حقوقه الثابتة بما فيها حق العودة وتقرير المصير ، يملكون جميع الوسائل المشروعة لاحقاق حقوقهم ، بما في ذلك الكفاح الوطني السياسي والعسكري وسواهما إذا أخفقت الوسائل الاخرى . أي إجراء يتخذ لمنع الفلسطينيين من ممارستهم تلك مندد به دوليا من قبل المم المتحدة التي تلتزم ؛ منظمة ودول أعضاء ، بإعطاء الفلسطينيين جميع العون اللازم للوصول إلى حقوقهم الثابتة". وناشد القرار جميع الدول والمنظمات الدولية مد يد العون للشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه التي أشارت إليها قرارات المجموعة الدولية . كما أدان القرار رقم 3070 الصادر في 30 تشرين ثاني/نوفمبر عام 1973م 


الدول التي تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، خاصة الشعوب الافريقية والشعب الفلسطيني. وأكد القرار على حق الشعوب في استخدام القوة ، وكافة الوسائل المتاحة من أجل التحرير ، وعليه وفي ضوء قرارات الامم المتحدة التي استشهدنا ببعضها ، نجد أن الدولة المستعمرة ليس لها الحق في إنكار حق شعوب الدول المستعمرة في استخدام القوة من أجل الحصول على استقلالها وتقرير مصيرها بل إن دول العالم مطالبة بتقديم المساعدات المادية والمعنوية لهذا الشعب.


ولعل هذا ما أكد عليه إعلان استقلل دولة فلسطين الذي تم في تاريخ 15 نوفمبر 1988 في مدينة الجزائر حيث نص على تحقيق استقلال دولة فلسطين على أرض فلسطين وحدد القدس عاصمة أبدية لهذه الدولة ، كما أنه أكد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حريته واستقلاله استنادا لقرارات القمم العربية والامم المتحدة التي يستمد منها الشعب الفلسطيني الشرعية الدولية لممارسة حقه في تقرير مصيره . والواقع أن كل أو معظم شعوب العالم، تحرروا وقرروا مصيرهم ونالوا استقللهم ما عدا الشعب الفلسطيني ، ولا يخفى على أحد أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعارض هذا الحق ، حق تقرير المصير ، و تعده غير قانوني وباطل - وهي تقاومه بالقوة العسكرية . وهنا لا بد من الاشارة إلى أن من لا يرى من دول العالم حق الفلسطينيين في حريتهم وفي نهاية الاحتلل ، حكم على نفسه بعدم رؤية الحقيقة والواقع . بل إن استمرار البعض بالتكلم عن الارهاب الفلسطيني دون اعتبار لحق الفلسطينيين في حريتهم والدفاع عن حقهم في تقرير المصير هو كلام منحاز، 


إذ لا بد من استئصال العلة لإزالة المعلول ، وبالتالي مازال الاحتلال قائما يبقى حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير قائما أيضا . أما الاستمرار بالقول أن أعمال العنف من الجهة الفلسطينية هي إرهاب ، ومن الجهة الاسرائيلية هي دفاع مشروع عن النفس هو قول يجافي المنطق والعدل . وللوصول للحقيقة في الملف المنظور لا بد من القول أن المحكمة محددة عند بحثها بالبينة المقدمة بعينية وشخصية الدعوى الجزائية ، بمعنى أن المحكمة عند بحثها بالواقعة محل الدعوى تبحث بتوافر أركان الجريمة المسندة لكل متهم في الزمان والمكان والتفاصيل الواردة بلائحة الاتهام وعلى الاشخاص المذكورين فيها دون غيرهم ، وذلك لتتحقق من تلك الواقعة وتصدر حكمها بناء على ما قدم لها من بينات من قبل النيابة العامة بصفتها سلطة الاتهام، وبينة دفاعية مقدمة من المتهمين أو وكلائهم ، فالمحكمة لا تحكم بناء على هواها أو ميولها ، وبالتالي فلا يمكن للمحكمة أن توقف ملاحقة أحد المتهمين أو تحكم بعدم قبول الدعوى عنهم أو تحكم بانقضاء الدعوى عنهم أو حتى بالبراءة أو الادانة إلا باتباع الاجراءات القانونية التي رسمها القانون ، وبالتالي لا يمكن أن تنساق المحكمة وراء أي حملة إعلامية أو لآراء بعض الاشخاص مهما بلغت وتعاظمت ، إذ إنها لا تحكم إلا بناء على ما يقدم لها من بينات في الدعوى المعروضة عليها وتطبق القانون على تلك الوقائع الثابتة ، وباحترام القانون وحده يسود العدل ، غير أن مؤسسات الدولة وحدها لا تستطيع تأمين سيادة القانون ،


 ولهذا يتطلب الامر شيوع ثقافة احترام القانون بين أفراد المجتمع حكاما ومحكومين ، وهنا يجدر القول أن إحدى المحاكم البريطانية حكمت في قلب الحرب بنقـل مطـار حربـي مـن منطقـة مأهولـة بالـسكان إلـى منطقـة أخرى فامتثـل رئـيس الـوزراء البريطـاني لحكـم المحكمـة وقـال: " خيـر لبريطانيـا أن تخـسر الحـرب علـى أن تعطـل حكما للقضاء " ، بهذه الروح تغلبت بريطانيا، وعليه فلا بد لمن ينادي بالعدل وتطبيق القانون أن يكون يحمل تلك القيم بنفسه ، وهنا يثور التساؤل هل يقبل أولئك الاشخاص - الذين ينادون بتلك القيم - لغيرهم أم يريدونها لنفسهم فقط؟ وهنا تجد المحكمة نفسها ملزمة أن يتسع صدرها لما ضاقت به صدور الناس إذ كما قال أحدهم:" القاضي الحق من اتسع صدره لما ضاقت به صدور الناس ، وضاقت ذمته عما اتسعت له ذمم الناس " ، وإن المحكمة لا يمكن أن تنساق وراء أي حملت إعلامية بهدف التأثير على قرارها ؛ ذلك لانها ملزمة بتطبيق القانون فهي لا تحكم بحسب هواها ، بل إن أفضل وسيلة لخدمة المصلحة العامة احترام سيادة القانون ، وحيث إن المحكمة لم تستمع بعد إلى أي بينة بالدعوى وبالتالي لا يمكنها بحسب الاصل أن تصدر حكمها بالبراءة أو الادانة على أي من المتهمين ، غير أنها تؤكد وبشكل عام أن أي فعل يندرج تحت إطار المقاومة المسلحة في إطار حق تقرير المصير يخرج عن نطاق التجريم المقصود به بنص المادة المتعلق بحيازة السلاح المذكور سابقا ؛ ويأتي ذلك تطبيقا لما استقر عليه القانون الدولي في هذا الاطار ، والذي مؤداه أن القانون الوطني الفلسطيني والقانون الدولي لم يأتيا على تجريم هذه الافعال على الوجه الذي بيناه سابقا ، ولعل هذا الاجتهاد ليس جديدا على القضاء الفلسطيني ، إذ سبق وأن أصدرت محكمة صلح رام اله على أساسه حكما بالبراءة لحد المتهمين عن جرم حيازة سلح بدون ترخيص لما سبق ذكره من أسباب وتطبيقا للمقصود وفق منطوق المادة المسندة للمتهم (حكم جزاء صلح رام الله رقم 669/2014 الصادر بتاريخ 13/7/2014 ، )وبالتالي فإن القضاء الفلسطيني 



كان ومازال وسيظل حاميا للشعب وحقوقه وحرياته الفردية والعامة ، إذ إنه لا يمكن أن يخرج عن النهج الوطني الذي عرف به ، و برجوع المحكمة إلى المادة 9 فقرة 3 من قانون الاجراءات الجزائية نجدها تنص على أنه : " تنقضي الدعوى الجزائية في إحدى الحالات التالية:... 3 -وفاة المتهم ..."، وعليه فإن وفاة المتهم وفقا لمنطوق المادة 9 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ هي إحدى الحالات التي تنقضي بها الدعوى الجزائية . وهي حالة بديهية تنسجم مع مبدأ شخصية العقوبة ، وعليه إذا توفي المتهم انقضت عنه الدعوى الجزائية دون أن تورث هذه الدعوى إلى أحد أقاربه من أب وأم وولد . كما قضت محكمة النقض المصرية تطبيقا لسقوط الدعوى الجنائية بقولها : " إن الجرم لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة ، وإن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ، وإن المرء إذا توفاه الله سقطت تكاليفه الشخصية وإن كان قبل الوفاة جانيا ، فما يحاكم ميت على جريمته ، وإن كان محكوم عليه سقطت عقوبته لا يرثه في هذه التكاليف أحد ...". ) نقض 20/11/1940 مجموعة القواعد القانونية ،ج2 ، رقم 104 ، ص 106 .) وحيث إن الدعوى الجزائية كما هي العقوبة ذات طبيعة شخصية فإنه لا محل للسير في إجراءاتها ضد شخص ميت، وإن وفاة المتهم يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجزائية بسبب شخصية المسؤولية الجزائية وارتباطها بشخص المتهم ، إذ إن الاهداف المتوخاة من إقامة دعوى الحق العام تنتفي بوفاته وتسقط كل تكاليفه الشخصية ، وكذلك بسبب شخصية العقوبة وعليه ولما أن استشهاد المتهم هي أحد أسباب انقضاء الدعوى الجزائية حسب ما أورده المشرع الفلسطيني في المادة 9 /3 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ رقم 3 لسنة 2001 ، وحيث ثبت للمحكمة تلك الوفاة ، 


وحيث إن المحكمة إذ ما تحققت من تلك الواقعة لا يمكنها أن تبحث بالبينة وليس لها أن تصدر حكمها بالبراءة أو الادانة ؛ كونها لا تملك الصلاحية بذلك ، بل هي ملزمة بالحكم بانقضاء الدعوى ، ولعل ذلك الحكم قد يخفى على العامة ممن لا يشتغلون بالقانون ، إلا أنه من غير المتصور أن يخفى عمن له أدنى معرفة بالقانون والذي يتوجب عليه في هذه الحالة أن يصمت باحترام ولا يطلق الاحكام ، وعليه ودون البحث بالبينة بخصوص الشهيد المتهم الثالث وتأسيسا على ما تقدم فإن المحكمة و عملا بأحكام المادة 9 /3 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ رقم 3 لسنة 2001 تقرر الحكم بانقضاء الدعوى الجزائية عن المتهم الثالث باسل محمود ابراهيم العرج : لوفاته والسير بها حسب الاصول ووفق ما رسمه القانون عن باقي المتهمين حيث لا يصح قانونا إصدار أي حكم بخصوصهم إلا بعد سماع البينة وحيث تقدم وكيل احد المتهمين بهذه الجلسة بما يفيد ان المتهمين الاول والثاني والرابع والسادس في سجون الاحتلال فإن المحكمة تقرر تبليغ المتهمين المذكورين بالإلصاق على اخر محل اقامة وبالتعليق على لوحة اعلانات المحكمه وانتظارا لذلك رفع الجلسـة إلى يوم 30 /4 /2017 وأفهم في 12/3/2017قرار محكمة صلح رام الله القاضي بانقضاء الدعوى الجزائية عن الشهيد باسل الاعراج في الدعوى رقم 3665/2016 جزاء صلح رام الله تاريخ 12/03/2017 الصادر عن سعادة القاضي امجد الشعار 
والذي جاء فيه .... 
قرار


حيث تنامى إلى علم المحكمة في الاسبوع الماضي نبأ استشهاد المتهم الثالث : باسل الاعرج وهو يقاوم سلطات المحتل الاسرائيلي في مدينة رام الله ، وهو ما تأكد من خلل الكتاب الصادر عن النيابة العامة والمورد والمضموم إلى ملف الدعوى ، وهو ما يؤكد خبر استشهاده ، وحيث إنه لم يتمكن من الحصول على شهادة وفاة للشهيد خصوصا أن جثمانه ما زال محجوزا لدى سلطات الاحتلال ، وحيث إن الوفاة يعتد بها على شيوع الخبر، فل يسعنا أمام هذه الجرائم غير الانسانية التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي سوى التر حم على تلك الرواح الطاهرة، والقلوب المؤمنة التي روت بدمائها أرض أوطانها، وقدمت حياتها في سبيل ربها ووطنها، فصعدت إلى بارئها راضية بما نالت من فضل الشهادة، مستبشرة برضى الله عليها، مرددة قوله تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم"،) صدق الله العظيم( . سورة التوبة آية )111.


المحكمة وبعد تدقيقها في الملف و أوراق هذه الدعوى تجد أن النيابة العامة الفلسطينية قد أحالت المتهم المذكور وآخرين لملحقتهم عن تهمة : حيازة سلح ناري بدون ترخيص خلفا لحكام المادة 25 /2 من القانون رقم 2 لسنـ1998ـة . ومن حيث القانون و برجوع المحكمة إلى نص المادة المذكور تجدها تنص على أنه:" يعاقب ... بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة مالية مقدارها 500 دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حاز أو حمل أو نقل سلح ناري أو ذخائر بدون ترخيص من الجهات المختصة ".


وحيث إن العدل يتحقق كلما اقترب القانون الوضعي من القانون الطبيعي وعندها يكون أقرب إلى المثالية والكمال وهو الاساس الذي جعل الافراد قد ضحوا بحريتهم المطلقة لاقامة دولة القانون ، ولعل هذه التضحية من أجل تحقيق قيمة أسمى وهي العدل ، ولما كانت الغاية من القضاء إقامة العدل ، ولا شك أن القضاء مسؤولية أساسها البحث والتنقيب عن الحق لدمغ الباطل ، والفصل في دماء وأموال وأعراض الناس ، ولذلك يرتقي القاضي منصة العدالة، ليسود العدل الذي هو أساس الملك . والقضاء يرتكز على الاخلاق الحميدة والضمير الحي للقاضي ، وهو ما يسمى (بروح القانون) بالإضافة إلى أسس وقواعد مكتوبة محددة سلفا تطبق على كافة الخصوم ، وهنا يحضرني قول رسولنا الكريم محمد عليه أفضل السلم ص : " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". (حديث شريف).


وإن المحكمة تود الشارة بداية إلى أن هذا القانون الذي أسند للمتهمين على أساسه تلك التهمة هو اسند للمتهمين على أساسه تلك التهمة وإن المحكمة تود الشارة بداية إلى أن هذا القانون الذي صدر مجموعة من القوانين لتنظيم الحياة صادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني الذي بدوره في الاراضي الفلسطينية ، وإن من المعروف أن المجلس التشريعي عندما يتم اصدر القوانين فهو يصدرها بصفته منتخبا من الشعب وممثل لارادتهم ، وبالتالي يكون الشعب بمجموعه قد ارتضى تلك القوانين الصادرة عمن يمثلهم ، ولعل الشعب الفلسطيني في فترة من الفترات عانى ويالت الفلتان الامني ، وهو ما يقصد به تراجع قوة السلطة أمام الفراد والمجموعات غير الملتزمة بتطبيق القانون ، وهو ما خلق حالة من الاحباط والاثر السلبي على نفسية أفراد المجتمع الفلسطيني ، بل وحذا بالبعض لترك الوطن كونه لا يأمن على نفسه وماله وعرضه ، 



وهو المر الذي يسعى له الاحتلل و يتقاطع مع رغبته وأهدافه وطموحه ، والمحكمة تود التنويه أنه وخلال الانتفاضة الاخيرة تشكلت مجموعات مسلحة منها مقاومة للمحتل ، ومنها ما له مصالح فرديه ، و أخرى تهدف للفوضى ، لا بل ومعنية بتشويه صورة المقاومة الشريفة ، وهنا لا بد من التفرقة ، إذ إن قانون الاسلحة والذخائر النافذ صحيح أنه يعاقب على حيازة السلاح ، غير أن المقصود ليس سلاح المقاومة ، بل ذلك السلاح الذي يستغله الكثير من الاشخاص غير المنضبطين تحت اسم المقاومة بهدف الاخلال بالامن والنظام العامين ، فتراهم يتاجرون بالسلاح ، والسيارات المسروقة، والمخدرات ، ويعتدون على الفراد والمؤسسات ، وهم معنيون بحالة الفوضى وإلصاقها بالمطاردين والمقاومين الحقيقيين حتى يكفر الناس بالكفاح والنضال والمقاومة ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنهم معنيون بخلق حالة الفلتان ليمرر الاحتلال مشروعه الاستيطاني بينما ينشغل الفلسطينيون بقتال بعضهم البعض ، وهنا يأتي دور القضاء الفلسطيني العادل ، أحد السلطات الثلث ، والذي يتمتع بالاستقلال والحياد ، بصفته ليس سلطة اتهام ، بل هو الملجأ الاخير للناس خصوصا وقد اختلط الحابل بالنابل وأصبح هناك أشخاص يستغلون اسم المقاومة ، مما قد يؤثر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والوطني وبالتالي يصب بالنتيجة في مصلحة الاحتلال . وهنا لا بد من القول أن احترام القانون واجب على الجميع فالدولة الحديثة دولة تخضع لحكم القانون ، والقانون هو سيد الحاكمين والمحكومين جميعا ، وكما قال أحدهم : لا تزرع حيث لا توجد شجرة الحرية في أرض لا يعرف أصحابها احترام القانون , لانها ستطرح الفوضى ، عقوبة على مخالفة القانون، فلا قانون، وحيث لا يوجد قانون، 


لا يوجد مجتمع سليم. كما قال الثائر تشي جيفارا أن القانون الذي لا يطبق على الجميع ويستثنى منه أحد يجب أن لا يحترم . غير أن المحكمة وفي إطار تطبيقها للقانون لا يخفى عليها أن ما يسمى دولة إسرائيل تحتل اليوم أراض ليست لها. ويعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي، مع كل ما يستتبع ذلك من حرمان وحد للحرية وأنواع المذلة . وبالتالي يحق للفلسطينيين أن يطالبوا بوضع حد للاحتلال الاسرائيلي لاراضيهم ، كما ويحق لهم أن ينشئوا على تلك الاراضي المحتلة دولتهم المستقلة. 


وما زال الاحتلال قائما يحق لهم بل ويجب عليهم أن يطالبوا بأرضهم وبحريتهم وأن ينظموا المقاومة التي تحقق لهم هذا الهدف . وإن حق تقرير المصير كان موجودا عبر التاريخ ؛ لكنه كان عرفا ، ثم تحول إلى مبدأ سياسي ، ثم أقر فقهاء القانون الدولي المعاصر قانونيته ، وبناء على ذلك فإنه من حق كل شعب مستعمر أن يعبر عن رأيه في تقرير مصيره. 


ولهذا فإن كل هذه الثورات والحروب وكل حركات التحرر ، كلها قانونية وشرعية ، أما الدول التي تستخدم القوة العسكرية لتحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها، فهي تنتهك قوانين وأحكام النظام الدولي. ولهذا أصدرت الامم المتحدة العديد من القرارات لتؤكد حق الشعوب في الكفاح ، و باستخدام القوة بما يتناسب مع ميثاق المم المتحدة من أجل الحصول على تقرير مصيرها ومن هذه القرارات: 


(قرار رقم 2621، الصادر في 12 تشرين أول أكتوبر عام 19700م)، الذي ينص على التأكيد من جديد على حق الشعوب المستعمرة في الكفاح بكل الطرق الضرورية التي في متناولها ضد الدول الاستعمارية التي تقمع تطلعاتها، ومن هذا المنطق فإن كل حركات التحرر التي تكافح من أجل تقرير المصير مشروعة، ولها حق الحماية من النظام الدولي، و لهذا اعترفت الامم المتحدة في قراراها عام 1974 م، بمنظمة التحرير الفلسطينية ، ومنحتها عضو مراقب دائم في الجمعية العامة ، ولعل من أهم القرارات الصادرة أيضا القرار رقم 2326 في عام 1974 م، الذي أكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وفيه تم الاعتراف بأن الشعب الفلسطيني شعب كامل ومتكامل ، وأن له قضية عادلة ، ومن حقه الدفاع عنها ، وجاء في القرار: " الفلسطينيون كشعب له حقوقه الثابتة بما فيها حق العودة وتقرير المصير ، يملكون جميع الوسائل المشروعة لاحقاق حقوقهم ، بما في ذلك الكفاح الوطني السياسي والعسكري وسواهما إذا أخفقت الوسائل الاخرى . أي إجراء يتخذ لمنع الفلسطينيين من ممارستهم تلك مندد به دوليا من قبل المم المتحدة التي تلتزم ؛ منظمة ودول أعضاء ، بإعطاء الفلسطينيين جميع العون اللازم للوصول إلى حقوقهم الثابتة". وناشد القرار جميع الدول والمنظمات الدولية مد يد العون للشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه التي أشارت إليها قرارات المجموعة الدولية . كما أدان القرار رقم 3070 الصادر في 30 تشرين ثاني/نوفمبر عام 1973م الدول التي تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، خاصة الشعوب الافريقية والشعب الفلسطيني. وأكد القرار على حق الشعوب في استخدام القوة ، وكافة الوسائل المتاحة من أجل التحرير ، وعليه وفي ضوء قرارات الامم المتحدة التي استشهدنا ببعضها ، نجد أن الدولة المستعمرة ليس لها الحق في إنكار حق شعوب الدول المستعمرة في استخدام القوة من أجل الحصول على استقلالها وتقرير مصيرها بل إن دول العالم مطالبة بتقديم المساعدات المادية والمعنوية لهذا الشعب.

ولعل هذا ما أكد عليه إعلان استقلل دولة فلسطين الذي تم في تاريخ 15 نوفمبر 1988 في مدينة الجزائر حيث نص على تحقيق استقلال دولة فلسطين على أرض فلسطين وحدد القدس عاصمة أبدية لهذه الدولة ، كما أنه أكد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حريته واستقلاله استنادا لقرارات القمم العربية والامم المتحدة التي يستمد منها الشعب الفلسطيني الشرعية الدولية لممارسة حقه في تقرير مصيره . والواقع أن كل أو معظم شعوب العالم، تحرروا وقرروا مصيرهم ونالوا استقللهم ما عدا الشعب الفلسطيني ، ولا يخفى على أحد أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعارض هذا الحق ، حق تقرير المصير ، و تعده غير قانوني وباطل - وهي تقاومه بالقوة العسكرية . وهنا لا بد من الاشارة إلى أن من لا يرى من دول العالم حق الفلسطينيين في حريتهم وفي نهاية الاحتلل ، حكم على نفسه بعدم رؤية الحقيقة والواقع . بل إن استمرار البعض بالتكلم عن الارهاب الفلسطيني دون اعتبار لحق الفلسطينيين في حريتهم والدفاع عن حقهم في تقرير المصير هو كلام منحاز، إذ لا بد من استئصال العلة لإزالة المعلول ، وبالتالي مازال الاحتلال قائما يبقى حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير قائما أيضا . أما الاستمرار بالقول أن أعمال العنف من الجهة الفلسطينية هي إرهاب ، ومن الجهة الاسرائيلية هي دفاع مشروع عن النفس هو قول يجافي المنطق والعدل . وللوصول للحقيقة في الملف المنظور لا بد من القول أن المحكمة محددة عند بحثها بالبينة المقدمة بعينية وشخصية الدعوى الجزائية ، بمعنى أن المحكمة عند بحثها بالواقعة محل الدعوى تبحث بتوافر أركان الجريمة المسندة لكل متهم في الزمان والمكان والتفاصيل الواردة بلائحة الاتهام وعلى الاشخاص المذكورين فيها دون غيرهم ، وذلك لتتحقق من تلك الواقعة وتصدر حكمها بناء على ما قدم لها من بينات من قبل النيابة العامة بصفتها سلطة الاتهام، وبينة دفاعية مقدمة من المتهمين أو وكلائهم ، فالمحكمة لا تحكم بناء على هواها أو ميولها ، وبالتالي فلا يمكن للمحكمة أن توقف ملاحقة أحد المتهمين أو تحكم بعدم قبول الدعوى عنهم أو تحكم بانقضاء الدعوى عنهم أو حتى بالبراءة أو الادانة إلا باتباع الاجراءات القانونية التي رسمها القانون ، وبالتالي لا يمكن أن تنساق المحكمة وراء أي حملة إعلامية أو لآراء بعض الاشخاص مهما بلغت وتعاظمت ، إذ إنها لا تحكم إلا بناء على ما يقدم لها من بينات في الدعوى المعروضة عليها وتطبق القانون على تلك الوقائع الثابتة ، وباحترام القانون وحده يسود العدل ، غير أن مؤسسات الدولة وحدها لا تستطيع تأمين سيادة القانون ، ولهذا يتطلب الامر شيوع ثقافة احترام القانون بين أفراد المجتمع حكاما ومحكومين ، وهنا يجدر القول أن إحدى المحاكم البريطانية حكمت في قلب الحرب بنقـل مطـار حربـي مـن منطقـة مأهولـة بالـسكان إلـى منطقـة أخرى فامتثـل رئـيس الـوزراء البريطـاني لحكـم المحكمـة وقـال: " خيـر لبريطانيـا أن تخـسر الحـرب علـى أن تعطـل حكما للقضاء " ، بهذه الروح تغلبت بريطانيا، وعليه فلا بد لمن ينادي بالعدل وتطبيق القانون أن يكون يحمل تلك القيم بنفسه ، 


وهنا يثور التساؤل هل يقبل أولئك الاشخاص - الذين ينادون بتلك القيم - لغيرهم أم يريدونها لنفسهم فقط؟ وهنا تجد المحكمة نفسها ملزمة أن يتسع صدرها لما ضاقت به صدور الناس إذ كما قال أحدهم:" القاضي الحق من اتسع صدره لما ضاقت به صدور الناس ، وضاقت ذمته عما اتسعت له ذمم الناس " ، وإن المحكمة لا يمكن أن تنساق وراء أي حملت إعلامية بهدف التأثير على قرارها ؛ ذلك لانها ملزمة بتطبيق القانون فهي لا تحكم بحسب هواها ، بل إن أفضل وسيلة لخدمة المصلحة العامة احترام سيادة القانون ، وحيث إن المحكمة لم تستمع بعد إلى أي بينة بالدعوى وبالتالي لا يمكنها بحسب الاصل أن تصدر حكمها بالبراءة أو الادانة على أي من المتهمين ، غير أنها تؤكد وبشكل عام أن أي فعل يندرج تحت إطار المقاومة المسلحة في إطار حق تقرير المصير يخرج عن نطاق التجريم المقصود به بنص المادة المتعلق بحيازة السلاح المذكور سابقا ؛ ويأتي ذلك تطبيقا لما استقر عليه القانون الدولي في هذا الاطار ، والذي مؤداه أن القانون الوطني الفلسطيني والقانون الدولي لم يأتيا على تجريم هذه الافعال على الوجه الذي بيناه سابقا ، ولعل هذا الاجتهاد ليس جديدا على القضاء الفلسطيني ، إذ سبق وأن أصدرت محكمة صلح رام اله على أساسه حكما بالبراءة لحد المتهمين عن جرم حيازة سلح بدون ترخيص لما سبق ذكره من أسباب وتطبيقا للمقصود وفق منطوق المادة المسندة للمتهم (حكم جزاء صلح رام الله رقم 669/2014 الصادر بتاريخ 13/7/2014 ، )وبالتالي فإن القضاء الفلسطيني كان ومازال وسيظل حاميا للشعب وحقوقه وحرياته الفردية والعامة ، إذ إنه لا يمكن أن يخرج عن النهج الوطني الذي عرف به ، و برجوع المحكمة إلى المادة 9 فقرة 3 من قانون الاجراءات الجزائية نجدها تنص على أنه : " تنقضي الدعوى الجزائية في إحدى الحالات التالية:... 3 -وفاة المتهم ..."، وعليه فإن وفاة المتهم وفقا لمنطوق المادة 9 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ هي إحدى الحالات التي تنقضي بها الدعوى الجزائية . وهي حالة بديهية تنسجم مع مبدأ شخصية العقوبة ، وعليه إذا توفي المتهم انقضت عنه الدعوى الجزائية دون أن تورث هذه الدعوى إلى أحد أقاربه من أب وأم وولد . كما قضت محكمة النقض المصرية تطبيقا لسقوط الدعوى الجنائية بقولها : " إن الجرم لا يحتمل الاستنابة في المحاكمة ، 


وإن العقاب لا يحتمل الاستنابة في التنفيذ، وإن المرء إذا توفاه الله سقطت تكاليفه الشخصية وإن كان قبل الوفاة جانيا ، فما يحاكم ميت على جريمته ، وإن كان محكوم عليه سقطت عقوبته لا يرثه في هذه التكاليف أحد ...". ) نقض 20/11/1940 مجموعة القواعد القانونية ،ج2 ، رقم 104 ، ص 106 .) وحيث إن الدعوى الجزائية كما هي العقوبة ذات طبيعة شخصية فإنه لا محل للسير في إجراءاتها ضد شخص ميت، وإن وفاة المتهم يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجزائية بسبب شخصية المسؤولية الجزائية وارتباطها بشخص المتهم ، إذ إن الاهداف المتوخاة من إقامة دعوى الحق العام تنتفي بوفاته وتسقط كل تكاليفه الشخصية ، وكذلك بسبب شخصية العقوبة وعليه ولما أن استشهاد المتهم هي أحد أسباب انقضاء الدعوى الجزائية حسب ما أورده المشرع الفلسطيني في المادة 9 /3 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ رقم 3 لسنة 2001 ،


 وحيث ثبت للمحكمة تلك الوفاة ، وحيث إن المحكمة إذ ما تحققت من تلك الواقعة لا يمكنها أن تبحث بالبينة وليس لها أن تصدر حكمها بالبراءة أو الادانة ؛ كونها لا تملك الصلاحية بذلك ، بل هي ملزمة بالحكم بانقضاء الدعوى ، ولعل ذلك الحكم قد يخفى على العامة ممن لا يشتغلون بالقانون ، إلا أنه من غير المتصور أن يخفى عمن له أدنى معرفة بالقانون والذي يتوجب عليه في هذه الحالة أن يصمت باحترام ولا يطلق الاحكام ، وعليه ودون البحث بالبينة بخصوص الشهيد المتهم الثالث وتأسيسا على ما تقدم فإن المحكمة و عملا بأحكام المادة 9 /3 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ رقم 3 لسنة 2001 تقرر الحكم بانقضاء الدعوى الجزائية عن المتهم الثالث باسل محمود ابراهيم العرج : لوفاته والسير بها حسب الاصول ووفق ما رسمه القانون عن باقي المتهمين حيث لا يصح قانونا إصدار أي حكم بخصوصهم إلا بعد سماع البينة وحيث تقدم وكيل احد المتهمين بهذه الجلسة بما يفيد ان المتهمين الاول والثاني والرابع والسادس في سجون الاحتلال فإن المحكمة تقرر تبليغ المتهمين المذكورين بالإلصاق على اخر محل اقامة وبالتعليق على لوحة اعلانات المحكمه وانتظارا لذلك رفع الجلسـة إلى يوم 30 /4 /2017 وأفهم في 12/3/2017
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. تأصيل جميل ومفصل من القاضي امجد الشعار، حيث استهل حكمه باثبات حادثة الاستشهاد ومن ثم التعليق عليها مستشهدا بالقانون الوطني والعرف والقانون الدولي واقوال فقهاء القانون وشخصيات ثورية مشهود لها عالميا، كما قام غي نفس الوقت بالربط بين حادثة الاستشهاد وقرار الاتهام الصادر بحق المتهم الشهيد من خلال ايراد الغاية من التشريع الذي بناء عليه صدر قرار الاتهام. وبعد ذلك، اصدر القاضي الحكم بانقضاء الدعوى الجزائية على ضوء اثبات واقعة الاستشهاد او الوفاة واورد حيثيات واسباب حكمه بناء علا القانون الوطني.

    ردحذف

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع