القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال قانوني حول انشاء المحاكم التجارية

بسم الله الرحمن الرحيم
تاملات قانونية :- 

مقال قانوني حول انشاء المحاكم التجارية
مقال قانوني حول انشاء المحاكم التجارية

ثار خلاف قانوني مر بي في قضايا عدة حيث صدر الحكم في بعضها بعدم الاختصاص الولائي لأن النشاط او العمل مثار النزاع أو موضوع النزاع مدني وليس تجاري ..وهذا مقال قانوني رائع (منقول) جريدة الاقتصادية للمستشار / خالد احمد عثمان يستحق التأمل. 

.. نشرت بعض الصحف المحلية تصريحات لوزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة تضمنت الإفادة بقرب صدور قرار يقضي بإنشاء محاكم تجارية، وأن الوزارة بصدد تطوير الأنظمة التجارية، وأنه لتحقيق هذا الهدف أنشئت في الوزارة وكالة متخصصة لتطوير الأنظمة التجارية. ولقد دعاني تصريح الوزير إلى الحديث مجدداً عن أهمية إعادة النظر في أسس تحديد اختصاصات القضاء التجاري، فالسعودية لديها قضاء تجاري منذ أمد بعيد وكان يتمثل في المحكمة التجارية التي أنشأها نظام المحكمة التجارية الصادر بالأمر السامي رقم (32) وتاريخ 15/1/1350هـ. 


ثم حلت هيئات حسم المنازعات التجارية محل المحكمة التجارية إلى أن تم إلغاء هذه الهيئات ونقل اختصاصاتها إلى ديوان المظالم بصفة مؤقتة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (421) وتاريخ 26/10/1407هـ. ثم صدر نظام القضاء الجديد بموجب المرسوم الملكي رقم م/87 وتاريخ 19/9/1428هـ الذي تضمن إنشاء محاكم متخصصة مثل المحاكم التجارية والمحاكم العمالية ومحاكم الأحوال الشخصية. وعلى أثر ذلك كتبت مقالاً بعنوان (كيف يتحدد اختصاص المحاكم التجارية)، ونشر على ثلاثة أجزاء في صحيفة ''الاقتصادية'' في الأعداد الصادرة بتاريخ 2/2/2008 و9/2/2008 و16/2/2008، 


وأجد من المفيد أن أعيد تسليط الضوء بتركيز شديد على أساسين من أسس تحديد اختصاص القضاء التجاري، أولهما النص التشريعي المتعلق بتحديد الأعمال التجارية، فنظام المحكمة التجارية الصادر قبل 84 عاماً، والذي يعتبر النظام التجاري العام في المملكة، عدد الأعمال التي تعد تجارية تعداداً لم يعد يتواكب مع تطور المجتمع والمتغيرات التي حدثت في عالم التجارة محلياً ودولياً، وأنه أصبح من الضروري أن يصدر تشريع جديد يحدد الأعمال التي تعد تجارية بطريقة أكثر تنوعاً وشمولاً ودقة، وعلى نحو يتواكب مع الاتجاهات الحديثة في القوانين التجارية المقارنة. ورغم أن المشرع السعودي أدخل تعديلات على نظام المحكمة التجارية وألغى بعض مواده المتعلقة ببعض الموضوعات مثل الشركات والأوراق التجارية، حيث قننها في أنظمة خاصة، إلا أنه لم يطور مفهوم العمل التجاري إذ ظل هذا المفهوم محصوراً في نطاق الأعمال التي عددها النظام المذكور رغم ظهور أعمال وأنشطة تعتبر من قبيل الأعمال التجارية لأنها تقوم على العنصر الرئيس في العمل التجاري وهو السعي من أجل تحقيق الربح مثل تجارة الأراضي والعقارات، وإيجار المعدات والآلات، والاستغلال التجاري لبرامج الحاسب الآلي، والنقل الجوي وأعمال الطباعة والنشر وأعمال الدعاية والإعلان، وأعمال استخراج الثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن وأعمال التأمين، والاستغلال التجاري للحقوق المعنوية مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية، 


والأنشطة التجارية في المجالات الرياضية، وغير ذلك من الأعمال. ولذلك فإن المحاكم الجديدة ستظل اختصاصاتها محصورة في نطاق ضيق من الأعمال التجارية إذا لم يصدر نص نظامي يوسع دائرة مفهوم العمل التجاري. والأساس الآخر من أسس تحديد اختصاص القضاء التجاري هو القواعد التي يحددها المشرع لتطبيق القانون التجاري، ولقد أشرت في مقالي السابق إلى وجود اتجاهين في فقه القانون التجاري بشأن كيفية تطبيق هذا القانون، الاتجاه الأول ويسمى (المذهب الشخصي) 


ويعتمد على التاجر نفسه كأساس لتطبيق القانون التجاري، فطائفة التجار هم وحدهم المخاطبون بأحكام هذا القانون، ويكتسب الشخص وفقاً لهذا الاتجاه صفة التاجر إذا مارس الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف. والاتجاه الثاني (المذهب الموضوعي) ويستند إلى العمل التجاري وحده كأساس لتطبيق هذا القانون بغض النظر عن صفة الشخص الذي يمارس هذا العمل استناداً إلى أن العمل التجاري يقوم على المضاربة وتداول الأموال والثروات وهي أساس التجارة. وأوضحت في مقالي السابق أنه ورغم أن بعض شراح القانون التجاري السعودي يرون أن النظام التجاري السعودي لا ينظر عند تحديده لدائرة تطبيقه إلى صفة الشخص القائم بالعمل (أي سواء كان تاجراً أو غير تاجر) 


بل ينظر إلى العمل ذاته استناداً إلى المادة الثانية من نظام المحكمة التجارية التي عددت الأعمال التي تعد من قبيل الأعمال التجارية، إلا أن قضاء الدوائر التجارية في ديوان المظالم استقر على أنه فيما عدا الدعاوى المتعلقة بتطبيق أحكام نظام الشركات ومنازعات الشركاء في الشركات التجارية فإن الدعوى لا تقبل إلا إذا كانت قائمة بين تاجرين وكان موضوعها يتعلق بأعمالهما التجارية. أي أن الدوائر التجارية في ديوان المظالم أخذت بالمذهب الشخصي الذي يعتمد على التاجر كأساس لتحديد اختصاصاتها. وأضفت بأنه يسود الآن اتجاه حديث في القانون التجاري المقارن يجمع بين المذهبين الشخصي والموضوعي تسري بموجبه أحكام القانون التجاري على التجار وعلى جميع الأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص ولو كان غير تاجر. ومثال ذلك قانون التجارة المصري الصادر عام 1999، حيث نصت مادته الأولى على أن (تسري أحكام هذا القانون على الأعمال التجارية، وعلى كل شخص طبيعي أو اعتباري تثبت له صفة التاجر) وانتهيت إلى دعوة المشرع السعودي إلى إعادة النظر في كيفية تحديد اختصاصات القضاء التجاري (المحاكم التجارية الجديدة) 

على نحو يوسع من نطاق مفهوم العمل التجاري توسيعا يتواكب مع مستجدات عصر العولمة الاقتصادية والاتجاهات الحديثة في القوانين التجارية المقارنة وعلى نحو يأخذ في الاتجاه الحديث القائم على الجمع بين المذهبين الشخصي والموضوعي، حيث تختص المحاكم التجارية بالفصل في جميع المنازعات والخصومات التالية: 1- المنازعات التي تنشب بين التجار، سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو اعتباريين، وتتعلق بأعمالهم التجارية. 2- المنازعات التي تتعلق بالأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص ولو كان غير تاجر. 3- الدعوى التي يرفعها شخص غير تاجر ضد تاجر ويتعلق موضوعها بالأعمال التجارية للمدعى عليه. تلك خلاصة ما طرحته في مقالي السابق حول هذا الموضوع، ولعل وزارة التجارة والصناعة في عهد الدكتور توفيق الربيعة تعطي الأولوية في خطتها المتعلقة بتحديث الأنظمة التجارية لموضوع تطوير مفهوم العمل التجاري وتحديد اختصاصات المحاكم التجارية على النحو الذي سلف بيانه.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع