هل القصد الجنائى المتطلب فى جريمة القتل العمدى هو قصد عام أم قصد خاص ؟

السؤال : هل القصد الجنائى المتطلب فى جريمة القتل العمدى هو قصد عام أم قصد خاص؟يميز الفقه بين أنواع متعددة للقصد الجنائى وفقاً للقواعد العامة، منها: القصد العام والقصد الخاص. وتقوم هذه التفرقة على أساس مدى اعتداد المشرع بالغاية التى يسعى الجانى إلى تحقيقها من وراء الجريمة. فالقصد الجنائى العام يفترض علم الجانى بعناصر الجريمة واتجاه إرادته إلى تحقيق هذه العناصر أو إلى قبولها. 

وهو الصورة العادية للقصد الجنائى حيث يكتفى به المشرع فى غالبية الجرائم كالضرب والجرح والقذف وهتك العرض. ولكن قد يتطلب المشرع فى بعض الجرائم، بالإضافة إلى اتجاه إرادة الجانى إلى العناصر المكونة للجريمة (أى القصد العام) اتجاه الإرادة إلى غاية معينة أو واقعة لا تدخل ضمن عناصر الجريمة. وهذا ما يطلق عليه فى الفقه القصد الجنائى الخاص. فمثلاً فى جريمة التزوير يتطلب القانون لقيام ركنها المعنوى. (بالإضافة إلى اتجاه إرادة الجانى إلى تغيير الحقيقة فى محرر بإحدى الطرق، المادية أو المعنوية، من طريق التزوير التى أوردها المشرع على سبيل الحصر أن تتوافر لدى الجانى نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله.

وقد أثير التساؤل حول ما إذا كان القصد المتطلب فى جريمة القتل هو قصد عام أم أنه قصد خاص؟ تذهب أحكام القضاء المصرى إلى أن القصد الجنائى فى جريمة القتل العمد هو قصد خاص يعبر عنه "بنية القتل" أو نية إزهاق الروح. وفى هذا الصدد قالت محكمة النقض: إن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز بنية خاصة هى انتواء نية القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم العمدية، ومن الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة فى تلك الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه.

والواقع أن "نية إزهاق الروح" أو "نية القتل" تعنى اتجاه إرادة الجانى إلى إحداث وفاة المجنى عليه وهى النتيجة الإجرامية فى القتل. وباعتبار أن هذه النتيجة هى أحد عناصر الركن المادى فى جريمة القتل، فإن تطلب توافر نية القتل لدى الجانى – لقيام القصد الجنائى لديه – لا يعنى اشتراط القصد الخاص الذى يفترض كما قدمنا أن تتجه إرادة الجانى إلى غاية أو واقعة تخرج عن ماديات الجريمة. ولذلك نرى مع الاتجاه الغالب فى الفقه أن القصد الجنائى فى جريمة القتل هو قصد عام. وليس قصداً خاصاً.