القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث السيادة في القانون الدولي العام

 السيادة في القانون الدولي العام

بحث السيادة في القانون الدولي العام
بحث السيادة في القانون الدولي العام


بقلم أ.د. حكمت شبر. 

ان البحث في موضوع السيادة ليس امرا هينا فقد كتب الكثير عن هذا الموضوع من قبل الفقهاء البرجوازيين والاشتراكيين منذ ان برزت فكرة السيادة في عهد الفقيه الفرنسي (بودوان) وقد اعتمدت السيادة كمرتكز لنضال الطبقة البرجوازية ضد سلطة الاقطاع ونراها في الوقت الحاضر محط هجوم شديد من قبل منظري وفقهاء المدارس البرجوازية محاولين سلبها الجوهر الذي انطلقت منه الطبقة البرجوازية لمحاربة الاقطاع لانها تشكل في الوقت الحاضر حجر الزاوية في نضال الدول النامية في سبيل استكمال عناصراستقلالها 

وسنحاول القاء الضوء على مفهوم السيادة من الناحية السياسية ونركز على البحث في جوانبها القانونية في الظروف الحالية وسنتعرض خلال ذلك الى اراء الفقهاء بمدارسهم المختلفة

ظهرت فكرة السيادة الى الوجود منذ قرون قليلة فلم تكن معروفة بمعناها الحديث حتى القرن السادس عشر وقد برزت بادئ الامر كمبدأ سياسي ينادي باعتبار الملك هو صاحب السلطة العليا في مملكته وكان الهدف من هذه الدعوة القضاء على السلطة الاقطاعية وتعزيز سلطة الملوك في مواجهة امراء الاقطاع وفي نفس الوقت دعما للملوك في خصامهم مع البابوات او الاباطرة في ظل الامبراطورية الرومانية 

وكان للفقيه الفرنسي بودان دور كبير في ادخال نظرية السيادة الفقه القانوني وقد عرف السيادة بانها السلطة الدائمة والمطلقة للملك التي لا يقيدها الا الله والقانون الطبيعي 

وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر برزت فكرة السيادة الشعبية على ايدي انصار القانون الطبيعي لمحاربة النظام التسلطي الاستبدادي وانطوى مفهوم السيادة في تلك الفترة على ان الشعب هو مصدر السلطة وصاحبها الحقيقي وقد استخم هذا الشعار من قبل الطبقة البرجوازية بغية تعزيز سلطتها وازاحة السلطة الاقطاعية المتمثلة في سيطرة الملوك المطلقة ويعود الفضل في ابراز فكرة سيادة الشعب للمفكر الهولندي (سيينوزا) الا انها تطورت وتعمقت على يد المفكر الفرنسي (جاك جاك روسو) في كتابه العقد الاجتماعي وتتمثل افكار (روسو) عن السيادة الشعبية في ان السلطة السياسية الكاملة في كل مجتمع يجب ان تعود للشعب الذي يطبقها بالاستناد الى العقد الاجتماعي حيث يملك جميع اعضاء المجتمع حقوقا والتزامات متساوية0 ويرى روسو ان السيادة لا تتجزأ ولا تنتزع فهي باقية دائما في ايدي الشعب كما يؤكد على طبيعة السلطة المطلقة غير المحدودة حيث يقول ان (الطبيعة تمنح كل انسان سلطة غير محدودة على اعضاء جسمه ويصح ذلك في العقد الاجتماعي الذي يمنح سلطة غير محدودة للتنظيم السياسي على جميع اعضاء المجتمع والتي تتمثل في الارادة العامة والمسماة بالسيادة ) 


لقد هيأت افكار روسو وغيره من المفكرين الرأي العام الفرنسي للقيام بالثورة الفرنسية الكبرى نظرا لمضامينها التقدمية 

وفي انكلترة وجد (بلاكستون) ان السيادة تتمثل في البرلمان حيث يرى ان الحكمة والخير والقوة هي المظاهر الاساسية لسيادة السلطة السياسية فمن يملك ذلك يملك الحق في السيادة وبما ان هذه الصفات متوفرة في البرلمان الانكليزي فهو اذا المتمتع الحقيقي في السيادة ويرى (بلاكستون) ان البرلمان يملك (سلطة غير محدودة في مواضيع الخلق والتصديق والاضافة والتحديد والالغاء والابطال وفي اعادة اصدار القوانين وتفسيرها ان البرلمان يستطيع ان يغير، بل له ان يعيد من جديد تكوين دستور المملكة ويستطيع ان يعمل اي شيئ عدا مالا يمكن عمله في العلاقات الطبيعية، كما يؤكد افتقار الدستور الانكليزي لاية قوة من شأنها السماح للسيطرة على عقلانية ونشاط وعمل البرلمان) 


وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وجد الفقهاء الالمان (لاسون، زورن، يلينك، جيلينك) ان السيادة تستند الى ارادة الدولة المطلقة فيما تراه مناسبا لها في العلاقات الخارجية وفي فرض سلطتها الكاملة داخل اقليمها 

اما في الوقت الحاضر فقد اختلف الفقهاء في تحديدهم لمفهوم السيادة فمنهم من يرى بأن السيادة هي المعيار الفاصل لتمييزها عن غيرها من الجماعات السياسية التي لا تعد دولا – كما يقول بذلك الدكتور 

محمد حافظ غانم ويراها البعض الاخر – الدكتور حامد سلطان والدكتور ابو هيف – عنصراً من عناصر الدولة ويرى الاستاذ (شوارتسمبركر) ان السيادة هي حجر الزاوية في نظام القانون الدولي القائم وتعتبر السيادة من اهم المبادئ التي قام عليها ميثاق الامم المتحدة (م ، 2 – ف ، 1) 

وفي الفقه الاشتراكي ينطلق الفقهاء في تفسيرهم لمفهوم السيادة من منطلق اقتصادي طبقي كشأنهم في تفسير مختلف الظواهر الاجتماعية الاخرى فيرون ان السيادة تحمل في طياتها معنيين، سياسي وقانوني يقول الفقيه السوفيتي (ليفن) : (ان السيادة السياسية ماهي الا السلطة العليا للطبقة السائدة في الدولة، والتي تظهر على حقيقتها سواء في الاشكال القانونية او غير القانونية على انها السيطرة السياسية للطبقة المعتمدة على قوتها الاقتصادية، اما السيادة القانونية فهي السلطة العليا لاجهزة الدولة المنصوص عليها في القانون والمطبقة بأشكال قانونية مختلفة ) 

ويعرف الجزء الثاني من القانون الدولي العام الصادر عن الاكاديمية السوفيتية بمساهمة نخبة من الاساتذة السوفيت السيادة السياسية (انها الشكل الذي يحمل في طياته معنى مختلفا وفقا لطبيعة التباين في البناء الاجتماعي والسياسي للمجتمع المنظم في الدولة ففي الدول الرأسمالية تعتبر السيادة شكلا لتنفيذ السيطرة السياسية من قبل الاقلية المسيطرة اقتصاديا (طبقة الرأسماليين) على الغالبية الكبرى من الشعب داخل المجتمع (الطبقات الكادحة) اما السيادة في الدولة الاشتراكية فهي الشكل القانوني والسياسي لقيادة المجتمع من قبل الطبقة العاملة 


وبرأي الاستاذ (كوزيمين) ان المعنى السياسي للسيادة لا ينفصل عن نظام الهيئات الحكومية حيث يتمثل جوهرها في السيطرة السياسية للطبقة (التي تملك زمام الحكم)، والتي تنفذ على هيئة ديكتاتورية منظمة من قبل هذه الطبقة) 


اما المحتوى القانوني للسيادة فيراه الفقيه (تونكين) متمثلا في السلطة العليا للدولة في اراضيها واستقلالها في العلاقات الخارجية 
ويقول الفقيه البولوني (بيريزوفسكي) ان (السيادة تفهم بكونها السلطة العليا للدولة التي لا تخضع ولا تتبع اية سلطة اخرى.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. - الدولة في القانون الداخلي والقانون الدولي - أ.د. حكمت شبر.
    تطلق الوزارة محددة لا تتعدى نطاق احكام وقواعد القانون الدولي ويختلف تناولنا للموضوع عن دراسات الدستورية للدول المتجة أساسا للبحث في تكوين السلطة السياسية ووظائفها في المجتمع وتبيان العلاقات التي تقوم بينها وبين الافراد وطبيعة الدولة في المجتمع تختلف باختلاف النظام القائم في مختلف البلدان فالدولة وهيئاتها في المجتمع الاشتراكي تمثل سلطة العمال والفلاحين وتمثل في المجتمع الراسمالي سلطة الطبقة البرجوازية
    ان الذي يعنينا من دراسة الدولة في ضوء احكام وقواعد القانون الدولي هو تحديد معناها وبيان عناصرها واشكالها كما سنتعرض الى كيفية نشوء الشخصية الدولية والتغيرات السياسية والاقليمية التي تطرأ عليها

    ردحذف

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع