بحث ودراسة مفهوم الاجهاض في الواقع والقانون العراقي . بقلم محمد المحنه.

تعد جريمة الاجهاض المتعمد ظاهرة خطيرة مخالفة لكافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ويمكن ان نلخص معناها هو التخلص من الجنين سواء اكان حيا او ميتا قبل اكتمال نموه في رحم الام وفي الغالب ترتكب هذه الجريمة بالخفاء . فقد ينصب البعض نفسه قاضياً فيمسك بقرار الموت والحياة من دون ان ترف له طرفة عين حينما يستلب حق العيش من نطفة بريئة لاذنب لها سوى دفع ثمن خطايا ونزوات من تكونت بأحشائهم فأجهضوها عمداً...خصوصا ان الاجهاض محرم وفقا للشريعة الاسلامية وحتى ان بعض المذاهب اباحت ذلك بحدود ضيقه جدا وذلك في حالة كون بقاء الجنين يؤدي الى وفاة الام او تهديدا لحياتهاوفقا وفقاً لقاعدة نفي الضرر..مع اختلاف الفقهاء في ذلك فمنهم من يعتبر ذلك حرام فلا يجوز ترجيح نفس على نفس ويجب ان يترك هكذا امر لمشيئة الله عز وجل .....كما ان احكام الشريعة الاسلامية الغراء فرضت الدية على من يرتكب عملية الاجهاض ..بل ذهبت اكثر من ذلك عندما اعترفت بشخصية الجنين واعطائه حصة بالارث وهو في رحم امه .

ولا بد من الإشارة إلى انه هكذا جرائم يكون فيها شريك لاتمامها ونادراً ما يتم الإبلاغ والإخبار عن جرائم الإجهاض وذلك لأسباب اجتماعيه وفي الغالبما تتم بسرية بالغة وقد تخشى المجنى عليها القتل من ذويها في حال ان أجهضها شخصٌ آخر إتقاء للعار.

وهنا جزاء يسيرا من الحالات التي صادفتنا في عملنا سؤاء اكان في المحاماة او مركز الامل للارشاد الاسري وهي :-

(ن.س) بعد ان تزوجت بشخص بعقد خارج المحكمه مكث معها شهرا وبعدها فر الي جهة مجهوله وعلى اثر المعاشرة حملت منه ونتيجة لضغط الاهل ونظرة المجتمع لها وكون هذا الجنين لو ولد سيكون بلا اب او هوية لان اباه ترك والدته بلا عقد زواج رسمي وهرب بلا رجعه ..فاضطرت الى عملية الاجهاض متحملة مخاطره الصحية ومضحية بجنينها..

(ل.ن ) هي ام لاربع بنات وعندما حملت من جديد وكشف بالسونار عن جنس الجنين فتبين ان الجنين هو انثى ايضاً فأصيبت على اثرها بخيبة امل كبيرة واحسست ان حياتها الزوجية ستنتهي وسيتزوج زوجها باخرى لذا لجات الى اجراء عملية الاجهاض وذلك حسب اعتقادها انه افضل الحلول للمحافظة على زوجها ودارها وكل هذا قد جرى سرا بدون علم زوجها وقد اختلقت له عذرابحجة انها قد سقطت في من الدرج في المنزل .

تعد واقعة الإجهاض جريمة معاقب عليها وفقالنصوص قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111لسنة 1969 فتتفاوت العقوبة حسب حالات نص عليها القانون اعلاه فقد تصل العقوبة لمدة لاتزيد على سنة وبغرامه أو أحدى هاتين العقوبتين لمن أجهضت نفسها عمدا بآية وسيله كانت اومكنت غيرها من ذلك برضاها وبنفس العقوبة أعلاه يعاقب من أجهضها عمدا وبرضاها وفي حال أفضى الإجهاض إلى موت المحنى عليها حتى لو لم يتم الإجهاض فتكون العقوبة السجن مدة لاتزيد على سبع سنوات. 

ويعد ظرفا قضائيا مشددا للجاني اذا كان طبيبا اوصيدليا أو كيميائيا أو قابلة أو احد معاونيهم .ومن جهة أخرى هناك ظرف قضائي مخفف إجهاض المرأة لنفسها اتقاء لعار إذا كانت قد حملت به سفاحا وكذلك الأمر في هذه الحالة بالنسبة لمن أجهضها من أقربائها إلى الدرجة الثانية .وكل هذا حسب إحكام المادة 417من قانون العقوبات العراقي كما جاء في المادة 418من نفس القانون عقوبة السجن لمدة لاتزيد على عشر سنوات كل أجهض عمدا امرأة بدون رضاها . إما إذا أفضى الإجهاض أو الوسيلة التي استعملت في إحداثه إلى موت المحنى عليها فتكون العقوبة السجن مدة لاتزيد على خمسة عشر سنة .كما ورد في إحكام المادة 418من ذات القانون أعلاه في الفقرة الثالثة منه يعد ظرفا مشددا للجاني أذا كان طبيبا اوصيدليا أو كيميائيا أو قابلة أو احد معاونيهم . وعلى المحكمة أن تأمر بمنعه من مزاولة مهنته أو عمله مدة لاتزيد على ثلاث سنوات . وقد نصت المادة 419 منه يعاقب بالحبس من اعتدى عمدا على امرأة مع علمه بحملها بالضرب أو بالجرح أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب فعل أخر مخالف للقانون دون أن يقصد إجهاضها وتسبب عن ذلك إجهاضها. ولابد من الإشارة إلى انه نادرا مايتم الإبلاغ والإخبار عن جرائم الإجهاض وذلك لأسباب اجتماعيه وغالبا ما تتم بسرية بالغة وقد تخشى المجنى عليها القتل من ذويها في حال ان أجهضها شخص أخر اتقاء للعار وياحبذا لو كانت هناك توعية بخطورة هكذا جرائم واثرها البالغ على المجتمع.