القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث العقد بين الثقة والتوثيق

بحث العقد بين الثقة والتوثيق

بحث العقد بين الثقة والتوثيق

بقلم الحقوقي فاروق العجاج

الثقة - 
حالة تستند على حسن الظن بالآخر و من خلال ما يكسبه من سمعة طيبة وسيرة حسنة في امانته وصدقه وفي تعامله مع الناس, ومن اداء التزاماته ووفاءه بوعوده وفقا للاصول والتقاليد المرعية والشرعية .


الثقة بصورة عامة مهمة لكل شخص في حياته الخاصة وفي حياته العملية المهنية الرسمية وغير الرسمية وتكاد تكون راسمال الشخص المعنوي الذي يتعامل به يوميا من غير انقطاع والعملة الذهبية لا غنى عنها في كل الاحوال (زينة وخزينة) والراسمال الاحتياطي الذي لايجوز التلاعب به الا في حالة زيادته وليس نقصانه تحسبا للازمات بانواعها فتكون الثقة في هذه الظروف اهم سند لاي شخص في مواجهة التحديات الصعبة وفي اي عمل وخاصة الاعمال المهنية كافراد وجماعات وكتل وهيئات ومنظمات رسمية وشعبية وغيرها . 

التوثيق 
مع ضرورة توفر الثقة كشرط اساسي في حياة اي انسان وفي اي مجال مهني او رسمي الا انها لا يمكن ان تكون مطلقة من غير ضوابط وحدود وشروط في اغلب المسائل للمحافظة اولا على طبيعة تلك الثقة المتبادلة بين الاطراف العاملة في اطار مبادئها وفي تادية المهام والواجبات والمسؤوليات المترتبة عليها . 

كالعلاقة بين رب العمل والعامل ورب العمل والمقاول مع ضرورة توفر الثقة بينهما اولا لابد يخضع العمل المتفق عليه لعقد يبرم بينهما لبيان نوع العمل المطلوب انجازه من قبل العامل او المقاول ووواجبات ومسؤوليات كل منهما وفقا لطبيعة العقد وكذلك الحال العلاقة ما بين الموظف وبين الدائرة التي يعمل بها وفق القانون . 

وغيرها من الاعمال والتصرفات والمهام الاخرى التي تقتضي ان تثبت بعقود رغم توفر عوامل الثقة اولا بين الطرفين كضمانة اساسية ومقدمة مهمة لتوثيق اي عقد بين الطرفين منها حسن السير والسمعة الجيدة وتوفر عوامل وشروط العمل والامكانات اللازمة لها ومن الكفاءة والمقدرة المالية والادارية وغيرها من الشروط والضوابط المهمة.

(والتوثيق لغة : مصدر لفعل و ثق بمعنى احكم الأمر ، و التوثيق لغة له عدة معان منها : الإحكام : يقال و ثق الشيء بضم الثاء وثاقة : قوي و ثبت ، فهو وثيق ، ثابت محكم ، ومنها الائتمان : يقال : و ثقت بكسر الثاء به أثق بكسرهما ثقة و وثوقا : ائتمنته، و يطلق على الشد و الروابط من الوثاق : و هو ما يشد به من حبل و قيد 

ومنه قول تعالى { فشدو الوثاق } (محمد:44)، و منه الميثاق للعهد، وعلى هذا المعنى سميت الوثيقة و ثيقة ، لأنها تشد المتعاقدين بما جرى حتى يصير ميثاق عليهما ، و الوثيقة بهذا المعنى قريبة من معنى العقد ، و لذلك يطلق العقد بمعنى الوثيقة .

أما التوثيق اصطلاحا ، علم التوثيق : هو ذلك العلم الذي ينظم سير العلاقات بين الناس ، و يحد معالم ذلك التعامل طبقا للنصوص الشرعية و اجتهادات الفقهاء ، و ما جرى به عمل القضاة من غير إغفال عرف الناس و عاداتهم، فهو إذن علم يبين عناصر كل اتفاقية معقودة بين شخصين أو عدة أشخاص ، و يضمن استمرارها ، و يحسم مادة النزاع بين الأطراف المتعاقدة ، موضحا لكل من العاقد و المعقود له ، ماله و ما عليه من واجبات .
و يسمى هذا العلم " علم الوثائق " و " علم الشروط " و تسمى الوثيقة التي تصدر عن العدول " بالشهادة العدلية-) قراءة عماد عدنان منشور في الانترنيت

التوثيق ( العقد)في القانون المدني العراقي
العقد يعرف وفق المادة - 733 من القانون المدني –هو ارتباط الايجاب الصادر من احد المتعاقدين بقبول الاخر على وجه يثبت اثره في المعقود – وجاء في المادة – 74 منه –يصح ان يرد العقد : 1- الاعيان منقولة كانت او عقار لتمليكها بعوض بيعا او بغيرعوض هبة ولحفظها وديعة او لاستهلاكها بالانتفاع منها قرضا.

2- وعلى منافع الاعيان للانتفاع بهابعوض اجارة او بغير عوض اعارة. 33- وعلى عمل معين او على خدمة معينة . جاء في المادة 75 منه : يصح ان يرد العقد على اي شئ اخر لا يكون الالتزام به ممنوعا بالقانون او مخالفا للنظام العام او الاداب. 
وجاء في المادة 76-من القانون الفقرة 2- تقرر قوانين التجارة القواعد الخاصة بالعقود التجارية

ويتضح من المواد اعلاه في تنظيم عقود العمل اي كان نوعها لقاء تنفيذ اعمال مادية ملموسة بالنتائج في المقاولات وبالعمل ذاته في مقاولة العمل فقط كاجر العامل اليومي لقاء بذل الجهد الجسماني كما ورد في المادة 864-من القانون المدني – مما يتضح اساسا ان تعتمد العقود على التراضي اساسها الايجاب والقبول لضمان سلامة تنفيذها بالشكل والصورة المطلوبة لمصلحة الطرفين المتعاقدين ومن هنا يكون ذلك مصدر الثقة بين الطرفين لاداء التزاماتهما وفق الاتفاق المبرم بينهما .
ومن شروط سلامة توثيق العقود من حيث صحتها توفر الاركان 

التالية :
1- التراضي – الايجاب والقبول كما كما مبين تفاصيلها في المادة -777 –من القانون وكذلك صحة التراضي واهلية التعاقد وخلوه من عيوب الارادة 2- المحل والسبب- جاء في المادة -126 منه – لابد يكون لكل التزام نشا عن العقد من محل يضاف اليه يكون قابلا لحمكه ويصح ان يكون المحل مالا , عينا كان او دينا او منفعة او اي حق مالي اخر –كما ان يكون عملا او امتناع عن عمل. 
وهناك بعض الحالات تكون الثقة عامل اساسي في تنفيذ الالتزامات وتحمل المسؤوليات من غير حاجة الى توثيق العمل بعقود معينة كما يحل بين الاقارب من الدرجة الاولى بين الاصول والفروع والرابطة الادبية بين الزوجين ----؟

مما يتبين لنا ان الثقة عامل اساسي وضروي في العلاقات العامة بين الناس وفي ادامة الاعمال المهنية الشخصية والرسمية وبصورة عامة للافراد والاشخاص المعنوية في اداء اعمالها بنجاح وتقدم – وتعتمد على الدليل والبرهان والتجربة والخبرة والسمعة, ولكنها تبقى الاعمال المادية المهمة والتصرفات القانونية في شؤون حياة الناس والمصلحة العامة بحاجة الى توثيق بعقود لضمان حقوق ومسؤوليات الاطراف المتعاقدة – والتاكيد على المسائل الجوهرية في الاتفاق المعقود باي عمل كان بين المتعاقدين .

بعد ان تطورت وسائل الحياة وتشعبت اصولها وفروعها ومصادرها وتنوعت استخداماتها بين الناس في تعاملاتهم اليومية وحسب طبيعة الاعمال المتفق عليها , وان يكون التوثيق منهاج عمل يوضح اسس وشروط الاتفاق ودليل مرشد دائم للاطراف المتعاقدة لضمان تنفيذ التزاناتهم وفقا لطبيعة الاتفاق-

ما هي وسائل الحماية لادامة هذه الثقة في ثوثيق العقود ؟
لابد من ادامة الثقة في اداء الاعمال المطلوبة في تنفيذ الاتفاقيات والعقود المبرمة بين الا طراف المتعاقدة حسب شروطها ومبادئها والتزاماتها , لكي يكون عامل الثقة في تنفيذ هذه الالتزمات متوازن مع متطلبات العمل ومواصفاته وشروطه ولكي تبقى العلاقة مستمرة بين الطرفي المتعاقدين .

يجب توفر وسائل الحماية لضمان حقوق جميع الاطراف المتعاقدة والموثق اعماله بموجب عقود خاصة منها :- اولا – مراعاة المبادئ القانونية والشرعية في تنظيم توثيق العقود التي تضمن لكل من الاطراف المتعاقدة حقوقها في تنفيذ العمل و عن طبيعة ادائه والالتزامات الخاصة به. منها ان يتخذ الوسائل القانونية والشرعية بايقاف العمل وطلب التعويض بعد فسخ العقد اومعالجة الخطاء الحاصل فيه خلافا للمواصفات وشروط الغقد الموثق بينهما . 

ثانيا- ضمان حقوق كل الاطراف المتعاقدة بتنفيذ التزاماتهم وفق القانون من اجور ومستحقات العمل المبذول فيه واكماله وفق ما هو ثابت ومو ثق في العقود والاتفاقات بينهم باي صورة كانت .وحسب طبيعة نوع العمل والالتزامات الخاصة الواردة فيه جملة وتفصيلا وفقا للقانون والاعراف السائدة .
ثالثا- الضمير والاخلاص في اداء العمل ان يكون من اهم شروط ضمان تنفيذ الاعمال وبالتعاون بين الاطراف المتفقة والمتعاقدة من شانها تسهيل تنفيذ الاعمال لاداءها في اوقاتها ومواعيدها من حيث توفير رب العمل الى العامل مستلزمات العمل ودفع الاجرة في وقت انتهاء العمل المطلوب. 
او المقاول او الاجير او المستورد التاجر او المجهز لمواد معينة وفقا للقانون والاتفقات الخاصة بها والامور العرفية وغيرها من الاعمال الاخرى ما يمكن نوفيرها وما يلزم تامين اداء العمل المتفق عليه باسرع وقت واقل جهد وكلفة تحقيقا للمصالح الخاصة والعامة بشكل متوازن وعادل ومنصف.
رابعا- افرد القانون الجنائي عقوبات خاصة لكل من يتبع طرق الاحتيال والغش والاعمال غير المشروعة لكسب المال غير المشروع خلافا للثقة الموكلة له حسب طبيعة عمله –كما في 
حالات الرشوة والاختلاس واساءة استعمال الموظف سلطته الوظيفية التي أمن عليها بحكم طبيعة عمله الوظيفي الرسمي فخان الامانة فقبل بالرشوة فهدر اموال الدولة بعمله السئ هذا.او استعمال طرق احتيالية في معملات البيع والشراء وتزوير المستندات الرسمية بغية الكسب غير المشروع بطرق غير مشروعة .
خامسا- 
اجاز ت المادة 188 – من قانون الاثبات – يجوز ان يثبت بجميع طرق الاثبات ما كان يجب اثباته بالكتابة في حالتين :- 
اولا- اذا فقد السند الكتابي لا دخل لارادة صاحبه. 
يهدف المشرع الى المحافظة على حقوق صاحب السند في حالة تعرضه الى الغش او فقدانه للسند من غير تقصير ويمكن اثبات السند بشهادة الشهود الذين وقعوا في العقد او في حالة او وجود مانع ادبي منها كالرابطة الزوجية تحول دون حصول احد الزوجين على مستند كتابي من الاخر والرابطة العائلية بين الاصول 
والفروع - هذه الحالات المبينة في القانون اعلاه تؤكد على تعزيز الثقة وخاصة في الموانع الادبية التي تحول دون التمكن من الحصول على دليل كتابي لاثبات التصرفات المالية والقانونية بالحقوق المادية خاصة . وذلك لادامة عنصر الثقة بينهم وخاصة بين الزواج وبين الاصول والفروع الا في حالة حصول الغش والضرر المتعمد من احدهما ضد الاخر فيمكن اثبات ذلك بطرق الاثبات الاخرى ومنها بشهادة الشهود وغيرها من الوقائع المادية والتي تكون محل تقييم وفق القانون بمعنى ان الثقة الممنوحة في هذه الحالة ليست مطلقة ولها
محدوديتها ومسؤوليتها القانونية عند المقتضى قانونا. 
ويستدل من ذلك ان هناك ترابط بين الثقة والتوثيق لاي عمل لايمكن الانفصال بينهما اذ لا يمكن ان يؤسس اي اتفاق عن اي عمل معين الا بعد تحقق الاطمئنان والثقة بين الطرفين عن صحة عزيمتهما وتوفر الامكانات المادية والقدرات المهنية اللازمة للعمل ووضوح ابعاد وحجم العمل المطلوب تنفيذه والمدة اللازمة له وتاريخ تنفيذه وفقا وفقا للقانون .
التوثيق في الاسلام 
مشروعية التوثيق 
التوثيق علم خاص لاثبات العقود والتصرفات وغيرها على وجه يصح الاحتجاج والتمسك به – وهو من اهم العلوم الشرعية منزلة واعظمها مكانة في بيان الحقوق والالتزامات وتحديد المسؤوليات .
ازداد الاهتمام بالتوثيق بعد ظهور الاسلام وانتشار الكتابة في الجزيرة العربية , تعتبر آية الدين أطول آية في القرآن الكريم ، و هي أساس نظام التوثيق في الإسلام ، و فيما يأمر الحق سبحانه عباده بتوثيق الديون بالكتابة في قوله عز و جل : 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا 
شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
)282البقرة(
يستدل من الاية الكريمة ان الله تعالى امر بالكتابة في توثيق الدين الى اجل مسمى وينتخب كاتب بالعدل ليبين اصل الدين ونوعه وحجمه ومقداره وتاريخ سداده حتى يكون معلوما نافيا للجهالة عند سداد الدين كما هو وارد تفاصيله في الكتابة وما يسمى (بالعقد ) الموثق بين الطرفين او المبين في السند النموذج ائم المستعمل في المطالبة به وقت استحقاقه . وامر ان يوثق بشهادة شاهدين لتاكيد صحة الدين كواقعة وحجة ذات اثر قانوني وشرعي عند حصول الاختلاف عن اصل الدين . واعتبر توثيق الدين بالكتابة من الامور الشرعية المهمة التي امر الله بها عباده بغية المحافظة على حقوق الدائنين وعلى التزامات المدينين بايفاء ديونهم والتزاماتهم الثابتة في اصل العقد الموثق بين الطرفين المتعاقدين لاي سبب او غرض تجاري كان ويكون دليل مادي ملموس و حجة على الغير .
ان التجار ة والاعمال الحرة بين الناس لابد ان تستند على الثقة في اصل السمعة والكفاءة وحسن العمل والوفاء والاخلاص في التعامل بين الاطر اف المتعاقدة ومما يجب التاكد من وجودها قبل التعاقد مما يشكل تعزيزا لضرورة الكتابة وتوثيق الاتفاقات بعقود خاصة بينهما على اصل الدين او العمل المتفق علية وعلى ذكر المسائل الجوهرية الخاصة بالعمل ذاته _ وتبقى المسائل التفصيلية المتعلقة بطبيعة العمل مبنية على سير العمل ومراحل تقدمه وعلى درجة خبرة واجتهاد القائم بالعمل ضمن المحافظة على تنفيذ المواصفات المطلوبة باصل الاتفاق ويمكن القول في هذه الاحوال تكون الثقة فيها عامل مهم في اصل الاتفاقات المكتوبة وفي تنفيذها بصورة نهائية لا انفصال بينهما .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع