القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث ودراسة أعمال السيادة وخروجها عن ولاية القضاء

بحث ودراسة أعمال السيادة وخروجها عن ولاية القضاء

بحث ودراسة أعمال السيادة وخروجها عن ولاية القضاء
بحث ودراسة أعمال السيادة وخروجها عن ولاية القضاء
عبد السلام أبوغالية

درجت النظم القانونية الحديثة على إعطاء الأعمال السيادية التي تقوم بها السلطات العامة بإعتبارها سلطات سياسية حصانة ضد السلطة القضائية، حيث يحظر على جميع المحاكم في البلاد النظر في دعاوى متعلقة بها، حتى ولو كانت تلك الأعمال مخالفة لمنظومة القيم التي تحددها التشريعات النافذة!!


والغريب في الأمر أن غطرسة هذه الأعمال هي غطرسة مستمدة من نصوص القانون ذاته، فهو الذي يضفي الشرعية على ما يعد منها جريمة قانونا. 


ورغم عدم دقة مفهوم أعمال السيادة في الثقافة القانونية السائدة إلا أنه يشير بشكل عام إلى الأعمال التي تقوم بها السلطتين التنفيذية والتشريعية وكان الهدف منها تحقيق مصلحة الدولة في الداخل والخارج كإعلان الحرب وإبرام المعاهدات الدولية وتطبيق الأحكام العرفية وغيرها مما يرى القضاء بأنها أعمالا سيادية. 


لقد كان إعفاء الأعمال السيادية من رقابة القضاء جريمة مشرعنة بحق، فهو يعد إنتهاكا صارخاً لسيادة القانون على الجميع وإخلالا شنيعا بمبدأ المشروعية الذي بإنعدامه تتحول السلطة الحاكمة إلى عصابة مارقة تفعل ما تشاء وبالكيفية التي تراها مناسبة، ولا قيمة للإدعاء القائل بأن السلطات عندما تباشر الأعمال السيادية فإنها تستمد شرعيتها من نصوص القانون الأمر الذي لا يمكن معه القول بعدم مشروعيتها، وذلك لأن تشريع الجريمة لا يغير من حقيقتها شيء فلو أباح القانون للسطات التمرد على النظام الأيديولوجي (( نظام المثل العليا)) في المجتمع تحت غطاء أعمال السيادة فإنه سيكون في وضع شبيه بإباحة القتل لأسباب غير منطقية!! ولا شك أنكم تتفقون معي بأن الإباحة الأخيرة لا تعدو كونها تغطية لعين الشمس بالغربال فالقتل يظل جريمة ولو اباحه الدستور، إجمالا يمكن القول بأن بأن هذه الأعمال تعلو الدستور بإعتبارها ذات مفهوم واسع وغير محدد وتأسيسا على ذلك هي تخرج عن ولاية القضاء وبالتالي عن ولاية القانون لأن القانون الذي لا توجد سلطة مختصة بتطبيقه هو والعدم سواء. 


وعليه فإن ما افرزه الفكر القانوني المعاصر بهذا الخصوص يشبه إلى حد كبير ما افرزه الفكر القانوني في أوروبا إبان العصور الوسطى والذي كان يقضي بعدم جواز مساءلة الملك أو رجال الكنيسة عن أعمالهم بإعتبارهم مؤيدين من الله! ! فلماذا ينكر على غيره ما يقوم به هو بنفسه؟ !!
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع