القائمة الرئيسية

الصفحات

ترميم - موافقات - القانون السوري

ترميم - موافقات - القانون السوري
ترميم - موافقات - القانون السوري 


ترميم - موافقات ( ٤ ) 


بتاريخ ١٣ / ٥ / ٢٠١٣ وتحت وطأة الظروف التي أحاطت بالعمل القضائي في القطر ، تنادى المشرع السوري فأصدر المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) لعام ٢٠١٣ فكان من المفروض أن يُعمل به لمدة عام من تاريخ صدوره ، لماذا لا نعلم ، فلربما توقع واضعوا هذا المرسوم أن تنتهي الحالة التي دعت لإصداره خلال عام.

وفور صدور هذا المرسوم بادر أصحاب المصلحة وما أكثرهم ، إلى التقدم بطلبات الترميم والنقل إلى مجلس القضاء الأعلى ، فكان المجلس يوافق على هذه الطلبات ، بشكل روتيني ، ولم نسمع أنه رفض أي طلب قُدم له بهذا الخصوص.

وقبل صدور هذا المرسوم كان يحدث أن تُفقد ملفات قضائية أو تُسرق لسبب ما ، فكان يتم ترميمها وفق الأعراف والأصول القضائية المتعبة ، وخصوصاً تلك الأصول المنصوص عنها في المواد ذوات الأرقام ( ٤٠٥ - ٤٠٦ - ٤٠٧ ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، فكان الترميم يتم دونما موافقة من مجلس القضاء الأعلى.

وكنا ذكرنا أن التطبيق العملي لنصوص هذا المرسوم كان مشوهاً ، وكان على خلاف ما أراده المشرع من وراء إصدار هذا المرسوم.

كما ذكرنا أنه وبتاريخ ٣ / ١ / ٢٠١٦ صدر القانون رقم ( ١ ) متضمناً قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد ، والذي اعُتبر نافذاً بداية من شهر شباط من نفس العام.

وذكرنا أنه وبموجب المادة ( ٤٩٩ ) من هذا القانون ، أورد المشرع الأحكام الخاصة بترميم الدعاوى التالفة أو المفقودة أو التي يتعذر جلبها.

وذكرنا أن الترميم بنفاذ هذا القانون راح يتم بناء على طلب من صاحب المصلحة وبموافقة من الدائرة القضائية المختصة.

كما ذكرنا أنه منذ مدة بسيطة راج رأي يقول بضرورة الحصول على موافقة مجلس القضاء الأعلى على ترميم الدعاوى ، بالرغم من سريان نص المادة سالفة الذكر ، الصريح والواضح بالآلية التي بات الترميم يتم من خلالها.

وحجة أصحاب هذا الرأي أن بعض الغرف لدى محكمة النقض قالت بذلك ، بنقضها قرارات قضائية صدرت في دعاوى مرممة وفق أحكام المادة ( ٤٩٩ ) وكان هذا الرأي مستنداً على المقطع الأول من هذه المادة ، الذي قال بمراعاة أحكام المرسوم رقم ( ٢٨ ) لعام ٢٠١٣ وتعديلاته.

فهل هذا الرأي من الوجهة القانونية سليم أم فيه تزيد لا داعي له ، وفيه تفسير وتطبيق لا يتحمله نص المادة ( ٤٩٩ ) أصول محاكمات ؟؟؟؟

ونحن إذا ما تجاوزنا عن التطبيق الذي كان مشوهاً لنص هذا المرسوم نستطيع أن نقول التالي :

المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) لعام ٢٠١٣ كان ومازال مرسوماً مؤقتاً واستثنائياً ، بينما نص المادة ( ٤٩٩ ) هو نص دائم وورد في قانون عام ، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى إذا كانت بعض غرف محكمة النقض ، قالت بضرورة الحصول على موافقة مجلس القضاء الأعلى في مثل هذه الحالات ، فإن البعض الآخر منها لم يقل بذلك.

وفي مطلق الأحوال ، هكذا قول هو عبارة عن اجتهاد لا حجية له إلا على القضية التي صدر فيها ، فضلاً من أن مثل هذا الاجتهاد مخالف لنص المادة ( ٤٩٩ ) أصول محاكمات مدنية ، والمبدأ القانوني يقول بأنه لا اجتهاد في مورد النص.

وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي :

ما هو موقف القائلين بهذا الرأي ، وما هو العمل ، فيما لو لم تُمدد أحكام المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) لمرة خامسة ، هل ستبقى موافقة المجلس على الترميم لازمة ، في ظل انتهاء مفاعيل هذا المرسوم التشريعي بعدم التمديد ؟؟؟؟؟؟

أما القول بأن مطلع المادة ( ٤٩٩ ) أصول مدنية قال بذلك ، فهذا قول لا أساس له في القانون فليس من المنطق القانوني في شيء تعليق تطبيق نص قانوني دائم على تشريع ظرفي مؤقت !!!!

فضلاً من أن المادة ( ٥٠٠ ) أصول تحدثت عن نقل الدعاوى ضمن العدلية الواحدة ، وجعلت هذا الأمر من اختصاص محكمة الاستئناف المدنية في المحافظة ، وهو كان في الأصل من اختصاص جهات قضائية عليا ، فهل ممارسة هذه الصلاحية تحتاج لموافقة مجلس القضاء الأعلى ، مع الإشارة إلى أن المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) كان قد تحدث أيضاً عن نقل الدعوى ضمن العدلية الواحدة أو من عدلية إلى أخرى !!!!!

والأهم من كل هذا هو أن المادة ( ٥٠٢ ) أصول محاكمات اعتبرت قرار الترميم أو قرار النقل من جملة القرارات القضائية ، عندما لم تجز الطعن بهما ، إلا مع القرار النهائي ، ومعلوم أن صدور القرارات القضائية التمهيدية أو الإعدادية أو النهائية ، لا تحتاج إلى صدور أية موافقة من مجلس القضاء الأعلى أو من أي مجلس أخر !!!!

كما إنه ليس من المقبول من حيث المنطق القانوني ، تعليق ممارسة التفويض القانوني ، الوارد في نص المادة ( ٤٩٩ ) أصول محاكمات مدنية ، على مجرد موافقة أو إذن من مجلس القضاء الأعلى !!!!!!

يبقى أن نقول بأنه ربما المقصود من عبارة مع مراعاة أحكام المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) لعام ٢٠١٣ التي تصدرت نص المادة ( ٤٩٩ ) أصول محاكمات مدنية ، هو احترام قرارات مجلس القضاء الأعلى بالموافقة على الترميم ، أو النقل ، والتي سبقت في تاريخ صدورها تاريخ سريان أحكام المادة ( ٤٩٩ ) أصول محاكمات مدنية.

أو ربما كان المقصود من ورائها بقاء الصلاحية بيد مجلس القضاء الأعلى ، فيما يخص اتخاذه لقرارات تتعلق بنقل وترميم الدعاوى الخاصة بعدلية كاملة أو منطقة معينة بذاتها ، نتيجة الظروف الأمنية الحالية ، إلا أنها لا تعني بحال من الأحوال ، ضرورة الحصول على موافقة مجلس القضاء الأعلى على طلبات الترميم أو النقل ضمن العدلية الواحدة ، والتي تجري بناء على طلب من صاحب المصلحة ، كما نصت المادة ( ٤٩٩ ) أصول محاكمات مدنية ، وليس المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) لعام ٢٠١٣ والذي تحدث عن هذه القرارات التي تصدر بخصوص حالات عامة ، وبناء على طلب من وزير العدل ، كما حصل فيما يخص محافظتي الرقة وادلب ، فشتان بين الحالتين ، فليس من العقول أن يبادر أحد المواطنين ، فيطلب ترميم أو نقل دعاوى عدلية كاملة ، أو منطقة معينة ، إلى عدلية محافظة أو منطقة أخرى ، بينما هذا ظل ووفق أحكام المرسوم التشريعي رقم ( ٢٨ ) لعام ٢٠١٣ من اختصاص وزير العدل !!!!!!
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع