القائمة الرئيسية

الصفحات

مفهوم الاختصاص في القانون والفقه الإسلامي

مفهوم الاختصاص في القانون والفقه الإسلامي:

مفهوم الاختصاص في القانون والفقه الإسلامي
مفهوم الاختصاص في القانون والفقه الإسلامي


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،،

الحديث عن الاختصاص حديث عن موضوع من أهمِّ موضوعاتِ الفقه والقانون فهو كما يقال حديث له شجون، أو كما جرى على ألسنة الناس (حديث ذو شجون )، وذلك يرجع إلى التنوع في الاختصاص، حيث أن الحديث عن الاختصاص في الفقه أو القانون يتعدد ويتنوع ويتشعب ويتداخل، الأمر الذي يجعل الإسهاب فيه أمر مباح وليس بعيب قبيح، وإن عده أهل اللغة الإسهاب عيبٌ في كلام المخلوقين، وبالاختصاص يتم تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع، بالتالي هو أمر مهم جدا لكل المشتغلين والعاملين في المجال القانوني، فمعرفة الاختصاص هي حماية لأصل الحق المطالب به و معرفة الاختصاص بمثابة الداعم الأساسي للإدعاء الذي يٌدعى به...


 وبمعرفته تسير إجراءات الدعوى بكل سهولة ويسر تفادياً لكل عوامل التعطيل وتضييع الوقت،و لا شك أن عامل الزمن عنصرا مهماً لأهل القانون وأصحاب الحقوق، فمعرفة الاختصاص هي الخطوة الأولى في طريق إثبات الحق ومن ثم رده إلى أهله وبمعرفته يسهل الوصول إلى ابواب المحكمة المختصة التي يترجى منها إجراء محاكمة عادلة نزيهة، وبتحديد الاختصاص لكل محكمة يكون القاضي يكون أوسع إطلاعاً وتركيزاً وأكثر خبرةً في مجال اختصاصه،وهذا ينعكس بدوره على قضائه فيكون أكثر جودة، وإحاطة فتكون الأحكام جيدة، فضلا عن ما يقدمه تحديد الاختصاص من تيسيراً على المتقاضين.


والاختصاص في اللغة مأخوذ من مادة خَصَّ، تقول: اختصَّ فلان بكذا، إذا انفرد به دون غيره ،و يعني تفرُّد بعض الشيء بما لا يشاركُه فيه ؛ فهو ضد التعميم، و الاختصاص في العلوم يقصد به تَفرُّغ وانْقِطاع لأَمر بعينه أي اِنْصرف إلى فَرْع مُعيَّن من العُلوم والدِّراسات والصَّنائع للإلمام به إلْمامًا تامًّا، والاختصاص في القانون هو السلطة الممنوحة بموجب القانون لمحكمة ما للفصل في نزاع ما أي هو تحديد نصيب و نطاق كل جهة من جهات القضاء و نصيب ونطاق كل طبقة من طباقات المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة، والاختصاص في الفقه الإسلامي يقصد به قصرُ ولاية كل جهة قضائية من جهات التقاضي داخل الدولة على أقضيةٍ معيَّنة، أما الاختصاص في باب القضاء: فالمراد به؛ قصرُ تولية الإمام القاضي عملاً (أي: مكانًا)، ونظرًا (أي: موضوعًا)، أو غيرهما، في سماع الدَّعاوى وما يلحق بها، والفصل فيها.


وتبرز أهمية الاختصاص في: – أنه مما يتأكد به ولاية المحكمة بالنظر في النزاع المطروح من عدمه، وبه يتحدد شطب الدعوى وصرف النظر عنها، وأن الحجية لا تتحقق لأي حكم ما لم تكن المحكمة التي أصدرته مختصة،فإن أصدرت أي محكمة حكمها دون أن ينعقد لها الاختصاص فإن حكمها لا يتمتع بالحجية ، كذلك تتجلى أهميته بأن منه ما هو متعلقاً بالنظام العام أي لا يمكن مخالفته و تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، لذلك تجد أن أو ما تبدأ به المحاكم عند النظر في أي نزاع يطرح أمامها هو بحث مسألة الاختصاص ابتداء ،و الذي استقر عليه القضاء هو أن المسائل المتعلقة بالاختصاص من الأمور التي يلزم التمسك بها في المرحلة الابتدائية؛لأن عدم التمسك به يعد تنازلاً بالتالي يقطع الطريق بجواز إثارة الدفع به بعد صدور الحكم.



وتحديد اختصاص محكمة ما يعني تحديد القضايا التي تباشرها تلك المحكمة بصفتها سلطة قضائية، والقواعد التي تنظم نسائل الاختصاص تدور حول بيان الحدود والصلاحيات ونصيب كل محكمة من القضايا، هذه الصلاحيات تتحدد وفقاً لمعايير وأسس دقيقة ومحددة، وعلى درجة عالية من الانضباط،لتحديد أختصاص كل محكمة على أساس المكان،و الزمان، والقيمة،والنوع،و توزيع مهام القضاء أو ما يعرف في الاصطلاح المعاصر بالاختصاص القضائي ليس من استحداث فقهاء القانون بل له جذور ضاربة القدم في الفقه الإسلامي، فقد عُرفَ أن أول من استقضى هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو من حدد مهام القضاة بتوزيع المهام وتحديد الأختصاص ، فقد روي عنه أنه قال ليزيد بن أخت نمير: ( اكفني بعض الامور)، وروى الطبراني بسند جيد عن السائب بن يزيد أن عمر قال له: (رد عني الناس في الدرهم والدرهمين)، كذلك جاء عنه رضي الله عنه أنه ( نهى الولاة عن القتل إلا بإذنه)، وهو ما يتفق والعصر الحديث برفع أحكام الإعدام لرئيس الدولة لأخذ الموافقة في تنفيذ الحكم.


ويدور الاختصاص من حيث التنوع إلى ست أنواع – هي:


- الاختصاص الدولي: ويراد به ولاية القضاءِ في الدولة بنظرِ الدعوى إذا كان أحدُ عناصرها أجنبيًّا، سواءٌ أكان المتنازع فيه، أم أحد أطرافها، أم كليهما، أم محل نشوء الالتزام أو تنفيذه.


  • - الاختصاص الولائي "الوظيفي" والمراد به: قصرُ ولاية كل جهة قضائية من جهات التقاضي داخل الدولة على أقضيةٍ معيَّنة).


  • - الاختصاص النوعي. هو توزيع العمل بين المحاكم المختلفة في داخل الجهة القضائية الواحدة بحسب نوع القضية.


  • - الاختصاص القيمي: ويقصد به: سلطة المحكمة في الفصل في الدعوى حسب قيمتها، بغض النظر عن نوعها، فإذا تحدد لمحكمة ما قيمة مالية محددة فإن ذلك يعني أن كل ما زاد على تلك القيمة فإنها تكون خارجة عن اختصاصها.

الاختصاص المكاني: يقصد به سلطة المحكمة في نظر الدعوى التي تقع في دائرة اختصاصها المكاني أو الجغرافي، أي هو مجموعة القواعد التي تعين المحكمة المختصة من بين عدة محاكم من نوع واحد موزعة في المدن والبلدان للنظر في قضية معينة.

- الاختصاص الزَّماني: والمراد به: قصرُ ولاية القاضي على الأقضية زمنًا معينًا، كان يولي الإمام القاضيَ سنة أو شهرًا أو أسبوعًا، وكذا تحديد سن معيَّنة لا يقضي القاضي بعدها،أو تكليف بعض القضاة للعمل في فترات معينة ومحددة كموسم الحج والعيدين، وكحالات الانتداب لأحد أعضاء السلك القضائي لمدة زمنية محددة،ونحو ذلك، وتحديد زمان أو مكان للقضاء أمر ورد ذكره في الفقه الإسلامي، يقول العلامة ابن نجيم رحمه الله: "القضاء يجوز تخصيصه وتقييده بالزمان، والمكان، واستثناء بعض الخصومات" ونقل عن ابن القيم رحمه الله – كلام مفاده أنه قد يدخل في ولاية القضاء في بعض الأمكنة، والأزمنة دون بعض، و توزيع مهام القضاء بين عدة قضاة، وهو ما يعرف في اصطلاح المعاصر بالاختصاص القضائي هو أمر معروف؛ عمل به الخلفاء رضي الله عنهم لكونه من أمور السياسة الشرعية التي هي من أهم واجبات ولي الأمر.

لعل بعد هذا البيان المختصر استقر في الأذهان، واستغنى عن إقامة البرهان ما للاختصاص من أهمية في الشريعة والقانون.


أبو أيوب
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع