القائمة الرئيسية

الصفحات

ذكرياتي مع أستاذي الدكتور عصام العطية - رحمه الله -

ذكرياتي مع أستاذي الدكتور عصام العطية - رحمه الله -

ذكرياتي مع أستاذي الدكتور عصام العطية - رحمه الله -
ذكرياتي مع أستاذي الدكتور عصام العطية - رحمه الله -

بقلم السيد الاستاذ محمدرضا الموسوي الغريفي



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين 

حيث يمكننا ربط الماضي بالحاضر واستعادة الاحداث في الحاضر المعاش لننطلق من موجباتها ونجاحاتها كي نستفيد أو لنأنس بوجودنا فيها حينما ينقص حاضرنا جمال ماضينا فنحاول أن نتجمل بذواتنا لنرتقي أو بأسلوب تصرفنا لنستفيد من خلال صناعة السحب من عمق تجربة مامضى. 

نحن نريد أن تطيب أنسام ما نحيى فندفعها إلى ما ستكون بما نستطيع وتجارب العمر بالنسبة لنا تتجذر في رمل هذه الارض ودرائبها والارواح تحلق هنا وهناك ما بين مثوى أمير المؤمنين ومسجد الهندي ومنتدى النشر. وفي زمان أن شببنا عن الطوق قليلا تلقفتنا الدراسة الحوزوية لنستمر في عمقها بالتزامن مع بدايات الانفتاح على الدراسة الاكاديمية مع النظر للاختلاف في الاسلوب والمنهج والهدف. نحن نستطيع أن نقول ما نشاء عن تأثيرات الجو العلمي الذي يحيطنا ببنائنا النفساني وكذلك انفعالنا في بيئة العمق الفكري حيث الحياة في الاسرة العلمية التي تتسم بالضبط في التفكير والتأني في الحديث والاختيار للكلمة وعدم ترك ممسك للآخر في الحوار والتحفز في كل نقاش علمي وذلك أسلوب حياة لا يكاد يفهمه جيدا الا من عاش النجف وواصل النهج الدراسي فيها وأورثته أسرته العلمية ما تريد. وبمنهج العقلية الحوزوية مارسنا الدراسة الاكاديمية, فكنا حوزويين في وسط أكاديمي, ولم نكد نتطبع لنكون أكاديميين في الوسط الحوزي.. بيد أن الصورتين مزجتا في نوع من أساليب التفكير حيث ارتسمت لوحة فهم زاهية ونحن نتنقل في المدرسة مرحلة مرحلة بإزاء تنقلنا في الحوزة من درس ومن أستاذ عالم عامل إلى آخر مثليه وفقا لتدرج المراحل في الاسلوب الحوزوي للدراسة وبالعمق الفكري لأولئك الاطايب من المدرسين. وكان عام 1970م, بداية الانتهاء من الدراسة الاكاديمية في النجف.. فحملنا شخصياتنا الحوزوية بثباتها وانفتاحها في الافق العام والخاص راحلين إلى الدراسة الجامعية في بغداد.. ولم يكن لنا خيار في تلك الاجواء المشحونة في الوطن.. وحينئذ كان اختيار لكلية القانون والسياسة من خلال ما استقر فينا من متابعات لمثيل ما ندرسه في الحوزة حيث لازمنا مكتبات النجف المشهورة اطلاعا عند تحضيرنا في الكتب المتوفرة في خزائنا حيث كنا نخصص الوقت إبان التعطيل وعدم الامتحانات لنطلع فكان أن رأينا الاقتراب الشديد ما بين منهجنا وأسلوبنا وطرائق تفكيرنا في الدراسة الحوزوية وبين ما يطرحه من يسمون بفقهاء القانون في الدراسة الاكاديمية.. واعترف بأن مصطلح فقهاء القانون كان مستنكراً لدي لأني كنت أظن اختصاصها بعمالقتها من رجال الحوزة. 

لقد انفتحنا في تلك الدراسة الجديدة على أساتذة صح عندي أن أطلق أحدهم بأن فقيه تخصصه, مجتهد في فنه إذ وجدت الكثير منهم راسخاً أصيلا مجداً في عطاء ما يعلم. يمتلك رونقا في التفهم والشرح. ووفق الصورة التي نشأنا عليها في حوزة النجف – التي بنيت على عدم قبول أي فكرة دون تمحيص لصحتها, وغربلة لشوائبها وفق أخلاقيات العلم – ميزنا ما يشاركنا من القواعد الفكرية وفق منهجنا العلمي, وعلى هذا اختلفنا مع درسنا في كثير مما يتعلق بالآراء التي يطرحها القانون مما لا نقره فيما يتصل بالاتجاه الفقهي أو المنحى الفلسفي, ومما دار بيننا تعلمنا أن اختلاف الرأي لا يفسد الود ولا يزيل الاحترام المتبادل, وأن لا تمييز في الوصول إلى الحقيقة بين ما يراه استاذ وما يسوقه تلميذ من أدلة تنقص ما يطرحه الاستاذ وبذلك أضيفت إلى تجربتنا تجربة من خلال مناقشة الطروحات التي تبنتها دروس من مثل الفلسفة القانون وفلسفة الشريعة ومداخلات الاحوال الشخصية والقانون الدستوري ومتبنيات المالية العامة والقانون التجاري وفلسفة العقوبة.. أنا اتحدث عن هذا للاطلاع على العلاقة التي تشكلت بيننا وبين أساتذتنا المجتهدين.. وأنا أعني بانهم مجتهدون من حيث الفكر وسعة النظرة وفق الاسس العلمية العميقة حيث ارتقوا.. لقد كان القانون الدولي العام الدرس المميز للانطلاق الفكري حيث وجدنا اعتماد تنفيذه على القوة ومع عدم وجود التكافؤ يكون الاقوى هو الصانع له وهو المستفيد من أحكامه. 

ووسط هذه الاجواء كان لقائنا بأستاذ, القانون الدولي, حيث دخل علينا بابتسامته الجميلة وسؤاله الانيق لكل طالب عن اسمه.. ثم بدأ يتحدث عن ماهية القانون الدولي وصحة تسميته ومصادره ثم تكررت محاضراته ثلاث مرات في الاسبوع وكنا آنذاك, في المرحلة الثالثة, وشدني ذلك الاستاذ إليه فاعترضته في أحد الممرات وهو يسير بخطواته السريعة مسلماً علي ومددت إليه يدي فصافحته وقلت له إنني أريد أن اعرف من انت يا دكتور فأجبني والابتسامة تشرق من وجهه أنا الدكتور عصام العطية قلت له أنا لا اسأل عن الاسم وانما أنا أعني من انت فقال والبشرة يعلوه : ولتعلمن نبأه بعد حين, ثم سلم وذهب. ومع هذا كثرت جلساتي معه متسائلاً في أدق مواضيع القانون الدولي حسب ما أعلم مستفسراً منه عن أمور كانت تشغلني آنذاك وكان يجيبني بكل صراحة وموضوعية عما أسأله عن الشأن الدولي وعن تأثيرات المادة القانونية الدولية في ترتيب الوضع العام بين الدول وعن الحكم الاخلاقي الذي يجب أن يكون وعن الدول الكبرى وشرعة الامم المتحدة وعن رأيه في الحكومة العالمية وعن الصراع القائم بين محاور الدول الكبرى وموقعنا نحن من هذا الصراع وعن تأثيرات الثروة النفطية على جهوزيتنا كي نتقدم ونصل إلى حد الاكتفاء لنعيش حاضراً زاهراً ونبني لأجيالنا مستقبلاً مستقيماً لقد كان يجيبني بكل صراحة وصدق ولكنه كان يختار الكلمات اختياراً في المواضيع الحساسة. 

أنا أقر الان بأن الاساسات التي ابتنت عليها رؤاي فيما أرى واسمع إنما كانت بتأثيرات أستاذي المجتهد الكريم الدكتور عصام العطية ورغم أني كنت أختار الكلمات في سؤالي خوفاً واستمع لشرحه دون تعليق وجلاً إذ كنا نعيش أواسط عصر الارهاب بالنسبة لي أنا شخصياً. لقد كنت أحتاط لنفسي بشدة واحرص على أن لا يعرفني أحد حتى هو. واستمرت جلساتي معه دائرة في فلك الاستفادة من عقليته الفذة واطلاعه الواسع. 

وفي أيام وفاة جدي الحجة السيد جواد الغريفي (قدس سره) جللني السواد لباساً فاستفسر مني فأخبرته بوفاة جدي فبادرني – ولا أعرف كيف علم – هل أن جدك هو الحجة السيد جواد قلت : نعم قال إن هؤلاء الرجال لا يعوضون من تلك ومن تلك الآونة انفتحت معه بكل ما أريد أن أسأل ولا أفصل الان في ذلك. 

وأتيحت لي فرصة كبيرة إذ قدر أن يكون أستاذي في الدرس التطبيقي للقانون الدولي لساعتين أو ثلاث بعد انتهاء الدوام.. لقد كان الدرس التطبيقي انفتاحاً رائعاً لإبراز كل ذي موهبة موهبته في مجموعة طلبة قوامهم العشرين حيث يحتدم النقاش في أحيان كثيرة حول تحليل المشاكل الدولية وقدرة القانون الدولي للوصول إلى ما يحلها وفق الاساليب السلمية.. وكان المنهج يقتضي أن يكتب كل واحد بحثاً عن مشكلة دولية ثم يناقشها مع الاستاذ بالاشتراك مع الطلبة وفي ذلك العام 1974م, كانت مشكلة الصحراء الغربية في أوجها حيث انسحبت إسبانيا منها لتسلمها إلى المغرب فتوجه إلي استاذنا العزيز قائلاً : أبحث انت يا محمد هذه المشكلة وحللها وارنا صناعتك فيها فانك أهل لكي تخوض هذا الغمار وعلى عادتنا نحن في النجف تعلو وجوهنا حمرة الخجل من المديح لنجيب بكل عفوية لقد أخجلتمونا بإطرائكم! وكتبت بحثنا حول هذه القضية وكان طويلاً وعندما حان دوري لمناقشته قال لي ضاحكاً لقد كتبت لنا رسالة ماجستير وكان مناقشة طويلة جميلة راقية وكانت انعطافه شديدة في علاقتي معه فالتقى بي بعدها بيومين وفاجأني بأسئلة عن حياتي في النجف فكشفت له بأني رجل حوزوي وأوضحت له بأني أتيت إلى الجامعة لأسباب موضوعية إذ كان لا بد أخرج آنذاك مما أنا فيه وأخبرته بدراستي ومديات تقدمي في الفقه والاصول والتفسير فتغيرت ملامحه إلى الوجود وقال لماذا لم تخبرني منذ البداية وما الضير أخبرتك الان فقال رحمه الله: إني يا محمد أحتاج إليك أكثر من كوني استاذاً لك في مادة أدرسها في كلية أتيت بشهادتها أهلتني لأن أكون أستاذك ثم أردف إنني بحاجة إلى أن امتلأ روحياً وشخصيتك هي حاجتي أكثر من شخصيتي لحاجتك إننا نشعر فيما يحيط بنا بفراغ شديد وأنكم في النجف الملجأ لان نطمئن! أطرقت حينها وقلت يا سيدي الاستاذ العزيز أنا لك في كل ما تطلب وفي كل ما تريد ودارنا في النجف مفتوحة لك وعلماؤنا يتلقونك برحابة صدر بمنطقهم وسيرتهم وكمالهم وتكاملهم. 

وأنهينا المرحلة الجامعية وولجنا في الحياة وأحاطت بنا مآزقها من كل جانب ومكان منذ أواخر السبعينات وطيلة فترة الثمانينات والتسعينات وفي كل تلك الفترة كنت أحن إلى أستاذي الدكتور عصام العطية وأشتاق إلى تحليله وكلامه وحركات يده ومنطقه, وكنت استعيد ذهني طرائق تدريسه وأقف طويلاً على انتقالاته من موضوع إلى موضوع, لقد قلت لكم أن الكثير ممن درسنا في حياة الجامعة في تلك الحقبة هم علماء في فهمهم مجتهدون في عملهم فنانون في طريقة عرضهم مميزون في تبسيط استنباطاتهم وكان الدكتور عصام العطية على رأس من عرفتهم لا يكاد يقول عن شيء بأني لا أعرف, وإذ تدربنا نحن في النجف أن نميز بين من يجيب وهو عالم وبين من يتحذلق في الاجابة وهو جاهل وكان المرحوم الفذ الدكتور عصام ينطق بإجابة العارف ويشرح لنا بدراية العارف. 

أيها الاخوة والاصحاب والاساتذة أنا لم أنس جل ما كان يحدثني كما لم أنس بالخصوص ما حدث في أحد الدروس التطبيقية حيث كنا نتحلق حوله في مائدة مستديرة كبيرة وهو يفصل لنا عن سعي الاتحاد السوفيتي آنذاك لاختراق إيران كي يصل إلى المياه الدافئة في الخليج وكان يلاحق منطقة فكره وكأنه نسي نفسه في عملية التحليل والاستنتاج حول عدم قدرة الاتحاد السوفيتي رغم قوته على اختراق السد الايراني للشاه وأنه من المستحيل أن يصل إلى المياه الدافئة للخليج واستند في كل ذلك إلى أسس فكرية منطقية ظاهرية بعضها معروف وبعضها مسه مساً وعارضه أحد الطلبة الذين يحملون الفكر اليساري بأن السوفيت قادرون على الوصول إلى المياه الدائفة وأن الغرب سوف يتراجع فسكت أستاذنا ثم جمع أوراقه وقد انتهى الدرس ووضعها في حقيبته ووضع يده على الحقيبة ووقف وقال يا فلان سوف ترى بأن شاه إيران متضعضع وانه لن يصمد أمام مد جماهيري, أما الاتحاد السوفيتي فنظامه يحمل موجبات تفتيتيه وسوف تنزل الولايات المتحدة في منابع البترول في الخليج.. ثم سكت وأردف أن هذا سوف يحدث شئت أن أبيت وشاء غيرك أم أبى.. ثم أخذ حقيبته السوداء وخرج فقمت من مكاني ولحقته وما أن وصل الى غرفة الاساتذة أحسبي فوقف مبتسماً فسألته عما قال وكان الشاه في أوج عظمته والاتحاد السوفيتي في منتهى قوته فوضع يده على كتفي وابتسم وقال لا تشغل فكرك يا بني بهذا فإنه سيحدث ولم أكن أعلم على ماذا كان يستند في حديثه ولكن الذي أعلمه بأن الدكتور عصام العطية رحمه الله كان صاحب فن خاص في النظرة إلى الاحداث واستلال تحليلها وإيجاد مناهجها وترتيبها. 

ولم يتح لي بعد ذلك أن التقي بأستاذي الفاضل بعد أن لفتنا الدنيا بعجلتها حتى سمعت أنه صار عميداً لمعهد العلمين وكان زميل دراستي وأخي السيد محسن العلوي هو الرابط فيما بيني وبينه فزارني إلى البيت ولولا معرفتي التفصيلية له لما عرفته بعد تلك السنين الاربعين وأظن أنه لم يشخصني ولكننا تطارحنا الذكريات وحكيت له نبوءته بتفتت الاتحاد السوفيتي وقوله عن احتلال أمريكا بشكل أو بآخر لمنابع البترول فكانت نفس الابتسامة على وجهه ولم يعلق. 

لقد تعلمت من الدكتور عصام العطية الكيفية الصحيحة للنظر إلى الحدث الجاري حولي ودربت نفسي على ما يراه في الاسلوب الحقيقي للتفكير وضرورة الفرز بين ما هو مهم وما هو غير مهم مع عدم صرف النظر عن غير المهم وذلك بإيجاد بعض المنافذ فيه للالتقاء بالمهم بحيث يمكن أن نستشف ونستنتج من كل الامور ما يعيننا في الاقتراب بمسافة أكبر من حقيقة الحدث.. لقد كان بيني وبين أستاذي في أحيان حكايا عما يعانيه وما أعانيه وبين الاخذ والرد فيما يفضي وما أفضي حسب ما يتعلق هو كأستاذ وما أتعقل أنا كتلميذ وصلت إلى تشابه في النظر إلى المشكل الذي يحيط بالشخصية المفكرة المتقدمة على غيرها في الاستيعاب والطرح حيث تقارن من خارج إرادتها وفق السنن والتقديرات التي يضعها الما فوق المتحكم لتتساوى مع الشخصية الادنى والاقل فكراً.. 

إن ما نعانيه هو تحول هذا المشكل إلى أزمة حين يتسلم مقدم الركب الادنى منزلة والاقل علماً لتؤول النتيجة إلى انزواء الموهوبين المفكرين في مطاوي النسيان مما يؤثر على الحركة العقلية الدائرة في المجتمعات, لقد وجدت من خلال ما تحدثت مع أستاذي المرحوم الدكتور عصام العطية أن وباء صعودالمغمورين الى الواجهة لا تمت على الاغلب الى الخلاف السياسي او الاجتماعي بل الى تدني المستوى العقلي للممسك بالإدارة التي تقدم هذا وتؤخر هذا فقاً لمعايير العلاقات الشخصية, إن الذي يرتقي للامساك بالزمام مع عدم تأهله يحس بخطورة من هو أذكى منه وأوسع معرفة اذ لابد من انكشاف حقيقة ما يحمل عند المقارنة فيظهر عدم استحقاقه للمكان الذي يتبوؤه مع وجود من يبزه. 

ومن خلال ما تذاكرناه وجدنا الكثير ممن ظلم مقابل من أعطي الانفتاح المتكامل ليكون في دست القيادة, إن الموهوب العالم ذو الشخصية القيادية والادارية محسود والنصوص الدالة على ذلك أمامنا كثير أستل منها سؤال أبو زيد النحوي للخليل بن أحمد الفراهيدي إذ سئل: ((ما بال أصحاب محمد رسول الله كأنهم بنو أم واحدة وعلي معهم كأنه ابن علة (يعني ابن ضرة) فأجاب الخليل الفراهيدي قائلاً: إن عليا تقدم الصحابة إسلاماً وبزهم شرفاً وفاقهم علما ورجحهم حلماً وأثبتهم هدى فحسدوه والناس إلى أمثالهم وأشكالهم أميل)). 

لقد مررنا بقسوة تجربة في سبعينات القرن الماضي وارتقى من ارتقى في معاهدنا الاكاديمية إلى موضوع التحكم في الادارة مع عدم أهليته لان يكون ودخل إلى التدريس الكثير ممن لا يستحق أن يمنح علماً لطلبته وبذلك عزل العلماء بتجاهلهم في المرحلة الاولى ثم تدريساً في المرحلة الثانية. وما فيه نحن اليوم من هبوط في المستوى العلمي والفكري هو النتيجة الطبيعية لبعثرة العلماء الحقيقيين في الدراسة الاكاديمية. 

إن المرحوم الدكتور عصام العطية ما انزلق حسب علمي إلى هوى نفس في علمه ليقول: (أنا ابن جلا), لأن الانا الذي يملكها موزعة في كل من حوله متعددة يغذيها بأناه المقسمة ليعتدل مسلك المقابل ويتضح أن الانا عنده ليست مغلقة عليه مجردة لسواه عما يمتلك, فوجوده في أي مكان هو صعود لمن حوله بترتيب منه وتدريب يصاحبه هضم للمفاهيم وتمثيل للهضم بسلوك وتدبير ليكون من حوله مرتقياً إلى ما يحمل من علم بنكران ذات. 

لقد فجعني أن سمعت أنه انتقل إلى جوار ربه وانقطع عطاءه من دنياه وكنت أأمل بأن لا يصيبه بأس وعزائي أنه امتلك ذاتاً ترفرف في كل مكان وتحط في طلبته إيماناً وبكتبه علماً وببصمة إبهامه سلاماً, فتحية لك أستاذي الفاضل في ذكراك إذ تعلمت منك في نواحي هامة كيف أفكر فيمن حولي وكيف أنظر إلى كل مشكلة بعين البصيرة للتلملم عندي جرأة المواجهة في الحق وعدم المهادنة. 

أنا رجل حوزوي أنتمي لحوزة النجف ولا زلت أتعلم في هذه المدرسة العظمى المباركة منذ عمري الاثني عشر عاماً وأمامي أمل أريده وقد رونق هذا الامر منذ أن انفتحت على الدكتور عصام العطية بكل ما يحمل وما يفكر فسلام عليه وأقل ما نستطيع أ ننفعه وهو في ملحودة قبره جوار ربه وفي كنف أمير المؤمنين علي عليه السلام أن نقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع