القائمة الرئيسية

الصفحات

مقالات في القانون الدولي الإنساني والإسلام عرض د خليل الاعسم






مقالات في القانون الدولي الإنساني والإسلام

عرض الدكتور خليل الاعسم : معهد العلمين للدراسات العليا

مقالات في القانون الدولي الإنساني والإسلام: تأليف د. عامر الزمالي. عرض الدكتور خليل الاعسم معهد العلمين للدراسات العليا.

 (برنت رايت) كان بالإمكان اختيار عنوان آخر لمجموعة المقالات التي يحتوي عليها هذا الكتاب, ومدارها حماية ضحايا الحروب, إلا إننا فضلنا عنوان (مقالات في القانون الدولي الإنساني و الإسلام), اختصاراً. واعتمادنا في ذلك على إدراك القارئ الفطن حصر المقارنة في أهم جوانب أحكام معاملة المتضررين من آثار النزاعات المسلحة في أشخاصهم وممتلكاتهم, إذ لا يعقل مقارنة الإسلام في فقهه, ونظمه المتصلة بشؤون الحياة كافة, بفرع من فروع القانون الدولي الحديث, يتناول مجالاً محدوداً, ومن باب التركيز, نشير الى أن مصطلح القانون الدولي الإنساني, مصطلح حديث مرادف لما كان يسمى في القانون الدولي التقليدي بـ (قانون الحرب, أو لاحقاً ب, قانون النزاعات المسلحة, وإن بقيت هاتان التسميتان مستعملتين حتى اليوم, وأيا كانت الاصطلاحات المعتمدة في المؤلفات المتخصصة والوثائق القانونية ووسائل الإعلام, فإن المقصود بعبارة القانون الدولي الإنساني), هو ذلك الفرع من فروع القانون الدولي العام الذي يتكون من أحكام عرفية واتفاقية تستهدف في حالة نزاع مسلح, حماية فئات محددة من الأشخاص والممتلكات وتحدد سلوك أطراف النزاع في استعمال وسائل القتال وأساليبه.
ويعلم الباحث أن فقهاء الاسلام تناولوا أحكام الحرب والقتال في أبواب السير والجهاد, انطلاقا من الكتاب العزيز والسنة المشرفة, أي منذ عهود الاسلام الاولى ولا يغيب عن بال الباحث كثرة المؤلفين في موضوع هذه المقالات بمختلف اللغات, ووفق منهج المقارنة, الا انه اقتصر على مقالات نشرتها اللجنة الدولية للصليب الاحمر (وما اختير مما نشرته بالاشتراك مع مؤسسات أخرى مشار إليه في موضوعة) ومرد ذلك إلى دواع نوجزها في الملاحات التالية.
يبدو من حرص اللجنة الدولية للصليب الاحمر على إفساح المجال للرؤية الاسلامية المتصلة بمعاملة الانسان اثناء الحروب أن هذه المنطقة التي أنشئت في سويسرا عام 1863م, للحد من معاناة ضحايا الحرب, تدرك قيمة المبادئ الاسلامية في دعم حماية الانسان والحفاظ على كرامته في حالات ما أحوج الانسان فيها إلى تجنب شطط ويلات الحروب وغلوائها.
 ومنذ أبرام اتفاقيات جنيف الاربعة عام 1949م, بشأن حماية ضحايا الحروب بادرت اللجنة الدولية عبر (المجلة الدولية للصليب الاحمر خاصة تشجيع أهل الرأي والخبرة على كتابة في مجال اهتمامها الاول, فأثمر ذلك مقالين نشرتها تلك المجلة في عددي مارس/ اذار حزيران/ من سنة 1952م, بالفرنسية للعالم المصري محمد عبد الله دراز تحت عنوان (احترام الشخص الانساني في الاسلام وأولوية حق الاجارة مقدم على واجب الحرب العادلة), وقبل اصدار (المجلة الدولية للصليب الاحمر (بالعربية فصلية من 1988م, إلى 1998م, وسنويا منذ 1999م), أصدرت اللجنة الدولية عددا من منشورات مترجمة إلى العربية منها النص الذي حرره المرحوم عرقسوسي, وهو أول نصوص هذه المجموعة التي نقدمها للقارئ, ومقال استاذ القانون التونسي عياض بن عاشور, الثاني في المجموعة نفسها.
وجاء اصدار المجلة بالعربية في أواخر ثمانينيات القرن المنصرم ترسيخا لتوجه اللجنة الدولية نحو مزيد من الاهتمام بقراء العربية لاسيما بعد اقرار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية في عدة منظمات دولية واعتمادها لغة متساوية الحجية مع خمس لغات أخرى صدر بها عام 1977م, البروتوكولان الاضافيان إلى اتفاقيات جنيف المذكورة آنفا.
ومقالات هذه المجموعة من التأليف متخصصين مسلمين, منهم من قضى نحبه, بالإضافة إلى اثنين من الحقوقيين الغربيين, كما هو مبين في موضعه, وتتجلى في موضوع المقالات وجهات نظر عالم الشريعة الاسلامية وعالم القانون الدولي والحديث والخبير العسكري الحقوقي واتبعنا في ترتيب النصوص التسلسل التاريخي لصدورها, واسعدنا أن نقرأها أكثر من مرة لأن تهيئة الكتاب للطباعة اقتضت اعادة كتابتها على الحاسوب وقد اصبحت الآلة الراقنة من تراث الماضي! واحتراما لجهد المؤلفين ومراعاة لأمانة النقل عنهم اثبتنا نصوصهم كما هي, الإما اقتضته شروط تخريج آيات قرآنية أو تصويب أخطاء مطبعية قل أن ينجو منها نص.
وقد يسأل البعض عن جدوى جمع شتات نصوص نشرت في مراجع أخرى, ومنها ما يحتاج إلى مراجعة وتحديث حسب التطور التدويني في مجال القانون الدولي الانساني, ونرد على ذلك بان قيمة هذه المقالات تكمن في محتواها لا في شكلها, وفي جوهرها لا في عرضها, والحال أن مسيرة الشريعة الاسلامية بدأت منذ أربعة عشر قرنا وترجع أصول القانون الدولي الانساني المتفرعة عنها مهمة من الناحيتين النظرية والعملية وأردنا أن نقدم لقارئ العربية المهتم بموضوع حماية ضحايا الحروب نتاج مجهود علمي يتميز بالسهولة والوضوح في كتاب واحد يكون في متناول الباحث وغيره ممن يدعوه التخصص العلمي أو الوظيفي إلى المزيد من الاطلاع والتدقيق, ولعل في المراجع التي ذكرها المؤلفون في المتن أو في الحواشي ما يغري القارئ بالبحث والدراسة في موضوع سيظل قائما ما دامت الصراعات بين الامم أو داخلها واقعة.
ويأتي جمع هذه المقالات في وقت تطغي فيه ظاهرتان:
الظاهرة الاستهلاكية في عصر (شبكة المعلومات الدولية) - الانترنت - والتنافس الحاد بين الكتاب وشاشة الحاسوب واغراق الباحث والقارئ في أمواج من معلومات اختلط صحيحها وسقيمها. ويصعب على غير المتخصص الخروج منها سالما تماما, ولا تتوفر أغلب نصوص هذه المجموعة من المقالات على (الانترنت), وأملنا أن تستجيب إعادة نشرها في كتاب خاص بها لرغبة القارئ في الاستفادة من مادة علمية مقارنة.
الخطاب السائد حول (صدام الحضارات) وما يواكب من تعميق الفجوة وتوسيعها بين الاسلام والغرب, ورفع لواء (الحرب على الارهاب), وما يتخللها من وسائل وأساليب قد تتعارض وأهم أسس المعاملة الانسانية التي تلتقي عندها جميع الحضارات وتعد مرجعا مشتركا للبشرية جمعاء.
وفي مضمون مقالات هذا الكتاب تأكيد لا لبس فيه على تمسك المسلمين بالقيم الانسانية العالمية عقيدة وفقها وسلوكا.
بالإضافة إلى ما تقدم, لا بد من الاشارة إلى مجهودات اللجنة الدولية للصليب الاحمر استنادا إلى عملها الميداني في العالم الاسلامي وخارجه, الرامية إلى توسيع الحوار وتعميقه مع جميع الاطراف التي لها صلة أو اهتمام بالنشاط الانساني وأصوله الفقهية ومطلقاته الفكرية والثقافية, وهذا توجه سلكت المنظمة المذكورة طريقه منذ أكثر من نصف قرن, لكنه يبدو اليوم أكثر إلحاحا وقد ساهم علماء مسلمون آخرون بكتب ومقالات قيمة في دعم تلك المجهودات وتهذيب مسارها عند الاقتضاء.
وكثيرا ما يطالب مندوبو اللجنة العاملون في الميدان خاصة, بتزويد المهتمين بالعمل الانساني والقانون الانساني بمؤلفات متخصصة بمختلف اللغات ومن بينها العربية, ونعتقد أن هذا الكتاب سيلبي رغبة أفراد ومؤسسات في الكثير من البلدان الاسلامية في الحصول على مادة علمية مسيرة تجمع بين أحكام الشريعة الاسلامية ذات الصلة وأحكام القانون الدولي الانساني الحديث.         
وليسمح لنا القارئ بتوجيه خالص شكرنا إلى زملائنا في مقر اللجنة الدولية في جنيف وبعثاتها في العالم العربي ومكتبها الاعلامي في القاهرة على وجه الخصوص, وما كان لهذا الكتاب أن يصل إلى القارئ لو لم تبذل زميلاتي الفاضلات في المكتب الاعلامي في القاهرة من الوقت والجهد والتدقيق ما لا يوافيه اللسان حقه فجزاهن عنا وعن القارئ خيرا.
والشكر لأصحاب المقالات جميعا والترحم على من رحل منهم عن هذه الفانية وأملنا أن تكون عين القارئ عين رضى (وعين الرضى عن كل عيب كليلة), وما أحسن ما نختم به {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض} (الرعد: 17).    


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع