القائمة الرئيسية

الصفحات

"تسوية الوضع" والحاجة لعقد اجتماعي جديد

تسوية الوضع" والحاجة لعقد اجتماعي جديد
تسوية الوضع" والحاجة لعقد اجتماعي جديد

المحامي عارف الشعَّال

بات خبراً مألوفاً تورده "سانا" يفيد بدخول الحافلات لإحدى المدن بقصد نقل "الإرهابيين" الرافضين للمصالحة و"تسوية أوضاعهم" مع عائلاتهم إلى إدلب أو الشمال السوري، خارج سيطرة الحكومة، حتى أضحت هذه الشريحة الرافضة لـ "تسوية وضعها" تناهز عشرات الآلاف من السوريين من مختلف المناطق والمدن بطول البلاد وعرضها!


لا شك أن حمل السلاح بوجه الحكومة، سلوك مناهض للقانون يستوجب التصدي له بالأطر القانونية وليس منها ما يسمى "تسوية الوضع" الذي لجأت له الحكومة كخيار تمنحه للمسلحين للخروج من حالة الاستعصاء التي سببها تفشي السلاح على مجمل الأراضي السورية تقريباً،


وبمعزل الآن عن جدلية "إرهابي أم ثائر"، وبغض النظر أيضاً عن الفوضى القانونية التي يثيرها مصطلح "تسوية الوضع" الذي لا يخلو من شذوذ قانوني غريب عن مفاهيمنا الحقوقية، ولكن نقل المسلحين من منطقة لأخرى بأسلحتهم وعتادهم، يعتبر ترحيلاً للمشكلة وليس حلاً لها.

وحتى لو كانت هذه المعضلة جريمة عادية فإننا نعلم من أدبياتنا القانونية أن الوقاية منها خير للمجتمع من علاجها، حيث يقول الفقيه الكبير الدكتور "محمد الفاضل": 


((أدرك المتضلعون في علم الجزاء أن من الخير كل الخير أن يتخذ المجتمع تدابير حيطة تدرأ عنه أذى الجريمة، قبل وقوعها عوضاً أن يبقى مكتوف اليدين حتى يقترف المجرم جريمته، وعندها يلجأ إلى قمعها بالعقاب، والواقع أن الحال في عالم الإجرام لا يختلف في هذا الصدد عن الحال في عالم الطب، فالوقاية خير من العلاج وأبقى ...))
{المبادئ العامة في قانون العقوبات – طبعة2 – ص20}

ومن هذا المنطلق، إن المنطق الذي فرض تدبير مرحلي يسمى "تسوية الوضع" يفرض أيضاً اتخاذ تدابير تقي من عودة الوضع السابق الكارثي مرة ثانية، 


هذه التدابير أبعد من حل سياسي يفضي لتعديل الدستور الحالي، أو وضع دستور جديد.

التدبير المطلوب هو التأسيس لعقد اجتماعي جديد، لأن اللجوء لبدعة "تسوية الوضع" تعني في جوهرها انهيار العقد الاجتماعي السابق.

إن بداية التأسيس لعقد اجتماعي جديد في وطن يجمع كافة السوريين تحت مظلة هوية سورية واحدة، هو معرفة ومعالجة الأسباب التي دفعت هذه الشريحة من السوريين أن ترفض تسوية وضعها وبقائها في وطنها، وتفضل عليه آلام المنفى الداخلي القسري خارج سلطة الحكومة!
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع