القائمة الرئيسية

الصفحات

الوصفة الطبية المشفرة في ميزان القانون الباحث محمد سلطان الموسوي


الوصفة الطبية المشفرة في ميزان القانون
الباحث محمد سلطان الموسوي
 


الوصفة الطبية المشفرة في ميزان القانون
الباحث محمد سلطان الموسوي 

    تُعدّ مهنة الطب ، والصيدلة من أنبل وأرفع وأسمى المهن في العالم ، فمنذُ إن دبت الحياة في الأرض واستفاقت الأزمنة وَجدت هذه المهن ووجدت الحاجة إليها ، وبمرور الزمن ونتيجةً لكثرة الأمراض والأوبئة وتقدم الحضارة اشتد الأحتياج مبلغهُ بالنسبة للإنسان ، ولا يخرج عن هذا الأحتياج المواطن العراقي فقد احتاج للعلاج وللدواء ومع هذا الاحتياج الشديد للعلاج والدواء للأسف جاءنا بعض الأطباء - الذين احتدم الصراع بين ضمائرهم وشهواتهم المادية فأنتصرت شهواتهم - بالإتفاق مع بعض الصيادلة ببدع ما انزل اللهُ بها من سلطان ، فابتدعوا ما يسمى بالوصفة الطبية المشفرة والتي على ما يبدو أنها في طريقها إلى الأنتشار مستغلين احتياج المواطن وقلت حيلته وضعف الجهات الرقابية فمَا هي الوصفة الطبية المشفرة ؟ وكيف عالجت القوانين هذا الأمر؟. الوصفة الطبية المشفرة: هي إن يُكتب الطبيب للمريض الدواء عن طريق إستخدام إشارات ورموز لا يستطيع فك شفرتها إلاَّ صيدلية واحدة تمَّ الإتفاق معها ، حيث تبيع الدواء بأسعار باهضة جدًا ، ولا شك إن هذا الأمر يتعارض مع القواعد الدستوريّة ، والقانونيّة ، والمهنيّة التي تُنظم هذه المهنة ، فقد نصّ الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (31) منهُ على إنه"
أولًا- :
   لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية ، وتُعنى الدولة بالصحة العامة ، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية. ثانيًا- للأفراد والهيئات إنشاء مستشفيات أو مستوصفات أو دور علاج خاصة ، وبأشراف من الدولة ، ويُنظم ذلك بقانون" ، إن هذا النصّ واضحًا في دلالته قويًا في إشارته على إن الدولة هي المسؤول الأول عن صحة أفرادها ضدّ هذه الممارسات التي تثقل كاهل المواطن ، فلو إن وزارة الصحة قامت بأداء وظائفها الدستوريّة والقانونيّة المتمثلة بتوفير وسائل العلاج في المؤسسات الحكومية والرقابة على العيادات الخاصة ما أضطر المواطن إن يسلك سبيل هذه الوصفات فهو في نهاية المطاف مسير وليس مخير. في الوقت الذي يمنع الدستور هكذا سلوك نجد ، إيضًا ، القوانين والتعليمات التي تنظم مهنة الطب والصيدلة قد منعت تشفير الوصفة الطبية بشكل واضح وصريح ، فقد نصّت المادة (22) من قانون نقابة الأطباء رقم 81 لسنة 1984 على إنهُ " تعتبر الأعمال التالية ممنوعة لأغراض هذا القانون .
   ثانيًا – :
  الإساءة إلى سمعت المهنة وممتهنيها والحط من منزلتهم العلمية والأدبية..." ، وكذلك نصّت المادة (19) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 40 لسنة 1970 على إنهُ " تكتب الوصفة بطريقة مقروءة تستطيع معها كل صيدلية أن تهيئ الدواء الموصوف فيها ، وكل وصفة لا تحمل اسم وعنوان موقعها بطريقة مقروءة يجب رفضها". والآن نتساءل ألا يتعارض هذا العمل مع مهنة الطب ويحط من قدرها ؟ الجواب نعم يحط من قدرها والسبب إن مهنة الطب بالدرجة الأساس هي مهنة إنسانية وليس ربحية ، وهكذا أعمال تتعارض مع الإنسانية ، ثم إن نصّ المادة (19) جاءت بواجبين احدهما يقع على عاتق الطبيب والآخر على الصيدلي ، أما واجب الطبيب فقد اشترطت المادة إن يكتب الوصفة بطريقة مقروءة تستطيع كل صيدلية فهمها ، وليس صيدلية واحدة فقط ، أما واجب الصيدلي يتمثل في رفض الوصفات المشفرة ، ولمَّ يقف قانون مزاولة مهنة الصيدلة عند هذا الحدّ فقد نصّ في المادة (14) على إنهُ " لا يجوز للصيدلي .. 5- إن يصرف وصفة مكتوبة بعبارات أو علامات غير مصطلح عليها في فن الصيدلة " ، وكذلك نصّت المادة (16) من نفس القانون على إنهُ "إذا وجد الصيدلي أن في الوصفة المراد صرفها مخالفة فنية أو إنها تحتوي من الدواء أكثر مما هو معين في دستور الأدوية أو كانت لدواء غير مستورد إلى العراق وجب عليه تنبيه محررها ويطلب إليه تصحيحها أو تأييدها مع التوقيع إذا أصر على صحتها " ، بالتالي إن القانون لم يكتفِ برفض و منع الصيدلي من صرف الوصفة التي تكتب بعبارات غامضة وإنما اشترط على الصيدلي تنبيه الطبيب إلى هذا الخطأ وتصحيحه وهو الحق المبين. بعد استعراض أهم النصّوص التي تناولت الوصفة المشفرة ، الأن نقترح عدة ملاحظات والتي قد تكون السبيل لوقف هكذا مخالفات سلوكية للمهنة .
 أولًا- :
   على السلطة الصحية الممثلة بوزير الصحة القيام بدوره الرقابي على العيادات والصيدليات الخاصة وغلق المخالفة منها للقوانين والأنظمة مدة لا تزيد عن 30 يومًا ، استنادًا إلى قرار تخويل وزير الصحة غلق محلات ممارسة المهن الصحية رقم 5 لسنة 1995 والذي نصّ على " يخول وزير الصحة صلاحية غلق محلات ممارسة المهن الصحية وعيادات الأطباء وأطباء الأسنان والصيدليات الأهلية مدة لا تزيد عن (30) يومًا في حالة مخالفة أي من العاملين فيها للضوابط والتعليمات المنظمة لصرف الأدوية في القطاع الخاص"
ثانيًا- :
   تفعيل المادة (15) من قانون نقابة الأطباء رقم 81 لسنة 1984 ، والمادة (18) من قانون نقابة الصيادلة رقم 122 لسنة 1966 والتي نصّت على تشكيل لجان انضباط بحق الطبيب والصيدلي وفرض العقوبات المناسبة (تنبيه ، أو الإنذار ، أو الغرامة ، أو المنع من ممارسة المهنة ...إلخ).
   ثالثًا- :
    يجب على المفتش العام في وزارة الصحة القيام بواجبه في الرقابة والتفتيش وذلك لضمان تطبيق القوانين والأنظمة المرعية .
رابعًا- :
   يجب على منظمات المجتمع المدني بصورة عامة والمتخصصة بصورة خاصة مثل أطباء بلا حدود تفعيل دورها في تثقيف المجتمع تجاه هذه السلوكيات المهنية الخاصة وحث الأفراد على رفضها عن طريق تقديم شكاوى لمجالس النقابات .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. مقال رائع يدل على صاحبه حيث اثار اشكالًا اضر الناس كثيرًا ، وحدد الحلول.

    ردحذف

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع