القائمة الرئيسية

الصفحات

التنظيم القانوني لقوى الأمن الداخلي في العراق دراسة مقارنة الدكتور عمار ماهر عبد الحسن الخفاجي معهد العلمين للدراسات العليا



التنظيم القانوني لقوى الأمن الداخلي في العراق دراسة مقارنة
الدكتور عمار ماهر عبد الحسن الخفاجي



التنظيم القانوني لقوى الأمن الداخلي في العراق دراسة مقارنة
الدكتور عمار ماهر عبد الحسن الخفاجي معهد العلمين للدراسات العليا

      يمثل الأمن الشغل الشاغل للدولة, ويكاد ينصرف الجهد الحكومي الأكبر من اجل حماية الأمن, بل كان النشاط الفريد للدولة هو النشاط الأمني, ويترادف هذا المعنى مع مصطلح الضبط الإداري, الشق الأول من نشاط الدولة والأقدم حينما كانت تسمى الدولة الحارسة, إلى أن ظهر الشق الآخر للدولة هو نشاط المرفق العام نتيجة لتطور وتوسع تدخل الدولة.
     وللأمن تعريفات عدة من الجانب الفقهي, واغلبها تربط تعريفه بوصفه عنصر من عناصر النظام العام, المتمثلة في الجانب المادي بالصحة العامة والسكينة العامة والأمن, ثم ظهر متأخراً الجانب المعنوي في النظام العام وهو الآداب العامة, وفي الحقيقة أن كل عنصر له معنى واسع يتعلق بنشاط الإدارة, ونجد أن الأمن هو أحد عناصر النظام العام, لكن في الحقيقة أن الأمن يشمل ويغطي مصطلح النظام العام, لأن باقي عناصر النظام العام هي أيضا تقع ضمن مدلول الأمن, فنستطيع القول الأمن الصحي أو البيئي, أو أمن الهدوء والسكينة, أي أن الأمن مصطلح الأمن ذو مدلول واسع ليشمل جميع عناصر النظام العام, والحقيقة هي أن على الرغم من أن الأمن حاجة مصيرية للدولة والمجتمع, إلا أنه ليس هو الموضوع الأساس بل هو مرتبط بهاجس الخوف ارتباط لا يقبل التجزئة, أي حين وجود الخوف تتولد الحاجة إلى الأمن, فالخوف من مخاطر الطبيعة دفع الأنسان للبحث عن حماية أمنه من هذه المخاطر, والخوف من الجريمة دفعه أيضاً للبحث عن الأمن الجنائي, وهكذا, فالأمن شعور وأجراء, فالشعور يتمثل بالتخلص من هاجس الخوف, والأجراء هو التصرفات القانونية والمادية التي تقوم بها الدولة من أجل حماية الأمن.
     وينقسم الأمن إلى أقسام عدة لم يستقر الفقه على نمط معين منها, لكنها بشكل عام تتمثل بالتقسم الجغرافي للأمن وهب الأمن الدولي و الأمن الإقليمي والأمن القومي, وهناك التقسيم الموضوعي للأمن مثل الأمن الجنائي, والأمن السياسي, والأمن الاقتصادي, والأمن الأمن البيئي, وغيرها من تقسيمات كثيرة, وكذلك للأمن عناصر تمثل أساس وجوده لا غنى عن أي عنصر منها, وهي العنصر البشري, والعنصر المادي والعنصر القانوني, والتنظيم, والتخطيط, وأول هذه العناصر هو العنصر البشري الذي يرعى ويوفر باقي العناصر.
     لذلك فأن هذا البحث يدور حول قوى الأمن الداخلي, وهذا المصطلح المقصود به الشرطة بصنوفها وتشكيلاتها كافة, ومصطلح الشرطة هو المصطلح الأصلي, ويطلق مصطلح الشرطة على القوة المكلفة بحماية الأمن الداخلي الذي هو الجزء المهم من الأمن القومي, لذلك فان المصطلح الشائع عالمياً الذي يطلق على هذه القوى هو مصطلح الشرطة, وهذا الأمر هو ما كان موجوداً في العراق إلى سنة 1978 حين صدرت لأول مرة تسمية قوى الأمن الداخلي بدل المصطلح السابق منذ تأسيس الدولة العراقية وهو مصطلح الشرطة, وجاءت هذه التسمية بعد تبدل النظام السياسي الذي حاول فرض آيدلوجيته الخاصة على جميع مرافق الدولة.
     ومصطلح قوى الأمن الداخلي له معنيين, الأول المعنى المرفقي ويتمثل بوزارة الداخلية وتشكيلات الشرطة التي ترتبط بها, مثل الشرطة المحلية وشرطة المرور, وشرطة الدفاع المدني, وشرطة الجنسية, وشرطة الحدود, والشرطة الاتحادية, وجميع هذه التشكيلات هي تشكيلات شرطة, لكنها بصنوف ومهام مختلفة, إضافة إلى التشكيلات الإدارية متمثلة بالدوائر التابعة إلى مركز الوزارة, والمعنى الآخر لهذه القوى هو المعنى المتعلق بالأفراد وهم موظفي هذه القوى, كذلك هو مصطلح الشرطة يمثل الجانب المرفقي والأفراد في الوقت ذاته.
       وعلى هذا الأساس فأن البحث يكون حول التعريف بهذه القوى من الناحيتين المرفقية والعضوية, بالإضافة إلى طبيعة هذه القوى, وطبيعة نشاطها ونشأتها, وكذلك عن تشكيلات هذه القوى, ومهامها ضمن هيكلها التنظيمي, وهناك ترابط وثيق بين توزيع التشكيلات وأنواع الأمن لأنه يتم وفق ذلك, كذلك الترابط الوثيق بين توزيع التشكيلات ضمن الهيكل التنظيمي لها وبين مهامها, مما يقتضي وجود تنسيق وأبعاد لهذا الهيكل موضحاً فيه خط السلطة وتوزيعها, والمهام أيضاً تنقسم إلى قسمين هما مهمة الضبط الإداري التي تعد المهمة الأساسية لقوى الأمن الداخلي كونها تمثل الجانب الوقائي في حماية الأمن, ومن ثم المهمة الأخرى وهي مهمة الضبط القضائي التي لا تقل أهمية عن الضبط الإداري وتتمثل بضبط الجرائم وملاحقة مرتكبيها عن طريق تنفيذ الإجراءات والقرارات القضائية.
     بعد ذلك ينتقل البحث إلى الخدمة أفراد قوى الأمن الداخلي متمثلة بالتعيين والحقوق المترتبة عليه من حقوق مالية ومعنوية, بعد ذلك نأتي على نهاية هذه الخدمة بطرقها الاعتيادية وغير الاعتيادية, وما كان منها مثل الاستقالة و التقاعد والطرد, بعد ذلك يتجه البحث إلى النظام الانضباطي لقوى الأمن الداخلي متمثلاً بالمخالفات والعقوبات الانضباطية, وسلطة النظام الانضباطي, وكذلك إجراءات النظام الانضباطي.
      وبذلك يكتمل التنظيم القانوني مشتملاً على الجانب المرفقي في قوى الأمن الداخلي من حيث الهيكلية والمهام العامة منها والتفصيلية, وكذلك أحكام الخدمة والانضباط في هذه القوى.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع