القائمة الرئيسية

الصفحات

القوانين الاساس وفكرة الدستور بقلم الباحثة ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


القوانين الاساس وفكرة الدستور
 بقلم الباحثة ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



القوانين الاساس وفكرة الدستور
بقلم : ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي

    من المعلوم ان القواعد الدستورية تنظم طريقة ممارسة السلطة في الدولة والدستور هو الوثيقة التي تجمع هذه القواعد ، فيتضمن الدستور في باب من ابوابه نصوصا هي في الاغلب مبادئ تبين اسس النظام السياسي والاسس التي يقوم عليها المجتمع الذي تمارس فيه السلطة من خلال تحديد الاتجاه العام الذي ستمارس السلطة وفقا له وبيان اساس العلاقة بين الدولة والافراد والتي تتعلق بمضمون ممارسة السلطة سواء الحالية او المستقبلية وحين ينظم الدستور طريقة ممارسة السلطة قد يكون تنظيمه لتلك الممارسة غير مكتمل في بعض الجوانب فيحيل تنظيم ذلك الى قوانين يضعها المشرع العادي بشكل او باخر لتكمل تلك القوانين ما جاء بالدستور من قواعد حول مسالة معينة من تلك المسائل وهو ما يطلق عليه بالقوانين الاساس او القوانين التنظيمية ، لتربط بين فكرة الدستور وتلك القوانين لنجد لها العديد من التطبيقات منذ قرون مضت لتحدد الاتجاه العام الذي ستمارس فيه السلطة ، أي ان السلطة تستوحى في ممارستها من المعتقدات الشائعة في المجتمع لتحدد وفق الافكار السائدة في المجتمع مثال ذلك اعلان الحقوق الفرنسي لعام 1789 في المادة الاولى منه اذ نصت على : ( يولد الافراد ويبقون احرار ومتساوون في الحقوق ، ان التمييزات لا يمكن ان تقام الا على المصلحة العامة ) فبين ان الفكرة السائدة في النظام الجديد الذي جاء بعد ثورة 1789 الفرنسية هو ادانة عدم المساواة والتمايز الطبقي بين الافراد في المجتمع لذى فان أي نص تشريعي يتعارض مع ذلك يعد غير شرعي وفاقد للشرعية ، لذى يثار تساؤل حول امكانية مخالفة المشرع للفكرة القانونية السائدة في متن الدستور ، وهل تمثل تلك الفكرة قيدا على المشرع ، وهل ان مخالفتها تثير الدفع بعدم الدستورية ؟ تنظم الدساتير طريقة ممارسة السلطة الا ان تنظيمها لذلك قد لا يكون متكاملا فتحيل تلك التفاصيل الى قوانين يضعها المشرع العادي ليكمل ما جاء به الدستور من قواعد وافكار قانونية حول مسالة معينة من مسائل ممارسة السلطة ونظرا لاهميتها فقد تناولتها العديد من الدساتير لتترك لها تنظيم امور تركها الدستور لتنظم بقوانين عادية تتفق مع افكار قانونية تعكس توجهات المجتمع والاوضاع السائدة فيه على المستوى الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي لذى كان الاخذ بافكار قانونية ملائمة لاحوال المجتمع واجب لايمكن الحياد عنه والا كان تطبيقها محكوما بالفشل .
       ولبيان ذلك يتطلب الامر تعريف الافكار السائدة وبيان ما تعنينه فهي : ( رؤى واتجاهات مهيمنة على مجتمع معين في مرحلة معينة ) فهي انعكاس لواقع يمثل مرحلة معينة بمختلف الافكار المنظمة لواقع يمثل مرحلة معينة بمختلف الافكار المنظمة لشؤنهم سواء تعلقت بالنظام السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي ممثلة الاطار الفكري لذلك النظام والتي قد تكون مستوردة الا انه يتم تهذيبها لتلائم المجتمع المراد تطبيقها عليه لتكون اساس للتشريع ، الا انه ليس بالضرورة ان نجاح فكرة قانونية في مجتمع ما ان تنجح في مجتمع اخر نتيجة لتبني افكار لا تلائم اوضاعها دافعها في ذلك نجاح تلك الافكار في بلدان اخرى دون الاخذ بنظر الاعتبار المجتمع المراد تطبيقها فيه لتكون النتيجة فشل التطبيق في تلك الحالة .
      فالفكرة القانونية السائدة ليست ما يفرضه القابضون على السلطة بل هم محكومون بكون تلك الافكار تلاقي قبولا من الافراد في المجتمع وقابلة للتطبيق عليه، فخضوع الدولة حكاما ومحكومين للقانون هو نابع من مصلحة استمرار وجود السلطة من خلال ربط ما يصدر عنها من قوانين توضح من خلاله الشكل المراد وضعه موضع التطبيق.
      اما في دستور جمهورية العراق لعام 2005 النافذ يحتوي على طائفة متنوعة من الافكار القانونية في ان واحد فقد عمد دستور جمهورية العراق لعام 2005 الى اتخاذ الفدرالية كفكرة قانونية منظمة لشكل الدولة مع اعتماد النظام البرلماني كنظام للحكم من خلال تبنيه الفصل بين السلطات بشكله المرن والذي يعد انعكاسا للنظام البرلماني معتمدا الرؤية الغربية في ذلك الاتجاه مع جعله الشريعة الاسلامية مصدرا اساسي للتشريع ليكون استجابة لعقيدة غالبية العراقيين متوافق مع مبدأ توافق الاسلام مع جميع التشريعات.
     فاتخاذ دستور جمهورية العراق لعام 2005 الشكل الفدرالي للدولة العراقية جاء انعكاسا للتغيير في الحياة السياسية لما بعد عام 2003 لتظهر ردود فعل متباينة من ذلك بين مؤيد وعارض ولكل طرف حججه الداعمة لرأيه ذاك، فمن قراءتنا للمادة الاولى من الدستور نجدها قد حددت نظام الحكم بقولها: (. نظام الحكم فيها جمهوري نيابي "برلماني "ديمقراطية. ) كما تناول الدستور مبدا الفصل بين السلطات في المادة 47 منه التي اكدت هذا المبدأ كمثال على ما يحتويه من افكار قانونية ورؤى مثلت انعكاس للتوجه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في المجتمع ممثلا بالنصوص الدستورية المعبرة عن محتواه ، لذلك يمكننا ان نعد دستور جمهورية العراق لعام 2005 مثالا للدساتير التي اشارت بصورة واضحة للأفكار القانونية السائدة على مختلف اشكالها ومحتواها ابتدأ من شكل الدولة ونظام الحكم وتوزيع السلطات او تنظيم الحقوق والحريات لنصل الى نتيجة مفادها ان تعدد الافكار القانونية بسبب اختلاف الفلسفة السائدة والتي تتباين في المجتمعات وفق اختلاف الثقافات المتغيرة عبر الازمنة الامر الذي يستعي المختصين على العمل دراسة السلبيات التي تواجه تطبيق تلك الافكار وجعلها متفقة مع طبيعة المجتمع متلائمة معه محققة للغاية المرجوة منها بما يتفق واهميتها في مجال التطبيق .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع