القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في كتاب السيادة العراقية وشركة بلاك ووتر للأستاذ الدكتور حكمت شبر بقلم: م . م عمر عباس خضير العبيدي



قراءة في كتاب السيادة العراقية وشركة بلاك ووتر للأستاذ الدكتور حكمت شبر
بقلم: م . م عمر عباس خضير العبيدي



قراءة في كتاب السيادة العراقية وشركة بلاك ووتر للأستاذ الدكتور حكمت شبر.
بقلم: م . م عمر عباس خضير العبيدي.

   السيادة هي الكلمة المكونة من عدة حروف تنطوي على معان خطيرة ومهمة لعبت دوراً في حياة الأمم والدول. ومازالت تلعب دوراً مهماً في تعزيز استقلال الدول خصوصاً دول العالم الثالث. إذ كانت السيادة في بداية نشوء الدول البرجوازية سلاحاً مهماً في الصراع ضد الإقطاع والكنيسة ولكنها في نفس الوقت كانت في إطلاقها تعني سيطرة الملك المطلقة على شؤون رعيته، والتصرف على هواه في مختلف الشؤون الداخلية والخارجية، بل إستطاع الأباطرة التصرف بأراضي دولهم كما فعل القيصر الروسي حيث باع (الآسكا) بمبلغ 20 مليون روبل للولايات المتحدة أو كما فعل نابليون بمنحه التيجان على الدول الأوربية وحكم الدول الى أقاربه.
   مرت السيادة بأدوار متعددة خلال تطويرها، فقد ظهرت الى الوجود منذ قرون قليلة فلم تكن معروفة بمعناها السياسي والقانوني حتى القرن السادس، وقد برزت بادئ ذي بدء كمبدأ أساسي باعتبار الملك هو صاحب السلطة العليا في مملكته وكان الهدف من ذلك يتمثل بتعزيز سلطة الملك في صراعه ضد الأقطاع ودعماً للملوك في تعزيز حقوقهم في الصراع مع البابوات والأباطرة في ظل الإمبراطورية الرومانية. وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وجد الفقهاء الألمان (لاسون، زورن، يلبنك، جلينك) أن السيادة تستند الى الإدارة المطلقة فيما تراه مناسباً في العلاقات الخارجية وفي فرض سلطتها الكاملة داخل إقليمها، أما في الوقت الحاضر فقد أختلف الفقهاء في تحديدهم لمفهوم السيادة. فيرى منهم هي المعيار الفاصل الذي يميزها عن غيرها من الجماعات السياسية التي لا تعد ولا تحصى كما يقول الدكتور محمد حافظ غانم، ويراها الدكتور علي صادق أبو هيف في كتابه القانون الدولي العام السيادة هي عنصر من عناصر الدولة. ويرى الأستاذ الإنكليزي (شوراسمبركر) أن السيادة هي حجر الزاوية في نظام القانون الدولي العام. وتعتبر السيادة من اهم المبادئ التي قام عليها نظام الأمم المتحدة فقد جاء في (ف-1، م-2) من الميثاق ما يلي: تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة في جميع أعضائها. ويواجهنا في الفكر الاشتراكي مفهوم اخر للسيادة ينطلق من واقع اقتصادي طبقي كشأنهم في تفسير مختلف الظواهر الاجتماعية الأخرى فيرون إن السيادة تحمل في طياتها معنيين سياسي وقانون.
   إذ يستهل إستاذنا الدكتور حكمت شبر في كتابه السيادة العراقية وشركة بلاك ووتر بمقدمة يبين فيها من خلاله المقصود بالسيادة العراقية وشركة بلاك ووتر وعملها في العراق بعد الانطلاقة العسكرية للسيطرة على المناطق الاستراتيجية في العالم ومنها العراق لتأمين احتياط النفط الكبير في منطقة الخليج. ليختط المؤلف لنفسه رأياً حول عمل الشركات الأمنية في العراق ومنها شركة بلاك ووتر ومنذ إن دخلت العراق دخل معها التخريب والإرهاب وابتزاز أموال الشعب العراقي، وقتل أبنائها. وفي نفس الوقت فأن الألاف من مرتزقة هذه الشركات يتمتعون بالحصانة إزاء القوانين الجنائية والمدنية العراقية، وكذلك إزاء القوانين الأمريكية تم إفلاتهم من المحاكمة ومنحهم الحصانة من قبل القيصر (بريمر) وهذا ما حصلنا عليه من احتلال العراق.
   كما تناول إستاذنا الدكتور حكمت شبر خصخصة الشركات الأمنية العسكرية بأن تداعيات عصر العولمة أعظم الأثر على التغيير الذي طال العلاقات الدولية وتنامي دور الشركات المتعددة الجنسية، حيث بدأ مفهوم القطاع العسكري يتصاعد في الفكر الاستراتيجي العسكري للولايات المتحدة الأمريكية بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، ويرجع ذلك لإعتبارات أيديولوجية وإقتصادية وتأريخية مختلفة، ولعل أهم ما يجب الرجوع إليه في موضوع خصخصة الشركات الإستناد الى خطاب وزير الدفاع الأمريكي السابق (رامسفيلد) في 10/9/2001 حيث يعتبر هذا الخطاب شهادة ميلاد لهذه الشركات. أما خصخصت القطاع العسكري هي فكرة حديثة نسبياً للإدارة الأمريكية، رغم أنها فكرة قديمة سبق وان استخدمتها الإدارات الأمريكية المتلاحقة.
   ففي هذا المؤلف القيم تناول المؤلف نشوء شركة بلاك ووتر وحصانتهم أمام القوانين والمحاكم:
    إذ ولدت بلاك ووتر تماماً في الوقت الذي كان فيه الجيش وسط حملة خصخصة كبرى لا سابق لها. وقد بدأت بقوة أبان فترة تولي (ديك تشيني) وزارة الدفاع بين 1989 الى 1993 في ظل جورج بوش الأب. قام (تشيني) في سنته الأولى بتخفيض الانفاق العسكري (10 مليارات). حيث بدأت أعمال البناء في منشأة (بلاك ووتر) في حزيران 1997 وفي أيار 1998 افتتحت الشركة أعمالها رسمياً. بالرغم من أن اسم الشركة ينذر بال حيث قان شؤم. وقد اشتهرت بلاك ووتر وافتضح أمرها بعد مقتل أربعة من عناصرها في مدينة الفلوجة من قبل الإرهابيين في 31 آذار 2004 حيث قام الإرهابيون بالتمثيل بجثثهم وتعليق بعضهم على جسر الفلوجة. وكان ذلك الحدث بمثابة إنعطافة في حياة هذه الشركة، التي كثرت جرائمها وتجاوزاتها على العراقيين. حيث أضحت بلاك ووتر خلال السنوات التالية من أكثر المستفيدين من الحرب على الإرهاب وربحت حوالي (مليار دولار) في عقودها السرية مع الحكومة، أغلبها بالتكاليف المباشر وبدون الدخول في أي عطاء أو منافسة. ومنذ أحداث 11/9 قامت الشركة بالاستعانة بخدمات العديد من كبار الموظفين المقربين من إدارة جورج بوش ووضعهم في مناصب قيادية لديها. ومن بينهم (كونير بلاك) الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات الأمريكية.
    ولعل أخطر ما يواجه المؤلف في موضوع بلاك ووتر حماية أعضاء هذه الشركة من تنفيذ القوانين الجنائية والمدنية أمام المحاكم العراقية والأمريكية. فقد أصدر القيصر (بريمر) مرسومه الخاص رقم (17) بحصانة مجندي هذه الشركة وعدم تقديمهم للمحاكم العراقية في عام 2004 مهما ارتكبوا من جرائم القتل أو التعذيب أو أي نوع آخر من الجرائم. إذ تعني الحصانة في اتفاقية القانون الدبلوماسي لعام 1961 إعفاء الموظفين الدبلوماسيين إستثناءً من الخضوع للقوانين الوطنية للدولة المضيفة، للدبلوماسيين العاملين على أراضيها استثناءً، وذلك بغية تسهيل أداء أعملهم في الوظائف الحساسة والمهمة التي يقيمون بها.
    وكذلك نصت الاتفاقية الأمنية الجديدة المعقودة عام 2008 بين العراق والولايات المتحدة علة حصانة الجنود الأمريكان من نصوص القوانين والمحاكم العراقية، ويعتبر ذلك نقص كبير في السيادة الوطنية، الذي تقبلته الحكومة العراقية مجبرة بالرغم من عدم موافقة قطاع كبير من الشعب العراقي لتلك المعاهدة. وهنا كان تذكير من المؤلف ببعض النماذج من المعاهدات التي فرضتها الولايات المتحدة على بلداننا الضعيفة التطور، والتي يتضح من نصوصها فرض الحماية على مواطنيها العاملين في هذه البلدان عن طريق الحصانة.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع