القائمة الرئيسية

الصفحات

جوهر العدالة في بيان الحقيقة - مقال قانوني مميز

جوهر العدالة

جوهر العدالة في بيان الحقيقة - مقال قانوني مميز

المقدمة
جوهر العدالة في بيان الحقيقة 


ينطوي مفهوم العدالة بوجه عام على حقيقة ثابتة تشكل القاسم المشترك المنظم للحقوق والواجبات ,على اسس ومفاهيم انسانية وموضوعية ومنطقية ومنصفة وعادلة بين جميع ابناء المجتمع , وعلى اسس مبدئ المساواة امام القانون بين كافة المواطنين دون تمييزكما جاء في المادة 14 من الدستور العراقي (العراقيون متساوون امام القانون بدون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية اوالاصل اواللون اوالدين اوالمذهب او المعتقد اوالراي اوالوضع الاقتصادي اوالاجتماعي ) لتجسيد العدالة في كافة القضايا وفي كل الاحوال والظروف التي تعترض حياة المواطنين وفي مجمل حياتهم الاجتماعية وما تمس امنهم واستقرارهم ومستقبلهم 

ويشكل القضاء الجانب المهم والاساسي في تحقيق تلك الاهداف النبيلة ,ذلك ان من مستلزمات العدالة عند النظر في اي خصومة ترفع امام القضاء سواء كانت بين المواطنين او بينهم وبين جهات اخرىوغيرها من الخصومات الاخرى على اختلاف عناوينها وامام كافة المحاكم المختصة ان تحكم بالعدل دون تمييز(واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ) على ضوء الحقائق الموضوعية من دون تحريف او تزوير او تزيف للحقائق لاحقاق الحق كما ينبغي وابطال الباطل ودمغه مهما كان نوعه ومصدره , كما يستوجب ذلك .وفرض سيادة القانون ليكون الملاذ الامن لكل المواطنين والسبيل القانوني والشرعي لتحقيق الاستقراروالامن للمجتمع عامة . 

ان القضايا الجنائية تخضع لاحكام قانون العقوبا ت, هو, مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الجرائم من الافعال والاقوال حسب جسامةخطورتها وشدة اثارها المادية والمعنوية بحق الافراد اوبمصالح الجهات المعنوية الرسمية وشبه الرسمية وغيرها من الجماعات والهيئات ذات الشخصبة المعنوية ,وتبين العقوبات المقررة لكل منها . وتخضع القضايا الجنائية لاحكام قانون اصول المحكمات الجزائية وهو مجموعة من القواعد القانونية التي تبين الاجراءات اللازمة التي يجب ان تتبع في الاجراءات التحقيقية القضائية واصول المحاكمات التي تتبع من قبل المحاكم حسب اختصاصها وصلاحيتها القانونية وفقا للقانون . 

ان القضايا الجزائية وما لها من تاثيرات بالغة على حياة المواطنين وعلى امنهم 

واستقرار حياتهم. مما يستوجب مراعاة ذلك عند اتخاذ الاجراءات الامنية والتحقيقية الاصولية في القضايا الجنائية المختلفة الواقعة او عند العلم باحتمال وقوعها او عند محاولة الشروع بها وما يتناسب مع درجة خطورتها الامنية ,وبالرغم من ضرورة واهمية وجوب اتخاذ تلك الاجراءات الامنية الاحترازية والتحقيقية, الا انها يجب ان لا تكون على حساب حرية وكرامة المواطن , وحتى اذا ما كان متهما بها ,وكيف اذا كان مشتبها به وليس في موضع الاتهام ولم توجه ضده اية تهمة لعدم وجود ادلة كافية لاتهامه او ادانته ؟. ان المتهم برئ حتى ان يتم ادانته منقبل محكمة مختصة كما جاء ذلك في الفقرة (5)- من المادة (19)-من الدستور العراقي (المتهم بريئ حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتهامرة اخرى بعد الافراج عنه الا اذا ظهرت ادلة جديدة ) نرى ان موضوع العدالة يقع في اشكاليات حساسة ومعقدة بالغة الاهمية وخاصة في القضايا التي تستند على الاخباراوالشكوى ضد اشخاص معينين بالاسم والعنوان بناءا على معلومات غير دقيقة ولا تستند الى دليل كاف للاتهام او حتى للاشتباه به ليكون سببا مهما للضرورة الامنية اللازمة لاستدعائه او القبض عليه من دون وجه حق معلوم ومسوغ .ان مثل تلك الاجراءات التي يجب ان تتخذ اولا وفقا لقانون اصول المحاكمات الجزائية الرقم 23 لسنة 1971 ..

وليس بصوره اعتباطية وعشوائية لاسند قانوني لها تعد مخالفة للقانون وتجاوز على سيادته ان لم تصدر من جهة قضائية مختصة ,بغية تامين الحماية للمواطن من ان يتم التحقيق معه ومقاضاته وفقا للقانون ومنع التجاوز على حريته وكرامته كما جاء في الفقرة سادسا من المادة( 19) من الدستور العراقي (لكل فرد الحق في ان يعامل معاملة عادلة في الاجراءات القضائية والادارية ).مما يقتضي ذلك الاهتمام بالاجراءات التحقيقية بدقة وعناية لازمة للوقوف على حقيقة الدعوى او الشكوى اوالاخبار وعلى مدى صحتها وضرورة الشروع بكيفية اتخاذ الاجراءات المناسبة والبدئ بالتحقيق الاصولي بصددها مع الاشخاص المقصودين في تلك الشكاوى والاخبارات وفقا للقانون ومقتضيات تامين محاكمة عادلة ,ليكون القضاء في حقيقته الواقعية الملاذ الامن لكل مواطن لحمايته من اي اذى يقصد له به ومن اي شخص او جهة كانت , ولحماية حقوقه المشروعة من ان يقع عليها اي تعدي مهما كان مصدره , استنادا الى المبادئ الدستورية والاحكام القانونية , جميع العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز. ..

تظهر بصورة واضحة في هذه المرحلة من سير الاجراءات التحقيقة في اي قضية جزائية كانت ,اهمية استقلال القضاء ودوره في الاشراف على سير التحقيق القضائي منذ بد ء التحقيق في اي قضية حتى البت في اصدار الاحكام والقرارات القضائية بحسمها وفقا للقانون , وعدم تدخل اي جهة كانت في الشان القضائي وباي طريقة ووسيلة كانت للتاثير على سيرالتحقيق وبالتالي على سير العدالة المطلوبة وفقا لغاية القانون الاساسية من حكم القضاء العادل وهو حق طبيعي لكل مواطن طبقا للدستور والقيم الانسانية والشرعية .ولابد للقضاء ان يقف بوجه هذه التدخلات موقفا حاسما لردع ومنع كل من تسول نفسه لاي غرض كان من المساس بالشان القضائي في اي قضية ومشكلة وفي اي نزاع وخصومة تعرض امام القضاء....

وفي اي من المحاكم المختصة .وان المحافظة على مبدئ الفصل بين السلطات الثلاثة للدولة القانونية الديمقراطية هي من اهم الامور الداعمة لاستقلال القضاء طبقا للدستورالعراقي ولا يجوز التجاوز عليه مطلقا . ان من اهم تلك الامور الضرورية , هي ان تكون سلطة التحقيق الابتدائي الاولي في الجرائم الجنائية بيد المحققين القضائين وباشراف قاضي التحقيق المختص , وكذلك اهمية دورالادعاء العام فيها لما له من دورمهم للاطلاع على كيفية سير الاجراءات التحقيقية وفقا للقانون والمصلحة العامة كما يجب , وخاصة في القضايا المهمة المتعلقة بحياة وحرية الموطن العراقي وهو امانة في ذمة القضاء العراقي طالما هو في رهن التحقيق والمحاكمة ,الذي يعتبره الملاذ الامن له في كل الاحوال ....

ان الوصول الى معرفة حقيقة القضايا على اختلاف انواعها المدنية او الجزائية وبكل اشكالها وهي محل نزاع يكمن في سببه حق مغدور ومسلوب اومعتدى عليه خلافا للقانون ,لابد من البحث عن الادلة والبراهين واستقصاء المعلومات بطرق واساليب قانونية اصولية للوصول الى معرفة كل شئ يتعلق بموضوع النزاع والخلاف اوفي اي حادث جرمي للوقوف بشكل واضح على ملابساته الغامضة والمعقدة والمخفية حتى تتوضح الادلة والبراهين وتصاغ الافكار والاستنتاجات والتصورات على اسس منطقية وواقعية لاعادة الامور الى مسارها ونصابها القانوني والشرعي من دون اجحاف بحق في اي طرف كان ووفقا للقانون وبعين المساواة بين الجميع امام القانون

ان الاهتمام بالبحث عن الحقيقة في كل القضايا المتعلقة بحياة الناس وامنهم واستقرارهم الاجتماعي يتوقف على مدى معرف الابعاد الانسانية والشرعية لاهداف الحقيقة المقصودة من اكتشافها والايمان بها روحا ونصا ,من انها 

الضرورة الانسانية من اجل حماية حياة الناس الامنين وحماية حقوقهم ومنع التعدي اوالتجاوز عليها باي شكل او صورة ومن اي جهة او فرد كان , ومن انها السبيل لتحقيق العدالة في اية حقوق لهم او مطالب بها وفقا للقانون اوفي اي قضية تكون محل خلاف ونزاع , ومن انها السبيل الى حماية حريتهم وكرامتهم كما تستوجب القيم والمبادئ القانونية والانسانية والشرعية.,وحينئذ تكون الحقيقة المقصودة كالشمس الساطعة بنورها الطاردة للظلم والظلمات ,الهادية الى طريق الحق والعدل ,والايمان بان الظلم لا يدوم والله تعالى يمهل ولا يهمل , لكل ظالم جبار ومعتدي اثم. 

وان الحقيقة هي القوة الخفية لارادة القرارالناطق باسم العدل لاحقاق الحق لمن يستحقه من غير تردد او تخوف من شئ ولا يخشى مقره من لومة لائم مهما كان .الحقيقة هي التي اذا ما بنيت على الاسس الصحيحة وسلكت السبل الاصولية والشرعية للبحث عن مكنونات كل قضية وخفاياها وملابساتها مما تضع الاسس المتينة الراسخة لتحقيق امن وسلامة المواطنين واستقرارحياتهم الاجتماعية وتحقيق سيادة القانون وامن البلد. وتعتمد الحقيقة على اصل الحق المستحق والمطالب به من حيث الادلة والبراهين التي تؤكد احقيته المشروعة وفقا للقانون وسنده القانوني بالمستمسكات الثبوتية اللازمة له., ما ضاع حق ورائه مطالب, والحق يعلوا ولا يعلى عليه- قوته سند الحقيقة بادلته المادية والمعنوية وبالقانون الذي يرعاه ويحفظ له الحماية من كل تعدي وتجاوز عليه .بحكم المساواة بين الناس دون تمييز(العدل اساس الملك) 

وتعتمد الحقيقة في اثباتها وبيان وضوح معالمها الاساسية من غير شك او التباس وعلى وجه اليقين ,على القيم الاخلاقية في التعامل مع كل ما يتعلق بالمواضيع الخاصة بالبحث عن حقيقتها الموضوعية وصلتها الاساسية في اصل ما يتنسب لها من الحقوق المادية والمعنوية تبعا للادلة والبراهين المكتشفة على وجه اليقين .حيث تسموبها النفس عن الشهوات والملذات والمغريات مهما كانت نوعها مما تحصن الانسان الباحث عن الحقيقة من الانزلاق في مهاوى الفساد والرذيلة والتمسك بقيم الاخلاص والعدالة.

من كتاب اصول الاجراءات التحقيقية في القضايا الجنائية



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. حيث يتطلب الاخلاص في عملية البحث من غير انحياز لاي طرف كان, وبحياد تام , وبنزاهة وشفافية في اداء المسؤولية ,التي هي الامانة التي تكلفة بها اي مسؤول حسب اختصاصه الوظيفي الرسمي او المهني او الاجتماعي يجب ان يؤديها كما ينبغي الالتزام بمسؤوليته الخاصة به,. قال الله تعالى(ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سميعا بصيرا ) النساء -58-.

    ردحذف

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع