القائمة الرئيسية

الصفحات

الفرق بين الدين والشريعة في العرف الإسلامي

الفرق بين الدين والشريعة في العرف الإسلامي

الفرق بين الدين والشريعة في العرف الإسلامي

1- من الناحية الدلاليّة :إنّ الدين من حيث المحتوى الدلالي يشمل أموراً لا ينطبق عليها عنوان الشريعة، منها:

  • أ- إنّ بعض الأحكام الإعتقادية التي يهتدي إليها الإنسان بفطرته من دون حاجة إلى جعل جاعل، مثل الإعتقاد بوجود خالق، وبألوهيته، وعبودية المخلوق، وبإعتباره موجداً له، وكذلك الإعتقاد بصفاته الكمالية ، والجلالية. 
فمعرفة أنّ هذا الكون الحادث لا بدله من محدث قادر، والنظام العجيب لا بد له من عالم، والعلم والقدرة لا يكونان بلا حياة، وأمثال تلك الإعتقادات التي لا تحتاج للجعل والتشريع، بل لو شرع مشرّع بخلافها ، لكان تشريعه باطلاً، ومع أنّها أحكام دينية، ولكنها ليست شرعية، وبهذا يكون مفهوم الدين أعم من مفهوم الشرع.
  • ب- بعض الأحكام الأخلاقية فطرية، كقبح الظلم، وحسن العدل، وما تحت كل منهما من مصاديق، وكذا من مثل الشجاعة والجبن، لدلالة أولهما على القدرة، والثاني على الضعف، وبالفطرة يدرك الإنسان حسن القوة بما هي، ووهن الضعف بما هو، وغير ذلك من الملكات النفسية التي يدركها الإنسان، وإن لم يكن له دين ، بل وإن لم ينزل بذلك تشريع أيضاً، ولذا وردعن النبي : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)( ) ، ممّا يكشف أنّ لمكارم الأخلاق أصولاً لا تحتاج لوحي ورسالة، بل الحاجة للتتميم لا للإنشاء والإبتداء . 
أمّا الشريعة فتنطبق على بعض ما ينطبق عليه الدين، فإذا ما علمنا بأنّ الأحكام العملية بأجمعها شريعة ودين معاً، وكذا بعض الأحكام الأخلاقية، والإعتقادية، مثل الإعتقاد بالحساب، والميزان، والبرزخ، وغيرها من الإعتقاديات ، وحرمة سوء الظن، والغيبة، والكذب، وغيرها من الأمور الأخلاقية ، يتضح لنا أنّ النسبة بين الدين والشريعة، عموم وخصوص مطلق، إذ كل ما هو شريعة فهو دين، وبعض ماهو دين ليس شريعة، كما أوضحنا بالأمثلة. 

2- من الناحية اللفظية: إنّ الدين كما حققنا في معناه ينطبق على ما ذكرنا له من المصاديق التي صار بها مصطلحاً شرعياً، يناسب أن يكون ملحوظاً به المبدأ؛ الذي يلتزم الإنقياد له، فيكون الملحوظ به:

  • أ- كونه مبدأ، سواء كان من العقل، أو من الشرع. 
  • ب- كونه يتعين لزوم الإنقياد له( ) .

أما الشريعة :

فلم يلحظ بها هذا المعنى ، وإنما لوحظ أنّها منهج واضح صدر من مشرّعه. فالفرق بينهما: إنّ الشريعة لوحظ بها جهة الصدور، والدين لوحظ به الإنقياد والطاعة والإمتثال.

3- هناك حيثية ثالثة للفرق، إذ الدين بمعناه المصطلح مأخوذ من فعل متعد بالباء ؛ لأنّه بمعنى الأحكام، يقال دان بها، أما الشريعة بمعناها الإصطلاحي فمأخوذة من فعل متعدّ بنفسه، فيقال شرّعها.

4- إنّ الدين بمعناه العام، منه ما يستحيل فيه التغيير ؛ باعتباره حقيقة خارجية غير خاضعة لجعل جاعل، أو وضع واضع ،فالتوحيد مثلاً لا يمكن أن نتوقع معه في الخارج ماينافيه كأن يكون لله شريك ؛ للإستحالة الذاتية في وجود إلهين بسيطين أزليين، وهكذا في الصفات الإلهية والحقائق الكونية التي يعتقدها الإنسان، كالبرزخ، والمعاد، فإنها وإن كان بعضها بجعل جاعل - كعالم البرزخ مثلاً - ولكنه ليس جعلاً تشريعياً، وإنما هو تكويني إكتشفه الإنسان بعقله .

ومنه ما يمكن تفسيره عقلاً، ولكن قام الدليل القطعي على عدم تغييره، كبعض الثوابت في الشريعة الإسلامية والمعبّر عنها بأركان الدين ، مثل الحج، والصيام، والصلاة، والولاية، والزكاة ، وقد دلّت عليها جملة من النصوص( ).

إلا أنّ لمن شرّعها صلاحية إلغاء تشريعها، لما هو معروف – بل إشتهر في ألسنة الأصوليين - من قاعدة : (من بيده الوضع بيده الرفع).
إلا أنّه أخبرنا أنّها من الثوابت وأنّ إستحالتها شرعية نقلية، وليست عقلية.
ومنها ما يقبل التغيير بتغير الزمان، أو المكان، أو بعض أحوال المكلف الأخرى،مثل قصرالصلاة بالسفر، أو إبدال الوضوء والغسل بالتيمم، وأمثالها
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع