القائمة الرئيسية

الصفحات

الخطوات المتعثرة لخريج الحقوق

الخطوات المتعثرة لخريج الحقوق


بقلم المحامي نايف ابنيان

يقضي طلبة كليات الحقوق اربع سنوات في دراسة القانون بشتى تفرعاته , الدستوري , الدولي , المدني , الاداري , المرافعات , أصول المحاكمات , الخ الخ , ليتوج كل ذلك بفرحة التخرج والآمال بمستقبل زاهر . 

وماتكاد الأقدام الفتية تخطو خطواتها الأولى على اعتاب المحاكم حتى تبدأ الآمال والأحلام بالتساقط شيئا فشيئا كما أوراق الخريف . وكما اعتاد السياسيون القول : تبدأ الصدمة .. ويبدأ الترويع !!

ويفاجأ خريجو الحقوق .. بل ويفاجأ حتى المتميزون منهم بحقيقة مرة :

- ان الجانب النظري للقانون - والذي درسوه على مدى اربع سنوات عصيبة - يختلف جدا عن الجانب العملي المطبق فعلا في المحاكم !! وان احدهم بعد دراسة استنزفت اربع سنوات من عمره غير قادر على كتابة عريضة دعوى , أو طلب تأجيل الدعوى , او انذار مسير بواسطة الكاتب العدل , او كتابة لائحة الطعن التمييزي , وأنه لايعلم شيئا عن آلية تنظيم وكالة جزائية لمتهم موقوف على ذمة التحقيق , بل هو لايعرف حتى كيفية التعامل مع الموكل وتنظيم علاقة العمل معه ! ولربما وجد نفسه ولمرات عدة في موقف محرج جدا في قاعة المرافعة إذ لايعرف كيفية الاجابة على طلبات واستفسارات المحكمة !


وازاء ذلك لايكون امامه سوى البحث عن محام قديم ( يشفق عليه ) فيقبل بإنضوائه تحت مظلة خبرته , راضيا بما يغلب ان يرافق ذلك من اسلوب تعامل يتفاوت تبعا لمستوى خلق وشخصية المحامي ( الأسطه ) , وغالبا مايتراوح اسلوبه بين استغلال جهد المتدرب دون مقابل ( احدهم لم يدفع لمحام متدرب فلساُ طوال سنتين ) , او تكليف المتدرب بمهام مرهقة للغاية أو خطرة ( كمرافقة مفارز الشرطة لتنفيذ اوامر القبض والتحري ومرافقة مأمور الحجز التنفيذي , او مرافقة موظف التبليغات ) , أو امتهان شخصيته بسلوكيات غير لائقة بل ومريضة أحياناُ ( بعضهم كان يعد من ثوابت التدريب ان يوكل الى المحامي المتدرب حمل حقيبته امام الملأ ) والآخر اشتهر بحصر تدريبه بالصبايا الفائقات الجمال لحكمة لايدركها الا العزيز الجليل !!


اما من اسعده الحظ ووضع قدمه على اعتاب الوظيفة العامة موظفا حقوقيا او مشاورا قانونيا لإحدى الدوائر او الشركات فسرعان ماواجه حقيقة انه لايفقه شيئا عن دور المشاور القانوني ومهامه بشأن تمثيله الجهات الرسمية والاشخاص المعنوية .. وماهي الا ايام حتى يستحيل - بحكم تواضع معلوماته وخبرته - تابعا مهمشاُ للإدارة متخليا عن دوره في تحديد سياقها القانوني وتوجيه نشاطها من الوجهة الحقوقية .


وعلى الرغم من سعي العديد من عمادات كليات الحقوق الى تضييق وردم الهوة الفاصلة بين الجانب النظري والجانب العملي للقانون الا ان معالجاتها بقيت دوما دون مستوى الحاجة وغير قادرة على تلبية الطموح , بدليل حالات الحيرة والضياع والإحباط التي لم ينج منها أي من محامينا الشباب , والتي ادت بالاغلبية منهم الى اعتزال المحاماة والبحث عن عمل اخر .


والخلاصة اقول : ليس من المعقول ولا من المنطقي ان تبقى كليات الحقوق تطرح ابناءها الى العراء ليتعلموا المحاماة عشوائيا ( بالقدرة ) ودونما تنظيم .


انها دعوة للسعي بجهد وجدية لانشاء معاهد تدرّس المحاماة ( ممارسة , وعلماُ , وفناُ ) وتوفر على ابنائنا الخريجين الجدد المشقة والضياع وخيبة الأمل . والموضوع معروض للنقاش لإغنائه بالاراء الكريمة بغية البدء بخطوات جادة لتحويله الى واقع , والله ولي التوفيق . تحياتي .


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع