القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال تفسير الإختناق القضائي

 تفسير الإختناق القضائي

مقال تفسير الإختناق القضائي


بقلم الزميل داود درعاوي....
لتفسير الإختناق القضائي وللرد على المسوغات العدمية التي ساقها مجلس القضاء الأعلى لتبرير تعديل جدول رسوم تحت ذريعة حل أزمة الإختناق القضائي سأستعرض معكم جزء من دراسة ممولة من منظمة الأمم المتحدة للتنمية أعدت لصالح جهاز الإحصاء المركزي في العام 2012 ومجلس القضاء الأعلى لتحليل مؤشرات قطاع العدالة للعام 2011 واعددت الدراسة أنا والمحامي ناصر الريس واستخدمت المعايير الدولية في بناء المتغيرات ومؤشرات الدراسة ولكن هذه الدراسة لم ترى النور بسبب عدم موافقة المجلس على نشرها لأنها لم تأتي على مقاس المؤشرات السنوية المعلن عنها، وتناولت الدراسة الكثير من المتغيرات المرتبطة بالتبليغات والتنفيذ والتفتيش القضائي والمحكمة العليا والموارد المالية والبشرية لمجلس القضاء وكفاءة وخبرات القضاة ورواتبهم وكل هذه المتغيرات مؤثرة بشكل كبير في الإختناق القضائي ولم يتم إعتماد الرسوم القضائية كمتغير لأنه مخالف للمعايير الدولية، وفيما يلي أهم أربع متغيرات لتفسير الإختناق القضائي من الناحية الكمية، وخلال السنوات الأربع اللاحقة تفاقم الإختناق القضائي لذات 

المتغيرات:

المتغير الأول: عدد القضاة حسب المحكمة وعدد السكان في الضفة الغربية. 


وفقا لمؤشرات جهاز الإحصاء المركزي للعام 2011، فإن عدد القضاة النظاميين في الضفة الغربية هو 178 منهم موزعين على محاكم الصلح 77 قاض ومحاكم البداية 53 ومحاكم الإستئناف 20 قاض والمحكمة العليا ( نقض وعدل عليا) 28 قاض، وعدد القضاة من النساء هو 27 قاضية تتوزع على محاكم الصلح 17 قاضية ومحاكم البداية 7 قاضيات ومحاكم الإستئناف 3 قاضيات والمحكمة العليا قاضية واحدة، وتمثل النساء نسبة 15.1% من مجموع القضاة في الضفة الغربية، ووفقا لمؤشرات جهاز الإحصاء المركزي للنصف الأول من العام 2012 فإن عدد السكان في الضفة الغربية قد بلغ 2.649 مليون نسمة، فإن معدل القضاة لعدد السكان هي 178: 2649000 نسمة أي قاض واحد لكل 14882 نسمة، ومقارنة بعدد سكان المملكة الأردنية فإن عدد القضاة للعام 2011 قد بلغ 859 قاضيا مقابل عدد السكان لذات الفترة هو 6,508,271 نسمة، أي قاض واحد لكل 7576 نسمة،.

 وللمقارنة أيضا مع جمهورية مصر فإن عدد سكان مصر قد بلغ في العام 2011 ما مقدراه 80963423 نسمة في حين أن إجمالي القضاة المصريين في المحاكم النظامية ومجلس الدولة ما يقارب 13000 قاض أي بنسبة قاض واحد لكل 6227 نسمة ، أما عدد القضاة في تونس فهو حوالي 1800 قاض مقارنة بعد السكان البالغ 10500000 نسمة أي قاض واحد لكل 5833 نسمة، أما بالمقارنة مع بعض الدولة الغنية مثل الإمارات العربية المتحدة فإن عدد القضاة في إمارة دبي لوحدها هو 729 قاض مقارنة بعدد السكان البالغ 1971503 نسمة أي قاض واحد لكل 2704 نسمة، والمقارنة السابقة توضح النقص الحاد في عدد القضاة في الضفة الغربية مقارنة بعدد السكان بالرغم أن الأردن ومصر وتونس تسعى لرفع عدد القضاة لديها للتغلب على القضايا المدورة، وللوصول لوضع مقارب من الوضع المصري أو الأردني أو التونسي فإننا نكون بحاجة الى وجود 347 قاض في الضفة الغربية للوصول لعدد القضاة في الأردن مقارنة بعدد السكان أي بزيادة لا تقل عن 169 قاض في مختلف درجات المحاكم النظامية، ووجود 425 قاض في الضفة للوصول للوضع المصري أي بزيادة مقدارها 247 قاض جديد. ووجود 454 قاض جديد للوصول الى وضع تونس أي بزيادة مقدارها 276 قاضيا. وللوصول إلى وضع إمارة دبي نكون بحاجة الى 979 قاضيا في الضفة وحدها أي بزيادة مقدارها 801 قاض جديد. 

المتغير الثاني: عدد القضاة حسب المحكمة والقضايا الواردة والمفصولة والمدورة. 


وفقا للجدول رقم ( ) فإن نسبة الفصل لمحكم الصلح والبداية والإستئناف مقارنة بمجموع القضايا الواردة والمدورة للعام 2011 هي 73.7% ( 109810 مفصول من أصل 148909 وارد ومدور) في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى 58.8% عند استبعاد قضايا السير من المفصول والوارد والمدور لمجمل القضايا المنظورة أمام هذه المحاكم، في حين أن نسبة الفصل لكل محكمة تختلف تبعا لنوع القضايا التي تنظرها المحكمة فعلى صعيد محاكم الصلح فإن نسبة المفصول للوارد والمدور هي 78% وهذه النسبة تشمل مخالفات السير والتي تشكل لمجموع الوارد والمدور لمجمل القضايا المنظورة أمام محاكم الصلح ما نسبته 43.8%، وكذلك تشكل ما نسبته 56% من القضايا المفصولة أمام محاكم الصلح، ونلاحظ أن نسبة الفصل تتغير بشكل ملحوظ فيما لو استبعدنا قضايا السير من الوارد والمدور والمفصول أمام محكام الصلح لتصبح هذه النسب 60% نسبة المفصول للوارد والمدور في القضايا الجزائية والمدنية أمام محاكم الصلح،

 ونلاحظ أن نسبة المفصول للوارد والمدور في القضايا الحقوقية أقل منها في القضايا الجزائية حيث بلغت نسبة المفصول في القضايا الحقوقية 48.4% في حين بلغت 65.8% في القضايا الجزائية، الأمر الذي يقتضي توجيه التدريب وبناء القدرات لقضاة الصلح في إدارة الدعاوى المدنية بتركيز أكبر، أما على صعيد محاكم البداية فنلاحظ أن نسبة المفصول للوارد والمدور في هذه المحاكم تبلغ 44.5% كما نلاحظ أن نسبة المفصول أمام محاكم البداية في القضايا الجزائية مقارنة بالوارد والمدور هي نسبة 32.1% في بلغت هذه النسبة في القضايا الحقوقية 35.7% في حين أن هذه النسبة إرتفعت في المفصول من قضايا إستئناف الحقوق والجزاء أمام محاكم البداية حيث بلغت 48.4% من الوارد والمدور،

وعلى صعيد محاكم الإستئناف ( القدس ورام الله) فإن نسبة المفصول للوارد والمدور هي 81.7% وتبلغ نسبة المفصول في القضايا الحقوقية 75.2% في حين أنها 59.2% في القضايا الجزائية، وترتفع نسبة المفصول بشكل ملحوظ في قضايا إستئناف التنفيذ حيث بلغت هذه النسبة 99.1%، ولو إستبعدنا قضايا استئناف التنفيذ من المفصول والوارد والمدور أمام محاكم الإستئناف فإن نسبة المفصول تنخفض لتصبح 69.6% مقارنة بالوارد والمدور من قضايا إستئناف الحقوق والجزاء، ونلاحظ من استقراء المؤشرات السابقة أن نسبة المفصول في القضايا الحقوقية أمام محاكم الصلح وكذلك المفصول من قضايا الحقوق والجزاء أمام محاكم البداية هي نسب متدنية جدا وتفسر الإختناق القضائي وتراكم القضايا أمام هذه المحاكم كما أن النسبة الإجمالية للمفصول أمام محاكم الصلح والبداية والإستئناف عند استبعاد قضايا السير (58.8%) هي نسبة تثير القلق وتشكك في كيفية التغلب على تراكم القضايا والإختناق القضائي مع الأخذ بعين الإعتبار مشكلة الهيئات الثلاثية لمحاكم البداية في نظر القضايا الحقوقية والجزائية والتي تزيد من تعقيد الأمور في مواجهة الإختناق القضائي، كذلك فإن هذه المؤشرات تثير التساؤل حول جاهزية الكادر القضائي في محاكم الإستئناف لإستقبال آلاف القضايا الإستئنافية التي ستحول من محاكم الصلح في حال إلغاء صلاحيات محاكم البداية الإستئنافية فعلى سبيل المثال فإن عدد القضايا الإستئنافية الواردة والمدورة المنظورة أمام محاكم البداية في العام 2011 هي 5600 قضية في حين أن الوارد والمدور من القضايا الإستئنافية أمام محاكم الإستناف هي 5387 قضية، أي أن الزيادة في نسبة هذه القضايا أمام محاكم الإستئناف في حال ألغيت الصفة الإستنافية لمحاكم البداية هي نسبة 103% وهذا سيؤدي لا محالة إلى زيادة الإختناق القضائي دون مضاعفة أعداد القضاة أمام محاكم الإستئناف بذات النسبة مرتين على الأقل.

المتغير الثالث: عدد القضاة حسب المحكمة والعمر . 


وفقا للجدول رقم ( ) فإن 75.3% من قضاة محاكم البداية والصلح هم دون سن 50 عام ونلاحظ أن هذه النسبة تصل إلى 83% من قضاة البداية والصلح وتصل ذات النسبة الى 99% من قضاة الصلح، وتصل نسبة قضاة الصلح دون سن 40 سنة الى 72% في حين تبلغ نسبة قضاة الصلح دون سن 30 سنة 18%، مما يشير إلى أن غالبية القضاة في محاكم الصلح والبداية هم من الجيل الشاب وإجمالا يمكن القول أن القضاء الفلسطيني هو قضاء فتي نظرا لكون التعيينات القضائية في غالبيتها العظمى قد جرت بعد قدوم السلطة الوطنية في العام 1995، كما أن متوسط العمر المنخفض وخاصة لدى قضاة الصلح سينعكس بالضرورة على سنوات الخبرة السابقة للقضاة قبل الإلتحاق بالوظائف القضائية وهنا نوصي بضرورة تطوير مؤشر يربط بين أعمار القضاة والخبرة العملية السابقة قبل الإلتحاق بالقضاء لما لذلك من أثر على أداء القضاة كلما إنخفضت سنوات الخبرة السابقة وربما هذا المؤشر يفسر تفاوت الأداء بين درجات المحاكم وكفاءة القضاة أنفسهم، كما أن ذات المؤشرات ترتبط بمدى توافر عناصر الجذب في الوظائف القضائية لإستقطاب كفاءات وخبرات أعمق من بين أوساط المحامين المزاولين

المتغير الرابع: عدد القضاة حسب المحكمة والخبرة العملية في القضاء. 


وفقا للجدول رقم ( ) فإن 100% من قضاة الصلح لديهم خبرة عملية في القضاء أقل من 3 سنوات وأن نسبة قضاة الصلح الذين لديهم خبرة أقل من سنة واحدة هي 31% وهي نسبة عالية جدا وتؤشر على نقص حاد في الخبرات العملية لدى قضاة الصلح وينعكس بالضرورة على مستوى الأداء المهني وخاصة إذا ما تم ربط هذا المؤشر برابط العمر وفقا لما سنتناوله لاحقا، كما نلاحظ أن نسبة قضاة البداية الذين لديهم خبرات عملية في القضاء أقل من 6 سنوات هي 70% في حين أن قضاة محكمة الإستئناف الذين لديهم خبرة عملية في القضاء أقل من 9 سنوات تصل إلى 80%، ويعود ذلك ربما لحداثة التعيينات القضائية وخاصة لقضاة الصلح والترفيعات المتوالية لقضاة الصلح الى محاكم البداية وإلى الإستئناف، وللتغلب على نقص الخبرة يقتضى من مجلس القضاء الأعلى إعداد برامج للتدريب القضائي المتواصل لقضاة الصلح على وجه الخصوص لرفع مستوى الأداء، خاصة أن هناك مؤشر غائب يجب أخذه بعين الإعتبار لوضع صورة شمولية لمؤشر الخبرة وهو سنوات الخبرة السابقة للتعين في الوظائف القضائية والذي سيؤشر بشكل واقعي على خلفية القضاة والخبرات المهنية قبل التعيين والتي ستتأثر حتما بمجموع المزايا المتاحة للقاضي والرواتب لا سيما أن جدول رواتب وعلاوات القضاة الملحق بقانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002

 ومنذ تاريخ دخوله حيز النفاذ بتاريخ 18/6/2002 بعد شهر من نشره في الوقائع الفلسطينية لم تجري أية عليه أية تعديلات على رواتب القضاة الأمر الذي يثير السؤال حول القيمة الشرائية لرواتب القضاة عند إقرارها مقارنة مع القيمة الشرائية لها الآن، وكيف تأثرت رواتب القضاة بتغيير جدول غلاء المعيشة؟

للإجابة على هذا السؤال وبالرجوع لمعادلة إحتساب معدل غلاء المعيشة المنشورة على موقع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن نسبة التغير في جدول غلاء المعيشة في الفترة الممتدة بين دخول قانون السلطة القضائية حيز النفاذ بتاريخ 18/6/2002 وحتى تاريخ 1/12/2011 هي نسبة 45.62% في الأراضي الفلسطينية ويبين الجدول التالي أثر نسبة التغيير في جدول غلاء المعيشة على 

رواتب القضاة كما يلي:
درجة القاضي الراتب الأصلي بالشيكل مبلغ الزيادة في غلاء المعيشة بالشيكل الراتب المفترض بالشيكل
صلح 7000 3193.9 10193.9
بداية8200 3741.4 11941.4
استئناف 9500 4334.5 13834.5
عليا 11500 5247.1 16747.1
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع