القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة محامية تحت التمرين

محامية تحت التمرين

محامية .. تحت التمرين

  •  كووول اللي درستيه بالجامعة ذبيه وراج 

كانت تلك الكلمات فاتحة عهدي بالمحاماة حين اصطحبي مختار المنطقة ( كونه صديق والدي ) الى مكتب قريبته المحامية الكبيرة ( بحسب تعبيره ) , بدا ماكياجها مغالى فيه لكن التجاعيد بررته 

واستأنفت حديثها باسترسال ونظراتها لاتفارق شاشة الموبايل :

- خلّيها أبّالج .. النظري شي والعملي شي ثاني , وياي رح تتعلمين المحاماة الحقيقية على اصولها .. مو كال السنهوري وحجى السنهوري 

رغم سعادتي بتوصلي - بعد بحث مضنِ - الى محامية اتدرب معها الا انني تضاءلتُ جدا لكلماتها التي افقدتني بلحظات ماكنتُ اعده تميزا لي اذ تخرجتُ بترتيب الثالثة على دفعتي !! 

واكتشفت فعلا ان في المحاكم تباينا واضحا بين النظري والعملي , لكن العملي كان له - مع الاستاذة الكبيرة - منظورا خاصا اقتصر على تكليفي بتصوير المستمسكات , وشراء الطوابع , وتنظيم التبليغات , حجز مواعيد المرافعات , مرافقة مأمور الحجز الاحتياطي , مرافقة لجان الكشف , ومرافقة الموكلين لتنظيم الوكالات , وانتظار الموكلين الساعات الطوال , و جيبي الجنطة .. أخذي الجنطه .. جيبي الروب .. أخذي الروب .. فضلا عن دفع الرسوم .. وبقدرة قادر كانت نوبة الزهايمر تنتاب الاستاذة الكبيرة حين يتعلق الامر بمبالغ الرسوم .. اذ تجاوز مجموع الرسوم المسددة ( من جلدي ) ال 450 ألف دينار على مدى 4 أشهر .. خطيّه تنسى ! 

ثم جاءت القشة التي - كما يقولون - قصمت ظهر المدري شنو حين كلّفتني الاستاذة بمهام الخفارة هههههههه لاتضحك دكتورنا .. صار من ضمن واجباتي ان أرابط اول ساعتين من الدوام يم العرضحالجية اللي يحّولولها لها شغل حتى ارافق الموكلين الى كاتب العدل ثم الى الاستاذة !! 

وتركتُ الاستاذة الكبيرة حين همس لي محامي قريب الشبه والسن بوالدي :
- ماشالله عليج , اتوقع لج مستقبل باهر بالمحاماة - وأردف وهو يشير بطارف عينه الى استاذتي - بس ترا الاستاذة متفيدج

وسألتُ عنه زملاء لي من دفعتي فاتسعت احداقهم :

- الاستاذ ؟! قامة من قامات المحاماة .. واحتمال يصير منتدب الغرفة

  • ولم اتردد .. وانتقلتُ الى مكتب الاستاذ ( قامة من قامات المحاماة ) 

وصعقتُ .. أسبق لك وان صعقتَ بالكهرباء ؟ صُعقتُ وانا اقرأ اضبارة الدعوى التي كلفني الاستاذ باعداد ملخص عنها .. ذبتُ تماما في ملابسي في غرفة الضابط في مركز الشرطة وانا أقلّب الاوراق التحقيقية .. كانت قضية بغاء ودعارة !!

تصوّر يادكتور محمد حالي - انا السنفورة المتخرجة قبل خمسة اشهر - وانا اقرأ تفاصيل لم اجرؤ يوما على تخيلها طوال 22 سنة من عمري .. كنت كمن يشاهد فيلما اباحيا قذرا .. تصبب العرق غزيرا من كل مسامات جسدي وانا ارفع ناظري لأجد ضباط المركز يتبادلون الابتسامات ونظراتهم تلتهم تفاصيلي كأنّ شيئا ما على وشك ان يقع ,

 كان كابوسا لم اعرف كيف سينتهي , نفث اكبرهم سنا دخان سيجاره الكوبي بوحشية في وجهي .. افلتت الاضبارة من بين اصابعي المرتجفة وانسكبت اوراقها في كل ارجاء الغرفة .. تجاهل الضابط اعتذاراتي صارخا بأحد الحرس واردف :

- فعلا المركز نوّر بحضورج استاذة .. ياريت كل يومين تمرين علينا .. الا نغَركج بالدعاوى
تناهبتني الافكار في طريق عودتي , ووجدتني اعثر على اجابات كثيرة لصور مبهمة لاحظتها على مدى الايام القليلة الماضية في مكتب الاستاذ , نساء مغاليات في التبرج امتزنَ بضحكات صاخبة , اتعاب محاماة خيالية تمنح للاستاذ بسخاء , لقاءات متكررة للاستاذ على انفراد مع نقيب فلان .. وملازم علّان , هدايا متبادلة , عطور وساعات وموبايلات من ارقى المناشي ء .. طلبات مكلفة لاترد لأبن قائد الشرطة ووو وفهمت تماما سبب تباهى الاستاذ بمناسبة وبدون مناسبة : 

- اكبر قضية افضها بموبايل .. قدراتنا من فضل الله لاحدود لها
ولأن الاستاذ ( قامة من قامات المحاماة ) لايقف عند حد .. ولاني بنت ناس ومستورة .. تركته

وأقسمتُ يمينا مغلّظة ان لا ادخل مركز شرطة

وتوسط لي احد اساتذتي في الكلية لأباشر العمل برفقة محام شاب :

- رح ترحين ويه واحد عبقري .. اكبر عقلية قانونية خرّجتها كليتنا

هكذا لخصّه لي .. وسررتُ جدا .. وتطلّعتُ الى السماء باحثة عن ( طاقة القدر اللي اتفتحت لي - على كولة المصريين ) .. كان استقباله لي حافلا :

- ماشاءالله عليج صورة وقيمة .. ترا الدكتور غالي علينا وهوّا وصاني على ثلاث بنات خريجات دايشتغلن وياي .. بس انت ماكو وحده تنافسج

واحرجتني كلماته .. وظننته يراهق .. فعلا صدّقني ظننته يتغزل بي

لكن الاستاذ لم يكن يراهق .. ولم يكن يتغزّل

- باجر عدنا مرافعة حاسمة عند القاضي ( - ) اريد هالوجه الحلو يكابله من الصبح حتى يحسم القضية بمزاج هههههههه

- نعم ؟!!

تساءلتُ بشيء من الاستنكار .. لأقل .. تصنّعتُ الثَوَل

- لاتفهميني غلط .. لا لا ليروح فكرج لبعيد اني قصدي تكابليه بضبط المحضر وكتابة القرار 

ها .. نسيت ان اخبرك اني جميلة للغاية , بل وتعمدتُ ان لا اخبرك خشية ان تظنني ابالغ .. المهم فعلت تماما ماطلب الاستاذ ( عبقري ) , وفوجئت بتجاوب مذهل من القاضي ! ذات القاضي الذي يلقبه زملائي ب ( ابو نفس الحامضة ) ههههههه , وتكررالموقف مع قضاة اخرين .. موظفين , مدراء دوائر , موكلون من العيار الحيل ثقيل ,

 وعلى مدى سبعة اشهر نسي استاذي ( العبقري ) اسمي لكثرة مانادني ( الاستاذة Key ) .. لكني لحد الن لم اتعلم كتابة عريضة الدعوى , ولن اظلم استاذي حين أسرّ لك بانه كان حريصا على عدم تعليمي اي شيء .. لكنه ذات يوم قرر ان يراهق .. وحين صددته صدمني :

- قابل القضاة احسن مني

وصفعته .. وانهيت علاقتي به .. وعدت الى المحكمة .. اتناول الشاي والقهوة والثرثرة المكررة في غرفة المحاميات .. وأعد الخطى في اروقة المحاكم متصنعة الانشغال بانتظار دعوى قد تأتي وقد لا تأتي .. وطال الانتظار .. ومللت .. ونفد صبري .. وتذكرتُ يوما عرضا سخيا لأحد العرضحالجية مقابل الباب الكبير للمحكمة

انا الان في كروب محاميات ( 5 ) نعمل لدى أبو سعد .. عملا بمنتهى اليسر والثراء والشرف .. الرجل يتكفل بكل شيء , الاتفاق , والاستلام , وحتى كتابة العريضة , ازوره صباحا لاتسلم الدعوى مع الموكلين , مع حصتي من الاتعاب ( المقسوم ) , المهم مطلّعه مصرفي ومعيشتي واشتراك السيارة .. ومحّد يعرف المستقبل .. احتمال يبتسم لي الحظ فد يوم واتزوج ابو سعد

لاتضحك دكتور ..

ترا ابو سعد دا يكمّل دراسة حقوق أهلي .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع