القائمة الرئيسية

الصفحات

مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري تحت مطرقة الانتقاد

مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري تحت مطرقة الانتقاد


بقلم الباحث المحامي / ابراهيم رشيد ابراهيم

المقدمة :
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم . اللهم اني اعوذ بكلمات التامات من شر ما خلق الهم اني اسئلك العفو في الدنيا والاخرة . بأسمك الفاتح نفتتح هذا العمل ونحن واثقين بان ماشاء الله كان وما لم يشاء لم يكن .

ان القانون الوضعي هو قانون يتسم بالقصر مهما كثرت احكامه وضبطت صياغته.

لكونه من صنع البشر فلا بد ان يكتنفه النقص ويعتريه العوار حتى وان صاغه اصحاب الخبرة والاختصاص فهو صدر مفتوح لسهام النقد والانتقاد فكيف اذا كان من اناس غير مؤهلين لصياغة قانون يعتبر من اكثر القوانين تماسا بالافراد من حيث تعلقه بالمكون الاسري وما ينتج عنه من اثار سواء حال قيام الزوجية او بعد الفرقة وكذلك يتضمن قواعد شرعية بحتة تتعلق بالحل والحرمة وغير ذلك .

اطلعت على مسودة قانون الاحوال الشخصية الجعفري ووجدت فيه البعد الكبير عن الاحكام الفقهية للائمة الاثني عشرية الاطهار كذلك البعد الكبير عن الواقع العملي والاستحالة في تطبيق الكثير من مواده القانونية وكذلك التعارض الكبير في نصوصه مع القوانين الاجرائية والمدنية الاخرى . كذلك تعارض بعض نصوصه مع نصوصه الأخرى . مما دفعني الى كتابة هذا العمل المتواضع والذي يتضمن نقد هذا القانون بصورة موضوعية بعيدا عن التجريح والانتقاد غير البناء.


واخيرا اعتذر من جميع القراء في حالة وجود نقص او اخطاء لكونه عمل نقدي من صنع البشر ايضا وعرضة للنقد كما كان موضوع العمل واسأل الله تعالى ان يوفقني في انجاز هذا العمل على اتم وجه .


ملاحظة :- هذا العمل يتضمن الجزء الاول من نقد قانون الاحوال الشخصية الجعفري والتي وجدتها غير ملائمة للواقع من المادة (1) ولغاية المادة (135) والجزء الثاني من المواد (135) ولغاية المادة ( 254) نهاية القانون.


ان الاسباب الموجبة لتشريع قانون الاحوال الشخصية الجعفري جاءت من منطلق دستوري حسب ما ورد في باب الاسباب الموجبة للقانون واستنادا للمادة (41) من الدستور العراقي التي كفلت للعراقين حرية الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم ويفهم من ذلك ان قانون الاحوال الشخصية الجعفري يطبق على معتنقي المذهب الجعفري فقط دون معتنقي المذاهب الاخرى وهذا خلافا لما بينته المادة (246) من هذا القانون حيث نصت ( تسري احكام هذا القانون بناءا على طلب المدعي او وكيله ) .

وبالتالي فلم يبين هذا القانون الاشخاص الذي يسري عليهم احكام هذا القانون ولم يقتصره على مكون دون اخر وانما جعله يسري بناءا على رغبة ( المدعي ) بغض النظر عن مذهبه او مذهب ( المدعي عليه ) وان تعددوا او الاشخاص الثالثة ان وجدوا في الدعوى وبالتالي سيلجأ المدعي الى اختيار هذا القانون عندما يجد ان الدعوى التي يروم اقامتها لها مكاسب وفق احكام هذا القانون . وكذلك لم يراعي المشرع المذهب الذي ابرم بموجبه عقد الزواج وكذلك لم يراعي هذا القانون حالة تعدد المدعين في الدعوى الواحدة فهل يتم اختيار تطبيق هذا القانون من قبل اي مدعي منهم الاول ام الثاني ام الثالث او بناءا على رغبة واحدا منهم او بناءا على رغبة الاكثرية ؟. وسوف نسرد تفصيل ذلك عند وصولنا الى المادة المذكورة .


حددت المادة (16) من قانون الاحوال الشخصية الجعفري الشروط الواجب توفرها في الموصي لكي يصح تصرفه وذكرت في الفقرة اولا ( البلوغ بمعنى اكمال تسعة سنوات هلالية وفقا للتقويم الهجري عند الاناث واكمال خمسة عشر سنة هلالية عند الذكور او تحقق احدى العلامات البدنية المعتمدة لدى فقهاء المسلمين في اثبات البلوغ عند الذكور ) .

 ففي هذا المادة اختلاف كبير بين سن البلوغ بالنسبة للاناث والذكور ولا اعلم سبب هذا التفاوت حيث رسمت المادة المذكورة سن البلوغ للانثى تسعة سنوات وللذكر خمسة عشر سنة بالرغم من ان الوصية تصرف معامليا ماديا وليس له علاقة بالتركيبة الجسمانية او البدنية للذكر او الانثى انما يتعلق بعقلية الموصي ومدى نضوج عقله والمدى الذي يؤهله لادارة امواله او التصرف بها فهل ان عقل الانثى تركيبيا اكبر من عقل الذكر بالرغم من ان النساء ناقصات عقل ودين فما هو معيار تحديد سن البلوغ فلا يوجد في القانون اي شئ يشير الى معيار تحديد السن او التفاوت بين سن البلوغ للذكور والاناث .


المادة (17 ) اجازت للصبي الذي اكمل عشرة سنوات هلالية , بشرط ان تكون وصيته في موضعها المناسب من الناحيتين الدينية والدنيوية , وان تكون الوصية في ارحامه واقربائه ومقدارها يسيرا متعارفا . فلم يبين المشرع ما هية الموضع المناسب للوصية من الناحية الدينية والدنيوية وانما جعلها سلطة تقديرية للقاضي مما يوسع ذلك باب الاجتهاد وتفسير النص بالرغم من ان القاعدة الفقهية القانونية تنص ( لا اجتهاد في مورد النص ) كذلك لم تحدد المقدار الواجب اتباعه لكي تعتبر الوصية مقدرة بيسر وتعارف وهذا ايضا سوف يجعل تقدير ذلك لسلطة القاضي مما سيجعل القاضي حاكم ومشرع في ذات الوقت .

اما باب الأحكام العامة في عقد النكاح ( الزواج ) فقد بينت المادة (43) شروط صحة عقد النكاح في فقرتها السادسة حيث اشترطت اني يكون العاقد بالغا عاقلا ولا يجوز ان يعقد الصبي المميز لنفسه بدون اذن الولي وبالتالي يصح زواج القاصر دون سن الخامسة عشر سنة بالنسبة للذكور بأذن من وليه كما اشترطت الفقرة السابعة من نفس المادة رضا الزوجين (والاصح ان تكون رضا العاقدين بدل الزوجين لان لفظ الزوجين يطلق على اللذين ابرما عقد الزواج ). فيشترط ان يكون عنصر الرضا بالرغم من ان المادة المذكور اجازت زواج القاصر بأذن من وليه وكذلك القاصرة والتي لم تتم التاسعة من العمر فكيف يكون لها عنصر الرضا او ارادة ولا تنصاع لاوامر وليها فهل من المعقول ان تكون انثى في الصف الثالث الابتدائي لديها ارداة مخالفة لارادة وليها او ذكر قاصر لم يبلغ الخامسة عشر من العمر ارادة تختلف عن ارادة وليه فالذي يتبين من مفهوم الشرط المذكور مجرد حبر على ورق ولا مجال لتطبيقه في الواقع العملي .

اما المادة (48) من القانون فاجازت التوكيل في عقد النكاح من طرف واحد او من الطرفين وبنفسيهما ان كانا كاملين , او بالتوكل من خلال وليهما اذا كانا قاصرين . وبالتالي بموجب هذه المادة يستطيع الولي بالتوكل بتزويج الذكر او الانثى وهو بعمر اليوم الواحد لكونه يملك الولاية المطلقة من خلال السلطة التي منحته له هذه المادة .

اما المادة (50) من القانون فقد نصت على ( الاب والجد من طرف الاب العاقلان المسلمان لهما حصرا ولاية التزويج على الطفل الصغير والصغيرة وعلى المجنون المتصل جنونه بالبلوغ ) فيفهم من هذه المادة جواز تزويج الطفل الصغير والصغيرة من قبل وليهما ولم تحدد عمر الطفل حتى وان كان عمره يوما واحدا فالنص جاء مطلقا والمطلق يجري على اطلاقه فكيف تتم المعاشرة الزوجية في المهد ؟؟؟عذرا على التعبير !!!


اما المادة (54) من القانون فقد قيدت سلطة الاب او الجد في صحة زواج الباكر الرشيدة فتستطيع صاحبة التسعة سنوات الزواج بناءا على رغبتها لكونها بالغة رشيدة تستطيع الزواج من شخص تراه مناسبا لها وفقا لخبرتها الواسعة في الحياة وذلك من خلال وصولها مرحلة متقدمة من الدراسة ( الثالث الابتدائي ) فتكون اهلا للاختيار حتى ولو منعاها من الزواج بكفئه شرعا او اذا اعتزلا التدخل في امر زواجها او اذا غابا بحيث لا يعرف لهما مكان ولا عنوان وهنا الخيفة من ان تختار معلمها في المدرسة او زميلها في الصف ( للطرفة ) .
اما المادة (64) من القانون فقد نصت ( لا يصح نكاح المسلمة من غير المسلم مطلقا , ولا يصح نكاح المسلم نكاحا دائميا من غير المسلمة مطلقا ) فبموجب هذا المادة يجوز للمسلم ان يتزوج زواجا مؤقتا لغير المسلمة ويتمتع بها ومن ثم يطلقها حال انتهاء مدة التمتع ولم تبين المادة فيما اذا كانت هذه المدة قابلة للتجديد من عدمه كما ان القانون لم يرسم الشكلية للزواج المؤقت واقتصرت شروط المادة (43) من القانون على الزواج بوجه عام وكذلك لم تراعي المادة (63) قوله تعالى ( والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب ) فنساء اهل الكتاب حلال لنا.
اما المادة (68) بينت الحرمة بسبب الرضاع فقد نصت ( تتوقف حرمة النكاح بسبب الرضاع على توفر الشروط الاتية في الرضاع ) فقرة ثالثا- حياة المرضعة ولا عبرة بارتضاع الطفل حال موتها فنرى لا وجوب لايراد هذا الشرط لان الفقرة ( ثامنا ) من نفس المادة اشترطت ان يكون الرضاع مؤثرا وبشكل مستقل في انبات لحم الطفل وشد عظمه بمقدار معتد به عرفا , ومع الشك في ذلك فيكتفي بالرضاع مدة يوم وليلة او بحصول خمسة عشر رضعة كاملات متتاليات . فليس من المنطق او المعقول ان تفارق المرضعة الحياة وترضع الطفل ليوم وليلة اي بمعدل خمسة عشر رضعة متوالية وهل علميا يبقى حليب المرضعة في ثديها ليوم وليلة بعد وفاتها ؟ اما اذا كان القصد من الفقر المذكور استخراج الحليب من ثدي المرضعة قبل وفاتها ومن ثم ارضاعه للطفل بعد وفاتها فهنا علميا ثبت ان حليب الام يصبح غير صالح للرضاعة بعد مرور ثمان ساعات من استخراجه من ثدي المرأة .
ام المادة (72) نصت ( اذا تقيأ الطفل الحليب الذي ارتضعه لم تحصل التغذية به وبالتالي لا يعتد بتلك الرضعة ) فهذا النص لا مجال لتطبيقه لان معظم الاطفال في الاشهر الاولى من الولادة يتقيئون بعض الحليب الذي يرضعونه لانهم لا يشعرون بالشبع وبالتالي يتقيئون الحليب الزائد فهنا يثور تسائل عن معيار تقيؤ الطفل للرضعة هل جميع الرضعة ام جزء منها وهذا الذي لا يمكن تحديده بتاتا بالشهادة والتي اعتبرتها المادة (76) من القانون الاساس في اثبات الرضاع المحرم والتي حددت شهادة رجلين عدلين على وقوعه وان تكون شهادتهما مفصلة ولا يكتفي بالشهادة المطلقة والمجملة فهل من الممكن ان يراقب رضاعة المرأة للطفل شهود وبصورة مفصلة من حيث عدد الرضعات ومراقبة تقيأ الطفل او اشباعه من اللبن !

ام الفصل الثالث من القانون فقد تكلم عن العيوب التي توجب الخيار في فسخ عقد النكاح وبين انواعها والاثار المترتبة على فسخ عقد النكاح حيث بينت المادة (85) طرق اثبات العيوب المنصوص عليها في المواد (79,78) من القانون واجمعها بالاقرار وشهادة رجلين عدلين او شهادة اربعة نسوة عدلات فيما يتعلق بالعيوب الباطنة للمرأة وقد فات على المشرع ذكر وسائل التقدم العلمي والفحص الطبي الذي اعتمد في وقتنا الحاضر في اثبات العيوب الخفية للزوجين والتي تكون اثباتها شبه مستحيل بالشهادة كمرض (العفل) :- وهو لحم او عظم ينبت في الرحم . و(الجب) :- وهو عبارة عن قطع العضو التناسلي الذكري بحيث لم يبقى منه ما يمكن تحقيق الوطأ به . وكذلك (العنن المطلق ) :- وهو المرض المانع من انتصاب العضو بحيث لا يقدر معه على وطأ عموم النساء . فهذه العيوب المذكورة من غير الممكن ان تثبت بشهادة شهود لانها عيوب خفية لا يمكن العلم بها الا من الزوجين وبالتالي فان الطريقة المثلى لاثبات هذه العيوب هي الفحص الطبي ووسائل التقدم العلمي ( كالسونار , الاشعة , فحص اللجان الطبية ) والتي لا تتعارض مع قواعد الاثبات ولا تتعارض مع مبادئ الشريعة الاسلامية طالما توصل الى الحقيقة ولكون القانون اغفل عن ذكر هذه الطريقة فان اثبات العيوب سوف يصبح مستحيلا ولا مجال لتطبيق فسخ عقد النكاح للعيب .

اما المادة (102) من القانون فقد بينت حقوق الزوجة على الزوج ووضحت في فقرتها الرابعة ( ان لا يترك مقاربتها اي الزوج لزوجته اكثر من اربعة اشهر واذا كانت الزوجة لا تقدر على الصبر الى اربعة اشهر فعلى الزوج مقاربتها قبل تمام الاربعة اشهر او طلاقها وتخلية سبيلها ) يتبين من هذه المادة عدم جواز ترك الزوج لزوجته اكثر من اربعة اشهر ولا نعلم معيار تحديد هذه المدة وجعل استثناء على هذه المدة اذا كانت الزوجة لا تقدر على الصبر الى اربعة اشهر فالسؤال الذي يثور هنا كيف يتم معرفة ان الزوجة لا تقدر على الصبر اربعة اشهر بدون زوجها هل سلطة تقديرية للقاضي ام القول قولها ؟ والطريق الانسب الذي نراه ان يتم توجيه انذار من قبل الزوجة الى زوجها عن طريق دائرة كاتب العدل تبين له انها لاتستطيع الصبر بدونه لاربعة اشهر وتبلغه بالانذار وبذلك تستطيع اثبات عدم استطاعتها للبقاء دون زوجها لاكثر من اربعة اشهر !!!

اما المادة (104) بينت مسألة تعدد الزوجات ولم تحدد اي شروط او عراقيل للزواج باكثر من واحدة كما رسمها القانون الحالي رقم 188 لسنة 1959 والذي اشترط الاذن بالزواج من القاضي بناءا على وجود مصلحة مشروعة ومقدرة مالية . وبالتالي فان تعدد الزوجات وفق قانون الاحوال الشخصية الجعفري هو جائز دون حجة اذن بالزواج او اي شروط قانونية اخرى ولم تبين المادة فقط تعدد الزوجات وانما رسمت القسمة في المبيت عند كل زوجة فنصت في الفقرة الاولى ( اذا كان له اي الزوج اربع زوجات , فاذا بات عند احداهن وجب عليه المبيت عند الاخريات لكل منهن ليلة واحدة ولا تفضيل لبعضهن على بعض ) اي لا يجوز المبيت اكثر من يوم لدى واحدة من الزوجات وحرمان الاخرى وذلك لتحقيق العدل بين الزوجات ولكن لم نرى هذا العدل في الفقرة الثانية والثالثة من نفس المادة حيث بينت الفقرة الثانية حالة وجود ثلاث زوجات فان بات عند احداهن ليلة وجب عليه المبيت عند الاخريين لكل منهما ليلة واحدة والزوج ان يفضل احدى الزوجات الثلاث في الليلة الرابعة اي تصبح القسمة بواقع يومين لزوجة ويوم واحد لكل واحدة من الزوجتين الاخريين . وكذلك الفقرة الثالثة لم تعدل بين الزوجات ففي حالة وجود زوجتان وبات عند احداهن ليلة لزمه المبيت عند الاخرى في الليلة التي بعدها وله ان يجعل لاحداهن ثلاث ليال وللاخرى ليلة واحدة وبالتالي تصبح القسمة ثلاثة ليال لزوجة مقابل ليلة واحدة للزوجة الاخرى .

اما المادة (106) فلم تعدل ايضا بين الزوجات اذا كانت احداهن صغيرة اي لم تبلغ تسعة سنوات فهنا لايثبت لها حق المبيت ويمكن تركها لعدم الاستمتاع بها فهنا الصغيرة قد ضلمت مرتين مرة من وليها عندما زوجها والمرة الاخرى من زوجها عندما تركها دون مبيت لانشغاله بالاستمتاع بزوجاته الاخرى .

اما المادة (108) في فقرتها الثانية بينت نشوز الزوج ففي حالة نشوز الزوج فيحق للزوجة اللجوء الى القاضي ويعتبر الزوج ناشز وفق هذا القانون اذا اخل بحقوق زوجته من نفقة او ان يؤذيها او يشاكسها دون وجه شرعي او يهجرها دفعة واحدة ويجعلها معلقة او ان يتركها لاكثر من اربعة اشهر او يمتنع عن المبيت عندها في حالة تعدد زوجاته كما مرسوم في المادة (104) من القانون والتي سبق وان فصلتها . فاذا لجأت الزوجة الى القاضي لنشوز زوجها فعلى القاضي ان يخير الزوج باداء الحقوق التي اخل بها او الطلاق وان امتنع الزوج عن الامرين فللقاضي ان يطلق الزوجة بناءا على طلبها ويقع الطلاق بائنا او رجعيا حسب موارد الاخلال باداء الحق . فالشق الاخير من النص بخصوص ايقاع الطلاق بائنا او رجعيا حسب موارد الاخلال باداء الحق نكون بصدد تفريق قضائي ممكن ان يكون رجعيا فبعد ان تفرق المحكمة بناءا على طلب الزوجة وتستحصل حكما بالطلاق يأتي الزوج خلال فترة العدة ويراجع زوجته حتى دون رضاها وكأن شيئا لم يكن .

اما المادة (116) فنصت على حضانة الولد وتربيته وما يتعلق بها من مصلحة حفظه ورعايته منذ ولادته وحتى بلوغه سبعة سنوات ذكرا كان ام انثى اي حددت سن الحضانة بسبع سنوات وسن بلوغ الانثى وفق هذا القانون تسع سنوات اي الفرق ما بين الحضانة والبلوغ سنتين فقط !!!

اما المادة (118) فقد بينت سقوط حضانة الام المطلقة بزواجها حتى ولو فارقت زوجها الثاني اي حذرت هذه المادة المطلقة من الزواج مجددا والا سوف تحرم من حضانة اطفالها حتى وان افترقت من زوجها الثاني وبذلك ابتعد المشرع عن القاعدة الفقهية القانونية التي تنص ( اذا زال المانع عاد الممنوع ) .

اما المادة (121) حرمت على الكتابية ان تكون حاضنة للطفل المسلم حتى وان كانت عاقلة وامينة على سلامة الولد وبالتالي فان هذا القانون لم ينصف الكتابيات من حيث الزواج الدائم ومن حيث حضانة الطفل .

اما المادة (126) فقد بينت الحالات التي يكون الزوج ملزما بالانفاق على زوجته وبينت في فقرتها الثانية اذا كانت الزوجة صغير غير قابلة لاستمتاع زوجها منها فغير ملزم بالانفاق عليها فهنا الزوجة الصغيرة التي لم تبلغ سن البلوغ ( تسعة سنوات ) ليس لها نفقة وليس لها حق في المبيت فلماذا اجاز المشرع زواجها مع عدم تقدير اي حقا لها ؟ الجواب لدى المشرع . اما الفقرة الثالثة من نفس المادة فقد نصت اذا كانت الزوجة كبيرة وزوجها صغير غير قابل لان يستمتع منها كان يكون عمره خمس سنوات او اقل او اكثر فهنا لا وجوب للانفاق على زوجته الكبيرة .

وضحت المادة (135) من قانون الاحوال الشخصية الجعفري من الباب الثالث منه مفهوم الطلاق وبينت في المادة (136) شروط صحة الطلاق ووضحت في فقرتها الاولى (ان يكون المطلق بالغا وفقا للبند (اولا) من المادة (16) من هذا القانون والتي حددت سن البلوغ بالنسبة للأنثى (9) سنوات هلالية وفقا للتقويم الهجري , و(15) سنة هلالية عند الذكور او تحقق العلامات البدنية المعتمدة لدى فقهاء المسلمين في اثبات البلوغ عند الذكور . ولكن فات على المشرع عندما حدد هذا الشرط نص المادة (43) من هذا القانون والتي اجازت للصبي المميز ان يتزوج بأذن وليه وكذلك المادة (48) من هذا القانون والتي اجازت ابرام عقد النكاح بالتوكل عن طريق ولي العاقدين في حالة كونهما قاصرين وبالتالي فأذا ابرم عقد الزواج بين عاقدين لم يبلغا سن البلوغ فلا يجوز لهما ان يفترقا لكون من شروط صحة الطلاق حسب المادة (136) هو البلوغ ولكونه غير متوفر في العاقدين فلا يحق للزوج تطليق زوجته كما لا يجوز للزوجة تطليق زوجها ان وكلت او فوضت بأيقاع الطلاق حسب نص المادة (135) من القانون . وبالتالي سيصبح استحالة في تطبيق هذا الشرط ويعتبر الطلاق في حالة لفظه غير واقع قانونا لعدم استيفاءه شرط البلوغ والذي يعتبر شرط رئيسي لصحة الطلاق .
اما الشرط السادس من المادة (136) من القانون فقد اشترطت لصحة ايقاع الطلاق (ان لايكون الزوج قد قارب زوجته في طهرها المزامن لأيقاع الطلاق , مالم تكن صغيرة او يائسة او مستبينة الحمل او مسترابة ). يتبين من هذا الشرط ان من صحة ايقاع الطلاق ان تكون الزوجة في طهر غير مواقع فيه واعطى المشرع استثناءات على شرط الطهر منها اذا كانت الزوجة (صغيرة) فهنا نجد ان المشرع استثنى القاصرة من شرط ان لا يكون الزوج قد قاربها في طهرها المزامن لأيقاع الطلاق وبالتالي اذا حصل طلاق لزوجة صغيرة يقع صحيحا وفق هذا الشرط حتى وان قاربها زوجها وبالتالي فأن هذا الشرط يتناقض مع الشرط الاول من المادة (136) والذي اشترط ان يكون المطلق بالغا وهنا يقصد بالمطلق الزوج او الزوجة لأن الزوجة ممكن ان تكون هي من توقع الطلاق لزوجها اذا فوضت او وكلت به كما بينا في المادة (135) من القانون والتي اجازت تفويض او توكيل الزوجة بأيقاع الطلاق فهنا نجد تناقض واضح بين الشرطين المنصوص عليهما في الفقرة (اولا وسادسا) من المادة(136) .
اما المادة (137) من القانون فقد نصت ( لايصح طلاق الصبي وان كان مميزا لا مباشرة ولا بتطليق الغير وليا كان او وصيا او وكيلا عنه ) فهنا نجد النص قضى بعدم صحة طلاق الصبي وان كان مميز تطبيقا للفقرة (اولا) من المادة (136) والتي اشترطت البلوغ لصحة الطلاق وهنا نواجه نفس المشكلة في حالة زواج القاصرين والتي اجازها القانون كما ذكرنا في المادتين (43و48) من القانون فلا يجوز ان يفترقا مهما كان السبب لأن طلاقهما يقع باطلا مادام لم يبلغا سن البلوغ فهنا استحالة كبيرة في تطبيق المادة لتعارضها مع مواد اخرى من نفس القانون كما بينا اعلاه .

اما المادة (138) من القانون فقد قيدت سلطة القاضي في الحكم بالتفريق او الطلاق حسب نص المادة اذا كان الزوج قد اصيب بأفة الجنون المطبق الا في حالة فقدان ولي الزوج المجنون ففي هذه الحالة تكرم المشرع واعطى السلطة للقاضي في الحكم بالطلاق فهنا نجد ان الزوج اذا اصيب بالجنون المطبق ورفض وليه ( ابوه او جده لأب) تطليقه فهنا تبقى زوجته على ذمته بالرغم من ان هدف الزواج هو انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل وتكوين اسرة هادئة ويحق للزوجين الاستمتاع بالزوج الاخر على وجه شرعي فكيف يتم تحقيق اهداف الزواج اذا كان الزوج مجنون جنون مطبق فاقد الاهلية والادراك وكيف يتم تعايش زوجة مع زوجها الذي اصيب بالجنون هذه كلها تساؤلات لم يجعلها المشرع في نظر الاعتبارعند صياغته لهذه المادة .

وضحت المادة (147) اقسام الطلاق وبينت في الفقرة (ثانيا) اقسام الطلاق البائن في الفقرة (و) بينت حكم القاضي بتطليق زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الانفاق عليها يقع طلاقا بائنا ولا يجوز اعتباره طلاقا رجعيا وهذه الفقرة ناقضت المادة (108) من القانون والتي نصت في فقرتها (ثانيا) اذا اخل الزوج بأداء حقوق زوجته المنصوص عليها في المواد (101و102و103و104) والتي من ضمنها الانفاق فيحق للزوجة اللجوء الى القاضي لطلب الطلاق وللقاضي ان يحكم بطلاق الزوجة ويقع الطلاق بائنا او رجعيا فهنا تناقض بين المادتين بأعتبار الطلاق لعدم الانفاق بائن في مادة واعتباره بائن او رجعي في المادة الاخرى .

وضحت المادة (154) الاستثناءات من وجوب الاعتداد بالعدة الشرعية للمطلقة فبينت الفقرة الثالثة استثناء المرأة من الالتزام بالعدة الشرعية اذا كانت يائسة التي انقطع دم الحيض لديها ولا تعتقد عودته لكبر سنها ببلوغها الخمسين سنه حتى وان كانت مدخولا بها . فأن تحديد سن الخمسين سنه لأعتبار المرأة يائسة هو اعتبار صحيح على اعتبار ان عمر الخمسين سنة بالنسبة للمرأة كفيلا لأعتبارها يائسة ولكن لو اكتفى المشرع عند صياغته للمادة باليائسة فقط دون تحديد سن معينه لكانت الصياغة افضل بكثير لكون هناك حالات وان كانت نادرة للمرأة تصل سن اليأس عند البعض منهن الى سن ال(55الى 60) عاما والذي يعرف (بالاياس المتأخر) وهذا مااكدت عليه البحوث الطبية وكذلك حالات الولادة التي نشاهدها واقعيا في حياتنا بالنسبة للنساء اللاتي تجاوزن سن الخمسين . ويعود اسباب الاياس المتأخر الى التفاوت في تركيبة الهرمونات المحفزة للخصوبة عند كل مرأة فهناك اياس مبكر وهناك طبيعي وهناك متأخر كما اسلفنا فكان على المشرع ان يراعي جميع الحالات وان كانت نادرة لان فرض وجود حالة الاياس المتأخر للمطلقة سوف يتنافى مع مفهوم اليائس المنصوص عليه في الفقرة (ثالثا) من المادة (154) من القانون .

اما المادة ( 162 ) من القانون بينت مفهوم المفقود هو المنقطع خبره عن اهله وهو على قسمين 

اولا – من تعلم زوجته بحياته ولكنها لا تعلم في اي بلد يكون , وحكمها ان تصبر وتنتظر اما عودته او ان يأتيها خبر وفاته او تطليقه لها او ارتداده عن الاسلام . وفي حال ما اذا ثبت للقاضي ان الزوج قد هجر الزوجة هربا من اداء حقوقها الزوجية , فله ان يطلقها اذا هي طلبت ذلك . فيتضح من هذا النص ان مفهوم المفقود وفق هذه المادة يتناقض مع مفهوم المفقود المنصوص عليه في المادة ( 86 ) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة1980 وهو القانون المعني بكل ما يتعلق بالمفقود والذي نص ( المفقود هو الغائب الذي انقطعت اخباره ولا تعرف حياته او مماته ) اضافة لذلك ان زوجة المفقود وفق مفهوم هذا القانون تبقى معلقة وتنتظر عودته حتى وان طالت المدة امد الدهر مادامت الزوجة تعلم بحياته ولم يطلقها او يتوفى او تثبت للقاضي انه هجرها هربا من اداء حقوقها الزوجية فللقاضي ان يطلقها ففي رأينا ان مفهوم المفقود وفق هذه المادة هي اقرب الى مفهوم الهجر وقد اقر المشرع بذلك عندما ذكر في الشق الاخير للمادة اذ ثبت للقاضي ان الزوج قد هجر الزوجة هربا من اداء حقوقها . 

اما الفقرة (الثانية) من المادة ذاتها وضحت القسم الثاني من المفقود وهو الذي لاتعلم زوجته حياته ولاموته ووردت حالتين لحكمه 
الحالة الاولى – ان يكون للزوج المفقود مال ينفق منه على الزوجة او يقوم ولي الزوج الاب او الجد لأب بالانفاق عليها من مال نفسه فهنا يجب على الزوجة الصبر والانتظار وليس لها المطالبه بالطلاق مادام الانفاق قائما فهنا اذا كان المفقود او وليه موسرين ولهما اموال تستطيع ان تعتاش منه الزوجة لعشرون سنه مثلا فيجب ان تبقى معلقة حتى وان كانت في مقتبل عمرها وترغب بالزواج مجددا او الانجاب فهنا نجد ان المشرع تعسف وظلم زوجة المفقود عندما جعلها معلقة طيلة حياتها اذا كان لزوجها او وليه مال تعتاش منه .
اما الحالة الثانية – فهي حالة ان لا يكون للزوج مال ينفق منه على الزوجة ولاينفق عليها وليه فللزوجة ان ترفع امرها للقاضي لطلب الطلاق من زوجها فيؤجلها القاضي اربع سنوات ويأمر بالفحص عن زوجها فهنا حدد المشرع احتساب مدة الاربع سنوات من تاريخ رفع الطلب وليس من تاريخ الفقدان اضافة الى ان المشرع لم يحدد الطريقة والية الفحص عن المفقود هل بذات الطرق المنصوص عليها في قانون رعاية القاصرين او بطرق اخرى يترك تقديرها للقاضي ؟ اضافة الى ذلك اذا قامت الزوجة بتسجيل اخبار على زوجها المفقود .

اما المادة ( 213 ) نصت ( لا ترث الزوجة مما يتركه زوجها من الاراضي لا عينا ولا قيمة وترث من المنقولات ومما ثبت في الارض من الابنية والاشجار والالات وغيرها وللوارث ان يدفع لها قيمة الاشياء الثابتة في الارض وهي ملزمة بقبول القيمة ) يتضح من نص المادة المذكورة اذا كان الزوج لايملك سوى اراضي مهما كانت قيمتها فلا ترث الزوجة اما اذا كان له منزل او عمارات او محلات تجارية فأنها ترث فقط قيمة المشيدات على الارض ولا نعلم كيفية احتساب قيمتها هل مستحقة القلع ؟ ام قائمة ؟ وكيفية تقديرها هل من قبل الورثة ام من قبل جهة معينة كأن تكون محكمة او دائرة التسجيل العقاري ام جهة اخرى . كذلك لم يحدد المشرع مصير الاراضي اذا كانت الزوجة هي الوارثة الوحيدة .

اما المادة ( 246 ) والتي نصت ( تسري احكام هذا القانون على العراقيين بناءا على طلب المدعي او وكيله ) يتضح من هذه المادة كما ذكرنا في في بداية الجزء الاول من عملنا ان نطاق سريان هذا القانون بناءا على طلب المدعي او وكيله اي المدعي مخير بتطبيق قانون الاحوال الشخصية الجعفري ام قانون الاحوال الشخصية النافذ بغض النظر عن مذهب المتداعيين وانتمائاتهم والمذهب الذي بموجبه تم عقد الزواج اضافة الى ان المادة لم تحدد حالة تعدد المدعون في الدعوى الواحدة كما في الدعاوى التي تخص تركة مورثهم او دعاوى نفي واثبات النسب ففي حالة طلب مدعي تطبيق هذا القانون وطلب الاخر تطبيق القانون الحالي اي القانونيين سيطبق ام يلجأ كل منهما الى المحكمة المختصة لتطبيق القانون الذي يرغب بتطبيقه فأذا لجأ الاول الى المحكمة الشرعية الابتدائية ولجأ الاخر الى محكمة الاحوال الشخصية الحالية وصدر حكمين متناقضين ايهما سيطبق ؟ اضافة الى حالة دخول الاشخاص الثالثة الى جانب المدعي اختصاميين وطلبو تطبيق قانون يختلف عن القانون الذي طلبه المدعي اي الطلبات يقدم على الاخر هل رأي الاكثرية ام الطلب السابق للطلب الاخر فهذه كلها تساؤلات لانجد لها حلولا لغموض النص .

اما المادة ( 247 ) اشترطت في كل من وكيل المدعي ووكيل المدعى عليه ان يكون عارفا بألأحكام الفقهية الجعفرية ومجازا بممارسة اعمال الوكالة ( المحاماة ) من المجلس الاعلى للقضاء الجعفري المنصوص عليه في قانون القضاء الجعفري الذي لم يقر لحد الان من قبل مجلس النواب العراقي وبالتالي جعل المشرع عمل المحامي مقيد بأجازة من جهة لاينتمي اليها المحامي لا من قريب ولا من بعيد وبذلك ناقض نصوص قانون المحاماة والذي هو القانون المعني بتسجيل وتنظيم عمل المحامي .

اما المادة ( 249 ) اعطت الولاية للمحاكم الجعفرية العراقية لتطبيق نصوص هذا القانون وجميع ما يعرض عليها من المسائل وفقا لأحكام هذا القانون وبالتالي فأن سريان هذا القانون متوقف على اقرار قانون القضاء الشرعي الجعفري العراقي والذي لم يقر لحد الان من قبل مجلس النواب العراقي ولامجال تطبيق اي نص من نصوصه الا بعد اقرار القانون الاخير.

واخيرا اود ان ابين من خلال اعدادي للجزء الاول والثاني من عملي في فحص جميع نصوص قانون الاحوال الشخصية الجعفري وانتقادها ان هذا القانون متناقضا في الكثير من نصوصه مع القوانين العراقية الاخرى كقانون المرافعات والاثبات والمدني وقانون رعاية القاصرين وقانون التنفيذ وقانون الرسوم العدلية وغيرها اضافة الى التناقض مابين نصوص نفس القانون مما يجعل صعوبة بل استحالة في تطبيقه اضافة الى ان تطبيقه معلق على اقرار قانون القضاء الشرعي الجعفري العراقي .
وفي خاتمة هذا العمل اذكر نفسي وغيري بقوله تعالى (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه احدا )) الكهف 110
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع