ومضة في حكم الزنا

المحامي عارف الشعال

من المعلوم أن الزنا يفسد الحياة الزوجية ويسبب نفوراً بين الزوجين يضعهما في معظم الحالات بمواجهة استحقاق فصم عرى الزواج.

ومن المعلوم أيضاً أن إثبات هذه الفعلة الآثمة على الزاني أمام القضاء مسألة عسيرة جداً وتكاد تكون مستحيلة بسبب طبيعتها السرية التي يحرص طرفاها أشد الحرص على ممارستها بعيداً عن أعين الناس وكتمانها عنه.

لحظ قانون الأحوال الشخصية لطائفة الروم الأرثوذكس الكريمة رقم 23 لعام 2004، هذه الناحية الجوهرية، فلم يشترط ثبوت الزنا بشكله المعروف لطلب الطلاق، وإنما حثَّ الزوجين على الحرص في سلوكهما العادي أن يبتعدا عن الأماكن المشبوهة، وعن ورفاق السوء أيضاً، تحت طائلة اعتبار تصرفهما (بحكم الزنا) حتى لو لم يثبت الزنا، فنصَّ على أنه:

1 – إذا طلب أحد الزوجين من الآخر مراراً عدم التردد إلى مكان تغلب عليه السمعة السيئة ولم يمتنع.

2 – إذا طلب أحد الزوجين من الآخر عدم معاشرة أناس سيرتهم غير حسنة ولم يمتنع.

(المادة 69/ ب والمادة 70/ د)

فيحق للمتضرر أن يطلب الطلاق لعله (ما هو بحكم الزنى) شرط أن يقدم البينة على ذلك، ويعود للمحكمة حق تقدير ما هو بحكم الزنى. (المادة 68)

في الواقع تعتبر هذه النصوص غاية في الحصافة والحكمة وبعد النظر، فبالرغم من كونها تفرض قيوداً غير محقة وغير منطقية في الظاهر، على سلوك الإنسان، غير أن غايتها سامية بدون شك، فمن غير المعقول أن يتردد شخص ما على مكان مشبوه وسيء السمعة بقصد رصد حركات الناس وإجراء دراسات اجتماعية فقط بدون أن تذل قدمه ويقع في المحظور، وقديماً قيل: (من حام حول الحمى، أوشك أن يقع فيها)

فالحرص على الحياة الزوجية السليمة، والاستمرار السوي لهذه الخلية في المجتمع يقتضي من الزوجين أن يكون سلوكهما منضبطاً للغاية.

مع الإشارة أن القانون المذكور قد اعتبر هذه الضوابط في السلوك وضوابط غيرها أيضاً قام بتعدادها (كالشذوذ الجنسي والمجامعة خلافاً للطبيعة)، أفعال على سبيل المثال وليس الحصر في اعتبار سلوك أحد الزوجين يعد بحكم الزنا.

ومن نافلة القول أيضاً أن قانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس رقم 10 لعام 2004، نص في الـمادة 56 منه على حق أحد الزوجين بطلب الطلاق، إذا اشتهر أمر أحدهما بالتردد إلى محلات معروفة بالدعارة أو مشتبه بها وما أشبه ذلك.