القائمة الرئيسية

الصفحات

شروط واركان قبول الدعوى القضائية الصحيحة

شروط الدعوى الصحيحة


لقد اشترط الفقهاء شروطاً لصحة الدعوى ، وجواز قبولها ، وسماعها ، بحيث إذا توفرت هذه الشروط في دعوى المدعي صحت ، أي قبلت منه ، وسمعت ، وسئل الخصم المدعى عليه عنها ، وهذه الشروط هي :

شروط واركان قبول الدعوى القضائية الصحيحة

الشرط الأول : أهلية المدعي والمدعى عليه

لقد اشترط الفقهاء أهلية كل من المدعي والمدعى عليه للتصرفات الشرعية ، حتى يخاصم في الدعوى بنفسه ، وإذا لم تتوفر الأهلية ، مثله وليه أو وصيه.

وشروط الأهلية هي :

1- أن يكون كل منهما مكلفاً شرعاً ، أي بالغاً عاقلاً , ويثبت حد البلوغ : بالإحتلام والاحبال ، والحيض والحمل . وإذا طعن في أهلية أحد الخصمين بالمرض العقلي كالجنون أو العته، أو نحوهما ، فعلى المحكمة إحالة من طعن به إلى طبيب مختص لبيان حالته العقلية من أجل صحة الخصومة في الدعوى ، ويفحصه الطبيب بدوره ،...

ويقدم تقريره للمحكمة بشأنه ، ويؤيده بشهادته أمامها ، فإذا كان مريضاً من ناحية عقلية ، وغير أهل للخصومة بسبب ذلك ، أدخل وليه عنه في الدعوى ليخاصم عنه ، وإذا لم يكن وليه والده أو جده موجوداً نصب القاضي وصياً عليه للخصومة عنه في الدعوى.

الشرط الثاني من شروط الدعوى :

أن تتوفر في المدعي صفة حق الإدعاء الشرعية في الدعوى ، وذلك بأن يكون له شأن في رفعها ، كأن يطالب بالحق المدعى به لنفسه أو لغيره بطريق الوكالة أو الوصاية ، أو أن يكون مدعياً حسبة بإسم الحق العام الشرعي، ويتوفر شرط الدعوى المذكور في الحالات التالية :

أولاً : مطالبة المدعي الحق المدعى به لنفسه.

ثانياً : المطالبة بحق الغير بالنيابة عن ذلك الغير ، بموجب الوكالة ، أو ولاية ، أو وصاية.

ثالثاً : إذا أحدث أحد الناس ضرراً في الطريق العامة كحفرة مثلاً ، فلأحد الناس من العامة صفة الإدعاء عليه ، لإزالة الضرر الذي أوقعه في الطريق.

رابعاً : يكفي حضور البعض من الطرفين في دعوى الأشياء التي تكون منافعها مشتركة بين أهال قريتين ، كالنهر والمرعى ، إذا كانوا قوماً غير محصورين ، وإما إذا كانوا محصورين فلا يكفي حضر بعضهم ، بل يلزم حضورهم كلهم أو وكلائهم.

وأهالي القرية الذين عددهم يزيد عن المائة يعدون قوماً غير محصورين.

خامساً : يصح لأحد الورثة أن يدعي بطلب الميت ، الذي هو في ذمة آخر ، وبعد الثبوت ، يحكم بجميع الطلب المذكور لجميع الورثة ، وليس للوارث المدعي أن يقبض إلا حصته من ذلك ، ولا يقبض حصص سائر الورثة.

سادساً : إن لكل مسلم الحق في الادعاء في أمور الحسبة ، ومن دعاوى الحسبة: طلب التفريق بين الزوجين بسبب الطلاق ، أو حرمة النسب ، أو المصاهرة ، أو الرضاع.

الشرط الثالث من شروط الدعوى :


أن تكون الدعوى ملزمة الخصم بشيء على فرض ثبوتها ، فلو لم يترتب عليها إلزام الخصم بشيء على فرض ثبوتها ، لم تصح ، فلا تسمع ، إذ سماعها حينئذ والإشتغال بإثباتها ضرب من العبث ، الذي يجب تنزيه العقلاء عنه.

الشرط الرابع من شروط الدعوى :

أن تكون هناك خصومة حقيقة بين المدعي والمدعى عليه ، كما يعلم ذلك من تعريف الدعوى ، حيث اشترط فيها أن تكون حالة المنازعة ، فإذا لم تكن هناك خصومة حقيقية ، وتنازع بين المتداعيين في نفس الأمر ، وإنما عملت الخصومة الظاهرية بقصد الاحتيال للوصول للقضاء ، توصلاً لشيء آخر ، خارج عن موضوع الدعوى ، لم تصح هذه الدعوى فلا يجوز سماعها ولما كان هذا الأمر قد يخفى على القضاة ، قيل فيه : إن علم القاضي بالحقيقة ، وفهم باطن الأمر لم يسمع هذه الدعوى وإذا لم يعلمها سمع الدعوى وقضى ونفذ قضاؤه وكان معذوراً في ذلك.

الشرط الخامس من شروط الدعوى :

أن يكون المدعى عليه معلوماً، فيشترط في صحة الدعوى أن يكون المدعى عليه معلوماً شخصه ، لأن فائدة الدعوى الإلزام ، والحكم فيما إذا ثبتت الدعوى بأحد أسباب الحكم ، وإذا كان المدعى عليه مجهولاً فلا يتحقق الإشهاد والإلزام.

الشرط السادس من شروط الدعوى :

أن يكون المدعى به معلوماً ، لتعذر الشهادة ، والقضاء بالمجهول ، وعليه إذا كان المدعى به مجهولاً ، لا تكون الدعوى صحيحة ، ولا يكون الخصم مجبوراً على إعطاء الجواب ، كما أنه في هذه الحالة لا تقام البينة على المدعى عليه المنكر ، ولا يحلف المدعى عليه.
وسنبين فيما يلي معلومية المدعى به في دعوى العين ، والدين ودعاوى أخرى

أولاً : معلومية المدعى به في دعوى العين.
إن المدعى به في دعوى العين : قد يكون عقاراً أو منقولاً :
1- دعوى العقار : يشترط في دعوى العقار أن يكون معلوماً ومميزاً عن غيره ولا بد من بيان موضع العقار من البلد والمحلة والسكة ويجب ذكر حدوده وأطواله وعند ذكر الحدود يجب ذكر أسماء أصحاب الحدود وأنسابهم ، ويجب أيضا ذكر سبب استحقاق الملكية.

2- دعوى المنقول : إذا كان المدعى به عيناً منقولة ، وحاضره في مجلس القاضي ، فتعلم بالإشارة إليها ، ويدعيها المدعي بقوله : هذه لي مشيراً إليها بيده ، وهذا المدعى عليه قد وضع يده عليها بغير حق ، فأطلب الحكم بها لي ، وأخذها منه.

وإن لم تكن العين حاضرة في مجلس القاضي وكانت موجودة في يد خصمه وممكنا جلبها وإحضارها إلى المجلس بلا مؤونة ، تجلب إلى مجلس الحكم ليشار إليها. وإن كانت عين المنقول المدعى بها غير حاضرة في المجلس وغير ممكن إحضارها بلا مؤونة ، بل إن المدعي يعرفها ويوصفها ويبين قيمتها إذا كانت من القيميات.

ثانياً : معلومية المدعى به في دعوى العين

الدين : هو الحق الذي يترتب في الذمة ، ولا يتعين بالتعيين ، وهذا قد يكون مكيلاً ، وقد يكون موزوناً ، وقد يكون معدوداً .
ويشترط لصحة الدعوى بالدين شروط :

  • أولاً : بيان قدره وجنسه ونوعه وصفته.
  • ثانياً : بيان سبب وجوبه : من بيع أو قرض أو سلم أو ما أشبه ذلك.

الشرط السابع من شروط الدعوى :

يشترط أن يكون المدعى به محتمل الثبوت ، بناءً عليه لو ادعي ما وجوده محال عقلاً أو عادة لا يصح الادعاء ، مثلاً إذا ادعى أحد في حق من هو أكبر منه سناً أو في حق من نسبه معروف بأنه ابنه ، فلا تكون دعواه صحيحة ، ويشترط لصحة الدعوى أن تكون مما لا تشهد العادة والعرف بكذبها.

الشرط الثامن من شروط الدعوى :

أن يكون المدعى به مشروعاً ، أو مما يتعلق به حكم أو غرض صحيح أو مصلحة مشروعة ، فالدعوى هي طلب أحد حقه من آخر في حضور القاضي والحق هو اختصاص يقرر به الشرعة سلطة أو تكليفاً ، والمقصود بالحق في الدعوى ما اعترف به شرعاً وحماه الشارع الحكيم ، كمصلحة مشروعة لصاحبه ، ضمن الأصول والتشريعات التي أقرها الإسلام ، وتتحقق المصلحة في حفظ الضروريات الخمسة : حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل .

الشرط التاسع من شروط الدعوى :

الجزم والتحقيق ، فلو قال المدعي : أشك أو أظن ، لم تصح الدعوى .

وينزل منزلة التحقيق الظن الغالب ، لأن الإنسان لو وجد وثيقة في تركة مورثه أو وجد ذلك بخطه أو بخط من يثق به أو أخبره عدل بحق له ، فالمنقول جواز الدعوى بمثل هذا.

واستثنى من الشرط المذكور دعوى الاتهام في الجنايات ، كأن يتهم المدعي إنساناً بسرقة شيء له ، فتسمع دعواه ، ويتوجه اليمين على المدعى عليه حال عدم البينة للمدعي، وذلك لأن دعوى الاتهام ترجع للشك والظن.

الشرط العاشر من شروط الدعوى :

أن يذكر المدعي في دعواه أنه يطالب المدعى عليه بحقه الذي يدعيه سواء كن ديناً أو عيناً منقولاً أو عقاراً ، لأن حق الإنسان يجب إيفاؤه بطلبه ، ولأنه يحتمل أن يكون مرهوناً في يده أو محبوساً بالثمن في يده وبالمطالبة يزول هذا الإحتمال.

الشرط الحادي عشر من شروط الدعوى :

أن يذكر المدعي في دعوى العقار أنه في يد المدعى عليه ، لأن الدعوى لا بد وأن تكون على خصم ، والمدعى عليه إنما يصير خصماً إذا كان بيده ، فلا بد وأن يذكر أنه في يده ليصير خصماً ، فإذا ذكر وأنكر المدعى عليه ولا بينة للمدعي فإنه يحلف.

الشرط الثاني عشر من شروط الدعوى :

أن يذكر المدعي في دعوى المنقول أنه في يد المدعى عليه بغير حق ولا بد من زيادة عبارة ( بغير حق ) مخافة أن تكون العين مودعة ، أو مرهونة لديه ، فتكون يده عليها بحق ، فلا يكون خصماً للمدعي.

الشرط الثالث عشر من شروط الدعوى :

أن تكون الدعوى بلسان المدعي بعينه ، وللشخص أن يوكل عنه في الخصومة من شاء ، وإن لم يرض خصمه الآخر .

الشرط الرابع عشر من شروط الدعوى : مجلس القضاء

لا تسمع الدعوى إلا بين يدي القاضي ، كما لا تسمع الشهادة إلا بين يديه.

الشرط الخامس عشر من شروط الدعوى :

حضور الخصم ، فلا تسمع الدعوى والبينة إلا على خصم حاضر وهذا عند الحنفية وعند الشافعية حضور المدعى عليه ليس بشرط لسماع الدعوى والبينة والقضاء .

الشرط السادس عشر من شروط الدعوى :

عدم التناقض في الدعوى وهو أن لا يسبق من المدعي ما يناقض دعواه ، لاستحالة وجود الشيء مع ما يناقضه وينافيه ، والتناقض يمنع الدعوى لغيره كما يمنعه لنفسه ، فمن أقر بعين لغيره فكما لا يملك أن يدعيها لنفسه لا يملك أن يدعيها لغيره بوكالة أو وصاية

أنواع التناقض:

التناقض ثلاثة أنواع :

النوع الأول : التناقض بين كلامين ، كالإدعاء بالملكية بعد الإقرار بأن المدعى به ملك الغير ، أو الادعاء بالملكية بعد الادعاء بأن الدار وقف عليه ، أو الادعاء بمال معين وديعة بعد الادعاء به من جهة ثمن المبيع.

النوع الثاني : التناقض بين فعل وكلام ، ومثاله : إذا قسم تركة بين ورثة أو قَبِل تولية الوقف أو وصاية في تركة بعد العلم والتعيين بأن هذه تركة أو وقف ثم ادعاه لنفسه لا تسمع دعواه.

وأيضاً لو اشترى أحد مالاً ، ثم ادعى بعد ذلك المال كان تناقضاً ، وقد حصل هذا التناقض بالاستشراء الذي هو فعل وبين الدعوى التي هي كلام.

النوع الثالث : التناقض بين سكوت وكلام . ومثاله : لو باع أحد مالاً في حضور والده على كونه ملكاً له ، فلو ادعاه بعد ذلك والده الذي سكت حين البيع كان تناقضاً وهذا التناقض حاصل بين السكوت والكلام.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع