القائمة الرئيسية

الصفحات

المحكمة الدستورية ومرحلة محو الأمية في القانون!!

المحامي داود درعاوي 

لا تكاد المحكمة " الدستورية" التي شكلها الرئيس خلافا لأحكام القانون تتخذ قرارا إلا وأمعنت في السقوط المدوي في مستنقع المحاباة السياسية أو في مستنقع الجهل الموحل في مبادئ القانون، وبشكل يندى له جبين اي حقوقي أو مبتدأ في القانون، وآخر ما حرر عن هذه المحكمة رد طلب التفسير رقم 2/ 2016 بالأغلبية والمتعلق بتفسير نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجزائية والمتعلقة بصلاحية رئيس المحكمة العليا بإعادة النظر في أوامر الإفراج بالكفالة وإساءة استخدامها للتوقيف التعسفي نزولا عند رغبات السلطة التنفيذية، والطلب المذكور قدم من متهم موقوف على ذمة رئيس المحكمة العليا بواسطتي كمحامي بموجب وكالة خاصة لتمثيل المتهم أمام عطوفة وزير العدل بالإضافة لوظيفته صاحب الإختصاص بتقديمه للمحكمة الدستورية..

المحكمة الدستورية ومرحلة محو الأمية في القانون!!


باعتبار أن هذا النص المبهم والذي تقتضي وحدة تطبيقه أهمية تفسيره، قد اختلفت المحاكم في تكييفه على مستوى محكمة النقض ومحكمة العدل العليا من حيث أنه صلاحية إدارية أم قضائية وهل هو متدرج أم مطلق، ينظر بحضور الأطراف أو تدقيقا، وهل يملك رئيس المحكمة العليا توقيف متهمين على ذمته؟ 

وهروبا من التصدي للتفسير والمساس بهذه الصلاحية المهمة لقهر الموقوفين من وجهة نظر السلطة التنفيذية لجأت هذه المحكمة لطريقة بهلوانية عجيبة جدا في رد طلب التفسير، بداعي أني كمحام لم ازاول مهنة المحاماة لعشرة سنين متصلة لإنقطاعي عن المهنة للعمل كقاض في السلطة القضائية بالرغم من عملي في مزاولة مهنة المحاماة مدة 16 عاما، وطبقت هذه المحكمة نص المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية والتي تنص ( لا يجوز مباشرة الإجراءات أمام المحكمة إلا بواسطة ممثل عن هيئة قضايا الدولة، أو بواسطة محام لا تقل خبرته بالمحاماة عن عشر سنوات متصلة، ويعين رئيس المحكمة محامياً للمدعي الذي يثبت إعساره). وتبدو الأمية القانونية متجلية في أبهى صورها في عدة مسائل، الأولى أن وكالتي لم تتطرق إلى المحكمة الدستورية وأنا مثلت موكلي أمام عطوفة وزير العدل صاحب صلاحية مباشرة تقديم طلبات التفسير للمحكمة الدستورية، وأن موكلي بإمكانه أن يقدم الطلب لوزير العدل مباشرة وبدون محام باعتباره منتهكة حقوقه الدستورية، علما أن حكم نص المادة 31 من قانون المحكمة الدستورية لا ينسحب بالمطلق على طلبات التفسير ..


إذ أن المحامي سواء أكان له عام أو مائة عام متصلة في مهنة المحاماة لا يستطيع مباشرة تقديم طلب التفسير للمحكمة بشكل مباشر، والأنكى أن ذات المحكمة تناقض ذاتها في 3 قرارات تفسير سيما أن طلبات التفسير رقم 1/2016 و رقم 3/2016 لم تقدم لوزير العدل من محام مزاول لمهنة المحاماة لمدة عشر سنوات متصلة، أما المسألة الثانية الأكثر إيلاما وفيها لي لعنق الحقيقة، هي ما ذهبت إليه ذات المحكمة من أن عملي في القضاء الفلسطيني هو عمل مغاير لمهنة المحاماة وأن غاية المشرع بالنص على العشرة سنوات المتصلة في مهنة المحاماة هو تكوين الخبرة الكافية للعمل أمام المحكمة الدستورية، وأن هذه الخبرة لا تتحقق في العمل القضائي، وهذا ما أشعرني بأني خلال فترة عملي في القضاء كنت بائعا للفجل وأن أعضاء المحكمة الدستورية ممن ترافعوا أمامي كانوا يراكمون خبرات أهلتهم لعضوية محكمتهم هذه، وسنوات خدمتي أهلتني للإحتراف في تجارة الفجل ولا تؤهلني للترافع أمام مقامهم الرفيع!!!!!


 والمتتبع للقرار المذكور سيجد أن المحكمة المذكورة كانت تنبش في الركام لتبرير قرارها السطحي المنطوي على الخطأ المهني الجسيم فتم تناول نص المادة 40 من قانون تنظيم مهنة المحاماة والتي تعتبر العمل في القضاء خدمة مقبولة لعضوية المحامي في مجلس النقابة ( شرط الخمس سنوات) وأن هذا النص لا ينطبق علي وكأني من تمسك بهذا النص. مع الإحترام للرأي المخالف من سعادة المستشار حاتم عباس بشأن احتساب سنوات عملي في القضاء كسنوات مقبولة للمثول أمام المحكمة الدستورية وأن نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجزائية هو نص غير دستوري ومحظور التطبيق لأنه يخالف مبدأ اللجوء للقاضي الطبيعي، إلا أن السؤال الأصعب هو هل تنطبق المادة 31 سابقة الذكر على طلب التفسير المقدم من وزير العدل؟؟؟


 وهل أصلا للمحامي أي دور في طلب التفسير سوى تمثيل موكله أمام وزير العدل وليس وجوبيا؟؟؟ خلاصة ما حصل في رد طلب التفسير هو انتهاك للحقوق الدستورية المكفولة لأي متهم موقوف بشكل غير مشروع وانتهاك لحق الدفاع والوصول للعدالة يندرج ضمن الخطأ المهني الجسيم الذي هو وقوع القاضي في خطأ فاضح ما كان سيقع فيه لو أنه اهتم بعمله اهتماما عاديا.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع