النظام العام والآداب
مفهوم وتعريف النظام العام والآداب في القانون |
بقلم المحامي عارف الشعال
هما الباب الذي تدخل منه العوامل الاجتماعية والاقتصادية والخلقية، فتؤثر في القانون وروابطه، وتجعله يتمشى مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية والخلقية في الجيل والبيئة.
وتتسع دائرة النظام العام والآداب أو تضيق تبعاً لهذه التطورات، وطريقة فهم الناس لنظم عصرهم، وما تواضعوا عليه من آداب، وتبعاً لتقدم العلوم الاجتماعية.
كل هذا يترك للقاضي يفسره التفسير الملائم لروح عصره، فالقاضي يكاد إذن يكون مشرعاً في هذه الدائرة المرنة، بل هو مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم أمته الأساسية ومصالحها العامة))
{السنهوري - الوسيط - ج1 - ف 228}
فإذن النظام العام فكرة مرنة تتبدل بتبدل الزمن، وما يعتبر بزمن ما من النظام العام، لا يعتبر كذلك في زمن آخر.....
وبإسقاط ذلك على واقعنا القانوني، نجد أن الاجتهاد القضائي يحوي ترسانة من الاجتهادات الصلبة والمتزمتة، في حماية المستأجر من الإخلاء في العقارات التي تخضع للتمديد الحكمي، وخاصة تلك التي تحكم دعوى الإخلاء لعلة التقصير عن الدفع ومحتويات البطاقة البريدية، وتبليغها، والتي كانت تعتبر من النظام العام!!
نحن نفهم أن الزمن الذي كانت تصدر به تلك الاجتهادات القاسية على المالك، كان المستأجر فيه طرف ضعيف بالعقد فتدخل المشرع لحمايته.
أما في زمننا هذا فقد عدل المشرع عن هذا النهج ولم يعد يعتبر المستأجر طرفاً ضعيفاً يحتاج لحماية فأصدر القانون 6 لعام 2001 والقانون 10 لعام 2006، وتعديلاتهما المعروفة. فجعل من العقد شريعة المتعاقدين ساء لجهة مدة الإيجار أو لجهة الأجرة.
وبناء عليه....
طالما أن المشرع قد جنح لهذا الاتجاه، فهذا يعني أن الزمن قد تغير،
وهذا يستتبع بالضرورة إعادة النظر بتلك المنظومة من الاجتهادات، والتعامل مع المالك بتسامح أكثر والتشدد مع المستأجر الذي يتراخى بدفع الأجرة أو يخل بالتزاماته القانونية.
إن الرؤية الجديدة لهذه العلاقة القانونية الشاذة التي ورثناها من القانون القديم، وإعادة النظر بما كان يعتبر في السابق من النظام العام تبدأ من قضاة الصلح أنفسهم، بدون انتظار إشارة التغيير من محكمة النقض.
ونذكر جيداً أن اجتهادات عظيمة ومفصلية، كالإخلاء لعلة الترك، أو عقد الاصطياف، بدأت بمبادرة من قاضي صلح مبدع، أيدته فيها محكمة النقض.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة