القائمة الرئيسية

الصفحات

جمهورية مصر العربية في القانون الدولي العام. أ.د. حكمت شبر ج2

جمهورية مصر العربية في القانون الدولي العام. أ.د. حكمت شبر 

جمهورية مصر العربية في القانون الدولي العام. أ.د. حكمت شبر
جمهورية مصر العربية في القانون الدولي العام. أ.د. حكمت شبر
أ.د. حكمت شبر
تضمنت أتفاقية كامب ديفيد في ديباجتها نصاً يقول بأن تحقيق السلام بين الأطراف المتنازعة يجب أن يتم وفقاً للمادة (2) من الميثاق (... وأن تحقيق علاقة سلام وفقاً لروح المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة وأجراء مفاوضات في المستقبل بين أسرائيل وأية دولة مجاورة مستعدة للتفاوض من أجل السلام والأمن معها أمر ضروري لتنفيذ جميع البنود والمبادئ في قراري الأمم المتحدة (مجلس الأمن) 242و 338 ، وجاء في المادة الثانية في أتفاقية الصلح ما يلي :

يطبق الطرفان فيما بينهما أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول في وقت السلم .
فما هي الأحكام التي تنبثق من ميثاق الأمم المتحدة لكي تنظّم المعاهدة المذكورة وفقاً لمبادئه ؟ وهل ألتزمت أو تلتزم أسرائيل حقاً بأحكام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ؟ ؟ 

تضمن ميثاق الأمم المتحدة أهم المبادئ والقواعد القانونية الدولية ، التي ناضلت شعوب العالم زمناً طويلاً في سبيل أقرارها وتثبيتها في ميثاق جامع مانع تلتزم به جميع دول العالم وتمثلت هذه المبادئ بما يلي :-

تحريم أستخدام القوة أو التهديد بأستخدامها ضد سلامة ووحدة أراضي الدول ، أحترام السيادة ، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، المساواة ، حق تقرير المصير ، أحترام حقوق الأنسان ، حل المشاكل بالطرق السلمية ، الدفاع الشرعي عن النفس ، وقد أقرت الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة الألتزام أولاً بميثاق المنظمة ، كما نصت على ذلك المادة (103) . ومن هنا تأتي الأهمية القانونية لمبادئ وقواعد الميثاق ، التي تعتبر من القواعد الآمرة ن وتعتبر باطلة ولا يؤخذ بها كما جاء في نص المادة (53) من قانون المعاهدات (2) 

وقد أجمعت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة على الأمثلة التي يمكن أن تعتبر من القواعد الآمرة في القانون الدولي ، وذلك في المسودة المقدمة من قبلها حول مشروع المادة (50) من قانون المعاهدات والتي أصبحت المادة (53) بعد أقرار المعاهدة . أرتأت اللجنة أن المعاهدات التالية تعتبر باطلة في حال أنعفادها وهي :

1 - المعاهدة التي تتضمن حكماً يقضي بأستخدام القوة خلافاً لقواعد ميثاق الأمم المتحدة .
2 – المعاهدات التي تتضمن القيام بعمل أو التستر أو التواطئ على أقتراف عمل من أعمال تجارة العبيد أو القرصنة أو جريمة الأبادة .

1 – جاء في (المادة 103) ما يلي : إذا تعارضت الألتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقاً لأحكام هذا الميثاق مع أي ألتزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بألتزاماتهم المتربتة على هذا الميثاق .

2 – جاء في المادة (53) من قانون المعاهدات مايلي : تعتبر المعاهدة باطلة إذا تعارضت وقت أنعقادها مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام . ولأغراض الأتفاقية الحالية ، فأن القاعدة الآمرة في القانون الدولي تكتسب هذه الصفة عندما يتم الأعتراف بها وقبولها من قبل المجتمع الدولي لأسرة الدول كافة . هذه القاعدة لايمكن التخلي عنها أو تجاوزها والتي يمكن أن تعّدل بفعل قاعدة جديدة من قواعد القانون الدولي التي تمتلك نفس الأهمية .

3 – المعاهدات التي تتضمن القيام بأي عمل جرمي يقع تحت طائلة قواعد القانون الدولي .

4 – المعاهدات التي تخرق حقوق الأنسان والمساواة بين الدول أو تقرير المصير .

وهكذا يمكن القول أن أية معاهدة تتعارض وميثاق الأمم المتحدة الذي يضم في جنباته قواعد آمرة تعتبر باطلة .

ومن هنا نبدأ بتدقيق وعرض أتفاقية (كامب ديفيد) وفي ضوء المبادئ المذكورة أعلاه وهل يمكن أعتبارها شرعية أم لا ؟؟

مبدأ المساواة : - نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة والتي أستندت إليها الأتفاقية المذكورة بما يلي : - تقوم الهيئة - ويقصد بها الأمم المتحدة - على مبدا المساواة في السيادة بين جميع أعضائها .

يعتبر مبدأ التساوي في السيادة بين الدول كبيرها وصغيرها من اهم المبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة. فهو الأساس في وجود الدول. وبدون أن يكون لكل دولة سيادتها الكاملة متساوية في ذلك مع غيرها من الدول. وبدون ذلك تعتبر دولة في حالة خضوع لدولة أخرى.

ومنطلق التساوي في السيادة بين الدول يتحدد في التعامل عندما تكون الدولة طرفاً في علاقة قانونية دولية، وتتجسد العلاقة الدولية في المعاهدات بالموافقة الصريحة للدول بأنشاء الحقوق والألتزامات لأطراف المعاهدة.

ومن هذا المنطلق، فأن الدولة لا يكفيها ان تكون مستقلة أستقلالها رسمياً يتمثل في عضويتها في الأمم المتحدة ورفعها علماً خاصاً بها، ونشيداً وطنياً إلى غير ذلك من المظاهر الشكلية للأستقلال. بل أن المعيار الصحيح يكون في تكامل سيادة الدولة، أي أن تكون قادرة على جميع مظاهر السيادة الخارجية والداخلية، وأن تتصرف في علاقاتها من مبدأ (الند للند) وفقاً للمنافع المتبادلة التي تقضي بها قواعد القانون ، فأي أخلال بذلك ينقص من سيادة الدول ويضعها في موضع التبعية لغيرها من الدول كما وان عدم توفر المظهر الداخلي للسيادة, والذي يعني قدرة الدولة في السيطرة على مصادر ثروتها الوطنية وأختيار نظامها السياسي والأداري والقضائي بمعزل عن أرادات ونفوذ الدول الأخرى.

من هذا المنطلق نقيّم مساواة وأستقلالية الدول في تفاعلها في مجال العلاقات الدولية. وكما هو معروف فأن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأمبريالية الأخرى عمدت بعد تحطيم النظام الكولونيالي إلى تبني وسائل جديدة في الأستعمار لا تمس المظاهر الشكلية لأستقلال الدولة . ولكنها تخضعها لشروط قاسية تقيّد سيادتها وتجعلها تدور في تلك الدولة المستعمرة . ومن أهم هذه الوسائل كما بينت ذلك في هذا البحث لجوء الولايات المتحدة ، أنجلترة إلى عقد مئات المعاهدات مع الدول النامية ، وبضمنها الدول العربية مما أدى إلى تقييد سيادتها ، خصوصاً أتفاقيات مصرف النقد الدولي وما تنطوي عليه من شروط تتمثل في الأستغلال والنهب والسيطرة السياسية والأقتصادية والعسكرية .


جاءت أتفاقية (كامب ديفيد) للصلح بأحكام متعددة تضعها في عداد المعاهدات غير المشروعة ، والتي تفرض التزامات وقيوداً كثيرة على مصر وتحد من سيادتها مقابل الحقوق التي منحتها لأسرائيل ، وقد أتضح تحيّز الولايات المتحدة في موقفها المساند لأسرائيل على حساب مصر والأمة العربية ، وذلك في نصوص مذكرة التفاهم الأسرائيلية الأمريكية ، التي تضمنت تعهدات كبيرة لضمان سلامة وأمن اسرائيل في حالة تعرضت المعاهدة لأي أنتهاك من جانب مصر ، كما وعدتها بمدها بكافة أنواع المساعدات العسكرية والأقتصادية ، مع ألتزامها بفرض قيود على شحنات الأسلحة لمصر ، والتي قد تستخدم لشن هجوم مسلح ضد أسرائيل .


تم بموجب هذه المعاهدة فرض التزامات ثقيلة على مصر مقابل وعد بالأنسحاب من سيناء في فترة 3 سنوات وعلى مراحل مما يجعل هذه الأتفاقية في عداد الأتفاقيات غير المشروعة والتي تتعارض مع نص الفقرة الأولى من المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة وهذه الألتزامات هي :

1 – تعهد مصر بأنهاء حالة الحرب مع أسرائيل (م1 – ف1) .
2 – تعهد مصر بالأعتراف الكامل باسرائيل وأقامة كافة العلاقات الدبلوماسية والأقتصادية والثقافية (م3- ف3) .
3 – تعهد مصر بأنهاء المقاطعة الأقتصادية لأسرائيل .
4 – تعهد مصر بالسماح للسفن الأسرائيلية بالمرور في قناة السويس ومضائق تيران (م5)
5 – تعهد مصر بتحديد قواتها في منطقة سيناء بما لا يزيد عن فرقة واحدة وأربعة كتائب (م2) من الملحق العسكري المرفق بمعاهدة الصلح .

ومن الجدير بالذكر أن من حق أية دولة ان ترفض تحديد قواتها في أي منطقة داخل أقليمها ، لأن ذلك يعتبر من أهم أعمال السيادة ، والتي يمكن أن تقررها وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية ، والدفاع عن أمن البلاد .

وقد أتضح بأن تخلف مصر في مكافحة الأرهاب المستشري في سيناء نظراً لتحديد صلاحياتها بموجب معاهدة الصلح في زيادة قواتها في هذه المنطقة والتي نرى معاناة الجيش المصري في كل يوم من هجمات الأرهابيين الدواعش نظراً لقلة فرقه وأسلحته التي فرضتها أسرائيل على مصر خوفاً من المستقبل .

6 – موافقة مصر على تواجد قوات تابعة للأمم المتحدة في سيناء بعد أنسحاب القوات الأسرائيلية ، أي أن يكون موضع القوات الدولية على الأراضي المصرية دون الأراضي الأسرائيلية ، يضاف إلى هذا الخرق فأن أختصاص وأرسال وتوجيه القوات الدولية يعتبر من الأختصاصات الممنوحة لمجلس الأمن فقط وفقاً لأحكام الفصل السابع الواجب الطاعة على كافة الدول .

ومن الواضح أن فرض أقامة القوات الدولية في الجانب المصري جاء حصراً لمصلحة أسرائيل ، التي أبدت معارضتها دائماً على أقامة القوات الدولية ضمن أقليمها بحجة المحافظة على سلامتها وأمنها .

7 – ألتزام مصر بأستخدام المطارات العسكرية التي تجلو عنها للأغراض المدنية والتجارية فقط .

8 – تعهد مصر بمنع النشاط العدائي الفلسطيني ، وتقديم الفلسطينين العاملين ضد سلامة أسرائيل للمحاكمة (م3- ف2) .

9 – ألتزام مصر بعدم دعوة منظمة التحرير الفلسطينية للمفاوضات التي تجري حول مستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة . وأنما دعوة بعض الأفراد الفلسطينين من الضفة والقطاع علماً أن مؤتمرات القمة العربية أعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني .

10 – ألتزمت مصر بان تبحث موضوع منح الحكم الذاتي للفلسطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، متنكرة بذلك لقرارات الأمم المتحدة القاضية بمنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره على ترابه الوطني .

11 – عدم ذكر الجولان والقدس في المعاهدة أو في المفاوضات المقبلة . ويعتبر ذلك تنازلاً من قبل مصر عن المطالبة بالأنسحاب من الأراضي العربية المحتلة .

12 – ألتزام مصر بعدم بحث مستقبل المستعمرات الأسرائيلية في الأراضي المحتلة 
13 – تعهد مصر ببيع النفط لأسرائيل .

14 – موافقة مصر على بقاء قوات الأحتلال الأسرائيلي في الضفة الغربية وغزة حماية لأمن أسرائيل .

15 – تعهد مصر بعدم الدخول في أية معاهدة تتعارض وألتزاماتها بموجب (معاهدة الصلح) وفي حالة تناقض ألتزامات مصر بموجب هذه المعاهدة مع ألتزاماتها الأخرى فأن الألتزامات المترتبة بموجب المعاهدة تكون ملزمة ونافذة (م5- ف4و5) وفي ضوء هذا التعهد تجدر الأشارة إلى مايلي :

1 – أن منطق هذه المادة يتنافى وألتزامات مصر بموجب ميثاق الأمم المتحدة والذي وضع في المقام الأول ، الألتزام بأحكام ومبادئ الميثاق وتفضيلها على كافة الألتزامات الأخرى المتأتية من معاهدات عامة أو خاصة يكون أعضاء الأمم المتحدة أطرافاً فيها (م -103) . فكيف تفضل مصر أتفاقاً خاصاً مع دولة خارجة على تطبيق ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ، أن لم تكن في وضع الخاسر مع هذه الدولة .

2 – أن مصر عضو في جامعة العربية ، المنظمة الأقليمية التي قامت وفقاً للفصل التاسع من ميثاق الأمم المتحدة ، والذي يشجع أقامة المنظمات الأقليمية لحل المشاكل بين الأعضاء .

قامت الجامعة العربية بعقد أتفاقيات أقتصادية ، ثقافية وعسكرية لحماية أمن الدول العربية وتعزيز السلم في المنطقة والعالم ، ولهذا فأن مصر قد خرجت على أتفاقيات الجامعة العربية الذي لا يعترف بكيان أسرائيل غير الشرعي ، بل بالعكس فأنها وضعت في المقام الأول ألتزاماتها مع دولة معاديةة على حساب الألتزامات الأخرى التي تخص مصالح مصر والأمة العربية .

3 – خرجت مصر بتفضيلها ألتزاماتها بموجب هذه المعاهدة على الأجماع العالمي المتمثل بقرارات الأمم المتحدة ، الذي أعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية المعادية للأنسانية كما وخرجت على أدانة الجمعية العامة لأعتداءاتها المتكررة على الدول العربية عن طريق عشرات القرارات الصادرة بهذا الصدد كما خرجت على أجماع الدول الأفريقية التي قررت في أجتماع (منظمة الدول الأفريقية عام 1973 ، قطع كافة العلاقات مع أسرائيل لأنها كيان عدواني . وخرجت على وحدة أراء دول عدم الأنحياز ، الذي يرى في أسرائيل كياناً عدوانياً وعنصرياً فكيف تفضل ألتزاماتها مع هذه الدولة على ألتزاماتها مع دول العالم . 

تناقض معاهدة كامب ديفيد مع قانون معاهدة فينا لعام 1969 :
تمت المصادقة على قانون المعاهدات في الدورة الثانية لمؤتمر فينا 1969 حيث أعتبرت المعاهدة أنجازاً هاماً في مسيرة تقنين قواعد القانون الدولي وتطويراً تقدمياً لقواعد وأحكام المعاهدات الدولية .
تضمنت أتفاقية قانون المعاهدات نصوصاً عديدة تبطل أتفاقية (كامب ديفيد) ، وفي مقدمتها القواعد الآمرة المنصوص عليها في (م – 53) .
وهناك نص ثانٍ يُعتبر بدوره أيضاً من القواعد الآمرة في القانون الدولي . وهو نص المادة (34) الذي يقضي بعدم شرعية المعاهدة التي تضع ألتزامات وتمنح حقوقاً لطرف ثالث بدون موافقته .
قام السادات بدور النائب عن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بعملية التعاقد المنفردة مع أسرائيل محملاً الفلسطينين والعرب ألتزامات بدون أن يملك حق أهلية تمثيل الأمة العربية أو الشعب الفلسطيني .
كما أن الأتفاقية تتناقض ونص المادة (29) التي تقول بان الأتفاقيات لا تتعدى بأحكامها حدود أراضي الدول الموقعة عليها . كما وتتناقض مع نصوص المادتين (50 و52) المتعلقتين بعيوب الرضا .
نستطيع التأكيد على عدم شمول الدول بأحكام المعاهدات المعقودة بين دول أخرى بدون موافقتها أو الأنضمام إليها ، تعتبر من القواعد الآمرة .
وبناء على ذلك نستطيع القول أن معاهدة الصلح (كامب ديفيد) ما هي إلا محاولة لفرض الوصاية من قبل السادات على الشعب العربي الفلسطيني . وذلك لأن الفلسطينيون قد رفضوا هذه الأتفاقية رفضاً مطلقاً ، كما رفض الشعب العربي كافة الحلول التي تتناقض والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي قدمتها ، حق تقرير المصير ، الذي أوصت به الأمم المتحدة . وجاء رفض الفلسطيني بوسائل متعددة أبرزها أستمرار المقاومة في الأرض المحتلة وكذلك في موقف الجامعة العربية المتمثلة في مؤتمر القمة ووزراء الخارجية الرافضة بشكل مطلق أتفاقية كامب ديفيد .
وها هي مصر التي عانت من حكم السادات والذي تسبب في نهوض حركة الأخوان المسلمين تعاني في الوقت الحاضر من نتائج تلك السياسة . فالأخوان هم المنبع للحركات الأرهابية التي تعصف بمصر في الوقت الحاضر ، وتشعل الحرائق بأسم داعش أو مجاهدي القدس في كل مكان من مصر .
أستبشرنا خيراً من حركة السيسي العسكرية التي أدت إلى إزاحة الرئيس الأخواني (محمد مرسي) وأثرت بشكل كبير على حركة الأخوان المسلمين ، التي قامت خلال سنة من رئاسة مرسي بمحاولة تحويل الدولة العلمانية المصرية إلى دولة أسلامية لا تختلف عن دولة طالبان ، والحركة أعلنت محاربتها للفن والأدب والمؤسسات العلمانية المصرية ، لكن الضربة العسكرية جاءت في الوقت المناسب فقد خلصت ليس مصر فحسب ، بل جميع البلدان العربية من نفوذ الأخوان المسلمين المتصاعد في كل مكان .
لكن لم يستمر السيسي في الطريق الصحيح لأنعاش الحرية والديمقراطية فسرعان ما قلب ظهر المجّن وحارب ثوار مصر الذين قادوا (ثورة يناير)2011 وتم الحكم بالسجن على هؤلاء القادة وهم يقبعون في السجن حالياً ، وسنّ قانوناً رجعياً يقضي بتكميم الأفواه في مصر المعروفة بعلنية وديمقراطية صحفها وأقلام أدبائها وصحفييها . حتى انه في شهر أيار 2016 وجه شرطته لأقتحام مقر الصحفيين وألقاء القبض على رئيس نقابة الصحفيين المصريين بغية تقديمه ورفاقه للمحاكمة بحجة خرق قانون الصحافة .
وكان آخر وأبشع ما قام به السيسي بيع مصر وتسليم جزرتين ، ( صنافر وتيران) للملكة العربية السعودية مقابل مساعدة مادية لا تغني من جوع ولا تساهم في القضاء على الأزمة الأقتصادية ، مدعياً وحكومته أن الجزيرتين سعوديتين .(1)
ما أقصر ذاكرة السيسي وأخوانه وشركائه في الحكم ، وما أبشع ما قاموا به ، لقد نسي القوم حرب 1967 ولماذا قامت . فقد منع عبد الناصر الزعيم الوطني أسرائيل وسفنها من المرور في مضايق تيران لأنها مصرية ، مما أدى بشكل رئيسي إلى أشتعال الحرب وهجوم أسرائيل على مصر مدعية بأن منعها من المرور بمضايق تيران يؤدي إلى أختناقها . فأين السيسي وجماعته من وطنية عبد الناصر ، ليخرقوا سيادته مصر ويسلموّا أراضيها لدولة تنتهك في كل يوم قواعد القانون الدولي وتؤيد وتدعم الأرهاب مادياً وعسكرياً ، الأرهاب الذي يضرب مصر ويحاول تدميرها بطرق ووسائل حقيرة منها تفجير الطائرات المدنية والهجوم على الأبرياء في المدن المصرية وفي سيناء والسيسي سادر في غيّه يسير وراء السعودية ويؤيد حلفها العدواني في اليمن ويشارك بجيشه في هذا الحلف ، الذي وجد لضرب حركة الشعوب العربية وفي مقدمتها الحركة الشعبي في دولة اليمن العربية ، متناسياً أن خصم العرب أسرائيل وليس اليمن أو سورية والعراق ، الذي تعمل السعودية ليلاً ونهاراً في دعم الأرهاب في العراق وسورية ، ويهدف في هذا الفعل إلى تقوية أسرائيل وتدمير الدول العربية المعادية لها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – وهذا يذكرنا بما قام به قيصر روسيا من بيع الألاسكا للولايات المتحدة وكأن تلك المقاطعة جزءاً من ملكيته الخاصة ، كما فعل السيسي مع الجزيرتين وكانها ملكية خاصة وليست ملكية سيادية لا يجوز لأي شخص التلاعب بها
هذه هي مصر في الوقت الحاضر تؤيد السعودية في الجامعة العربية لأدانة حزب الله، الحزب الوحيد الذي قاوم وأنتصر على أسرائيل، وتقف مع السعودية بعض الدول الأسلامية التي أستلم حكامها الرشاوى من الحكام السعوديين، وقفوا جميعاً ليدينوا حزب الله ويعتبروه حزباً أرهابياً وهذا ما تصفق له أسرائيل وراعيتها الولايات المتحدة الأمريكية.
فمن يحارب الأرهاب في سورية والعراق؟ أليس هو حزب الله ومن يقف إلى صفه. فكيف تناسى السيسي وحكومته هذا الموقف ودعموا السعودية في موقفها الطائفي ضد حزب الله وأيران، الواقفة إلى جانب الثوار الفلسطينين ودعم حركة الثورة العربية من أجل بناء أوطان قوية لا مكان فيها لعملاء الأستعمار.
أنها ردةٌ كبيرة يقودها السيسي وراء السعودية متناسياً أن الأرهاب يضرب قلب مصر ويدمّر أقتصادها وبالأخص السياحة المصدر الكبير للأقتصاد العربي. هذا هو الموقف المعبّر عن حقيقة حكامنا ومسيرهم وراء أسيادهم، لا تهمهم مصالح أوطانهم ويقومون بضرب الحركة الوطنية بدل وقوفهم ضد الأستعمار الحديث في تحطيم الدول العربية لمصلحة أسرائيل والمطامع الأستعمارية
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع