القائمة الرئيسية

الصفحات

الجزائر في القانون الدولي . بقلم أ.د. حكمت شبر.

الجزائر في القانون الدولي . بقلم أ.د. حكمت شبر.
الجزائر في القانون الدولي . بقلم أ.د. حكمت شبر.

بقلم أ.د. حكمت شبر.

الجزائر بلد المليون شهيد ، لنلقي نظرة على ما جرى ويجري في أراضيها من بؤس وفقر وجهل وتطرف أسلامي داعشي وقاعدي ذهبت مئات الألاف من الضحايا البريئة نتيجة هذه الأعمال الأجرامية التي تسبب بها حكام الجزائر كما نرى في الصفحات القادمة .
سقطت الجزائر تحت وطأة الأستعمار الفرنسي قبل دول المغرب العربي الأخرى ، ففي عام 1830 نزلت الجيوش الفرنسية على السواحل الجزائرية ولم تجد صعوبة بالغة في تحطيم مقاومة جيوش (الداي) الرئيس الجزائري المنتخب ، ولكن القضاء على جيوش الداي لم يكن يعني بأن الفرنسيين أستطاعوا أن يسيطروا على جميع الأراضي الجزائرية ، فقد أستمرت مقاومة العرب والأمازيغ كتفاً إلى كتف سنوات طويلة .

قاد الأمير عبد القادر نضال الشعب الجزائري من عام 1833 حتى عام 1847. ونتيجة لمقاومته البطولية مع الشعب الجزائري أجبر السلطات الفرنسية بتوقيع معاهدة تعترف فيها بسيادة الأمير على الأراضي التابعة له .


كانت فرنسة بعد أن وطدّت أقدامها تدريجياً في الأراضي الجزائرية تقوم بشكل متواصل بخرق المعاهدة المذكورة. وفي عام 1843 أحتلت جيوشها دولة الأمير منتقمة بوحشية من السكان الجزائريين، غير أن أخماد ثورة الأمير عبد الكريم لم توقف المقاومة الوطنية الجزائرية، ولم تستطع فرنسة أن تبسط نظامها الأستعماري على جميع الأراضي الجزائرية إلا في بداية العقد التاسع من القرن التاسع عشر.

أصدر ملك فرنسة عام 18344 أمراً أعلن بموجبه أن الجزائر (ملكية فرنسة) يشرف على أدارتها حاكم عسكري عام ، وفي عام 1881 تم اصدار قانون جديد يضم الجزائر الجزائر رسمياً إلى فرنسة . وكان يديرها وزراء فرنسيين .

كان الجزائريون محرومون من أية حقوق سياسية حتى عام 1927 حيث كانوا يخضعون لقوانين تسمى (التشريع الخاص بالسكان الأصليين) تختلف عن القوانين الفرنسية المعمول بها في فرنسة وكانوا يتعرضون في كل وقت للعقاب الجسدي بأمر من الحكام الأداريين في الكومونات المشتركة ، ولم يملكوا الحرية في الأنتقال كما يشاؤن في بلدهم ، كما أن اللغة العربية تعتبر أجنبية وبلغ الحال بفرنسة أنها لم تعتبر الجزائريين مواطنيين مدنيين بل رعايا الحكومة الفرنسية.

أستمر الأستعمار الفرنسي يحكم الجزائر بشكل مباشر كمقاطعة فرنسية لمدة 132عام حتى عام 1962 عام أستقلال الجزائر ، لكن الجزائر كانت تغلي بالروح الثورية وتقوم بثوراتها المتلاحقة .

وكان الدين الأسلامي قد لعب دوراً متميزاً في نضال الجزائريين في للثورة على الفرنسيين ، لكن الحكام الجزائريين تناسوا ذلك الشعور الديني الذي كان أحد الأسباب المهمة في نجاح الثورة الجزائرية ، وسرعان ما تخلّو عن الثوار المسلمين عندما مسكوا الحكم بأيديهم وعاثوا فساداً في الجزائر ، مكونين ثروات كبيرة ، فقد تناسوا الثورة والثوار وحكموا بالحديد والنار مبعدين من أنجح الثورة عن الحكم ، وكان هذا سبباً مهماً في تزايد سخط الأسلاميين والوطنيين الجزائريين ، وقد تسبب الصراع على الحكم بسقوط عشرات الألاف من الضحايا في صفوف الوطنيين الجزائريين ورجال أمن السلطة الجزائرية .


أفسد طغاة جبهة التحرير الوطني بلادهم ، وأعتبر أنتصارهم الأساسي خيانة ، وكذاك توجهاتهم الفرنسية (الفرانكوفونية) . واعتبرت زمرتهم الغربية نسخة ضعيفة عن النظام الأستعماري الفرنسي القديم . ودلّت ثقافتهم الفرنسية التي يصفها الجزائريون (بالأرث اللعين) على أن لا شيء تغيّر . ونشأ شباب الجزائر العاطل عن العمل تعباً من الوعود المزيفة لحرب الأستقلال مريضاً من كثرة ما سمع عن الثورة ، شاعراً بالملل من تذكر الأبطال الموتى الذين جلبوا له الفقر والتشرد .


كانت الجزائر داخل سور فولاذي طيلة سنوات من ديكتاتورية ما بعد الحرب . وعندما يصدأ الحديد يستعيد التاريخ عافيته . فقد نظرت الحكومة الجزائرية ومناوئوها المسلحون إلى الوراء عوضاً عن النظر إلى الأمام . فقد قدمت الحكومات وعوداً حول الرخاء المستقبلي والديمقراطية والدعم الشعبي ، وبالمقابل هاجم الأسلاميون الثقافة والفنون وتحدثوا عن الخلافة .
بلغت الديمقراطية الجزائرية نهايتها عام 1992 . عندما طبقت الحكومة القانون العرفي وجردّت جبهة الأنقاذ الأسلامي من فوزها الأنتخابي الديمقراطي عبر ألغاء الجولة الثانية من التصويت المقررة بعد أربعة أيام .

لقد فرح الغرب بتجريد جبهة الأنقاذ الأسلامية من نصرها الديمقراطي الأنتخابي . كانت فرنسة في المقدمة في غاية السرور من منع كابوس الكارثة الأسلامية على الساحل الجنوبي للمتوسط ، ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية راغبة في رؤية ثورة اسلامية أخرى تسير على خطى أيران ، فهذا كثيراً كما يدعون ، بالنسبة إلى الديمقراطية .

في الواقع لم يكن الكيان السياسي للجزائر مهداً بالطريقة المثيرة للشفقة ، التي أظهرها الرئيس الشاذلي بن جديد . كان الدستور الجزائري مصمماً بشكل حتى لو سيطرت الجبهة الأسلامية للأنقاذ على البرلمان فلن تكون قادرة على الحكم . لأن الرئيس الجزائري هو صاحب السلطة في أختيار الوزراء ، والوزراء هم من يحددن البرنامج السياسي للحكومة فأذا رفض البرنامج مرتين من قبل المجلس النيابي تجري أنتخابات عامة جديدة . بعبارة أخرى تستمر الحكومة نفسها – التي يؤيدها الجيش – في السيطرة على الجزائر . ولذلك لم ترغب السلطات مرة أخرى في التفاوض مع المعارضة حيث انهم لايريدون الديمقراطية إلا أذا أستطاعوا أن يكونوا هم الرابحون. 

كان مقتل (بو ضياف) الرئيس الجديد بعد رئاسة (الشاذلي بن جديد) اللحظة التي أصبحت فيها الحرب الجزائرية الجديدة حرباً وحشية . فخلال سنتين حصلت مأساة واسعة وصرّح عنها في أنحاء الجزائر ف . وقد أزداد أوار الحرب وأراقة الدماء على مستوى لا مثيل له منذ الأستقلال عن فرنسة . وبحلول عام 1994 تم تسجيل (4 ألاف) موت عنيف ، وكانت مناطق واسعة من الجزائر تسقط في كل ليلة تحت تنظيم عسكري متماسك جداً (الجماعة الأسلامية المسلحة) ومع مرور الوقت أصبحت الحرب أكثر ضراوة . وكانت تفاصيلها منفرة بشكل مرعب .


قامت الصحف الجزائرية بتشجيع من الحكومة بعرض صور للجرائم الأنسانية بغية ترويع المواطنين الجزائريين ، حيث عرضوا صورة لطالبة في الخامسة عشر من العمر مذبوحة في مشرحة مدينة (بليدا) تنظر بعينها المفتوحتين نظرة اتهام للقارئ ، وتظهر صورة أخرى جثتها مغطاة بالدم ويديها مقيدتين بشريط خلف ردائها المدرسي . وتظهر صورة أخرى في الصحف الجزائرية جثة مقطوعة الرأس لشابة أخرى .


ومن الحوادث الأرهابية الأخرى حادثة تتعلق بضحية أخرى أسمها فاطمة غضبان التي كانت ترتدي حجاباً في غرفة الصف في مدرسة (محمد الأزهر) عندما جاءه لأخذها في أذار 1995 رجال مسلحون وأستناداً إلى كلام زميلاتها فقد بكت وتوسلت إلى المسلحين الذين أخذوها إلى خارج بوابة المدرسة حيث مزقوا حجابها وأوثقوا يديها وذبحوها ، وقال شاهدٌ أن المسلحين وضعوا رأسها المشوّه خارج باب غرفة صفها حيث أصيب العديد من الأطفال بالأغماء ، وقد حفر الرجال على أحدى يدي فاطمة أحرف (GIA). 
وقبل يومين من مقتل فاطمة أقتحم المسلحون منزل عائلة مزارع في (رغاية) عند الصباح وأعتقلوا وحبسوا الأبنة الصغرى في الحمام ووضعوا الأختين الأخرتين البالغة من العمر 18 سنة وكريمة البالغة 21سنة إلى جانب والدهما ، ثم أطلقوا رصاصتين على رأس آل ورصاصتين على قلب كريمة . وفي الليلة نفسها أقتحم المزيد من المسلحين منزلاً في (تالة) المرجه قرب بليدا وقتلوا (يمينة عمراني) وهي امرأة حامل في شهرها التاسع وتبلغ من العمر 26 سنة . وقد أغتيلت نساء أخريات أثنتان في العقد الثاني من العمر أيضاً قرب (بليدا) في الأسبوع نفسه ، وبعد أيام قليلة أقدم من مسلحون على أختطاف شقيقتين يبلغان من العمر 6 و7 عاماً من منزلهما في جبال أوراس وذبحتا على بعد 200 متر من المنزل (1)

11-انظر روبرت فيسك – الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة – بيروت شركة المطبوعات للتوزيع والنشر 2008 ص 622
أي طاقة بدائية تحرّك هذه السادية ؟ فقد ربح الجزائريون حربهم المقدسة ضد فرنسة ، وهم جميعاً مسلمون على المذهب السنيّ وتقع بلادهم الشاسعة على أرض تحتوي مخزون نفط وغاز طبيعي بقيمة عشرات المليارات من الدولارات ، والجزائر هي الدولة الثامنة عشر في تصدير النفط ، والسابعة في تصدير الغاز ، وتعتبر بعد فرنسة وكندا ثالث دولة (فرانكوفونية) ، ويفترض أن تكون غنية بقدر غنى دول الخليج ، وبأستطاعة أهلها شراء الأملاك والأستثمار في أوربا وأمريكا مثل السعوديين والكويتيين ، غير أن الجزائر تعاني حالياً من البطالة بنسبة 25% ومن الأمية بنسبة 47% وتحدث فيها أفضع الصراعات الداخلية ، وهي بذلك الغنى النفطي والثروات المعدنية والزراعية تشبه بلدنا العراق من حيث الزعامات الخائنة التي لا تعمل لمصلحة شعبها بل تسرق ثرواته وتحويلها أرصدة في البنوك الخارجية ، وهذا هو ديدن زعمائنا الوطنيون الذين أحتلوا المراكز القيادية في الحكومات بعد رحيل قوات الأحتلال من أراضينا .


بدأ في العديد من المجازر أن الجماعات الأسلامية تنتقم من القرى التي أنشأت مليشيات مدعومة من الحكومة لمحاربتهم ، وكانت الشاحنات والباصات تتوقف خارج المدن عند حواجز مزيفة ومخيفة ، شبهاً بحواجز القاعدة في العراق ، وكان ركاب هذه الحافلات يتعرض منهم عشرون أو ثلاثون شخصاً للذبح في كل مرة .


في مدينة (سيدي الكبير) كان رجال القرية المسلحون في التلال المشرفة على منازلهم في 6 تشرين الثاني 1996 يبحثون عن الأرهابيين الذين تسلحوا ضدهم من قبل الحكومة ، وكان في ذلك الوقت أكثر من ثلاثين مسلحاً من الجماعات الأسلامية يدخلون قرية سيدي الكبير . وقد قاموا بشكل منظم بقتل من وجدوه في القرية وقاموا بذبح طفل صغير وذبح عشر نساء على الأقل ، وجرى الأجهار على زوجين في منزلهما ، الزوج في السرير والزوجة على عتبة غرفة النوم بعد أن طلب منها أرتداء بدلة الزفاف (1)
كما تميز شهر رمضان لعام 1997 بمجموعة من حمامات الدم من ذبح وقطع الرؤوس والسيارات المفخخة وخنق الأطفال ايضاً ، وقد قتل (300) شخص وأعترف وزير الداخلية بمقتل (80 ألف) جزائري حتى ذلك الوقت . وفي مدينة (بن عاشور) على بعد 50 كيلومتراً من العاصمة الجزائر جرى بقر عائلات بكاملها أنتقاماً لدعم القرويين من اعضاء المليشيات المحلية الموالية للحكومة ، وكان بين القتلى طفل عمره ستة سنوات ، وطالبتان بعمر العاشرة ، وأمرأة حامل بقرت بطنها ونبشت أحشاءها قبل قطع رأسها . وفي (حروش تراب) ذبح عشرة مدنيين بينهم سبعة نساء وصبي في العاشرة من العمر وكانت أحدى النساء فتاة في الخامسة والعشرين من العمر ، وقد قُطع رأسها وعُلّق على حَربة ، وتركت بجانب الطريق لكي ترحب بزوجها عند عودته من دورية الميليشيا . وكتب القتلة على جدران القرية (حرب بعد حرب ، دمارٌ بعد دمار، كوكا سيعود) وكوكا هو الأسم العسكري للقائد المحلي للجماعات الأسلامية المسلحة وأسمه الحقيقي (هليلة كوك) .


11 - وصل المسلحون إلى أعالي جبال الجزائر إلى دير (تيبحيرين) حيث أخذوا سبعة من الرهبان ، وقد فزعت فرنسة بذلك فقد كان هؤلاء الرجال الروحيون يقدمون المساعدة بلطف حتى لجرحى الجماعات الأسلامية المسلحة . وبعد سبعة أشهر عرف العالم بذبح أولئك الرهبان السبعة . لقد وجدنا ثلاثة رؤسهس متدلية من شجرة قرب محطة وقود . والرؤوس الأربعة الأخرى ملقاة تحت العشب أنظر المرجع السابق

(بن طلحة وريس) قريتان أخريتان وبائستان في الريف ، هذه المرة تمينّ السادية ومستوى الهجمات بعداً جديداً للوحشية ، وكان شيئاً لم يشاهد من قبل . قرى بكاملها تم القضاء عليها بالسكين وذبح سكانها بشكل جماعي مثل الخرفان ونزعت أحشائهم وقطعوا أربا . وعندما شاهدنا القريتيين كانتا بلدتا أشباح وجدرانهما مهدمة .


في قرية (بن طلحة) حوالي 240 قتيلاً ، وكانت لافتات الجبهة الأسلامية للأنقاذ معلقة على الجدران وعلى أعمدة الأضاءة .
لم يكن العنف والقتل الوحشي من طرف الأرهاب الأسلامي المتمثل (بالجبهة الأسلامية للأنقاذ) هو السائد في الساحة الجزائرية ، بل كانت الحكومة وقواتها التي فرختها حرب التحرير الجزائرية وما رافقها من قتل وحشي وتعذيب لا أنساني فأنتجت عالماً جديداً لا يؤمن بسوى العنف طريقاً لتحقيق أهدافه .


كانت الحكومة الجزائرية وقواتها ورجال أمنها يقومون بأفعال مشابهة لما يقوم به المتطرفون الأسلاميون ، ولا أخالف الحقيقة أن ما قامت به حكومات الجزائر وحكامها الدكتاتوريون من اعمال عنف بحق الأسلاميين وعوائلهم ، ولّد عنفاً مقابلاً وحشياً من قبل الأرهابيين .


تعرض المعتقلون المحررون من السجون – كما صرحوا بذلك – بعد أطلاق سراحهم، بأنهم عوملوا معاملة لا أنسانية تمثلت بالخنق والأختناق وسحب الأظافر من قبل المحققين ، وأغتصاب النساء بالجملة من قبل رجال الشرطة ، وتنفيذ عمليات الأعدام السرّية في مراكز الشرطة ، وكان الدليل مقنعاً بشكل كافي .

وفي منتصف عام 1997 جمعت المئات من الصفحات التي تقدم البراهين ، من قبل المحامين الجزائريين وناشطي حقوق الأنسان وتثبت بشكل مطلق ان قوات الأمن الجزائرية مسؤولة عن عمليات الأختفاء والتعذيب وجرائم القتل ضد الأنسانية .


تحدثت الشاهدة (داليا) عن أعمال التعذيب التي شاهدتها بام عينها قالت : رأيت حوالي ألف رجل يخضعون للتعذيب بمعدل 12 رجل يومياً . وكان محققوا الشرطة يبدأون العمل الساعة العاشرة صباحاً حتى الساعة الحادية عشر ليلاً

تقضي عمليات التعذيب بان على السجين أن يعترف بقتل هذا أو ذاك ويُجبرون السجناء على التوقيع على أعترافاتهم وعيونهم معصوبة ولا يحق لهم قراءة ما وقعوا عليه . وأن الذين ماتوا نتيجة التعذيب بالماء كانت بطونهم منتفخة جداً وبينما يحدث ذلك ، يقوم المعذبين أحياناً بوضع عصا مكنسة في مؤخراتهم . وكانوا يستمتعون بفعل ذلك .
وتحكي داليا أنها رأت جثتان معلقتان على السلم ، وكان المعذب يقول خذوهما إلى المستشفى وقولوا أنهما ماتا في المعركة . وكانوا يفعلون الشيء نفسه بالذين يعدمونهم الساعة الحادية عشر ليلاً ، وكان يتم ذلك بعد فرض منع التجول ويكون بوسع رجال الدرك والشرطة التجول لوحدهم وفعل مايريدون (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- وهذه شهادة أحد مجندي السلطة وأسمه رضا وقد جاء فيها أنه في مهمته الأولى يوم 37 أيار 1997 أمر هو ورفاقه عائلات بالخروج من بيوتها ، وبينما كانوا يفتشون المنازل سرقوا ما وجدوه من الأموال والذهب وما أشبه اليوم بالبارحة وهذا ما كان يحصل أيام الأحتلال الأمريكي للعراق وتفتيش منازل المواطنين . 
يستمر الشاهد رضا في رواية شهادته ، أخذنا (166) رجلاً للتعذيب وقيل لنا من قبل المخبرين أن هناك أرهابيين ،ويجب علينا تنفيذ الأوامر مهما كانت قاسية . كانت في ثكنة (بليدا) غرفة تحت الأرض تسمى (غرفة القتل) وكان جميع السجناء ينادون بأسم مستعار من قبل المحققين أسماء مثل (زيتوني) وكانوا يخضعون للتعرية وعصب العيون والتقييد بالكرسي أو الرش بالماء البارد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكان يقف جندي أمام كل سجين ويطرحون عليه أسئلة ثم يبدأون تعذيبه بالمثقاب الكهربائي . وكان هناك شريط كهربائي قطره حوالي 5سم يضعونه في آذان أو مؤخرات السجناء ثم يلقون الماء عليهم ويستمر التعذيب 24 ساعة .
وفي حزيران 19977 طلب من رضا الأنضمام إلى قوة الحماية حول قرية (سيد موسى) خلال غارات القوات النظامية . وكان علينا التدخل عند أحتدام المعركة لم يحتدم وعدنا إلى بيوتنا بعد ساعتين ، وفي اليوم التالي سمعنا أنه حصلت مجزرة في القرية نفسها وقطعت رؤوس 28 قروياً . وبدأتُ أعتقد أن رجالنا هم القتلة .
---- ديفيد هيرتس ---- نفس المرجع ص 634
----------------------------------------------------------------
أتهمت منظمة هيومان رايتس واتش السلطات الجزائرية بأعمال خطف وتعذيب وأعدامات بدون محاكمة قضائية ، كما عملت منظمة العفو الدولية الشيء نفسه معددة ثلاثة آلاف ضحية وردت أسماء مجموعة صغيرة منهم في تحقيق سابق نشرته جريدة (الأندبندنت البريطانية) أغتيلوا من قبل السلطات الجزائرية بمن فيهم عمال المستشفيات والموظفون وطلاب المدارس وأمناء عامون ومزارعون ومحامون .
وفي يوم 16 كانون الأول عام 2004 أعترف محقق معيّن من قبل الحكومة الجزائرية أن عناصر في جهاز الأمن الجزائري قتلوا (5200) مدني ، كما أبلغ من يدعي (كستنيني) أن عملاء السلطة قاموا بتصفية (6146) مدنياً .
بعد هذا العرض للأرهاب الذي قام به المتطرفون الأسلاميون من أعمال أرهابية وحشية ، وقد قابلهم رجال السلطة بأعمال لا تقل بشاعة عما أقترفه الأرهابيون . وقد بلغ عدد الضحايا من الشعب الجزائري بما فيهم رجال الأمن بمئات الآلاف ، أضيفت للمليون شهيد التي خسرتها الجزائر في حربها ضد فرنسة .
لكني أتساءل ألم يكن الأجدر بالحكام الجزائرين وسلطاتهم الأمنية أن يوفرّوا هذه الأعداد الضخمة من الضحايا ، التي سقطت بفعل القتل من التعذيب . ألم يكن الأجدر بهم التخلي عن أنانيتهم والأنفراد بالحكم والأستمتاع بثمراته الكبيرة وأشراك من ساهم بالحرب ضد فرنسة بثمرات الحكم وتقديم الخدمات الأساسية وتوفير الضمان الأجتماعي في دولة فتية لا يقل ما تملكه من ثروات دول الخليج .
كان أغتصاب الحكم من قبل العسكريين وأنفرادهم سنوات طويلة ، وما زال بوتفليقة يحكم للمرة الرابعة ، والشعب يتظاهر ويطالب بالتغيير ومازالت حرب الأرهاب مستمرة في الجبال والغابات الجزائرية .
أنه الفقر ومدن الصفيح التي أحاطت وتحيط بالمدن الجزائرية هي المرتع الخصب لأنتاج الأرهاب والأرهابيين القتلة ، التي تسبب بها حكام الجزائر ، والتي عانى منها الشعب الجزائري . ونحن العراقيون والسوريون والتونسيون والليبيون لازلنا نعاني من تطوّع هؤلاء القتلة المتوحشون . الذين ساهموا في قتل رجالنا وتيتيم أطفالنا وقتل نساءنا وشيوخنا ودمير حضارتنا ، كما يحصل أيضاً في سورية وتونس وليبيا فما ذنبنا ؟ أن هؤلاء أنتجتهم مصادر العنف الجزائرية ليتحولوا إلى أنتحاريين يقتلوا ويذبحوا أبنائنا بأسم الأسلام لكي يذهبوا إلى جنان الخلد نتيجة الجرائم البشعة التي أرتكبوها بحق الأطفال الأبرياء وفقراء شعبنا بأسم قتل الروافض الكفرة .
لا زال الأرهاب يذر قرنه في الجزائر وجارتيه تونس وليبيا وفي مدننا ، ولابد لنا من التفكير في الأجراءات المهمة والضرورية لمكافحة هذا الأرهاب وأستئصال فكره الأجرامي .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع