بحث الأخطاء الطبية (الحلقة الثالثة) : ابتسم لي واتركني أموت

Pr. Belhouss Ahmed

أخلاقيات مهنة الطب في تدهور مستمر فلم تعد تحترم واجبات الزمالة بين الأطباء. ومن خلال تجربتي المتواضعة في قضايا المسؤولية الطبية، أكاد أزعم بأن أهم أسباب لجوء المرضى إلى المحاكم وطلب متابعة الأطباء قضائيا ترجع بالأساس إلى سلوكيات بعض الأطباء الذين يلمحون أو يصرحون للمريض بأن هناك خطأ زميل لهم وأن هذا الأخير لم يحسن التصرف أو أنه أخطأ في العلاج وفي بعض الحالات يحثون المريض على رفع القضية أمام المحاكم بالإضافة الى المعاملة غير الانسانية في بعض الحالات لبعض الأطباء مع مرضاهم وكذلك بعض الحالات التي يكون فيها الابتزاز المادي واضحا ومكشوفا.

في المحاضرات والدروس التي ألقيها للأطباء والطلبة أحكي قصة حقيقية حدثت بين طبيب ومريض من نوع خاص. طبيبنا هذا أحسن التشخيص والوصفة العلاجية لكنه قدمها للمريض بطريقة غير لائقة بل مهينة كأنه هو الذي يشفي من كل داء. أما المريض فرأى في هذا التصرف كبرياء لذلك رد عليه بأنه لا يحتاج لهذه الوصفة وإنما يحتاج فقط لابتسامته وتعامله الرحيم قائلا له : " دكتور أريد ابتسامتك واتركني بعد ذلك أموت".

قصة أخرى وقعت لأحد الطبيبات التي أخطأت في العلاج ووصفت دواء ممنوعا على مريضها المصاب بقرحة المعدة. ذهب المريض إلى حال سبيله ولم تسأل الطبيبة عن هاتفه ولا عن عنوانه ولم تطلب منه أن يراجعها وبالتالي فقدت الاتصال به. تألمت الطبيبة كثيرا خوفا على مريضها التي قد تحدث له مضاعفات خطيرة من قبيل تقب المعدة بسبب الدواء الموصوف له. لكن من عادات هذه الطبيبة و"تربيتها" أنها تستقبل أي مريض أحسن استقبال وتحسن معاملته وتحس بمعاناته ونفس الأمر حدث مع مريضنا هذا الذي عاد بدون موعد بعد أسبوع ليراجعها.

حين دخل المريض عيادتها خافت الطبيبة على حالته الصحية لأنها كانت تتوقع الأسوأ. سألته وهي مرتجفة كيف أصبحت ؟. أجابها وعلامة الرضى تبدو على محياه : "أشكرك كثيرا - دكتورة - على الدواء التي وصفته لي والأن والحمد لله لقد أصبحت بكل خير وجميع الآلام قد زالت".

في الحلقة المقبلة أتحدث عن الخطر المحدق بالمريض.