القائمة الرئيسية

الصفحات

جهد فكري مميز وأدلة قانونية لا تدحض بقلم حميد الحريزي

جهد فكري مميز وأدلة قانونية لا تدحض 

جهد فكري مميز وأدلة قانونية لا تدحض بقلم حميد الحريزي
جهد فكري مميز وأدلة قانونية لا تدحض 


بقلم حميد الحريزي 

الدكتور حكمت شبر علم من أعلام القانون في العراق، له العديد من المؤلفات الهامة، وبذلك فهو غني عن التعريف في هذا المجال القانوني ....

كما ان الأستاذ الدكتور حكمت شبر شخصية وطنية عراقية ذات تاريخ نضالي مشرف، كان ولازال لا يخشى لومة لائم في مقارعة قوى الظلم والقهر والاستبداد، منحاز وفق منهجه اليساري الي الطبقات الفقيرة المعدمة من أبناء وطنه بكافة قومياتهم وانتمائهم وأديانهم، مدافع صلب عن الحرية وقضية التقدم والسلام، له حضور في ساحات التظاهر والكفاح في حقبة النظام الملكي التابع لقوى الاستعمار، تعرض بسبب هذه المواقف الصلبة الغير مهادنة الي الكثير من الأذى والملاحقة والمضايقة خلال العهد الملكي والجمهوري على حد السواء، لا لشيء الا لكونه رجل قانون ورجل ثقافة لا يتملق الحاكم ولا يجامل في قضية الحق ثابت على مبادئه وقيمه المنحازة للإنسان وحريته ورفاهة، لم تغريه المناصب ولم تهزه المتاعب / همته ولم تضعف إصراره ولازال متوقدا رغم اجتيازه الثمانين من العمر من اجل نصرة الحق والعدل ومناصرة قضايا العدل والسلام لكل بني الإنسان في العالم كونه أنسانا امميا رغم وطنيته المتأججة دوما، فهو صوتا وكلمة مدوية بوجه قوى القهر والاستغلال والاستعمار العالمي وعدوانيتها الوحشية ضد الشعوب ونهب ثرواتها وكبت حرياتها، مناضلا وطنيا امميا صلبا من اجل حق تقرير المصير للشعوب واختيار طريقها في الحكم والحياة ....

الأستاذ حكمت شبر أديبا وشاعرا متميزا له العديد من الإصدارات في مجال السرد والشعر في مختلف الأغراض الإنسانية والحياتية، وطنيا، عاشقا، مكافحا منتصرا للحب والجمال احب العراق وشعبه بصدق، وكافح ضد كل مظاهر وأشكال القبح والتخلف والكبت والقمع... احب بغداد وتغزل بها، احب كردستان وأحب مدينته النجف وكتب لها، انتصر للمرأة وحقها في العلم والعمل والمساواة في كل مجالات الحياة مع أخيها الرجل، عاش حياته كما يريد وليس كما أُريد له، كسر قيد العادات والتقاليد البالية ناشرا أجنحته في فضاء الحرية الرحب ....

ونحن نقدم لسفره الجديد الذي بين أيدينا حول سيادة وامن العراق وتعرضه للانتهاك من قبل قوى الرأسمال المتوحش العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ومناصريها في العالم، فهو يدك بعلميته وغزارة معلوماته وتبحره في القانون الدولي يدك معاقل التوحش الدولي وأساطينه ويكشف زيف دعاوى قوى الاحتلال في نشر الحرية والديمقراطية في العراق ويمزق عصائب التضليل والتجهيل الذي يراد منها إيهام الشعوب ومنها الشعب العراقي بان قوى الرأسمال العالمي في عصر العولمة الرأسمالية المتوحشة إنما هي حاملة مشعل الحرية والسلام وهو القائل:-

((إذا كان الاستعمار اعلي مراحل الرأسمالية فالعولمة اعلي مراحل الاستعمار)) ص44.

ونحن نقول:- اذا كانت الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية فان الإرهابية هي اعلي مراحل الامبريالية. وان الامبريالية ألان تمر بطور الإرهابية في كل العالم عبر تدخلها العسكري المسلح المباشر في غزو البلدان وقهرها...

فالأستاذ الدكتور يعرض لتاريخ العدوان والانتهاك لسيادة العراق من قبل قوى الاستعمار العالمي ومنذ معاهدة 1930 التي فرضها الاستعمار البريطاني على العراق فارضا سيطرته الكاملة على كافة ارض ومياه وأجواء العراق عبر قواعده العسكرية وخصوصا في الحبانية وغيرها من القواعد، وقمعه لانقلاب العقداء الأربعة في مايس 1941، ضد الوجود البريطاني وأذنابه...

يبحر الدكتور في تاريخ تطور مفهوم السيادة في العالم وكيفية تحولها من سيادة ألمللك المطلق الي كون الشعب هو مصدر السلطات كما يراها رموز الحرية كالفقيه الفرنسي ((بودوان)) وجاك جان رسو صاحب العقد الاجتماعي وكما يقول:-

((ان البحث في موضوع السيادة ليس أمرا هينا، فقد دار ويدر حوله جدل شديد بين فقهاء القانون الدولي والسياسين في العلاقات الدولية)) ص2

ومحاولة البرجوازية في عصر تدهورها ونكوصها قد تخلت عن الكثير من شعاراتها أبان نهوضها ومقاومتها للسلطات الملكية الاستبدادية زمن صراعها مع قوى الإقطاع ونفوذ الكنيسة ومحاكم التفتيش، وقد ركز الأستاذ على المفهوم السياسي للسيادة، كما تطرق الي مفهوم ومعنى السيادة في الفكرالراسمالي والفكر الاشتراكي 

ففي العالم الاشتراكي السيادة للطبقة العاملة وحلفاؤها وهم أغلبية سكان البلد المعين في حين السيادة تمثل الأقلية من أصحاب رؤوس الأموال وحلفائهم من الطبقات المستغلة. 

ويرى ان مظاهر السيادة هي السيادة الخارجية بمعنى الاستقلال، والمساواة، أما السيادة الداخلية فتعني ان الدولة حرة التصرف في شؤون بلادها الداخلية، إما السيادة الاقتصادية فتعني((حرية الدولة في السيطرة على مواردها وثرواتها القومية وتوجيهها لصالح شعبها بدون تدخل من قبل أية دولة أجنبية او أية قوة خارجية سواء كانت شركات كبرى او مؤسسات عولمية تعمل لصالح الدول الرأسمالية)) وهنا يركز بحق ان الاستقلال السياسي لايمكن ان يكن كاملا الا في حالة الاستقلال والسيادة الاقتصادية للبلد على موارده وثرواته. كاشفا وبأرقام دقيقة ما تعرضت له شعوب العالم الثالث من التعسف ولظلم وسرقة الثروات وعبر فرض ساسة المحصول الواحد، الموز فقط، الكاكاو، البترول كما في العراق مثلا ....كما كشف عن قرارا الأمم المتحدة التي تلزم البلدان الغنية التي سرقت ثروات الشعوب في زمن الاحتلال والاستعمار وهيمنة شركات الاحتكار الي مد يد العون المالي والتقني والخبر العملية للنهوض باقتصاديات هذه البلدان وتنمية مجتمعاتها لتحلق بركب الحضارة والتقدم، كما اشار إلى الايجابيات التي فرضتها العولمة، ولكن بالرغم من ذلك ففي الحصيلة النهائية تصب هذه الايجابيات في مصلحة دول العالم الأول في عصر الرأسمال المعولم المتوحش، متجاهلا كل القرارات والتوصيات الأممية بهذا الشأن، كاشفا الوجه الكالح لصندوق والبنك الدولي ودورهما في امتصاص ثروات الشعوب وإلقاء العبء الأثقل على كواهل الفقراء والجماهير الكادحة في هذه البلدان لصالح الطبقات البرجوازية الطفيلية وكيلة الرأسمال العالمي. 

تحدث بشكل وافي وشامل عن مدى أرتباط مفهوم السيادة في العصر الراهن وتطوراتها ومفهومها النسبي الحاضر، حيث إنها أصبحت مفهوما نسبيا يوازن بين حرية وكرامة الإنسان داخل بلده ومدى تمتع حكامه أفرادا وأنظمة ومؤسسات بالاستقلالية والسيادة، فلا سيادة لدولة وحكومة وحزب وحاكم وفرد مع واقع ظلم وقهر وكبت حريات الإنسان في داخل البلد او الاعتداء على سيادة وحريات واستقلال البلدان الأخرى، ولكن رغم وضوح هذه القرارات الأممية، لكن قوى الرأسمال العالمي والدائرة في الفلك الأمريكي تكيل بمكايلين في فهم وتطبيق هذه القرارات، ففي الوقت الذي تكون حدية ومتزمتة بحق من يخرقها ممن لا يسيرون في ركابها فتشن عليهم الحروب وتحتل بلدانهم كما جرى في العراق وليبيا ويجري في بلدان اخرى، في حين تغمض عيونها وتتغاضى عمن يخرق حقوق الإنسان ممن والاها من بلدان العالم كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل والسعودية وديكتاتوريات استبدادية اخرى.


كما تطرق بالتفصيل الي العدوان والاحتلال الفاضح للقوات التركية وانتهاك سيادة العراق تحت أعذار وحجج واهية لم تصمد أمام أية محاكمة عقلية او قانونية دولية وقد فند الدكتور هذه الحجج الزائفة مطالبا العالم بموقف صلب لإجبار قوات الاحتلال الاردوغاني التركي للانسحاب الفوري من العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.


ضمن ذكر الحقائق الدامغة والأدلة الواضحة كشف الأستاذ شبر الوجه القبيح والإجرامي لشركات الارتزاق مما يسمى بشركات الحماية الخاصة ومنها شركة بلاك ووتر سيئة الصيت وانتهاكها الفاضح تحت أنظار السادة الكبار لسيادة وامن وسلامة العراق شعب وأرضا ونشر الفوضى وعدم الاستقرار والاتجار بكل المحرمات الدولية دون حساب او رقيب لأنها تتمتع بالحصانة الأمريكية المفروضة على العراق ضمن المعاهدة الأمنية بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية والتي تتيح لقواتها الأمنية وشركاتها الخاصة بأرتكاب أقذر الأفعال دون حساب.

ويخلص الدكتور في ختام كتابه القيم إلى ان العراق كان ولازال بلدا منقوص السيادة والحرية، منهوب الثروة، فاقدا للأمن سواء من قبل حكامه ((الوطنين)) اللذين نصبهم او ساعد على تنصيبهم على سدة الحكم في العراق الرأسمال البريطاني والأمريكي في عهد الديكتاتوريات الفردية الجماعية، وفتح حدود العراق على مختلف قوى الإرهاب المحلي والعالمي وشركاته الارتزاقية وهيمنة البنك الدولي، واتفاقيته الأمنية الأمريكية، كما ان أصابعها ليست بعيدة عن تخليق وتصنيع القاعدة وداعش وأخواتها في العراق وغير العراق ...

أخيرا في الوقت الذي نثمن فيه هذا الجهد الكبير المبذول من قبل الأستاذ الدكتور حكمت شبر في انجاز هذا الكتاب وما سبقه من مؤلفات قيمة، نتمنى لكل عراقي الاطلاع على هذا الكتاب القيم الكاشف عن الحقائق بكل أمانة وصدق ووطنية وحب للعراق وشعب العراق.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع