القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف يكون القانون مصدر مباشراً للالتزام ؟

الباب الرابع
القانون 
LA LOI

كيف يكون القانون مصدر مباشراً للالتزام ؟

تمهيد 
901 - النصوص القانونية : تنص المادة 198من القانون المدني الجديد على ما يأتي : 
" الالتزامات التي تنشأ مباشرة عن القانون وحده تسرى عليها النصوص القانونية التي أنشأتها " ( ) . 


وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في نظرته العامة في هذا الصدد ما يأتي : " أوجز المشروع إيجازاً بيناً فيما يتعلق بالالتزامات التي تصدر عن نص القانون مباشرة . وقد حداه على ذلك ما هو ملحوظ في ترتيب هذه الالتزامات وتنظيمها ، فكل التزام منها يتكفل ذات النص المنشئ له بتعيين مضمونه وتحديد مداه . فرجعها جميعاً أحكام التشريعات الخاصة بها " ( ) . 


902 - كيف يكون القانون مصدر مباشراً للالتزام : كل التزام مصدره القانون . فالالتزام المترتب على الإثراء بلا سبب كل هذه التزامات مصدرها القانون ، لأن القانون هو الذي جعلها تنشأ من مصادرها ، وحدد أركانها ، وبين أحكامها . ولكن هذه الالتزامات لها مصدر مباشر ، هو الذي رتب عليه القانون إنشاءها . فقد جعل القانون الالتزام ينشأ من مصادر مباشرة ثلاثة ( 1 ) تطابق إرادتين : فكل اتفاق بين المدين والدائن على إنشاء التزام ، في الحدود التي بينها القانون ، ينشئ هذا الالتزام . يكون مصدره المباشر هو العقد ، والقانون مصدره غير المباشر . 


( 2 ) عمل غير مشروع يلحق ضرراً بالغير : فكل خطأ يصدر من شخص . ويلحق ضرراً بشخص آخر ، يلزم من ارتكب الخطأ بتعويض الضرر . ويكون المصدر المباشر للالتزام بالتعويض هو العمل غيرالمشروع . القانون مصدره غير المباشر . ( 3 ) إثره دون سبب : فكل إثراء أصابه شخص نتيجة مباشرة لافتقار شخص آخر ، ولم يكن للإثراء مصدر قانوني يستنذ إليه ، يلزم المثري بتعويض المفتقر . والمصدر المباشر للالتزام بالتعويض هنا هو الإثراء دون سبب . والقانون مصدره غير المباشر . 


" يلاحظ في هذه المصادر المباشرة للالتزام – العقد والعمل غير المشروع والإثراء دون سبب - أن القانون اختار عملاً قانونياً . هو العقد . وعملين ماديين ، هما العمل غير المشروع والإثراء دون سبب وجعل هذه الأعمال الثلاثة مصادر عامة للالتزام . دون تمييز بين حالة وحالة . فالعقد مصدر عام للالتزام . سواء كان العقد بيعاً أو هبة أو قرضاً أو إيجاراً أو عارية أو وكالة أو غير ذلك من العقود المسماة . وسواء كان العقد مسمى أو غير مسمى ، وأيا كان الالتزام الذي ينشأ من عقد معين ولم يخص القانون حالة دون حالة في جعله العقد مصدراً للالتزام . والعمل غير المشروع مصدر عام للالتزام يستوي في ذلك أن يكون هذا العمل حادثاً من حوادث النقل ، أو حادثاً من حوادث العمل . أو خطأ في أعمال المهنة ، أو عملاً يخل بالشرف والاعتبار ، أو منافسة غير مشروعة ، أو تعسفاً في استعمال الحق ، أو غير ذلك من الأعمال غير المشروعة . 


ولم يجعل القانون العمل غير المشروع مصدراً للالتزام في حالات دون أخرى ، بل جعله مصدراً عاماً يتناول جميع هذه الحالات . والإثراء دون سبب مصدر عام للالتزام ، لا فرق في ذلك بين إثراء إيجابي وإثراء سلبي . ولا بين افتقار إيجابي وافتقار سلبي ، ولا بين قيمة مادية وقيمة معنوية . ولا تمييز بين القاعدة العامة وتطبيقاتها الخاصة من دفع غير مستحق وعمل الفضولي . ولم يقصر القانون الإثراء دون سبب كمصدر للالتزام على حالة من هذه الحالات دون حالة . بل عممه عليها جميعاً . وجعله فيها كلها مصدراً للالتزام . 


والي جانب هذه المصادر المباشرة يختار القانون حالات خاصة . ويرتب في كل حالة منها التزاماً ، يستند حقاً إلى عمل قانوني أو إلى عمل مادي ، ولكن يستند إليه لا كمصدر عام ينشئ الالتزام في هذه الحالة وفي غيرها من الحالات وحدها دون غيرها . وهنا إذا قيل إن العمل القانوني أو العمل المادي هو مصدر الالتزام في هذه الحالة الخاصة كان هناك شئ من التجوز ، فالواقع أن القانون ذاته هو المصدر المباشر لهذا الالتزام . إذ أنشأه ، لا عن طريق نص عام بل بنص خاص عين هذه الحالة بالذات . وحدد نطاقها . ورسم مداها ، ورتب عليها حكمها . فالنص القانوني – لا العمل القانوني ولا العمل المادي – هو المصدر المباشر للالتزام ( ) . 


فعل القانون ذلك في بعض الوقائع المادية وفي بعض الأعمال القانونية ، فعين حالات خاصة ، بعضها يستند إلى واقعة مادية وبعضها يستند إلى عمل قانوني ، وأنشأ في هذه الحالات التزامات قانونية هو مصدرها المباشر . أما الحالات الخاصة التي تستند إلى واقعة مادية ، منها التزامات الأسرة والتزامات الجوار والتزامات الفضولي والتزام حائز الشيء بعرضه إذا كان محلاً للنزاع ( ) . وأما الحالات الخاصة التي تستند إلى عمل قانوني ، فهذه كلها تستند إلى الإدارة المنفردة ( voionte unilaterale ) ، كالإيجاب الملزم و أو عند بجائز ( ) ويستخلص من ذلك أمران ( أولاً ) أن القانون هو المصدر المباشر لبعض الالتزامات . ومن ثم لا سبيل إلى تحديد هذه الالتزامات القانونية إلا بالنص . فالنص القانوني وحده هو الذي ينشئ هذه الالتزامات ، وهو مصدرها الوحيد . 


( ثانياً ) والنص وحده هو أيضاً الذي يتكفل بتعيين أركان الالتزام القانوني وببيان أحكامه . 
ونبحث كلا من هاتين المسألتين .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع