القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث ودراسة حول أحكام الفضالة - التزامات الفضولي والتزامات رب العمل

المبحث الثاني 
أحكام الفضالة 
876 - التزامات الفضولي والتزامات رب العمل 

بحث ودراسة حول أحكام الفضالة - التزامات الفضولي والتزامات رب العمل
بحث ودراسة حول أحكام الفضالة - التزامات الفضولي والتزامات رب العمل 

بيع الفضولي وشراؤه

الفضالة . إذا توافرت أركانها على النحو الذي قدمناه ، ترتب التزامات في جانب الفضولي وأخرى في جانب رب العمل . 

المطلب الأول
التزامات الفضولي 
877 - ما هي هذه الالتزامات وما هو مصدرها : يلتزم الفضولي بما يأتي :

  • 1 - أن يمضي في العمل بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه . 
  • 2 - أن يخطر رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك . 
  • 3 - أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي . 
  • 4 - أن يقدم حالياً حساباً لرب العمل عما قام به وان يرد إليه ما استولي عليه بسبب الفضالة . 


ومصدر هذه الالتزامات جميعاً عمل مادي إرادي يقوم به الفضولي فيرتب عليه القانون مباشرة هذه الالتزامات ( ) . وهذا ظاهر إذا كان العمل الذي يقوم به الفضولي هو عمل مادي في ذاته وهو صحيح أيضاً حتى إذا كان العمل الذي يقوم به الفضولي هو تصرف قانوني . سواء عقده باسمه الشخصي أو عقده باسم رب العمل نيابة عنه ، ففي الحالتين يعتبر قيام الفضولي بإبرام هذا التصرف القانوني عملاً مادياً في العلاقة ما بين الفضولي ورب العمل . وإن كان العمل يعتبر تصرفاً قانونياً في العلاقة ما بين الفضولي والغير إن كان الفضولي عقده باسمه الشخصي . وفي العلاقة ما بين رب العمل والغير إن الفضولي عقده باسم رب العمل 


ونستعرض : ( أولاً ) التزامات الفضولي الأربعة ( ثانياً ) ما تشترك فيه هذه الالتزامات من أحكام تتعلق بأهلية الفضولي وبالأثر الذي يترتب على موت الفضولي أو موت رب العمل وبتقادم هذا الالتزامات . 


التزامات الفضولي الأربعة 
1 . التزام الأول - مضى الفضولي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه : 


878 - جاء في المادة 191ما يأتي : " يجب على الفضولي أن يمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه ( ) " . وقد أراد المشرع بهذا الالتزام أن يمنع التدخل في شؤون الغير عن خفة واستهتار . فمن تدخل في شأن لغيره من غير أن يدعى لذلك وجب عليه ألا يتخلى عن العمل متى بدا له أن يتخلى ، بل يلتزم بالمضي فيما بدأه رعاية لمصلحة رب العمل ، وهي المصلحة التي قصد الفضولي أن يرعاها . ولكن لا يلتزم الفضولي بإتمام العمل إلا إذا لم يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه فإذا تمكن من ذلك وسنرى أن الفضولي يجب عليه إخطاره بتدخله متى استطاع - سقط عن الفضولي التزامه بإتمام العمل بل التزامه بالمضي فيه ، وأصبح من واجب رب العمل ، ومن حقه في الوقت ذاته ، أن يباشر شؤونه بنفسه ، وان يتخلى له الفضولي عن ذلك . 
وإذا كان العمل الذي تولاه الفضولي عملاً مادياً ، كتنقية زراعة من دودة القطن أو إضفاء حريق ، وجب على الفضولي المضي في تنقية الزراعة أو في إطفاء الحريق حتى يأتي رب العمل ويباشر العمل بنفسه . أما إذا كان العمل الذي تولاه تصرفاً قانونياً - سواء عقده باسم رب العمل أو باسمه الشخصي – فواجبه هنا أيضاً أن يمضي في عمله ، فيتم إبرام التصرف القانوني ، ويقوم بالإجراءات التي يوجبها القانون كتسجيل التصرف أو قيده ، ثم يباشر تنفيذ التصرف إذا اقتضى الأمر ، فيؤدي ما أنشأه التصرف من التزامات ، ويطالب بما رتبه من حقوق ، باسم رب العمل أو باسمه الشخصي على حسب الأحوال . كل هذا حتى يتمكن رب العمل من مباشرة التصرف الذي عقده الفضولي نيابة عنه ، فيمضى في الإجراءات أو في التنفيذ بنفسه . أما التصرف الذي عقده الفضولي باسمه الشخصي فيستمر هذا فيه حتى يتم تنفيذه لأنه هو المسئول عنه شخصياً ، وليس لرب العمل إلا تعويضه عن التزاماته وإلا محاسبته عنه كما سيأتي . 


ب . الالتزام الثاني - إخطار الفضولي رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك : 


879 - ولا يكفي أن يمضى الفضولي في العمل الذي بدأ به حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه ، بل يجب إلى ذلك أن يبادر إلى إخطار رب العمل بتدخله بمجرد أن يتمكن من ذلك ، فيستطيع رب العمل بعد هذا الإخطار أن يستعمل حقه من مباشرة العمل بنفسه ، رأينا أن هذه المباشرة إذا كانت واجباً عليه فهي أيضاً حق له . وهذا الالتزام هو ما ينص عليه الشطر الثاني من المادة 191إذ نقول " كما يجب عليه ( أي على الفضولي ) أن يخطر بتدخله رب العمل متى استطاع ذلك ( ) " . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( ) في هذا الصدد ما يأتي : " ويلاحظ أن الفضولي يلزم بالمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه . ولما كان لرب العمل أن يكف الفضولي عن التدخل فيما تصدى له ، لذلك كان من واجب الفضولي أن يخطره بتدخله في أول فرصة تتاح له . ومتى تسير لرب العمل أن يباشره بنفسه كان من حقه وواجبه أن يقوم بذلك " . وغنى عن البيان أن الفضولي ليس مطالباً أن يبذل جهداً غير معتاد لإخطار رب العمل بتدخله ، بل هو مطالب أن ينتهز أول فرصة معقولة تتاح له حسب الظروف التي تحيط به للقيام بهذا الإخطار . 


جـ . الالتزام الثالث - بذل عناية الشخص العادي في القيام بالعمل : 


880 - النص القانوني :تنص المادة 192على ما يأتي :

" 1 - يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي . ويكون مسئولاً عن خطته . ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كان الظرف تبرر ذلك " . 


" 2 - وإذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسئولاً عن تصرفات نائبة ، دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب " . 

" 3 - وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل وأحد كانوا متضامنين في المسئولية " ( ) . 


وهذا النص يشتمل على أحكام هامة في الفضالة ( ) . فهو : ( 1 ) يرسم معيار الخطاء في الفضالة وما يترتب من المسئولية على هذا الخطأ ( 2 ) ويبين أحكام نائب الفضولي . ( 3 ) ويقرر التضامن في المسئولية إذا تعدد الفضولي . 


881 - الخطأ في الفضالة : لا يلتزم الفضولي بالوصول إلى النتيجة المرجوة ، بل يلتزم ببذل عناية الشخص العادي للوصول إلى هذه النتيجة . فالتزامه ليس التزاماً بتحقيق غاية ، بل هو التزام ببذل عناية ( ) . 


ومعيار خطأ الفضولي هو كمعيار الخطأ العقدي ويقاس على خطأ الوكيل إذا كان مأجوراً ( م 704فقرة 2 ) . فيجب ألا ينحرف الفضولي في القيام بعمله عن السلوك المألوف للرجل العادي ، وأي انحراف عن هذا السلوك يكون خطأ يوجب مسئوليته ( ) . وليس هذا الخطأ خطأ عقدياً . ولا هو خطأ تقصيري لأن مسئولية الفضولي ليست مسئولية تقصيرية إلا إذا ارتكب خطأ تقصيرياً خارجاً عن أعمال الفضالة . وإنما هو خطأ في الفضالة ، معياره هو عين معيار الخطأ العقدي والخطأ التقصيري . وخصوصية هذا الخطأ أن المسئولية عنه قد لا تكون كاملة ، إذ يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب عليه إذا كانت الظروف تبرر ذك . وكثيراً ما تبرر الظروف التخفيف من مسئولية الفضولي إذ هو متفضل تدخل لرعاية مصلحة رب العمل . فإذا كان تدخله لدفع ضرر داهم يتهدد رب العمل ، ففي هذا الظرف الذي ساقه للتدخل ما يشفع له إذا ارتكب خطأ في عمله وانحرف قليلا عن السلوك المألوف للرجل العادي ، فيكون هذا سبباً لتخفيف المسئولية وإنقاص التعويض ( ) . وقد تكون ظروف أخرى ، غير تلك التي ساقته للتدخل ، سبباً في تخفيف المسئولية . فالفضولي الذي يعمد إلى تنقية زراعة جاره من آفة زراعية ، ثم يبحث عن مواد كيماوية يكمل بها التنقية ، فيجد ظرف يجعل الوصول إلى هذه المواد ينطوي على شئ من المشقة يحجم عنها المضي في عمله ، فينحرف بذلك قليلاً عن السلوك المألوف للرجل العادي ، قد يخفف القاضي من مسئوليته عن هذا الخطأ بسبب الظرف الذي وجد وجعل الوصول إلى المواد الكيماوية أمراً شاقاً ( ) . 


وقد يرتكب الفضولي خطأ تقصيرياً خارجاً عن أعمال الفضالة يضر به رب العمل ، فيكون مسئولاً عن هذا الخطأ وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية . مثل ذلك أن يعمد الفضولي إلى إطفاء حريق شبت في منزل جاره ، ثم هو بعد إطفاء الحريق والفراغ من أعمال الفضالة ، يهمل إقفال باب المنزل فتسلل اللصوص ويسرقون أمتعة الجار . ففي هذا الفرض يكون خطأ الفضولي في إهماله أن يقفل باب المنزل خطأ تقصيرياً لأنه خارج عن أعمال الفضالة ، ويكون مسئولاً نحو رب العمل عن هذا الخطأ مسئولية تقصيرية . 
882 - نائب الفضولي : وقد يعهد الفضولي إلى شخص آخر أن يقوم نيابة عنه بأعمال الفضالة كلها أو بعضها ، سواء تولى الفضولي العمل ابتداء ثم مضى نائبه فيه أو تولى النائب العمل من مبدئه ( ) : ونائب الفضولي يكون بمثابة نائب الوكيل إذا كان العمل تصرفاً قانونياً ( ) ويمثابة المقاول من الباطن إذا كان عملاً مادياً . 


ويكون نائب الفضولي مسئولاً قبل الفضولي ، ويجوز لرب العمل أن يستعمل حق الفضولي في الرجوع على النائب عن طريق الدعوى غير المباشرة ، بل أجاز فوق ذلك لرب العمل أن يرجع مباشرة ( أولاً ) على الفضولي لا عن خطئه هو فحسب ، بل أيضاً عن خطأ نائبه باعتباره تابعاً له ، وتكون مسئولية الفضولي نفسه عن النائب هي مسئولية المتبرع عن التابع ( ثانياً ) على النائب الفضولي نفسه بطريق الدعوى المباشرة التي نص عليها القانون ( ) . وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 192إذ تقول : " وإذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسئولاً عن تصرفات نائبه ، دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب ( ) . 


بقى أن نعرف هل يكون رب العمل - هو أيضاً – مسئولاً عن التزاماته مباشرة قبل نائب الفضولي؟ لا يوجد نص على هذه العلاقة ، كما وجد النص في حالة نائب الوكيل ( ) وفي المقاول من الباطن ( ) ، فلا يجوز القول به ، ويبقى رب العمل ملتزماً نحو الفضولي نفسه ويكون الفضولي ملتزماً نحو نائبه . 


883 - التضامن في المسئولية عند تعدد الفضولي : ولما كان خطأ الفضولي في الفضالة على النحو الذي قدمناه ليس بالخطأ التقصيري ، فإن الفضوليين في حالة التعدد إذا وقع خطأ منهم وهم يقومون بعمل وأحد لا يكونون مسئولين بالتضامن إلا إذا وجد نص يقرر التضامن ، وقد أورد القانون الجديد هذا النص على خلاف القانون القديم الذي كان ينص صراحة على عدم التضامن ( م 149 / 210قديم ) . فجاء في الفقرة الثالثة من المادة 192ما يأتي : " إذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل وأحد كانوا متضامنين في المسئولية " . ولولا هذا النص لانعدم التضامن بين الفضوليين ( ) . 


ويلاحظك أن شرط التضامن هو أن يتعدد الفضوليون في عمل وأحد . أما إذا تولي كل فضولي عملاً مستقلاً عن عمل الآخر ، فلا يكون هناك تضامن ( ) . 


د . الالتزام الرابع - تقديم الفضولي حساباً لرب العمل ورد ما استولي عليه بسبب الفضالة : 


884 - النصوص القانونية : تنص المادة 193 على ما يأتي : " يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولي عليه بسبب الفضالة وتقديم حساب عما قام به " ( ) . ونصت المادة 706بالنسبة إلى التزام الوكيل بتقديم الحساب على ما يأتي : 

" 1 - ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه " 

" 2 - وعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه من وقت استخدامها ، 
وعليه أيضاً فوائد ما تبقى في ذمته من حساب الوكالة من وقت أن يعذر " . 
885 - تطبيق هذه النصوص : ويترتب على تطبيق هذه النصوص ما يأتي : 

  • 1 - إذا قام الفضولي بتصرف قانوني عقده نيابة عن رب العمل ، فإن هذا التصرف ينفذ مباشرة في حق رب العمل كما سبق القول . وإذا مضى الفضولي في تنفيذ هذا التصرف باسم رب العمل ، كما إذا استوفي حقاً ، فإنه يقبض الحق كوكيل . ولا يجوز له أن يستعمل المال لصالح نفسه . وإن فعل فعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه بالسعر القانوني ( أي 4في المائة ) من وقت استخدامها ، لا من وقت المطالبة القضائية ولا من وقت الإعذار . أما إذا لم يستعمل المال لصالح نفسه ، فإن فوائده بالسعر القانوني تجب عليه من وقت إعذار برد المال . 

  • 2 - إذا قام الفضولي بتصرف قانوني عقده باسمه الشخصي لصالح رب العمل ، فإن هذا التصرف ينفذ في حقه لا في حق رب العمل كما سبق القول . ويجب عليه أن يمضى في العمل وأن ينفذ التصرف عند الاقتضاء . فإذا باع محصولات يسرع إليها التلف ، وقبض الثمن ، فلا يجوز له أن يستعمله لصالح نفسه ، وإلا وجبت عليه فوائده بالسعر القانوني من وقت استخدامه . وعليه أن يرده لرب العمل ، وإذا لم يستخدمه لصالح نفسه وجبت عليه فوائده القانونية من وقت الإعذار . 


  • 3 - إذا قام الفضولي بعمل مادي ، كما إذا جنى محصولا لرب العمل ، فعليه أن يسلمه إياه بمجرد التمكن من ذلك . ولا يجوز له أن يستولي عليه لصالح نفسه ، وإلا ألزم بالتعويض . 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع