القائمة الرئيسية

الصفحات

عقوبة رجم الزاني المحصن بالإعدام شنقا كعقوبة

سبعة أسئلة مشروعة لمن استبدل رجم الزاني المحصن بالإعدام شنقا كعقوبة

رجم الزاني المحصن بالإعدام شنقا كعقوبة
رجم الزاني المحصن بالإعدام شنقا كعقوبة


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،،

عقوبة جريمة الزنا في القانون الجنائي لسنة 1991م وفقاً لنص المادة السادسة والأربعون بعد المائة هي الإعدام رجما اذا كان محصنا وذلك لأن رجم الزاني المحصن ثابت بالكتاب والسنة والإجماع...


وليس ثمة إشكال في هذا النص طالما أن نظام الحكم هوالشريعة الإسلامية الغراء،وإنما المشكل حقا فيما جرى من تعديل لنص المادة المشار إليه بعد أن صادق مجلس الوزراء على مشروع القانون الجنائي تعديل سنة 2016م،والذي تم بمقتضاه تعديل عقوبة الزاني المحصن إلى الإعدام شنقاً بدلاً عن الرجم،والأمر المسلم به أن الرجم كعقوبة للزاني المحصن عقوبة حدية حددها المولى جل وعلا بحكمته وكمال علمه،لتتناسب مع فداحة الجرم المرتكب لكونه أعظم ذنب بعد الشرك،وقتل النفس التي حرم الله، أما عقوبة الإعدام شنقاً هي وسيلة من وسائل إزهاق النفس لم تقرر في الشريعة الإسلامية لا في الكتاب ولا في صحيح السنة فالاختلاف بين الوسيلتين واضح وجلي، والذي لا خلاف عليه أن الشارع الحكيم أعلم وأدرى بهذه الوسيلة لكنه عدل عنها واختار وسيلة أخرى لإزهاق النفس المستحقة للإزهاق ألا وهي الرجم،فإنه سبحانه حكيم عليم،﴿( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)﴾ فهو جل جلاله،أعلم بكل جريمة وما يناسبها من العقاب،لذالك فإن استبدال الرجم بوسيلة أخرى لا يجوز،لأن التحديد من الباري جل وعلا، ولأن الحدود توقيفية ومعنى توقيفية أي أنها ثبتت بنص عن الله فهو المشرع،فليس لأحد أن يأتي فيها بجديد لا بإنقاص ولا بزيادة ولا بتغيير الكيفية، بل لا بد من الوقوف وفق ما شرع الله وحدد،وإلا فإن الذي يتدخل فيها يدخل فِي قَوْلِهِ: (أَمْ لَهُم شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِن الدِّينِ مَا لَم يَأْذَن بِهِ اللَّهُ).

وهذا التعديل باستبدال الرجم بالإعدام شنقا، لا يشك عاقلا في خطئه وما يتركه من آثار وما يثيره من تساؤلات مشروعة لابد من الجواب عليها للبيان، ومن هذه التساؤلات:


السؤال عن السبب والباعث: لماذا استبدلت عقوبة الرجم إلى الإعدام شنقا..؟ وما هو المسوغ والمستند إلى ذلك وما الحكمة من ورائه، والسؤال عن المسوغ والحكمة أمر جوهري لأن التعديل تم على أمر منصوص عليه في الشرع، فإن لم يكن هناك مسوغا ومستندا فإن ذلك يشير إلى عدم صحة الإجراء، أي أنه خلافا لما دل عليه الشرع ومن يرى خلاف ذلك فهو قائلاً على الله بغير علم..



والسؤال الثاني: ألا يعد استبدال طريقة وكيفية تطبيق الحد تدخلا في أمر حسمه الشرع وحدد كيفيته ونص عليها..؟، لا خلاف على أن تعديل طريقة تطبيق عقوبة حدية أمر يخالف الشرع؛ لأن الحدود من الأمور التوقيفية التي لا مجال للاجتهاد والرأي فيها، بل الواجب التقيد بما ورد في الشرع أي رجم الزاني المحصن المكلف حتى يموت، اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم،الذي ثبت عنه الرجم بقوله، وفعله،وأمره، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم- ماعزًا،والجهنية،والغامدية،واليهوديين،وثبت ذلك بأحاديث صحيحة عنه صلى الله عليه وسلم – وعليه أجماع الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وأهل العلم، فالأمر ثابت بالدليل من الكتاب والسنة والإجماع، فما هو الدليل على التعديل، بل إن النصوص على الرجم تحاصرهم، فقد روى البخاري ومسلم،عن ابن عباس رضي الله عنهما،عن عمر رضي الله عنه - أنه قال: (إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله: آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف.. ). والسؤال الثالث:- لماذا الإجتهاد فيما ورد به النص،والأصل أن الإجتهاد يكون فيما لم يرد به النص،و أنه لا مجال للاجتهاد في كل ما ورد فيه نص واضح صريح وقطعي؛أي قطعي الدلالة والورود، فكل ما هو ثابت صدوره عن الله سبحانه وتعالى،أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم،كيف يكون الاجتهاد فيما ثبت بالإجماع الصريح المنقول إلينا بطرق التواتر..؟.

السؤال الرابع: أليس استبدال عقوبة الرجم إلى الإعدام شنقا يخالف الحكمة التي أرادها الشارع الحكيم من العقاب على هذا النحو، لأن الرجم أشد نكالاً وتغليظًا وردعًا،يقول العلامة ابن القيم رحمه الله :[شرع في حق الزاني المحصن القتل بالحجارة ليصل الألم إلى جميع بدنه حيث وصلت إليه اللذة بالحرام .ولأن تلك القتلة أشنع القتلات والداعي إلى الزنا داع قوي في الطباع،فجعلت غلظة هذه العقوبة في مقابلة قوة الداعي .ولأن في هذه العقوبة تذكيرا لعقوبة الله لقوم لوط بالرجم بالحجارة على ارتكاب الفاحشة] انتهى كلامه، الشاهد أن الغاية من الرجم تحقيق عدد من الحكم والغايات،قد لا تتوفر في أي وسيلة أخرى من وسائل العقاب،ولما كان الزنا من أشنع الجرائم وأشدها تأثيراً على المجتمع فهو هادم البيوت الأمنة المطمئنة،ومفسد الأنساب،ومدنس الفراش،وقاطع للأرحام،ومٌوقع في كثير من الإجرام، فناسب هذه الجريمة النكراء،أن يكون العقاب شديداً على مقترفها ردعا لذوي الأهواء ومنكلاً بأهل الفساد والفجور.

السؤال الخامس: هل تعديل عقوبة الرجم إلى الإعدام شنقا، تم لأن تطبيق هذا الحد يسلط الأضواء حول الشريعة الإسلامية،أي سيركز ويلفت أنظار الغرب الذي يسعى الكل لإرضائه،ويضع البلد الذي يطبق عقوبة الرجم تحت المجهر،وأن السودان يطبق الشريعة الإسلامية كنظام قانوني...؟، وأن الغرب لديه رؤية واضحة حول الجرائم الحدية وفق ما أشارت إليه المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على: ( لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة) وأنه ينظر إلى عقوبة الرجم على أنها قاسية ووحشية، وأن النص على عقوبة الإعدام شنقا أخف من الرجم، لأن الرجم عقوبة حدية تشير بوضوح إلى الشريعة الإسلامية كمستند ومرجع، أما الإعدام فهو عقوبة مشتهرة تطبقها الكثير من الدول على رأسها المملكة المتحدة.

السؤال السادس: هل سبق أن تم تطبيق هذه العقوبة في السودان وتنفيذها فعلا،ومن ثم تم الوقوف من خلال التطبيق العملي على معوقات تقف في سبيل تطبيقها،فجاء قرار التعديل لتلافي هذه المعوقات...؟ مع أن الأصل أنه حتى لو تم تنفيذها على عدد من الأفراد، وقيل أن تنفيذ الرجم يحتاج إلى عدد من الأفراد أكثر مما يحتاجه في الإعدام شنقا وأن الجهد المبذول في الرجم أكثر منه في الإعدام، أو قيل أن الإعدام لا يحتاج إلى إعلان كما هو في الرجم، أو قيل ... وقيل فإن كل ما قيل لا يرقى لأن يتخذ ذريعة للتعديل،هل أدرك القائمون على الأمر أنه لا يجوز استبدال العقوبات الحدية لأنه أمر تحكمه ضوابط شرعية ونصوص قطعية وليس الأمر خاضع إلى الأمزجة والأهواء..؟.

السؤال السابع: هل جاء تعديل الرجم الإعدام شنقا بسبب دعاوى التشكيك في الرجم وفي ثبوته،بالتالي عدلت الحكومة عن الرجم واختارت وسيلة أخرى لإزهاق النفوس المستحقة للإزهاق – وأن ذلك توطئة لمرحلة أخرى يتم فيها إلغاء العقوبة تماما....؟.

هذه تساؤلات مشروعة حول تعديل عقوبة الزاني المحصن بالاعدام شنقا بدلاً عن الرجم...

وإن الذي لايخفى على كل ذي لب خطأ هذا التعديل وهذا التوجه الذي لا شك في أن نتائجه مما لا تحمد عقباه، وأن القول في دين الله ينبغي أن يكون على علم وبصيرة وبسند ودليل، لا على أرى، واعتقد، أو على التشكيك في الثوابت، وأنه لا مجال للرأي والاجتهاد في وجود النص.

إنه من المعيب حقا على دولة تطبق شرع الله، أن يغفل أهل الشريعة والقانون فيها عن عواقب القول على الله بغير علم، وعن خرق الإجماع، وقبل ذلك كله مخالفة الكتاب وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل،،،


أبو أيوب.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع