بعض من فلسفة القانون

يلاحظ على مؤلفات الرعيل الأول من أساتذة الحقوق في شرحهم للقانون استخدام لغة أدبية جزلة وسلسة ذات تأثير بالغ في الإقناع،

فعلى سبيل المثال ها هو الأستاذ "شاكر الحنبلي" وزير المعارف آنذاك، في الجزء الأول من مؤلفه (الحقوق الإدارية) الذي درّسه لطلاب معهد الحقوق بدمشق عام 1928، يغوص لأعماق الطبيعة البشرية مستنبطاً منها الأسباب، والحكمة، والفلسفة، التي جعلت القانون يستخدم القوة للحدّ من حرية الأفراد فيقول:

((إذا لم تحدد حرية الأفراد الذين تتألف منهم الجمعية البشرية، لا يمكن تأسيس الدولة وبقاؤها،

لأن الإنسان بمقتضى فطرته حريص على الاستئثار بالمنافع، حتى أنك لتجدن الأيدي المرتبطة بأقوى روابط الصداقة تنحل لأقل منفعة طارئة، والعيون التي ترمقك بنظر الحنو والشفقة تنقلب نظراتها عليك شرراً مستطيراً عندما تشعر بفوات فائدة منتظرة،

فإذا لم يكن هناك قوة توقف كل إنسان عند حد، وتزجره عن الشطط والغلو في أعماله، تمادى ولا شك في غيّه وأفسد على الهيئة الاجتماعية نظامها وسكونها،

فالقوة التي تحمل الناس على تعديل أعمالهم في ميدان هذه الحياة، هي قوة الحقوق)) ص14