القائمة الرئيسية

الصفحات

((اللجوء والهجرة والهجرة في الاسلام)) الدكتور محمد الهماوندي.

((اللجوء والهجرة والهجرة في الاسلام)) 

((اللجوء والهجرة والهجرة في الاسلام)) الدكتور محمد الهماوندي.
((اللجوء والهجرة والهجرة في الاسلام)) الدكتور محمد الهماوندي. 

الدكتور محمد الهماوندي. 

ليس من السهل علمياً وضع تعريف جامع مانع لفكرتي اللجوء أوالهجرة وتحديد أبعادهما وعناصرهما، وأن مصدر الصعوبة والتعقيد لا يقتصر في عدم توصيل الفقه السياسيوالقانوني الى تحديد الطبيعة القانونية لمضمونهما، اذ بالنسبة لمفهوم اللجوء، يطرح منذ البداية السؤال الاتي: من له بالضبط حق اللجوء؟ هل هو حق للدول ولمؤسساتها وحدها؟ أم انه حق للفرداي المستفيد منه؟

 هذا الموضوع وتحديده لا يقتصر بسبب خلافاتهم وعدم اتفاقهم في تحديد مكونات وعناصر وشروط هذا النظم القانونية، السياسية والدينية. بل ان الأمرفي نظرنا،يكمن في ان أكثر المفاهيم والحقوق التي ترتبط بمصير الانسان وحقوقه وحرياته العامة والخاصة، وبحقوق الشعوب المظلومة المستضعفة تبرز حالة من الاهمال وعدم الاهتمام المطلوب، اذ لا نجد لها معنى محددا وثابتاً أو ملزماً، بل هناك تداخل وتشارك بين هذه المفاهيم مع غيرها، 


ويختلف نظر الباحثين والدراسين فيها واختيار المناهج التي يستعملونها والأهداف التي يسعون الى ابتغاءها بجانب خلفياتهم الفكرية والثقافية، وفق الإطارات السياسية المختلفة التي يعيشون فيها لذا لا نجد حتى الأن تحديداً علمياً جامعاً ومانعاً، وتطبيق سليم ومرض، للمفاهيم الحرية والديموقراطية والسلم والحق في تقرير المصيرللشعوب !! 


ولكن بخلاف ذلك يلاحظ أن أغلب المفاهيم التيتتربط بحق الدولة والسلطة العامة ومؤسساتها السياسة والتشريعية والتنفيذية، قد حددت معانيها وأبعادها وعناصرها بدقة وبتأصيل تحليلي علمي لذا لا نجد فرقاً أوخلافا واسعاً بين جميع المذاهب الفلسفية والمدارس الفكرية والقانونية والسياسة عند بحثها ودراساتها أو تنظيمها. ومن هذه المفاهيم والنظم، نشيرالى وظيفة الشرطة والأمن والرقابة البوليسية، 

والجيش وتنظيم إدارة السجون وأساليب وأدوات التعذيب وغيرها من النظم والأجهزة التي وجدت في المقام الأول لصالح الحكم والسلطة والدولة، وبخلاف ما هي في الأصل في خدمة مصالح الشعب وحقوق الانسان والوطن على الأقل في المجتمعات والدول المتخلفة هذا من جانب. وعلى جانب أخر، ان مصطلح اللجوء هو أقدم مفهوم مرتبط بحق الانسان في الحياة إذا وجد مع صراع الانسان للطبيعة أو للحيوان أو الصراع الانسان مع الانسان الأخر...


 وعليه من أكثر مصطلحات القانون الدولي العام اوالانساني العام افتقاراً الى الوضوح أو تحديد ابعاده، لدرجة ان الأستاذ pweis قد حبذ هجر المصطلح تماماً وعدم استخدامه. واللجوء في وجه عام – من وجهة نظرنا – يمكن فهمه بأنه، حق ثابت دستورياً ثابت.دستورياً ودولياً، بمقتضاه توفرالدولة المضيفة الحماية اللازمة لشخص طالب اللجوء في ظل سيادة اقليمها الدول\ي بسبب تعرضه لأخطار مادية أومعنوية، بصورة مباشرة أوغير مباشرة، سواءً كانت سياسة أو فكرية أو دينية أولأسباب انسانية "اقتصادية"، أخرى كالكوارث الطبيعية " الفيضانات والزلازل" والأزمات الاقتصادية" كالآفات الزراعية، مثل الجفاف اوالقحط والفقر. 


أما ما هو بشأن مفهوم الهجرة، انه يعكس تأريخا ومعاصراً جوانب عديدة لحياة المجتمعات البشرية، ولعل هذا هو السبب الذي من أجله لا يجد مستقراً ثابتاً في نظام قانوني واحد. كما أن تعقد ظاهرة الهجرة، يتطلب أدوات تعريفية جديدة من أجل فهم اتساع وتنوع الهجرة المحلية والاقليمية والدولية فضلاً عن الفرق بين الهجرة الطوعية التهجير القسري وغيرها فإن مصطلحات مثل أزمة المهاجرين وتدفقات الهجرة أوانواعها ونتائجها المختلفة، هي عديدة ومتداخلة، تحتاج الى الدراسة والتحليل بشكل مكثف وعلمي محايد، خاصة العلاقات التي تتشكل بينما للمهاجر والمواطن والتأقلم مع القيم والثقافات الجديدة المعتمدة في إطار مسيرة الهجرة، بيد أن مفهوم الهجرة هي حركة وعمل مستمر وتسير بجانب مسيرة الحياة البشرية، وتكون غالبا معقدة ومتعددة. ولكل زمن ومكان للهجرة محل ومقام مختلف.


 وعليه أحكام الهجروالهجرة قد جمعت فيه مسائل متفرقة منها التعريف بالهجرة، ودورها في التأريخ، يلاحظ هناك تذبذب في الفكر الاسلامي، في الشأن التمييز بين المفهومين اللجوء والهجرة، اذ بالمطلق يجيز الفقه الاسلامي حالة الهجرة اذا كانت في حدود دائرة الشرع والشرعية، وتراها هي حالة اجتماعية طبيعية وضرورية وملزمة، أما موقفها من مفهوم اللجوء فهو غيرمستقر، وغالباً يختلط اللجوء بالهجرة غيرالمشروعة، وبالتالي يدخل في نطاق الحرام. 


والهجرة تاريخياً، حالة لاحقة للجوء، وهي بدأت مع ظهور الدين والجغرافية، وبرزت مع ظهور المجتمعات البشرية ونشوء الحضارات في تاريخ البشرية وهي بذاتها حركة ونقلة فردية أو جماعية، ويمكن توضيح ذلك في النقطتين: الأولى/ يؤرخ غالباً مصطلح الهجرة مع زمن الدين، اذ الهجرة في تاريخ الإسلام هي واقعة تاريخية دينية بحتة ، بمعنى أخر، هاجر المسلمون إلى الحبشة بأمر من النبي هجرتين، فلأول مرة هجر جماعة بشرية عربية وهي تترك أرضها، تخرج في هجرة جماعية لبلد خارجي. فتعبر البحر، وتضع أقدامها على أرض قارة أخرى وهي افريقا، لتعيش في محيط اجتماعي وسياسي وعرقي جديد ومختلف. ثم الهجرة الاخرى صوب المدينة "يثرب"، هذه الهجرة التي فتحت أبواب الدين الاسلامي على العالم الخارجي، كما عرّفت المهاجرين من قريش بمجتمع ومحيط وظروف جديدة. الثانية/ في فترة أخرى يرتبط مصطلح الهجرة بالجغرافية الطبيعية والبشرية، بمعنى الهجرة تشكل أحد مظاهر الحياة البشرية في العالم ومنها الهجرة الأوربية الكبيرة التي نزح في سياقها ما يزيد على ستين مليون أوربي إلى أمريكا وأستراليا ستظل حالة بارزة في تأريخ البشرية (1).عندمابدأوا هجرتهم الأولى منذ بدايات التأريخ والى يومنا هذا. 

لاشك أن تأثير تطورأنظمة المواصلات والاتصالات، من وراء فتح الحدود والتحجيم من المسافات والتسهيل فـي الاتصالات، اذ كانت سبباً الهجرة الجماعية والتقريب بيـن مطالبها والاتساق في طموحاتها، وتسهيل التواصل داخل المجتمع البشري غاياته نقل سهولة تناقل الانسان والقيم الاجتماعية .أما عن الفرق والتمييز بين الحالتين الهجرة واللجوء يلاحظ أن، حال الهجرة، من جانب، ان كان ويكون هي تقترب من اللجوء، حيث هناك حقل كبيرمن الدم والدموع ومن الأمل والطموح، يجمع بينهما سواء بترك الوطن بسبب ما، والبحث عن بلاد تحتضنهم وتحفظ حياتهم، أو سواء بطرح الكثيرمن التساؤلات والمشكلات على الصعيد الديني، التشريعي والقانوني، 


أو على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، من حيث الاندماج المجتمعي والاحتكاك المباشر أو بين ما يسمى الغرب والشرق أو الجنوب والشمال، منظومتان مختلفان للقيم تحاول كل منهما استيعاب الأخرى أو الغائهما - الخاسر هو الطرف الضعيف الضيف في كثير من الحال- هذه العوامل والتغييرات وما يرافقها من أحداث مفرحة ومحزنة هي محط انتباه المؤسسات الدستورية العليا في الدول، وخصوصاً في ما يتعلق بكيفية معالجة أزمة نزوح مكثف من المهاجرين واللاجئين لم يعرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية – 1939- 1944- اذ بلغ "عدد اللاجئين في وقتنا الحاضرإلى أكثر من 65 مليون شخص في العالم كله " 


1. هذا أمر بالغ الصعوبة، ففي الواقع، تتعلق جميع جوانب اللجوء والهجرة تقريباً بمبادئ حقوق الإنسان، ومن الناحية العملية، كانت حماية حقوق الإنسان الخاصة بهما تشكل تحدياً دائماً تسعى وكالات الأمم المتحدة وحكومات أغلب الدول العالم ، جنباً إلى جنب مع مناصري حقوق اللاجئين والمهاجرين، على تحقيقه منذ عدة عقود. ويرتبط التحدي في الأساس بحقيقة أنه، على الرغم من أن الدول ملزمة بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحماية حقوق الإنسان الأساسية لجميع الناس على أراضيها دون تمييز. بيد لا يعتبر في الغالب التنقل غير الشرعي عبر الحدود حقاً قانونا من حقوق الإنسان 2. وبالتالي، فإن المهاجرين واللاجئين أكثر عرضة للانتهاكات وأقل حصولاً على الحماية والانصاف القضائي من المواطنين. وفي جانب أخر، هناك مساحة أخرى للخلاف والتمييز بين المفهومين(2). 

تأريخ الهجرة في الفكر الاسلامي 


تأريخ والفهم الإسلامي للهجرة يقوم على رابطة روحية معنوية، بدايتها هي الدفاع والحفاظ على العقيدة والدين، وتطبيقاتها سواء ضمن جغرافية الغرب أو في جغرافية العالم الإسلامي. من هذا المنطلق بدأ تيار نشرالاسلام عن طريق الغزو والفتح، وعلى أساس أن الأرض وطن الانسان، بعيدا عن الروابط القومية والاقليمية والوطنية، وأن أعلى مرتبة للهجرة عند الاسلام، هي الهجرة الدينية باعتبارها واجب على الشخص المسلم. وقد وردت النصوص صريحة في هذا المجال:"أِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّه، والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ" البقرة/21، ويلاحظ، انه بعد قيمة الإيمان تأتي الهجرة بالمرتبة الثانية، ويؤكد القرآن الكريم، على ما سبق، بالآية الكريمة الأتية: "فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ" آلعمران: 19 "الَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْكَانُواْيَعْلَمُوالنحل:41 

{إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً*إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء : 97-100]ـ{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[البقرة : 218]. فالمهاجر في طريق الحقيقة في هذه الآية لا يقف إلى صف المجاهد فحسب، بل يتقدّم عليه، كما نلاحظ، فبعد الإيمان تأتي الهجرة مباشرة كأعظم أصل عملي ووظيفة إنسانية مقدّسة. وهذا التقدّم والتأخر دلالة، في السياق القرآني، ويستحقّ الوقوف عنده والتأمل فيه وليس عبثاً وصدفة على الإطلاق.{فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران : 195].{وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}[النحل : 41] فالهجرة في هذه الآيات الكريمة هي نداء لكل بني الإنسان. اذ{إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً*إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء : 97-100]ـ 



ومن هنا نفهم المفهوم الاسلامي ل"الهجرة"؛ أصل يمكن فهم أبعاده اذ له أن يهاجر من الخارج وأن يهاجر من الداخل. انتقال علىالأرض، في ذات الروح. هذا وإن الهجرة تنقسم إلى نوعين، وهي الهجرة الواجبة والهجرة الجائزة، فالأولى تنقسم الى أربعة أقسام:* القسم الأول: هجرة الإنسان لما حرم الله عليه، معناه أن يهجر الإنسان ما حرم الله عليه، وهذه الهجرة فرض عين على كل مسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". * القسم الثاني: وهذه الهجرة كانت واجبة عند بداية إقامة دولة الإسلام. * القسم الثالث: الهجرة من مكان ظهرت فيه الذنوب، ولم يظهر فيه إنكار لها، فكل مكان غلبت عليه السيئات ولم يستطع الإنسان إنكارها ولم يجد من يعينه على إنكارها فإنه تجب عليه الهجرة عن ذلك المكان. * القسم الرابع: هو هجرة الإنسان لصاحب المعصية في وقت عصيانه، فإن الله تعالى يقول: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين"، وقال تعالى: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره". فضلاً عن هذه الأقسام الأربعة هي الهجرة الواجبة. والنوع الثاني للهجرة، هي الهجرة الجائزة، وهي حق من ظلم، فإن من ظلمه ظالم من الذين يخالطهم من الناس يحق له أن يهجره ثلاث كمن ظلمه أخٌ له وكان ذلك الظلم مما لا يستطيع رفعه، فله الحق أن يهجره ثلاث، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لأمري يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، وبمعنى أخر، تبين من ما سبق أنه هناك عموماً للهجرة نوعان: النوع الأول هجرة مكانية حسية ظاهرة وهي مرتبطة بالخروج والانتقال من أرض الكفر إلى أرض الإسلام ومن دار تشتد فيه الفتن إلى دار تقل فيه الفتن وهذا النوع من الهجرة مشروع. والنوع الثاني من الهجرة هو هجر المعاصي والذنوب والآثام وكل ما نهى الله تعالى عنه ومما نهى الله تعالى عنه الإقامة بين أظهر المشركين لمن لم يقدر على إظهار دينه وهذه الهجرة المعنوية القلبية الباطنة شاملة لنوعي الهجرة هجر الديار والأوطان وهجر المعاصي والذنوب والآثام وهي الأصل والحل. 

عنصر التأريخ وبداية نشؤهما ووجودهما، ومن ناحية التعامل القانوني معهما، اذ غالباً- كما تبين- تقترب الشرعية القانونية، من حيال الهجرة الشرعية، من حيث توافرالوثائق القانونية، ومنها الوثيقة التي تؤكد على قبول المهاجر مسبقاً من قبل الدولة المستقبلة. كذلك بالنسبة للمهاجرين الشرعيين، يعد العمل والمهنة عامل الجذب الرئيسي والأول لهم. اذ أن ثمة قبول بين الدول - وبالأخص كندا وأمريكا- لاستقطاب اصحاب المهن المقبولة، وغالباً، يكون استقطاب خبراء تكنولوجيا المعلومات، والمتدربات على العناية الصحية بالعجزة والمقعدين والمتخصصين بالمهن الطبية وما سوى ذلك من خبراء تحتاجهم هذه الدول. 



1- فرانك ديفيل، الهجرة في العالم، الهجرة الى أوربا، ترجمة عدنان عباس علي، حقوق الطبع، فكر وفن، سنة/ 2006. 

2- 1- أنظر الدكتور محمد الهماوندي، اللجوء والهجرة، دراسة تاريخية قانونية سياسية، تحت الطبع. 

3- وصل الحال حيال تفاقم أزمة اللاجئين والمهاجرين، على نطاق العالم، الى أن تدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد قمة دولية للبحث في التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين، الى تم " اعلان نيويورك للاجئين والمهجرين" في 19/ أيلول، سبمتمبر/ 2016 

4- رسالة الأمين العام، لمنظمة الأمم المتحددة، بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، في 20/ 7/ 2016. 



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع