القائمة الرئيسية

الصفحات

بيع العقــار في طور الإنــجاز

بيع العقــار في طور الإنــجاز

بيع العقــار في طور الإنــجاز
بيع العقــار في طور الإنــجاز

مقدمة :
في ظل التحولات التي شهدها ميدان العقار والارتفاع المهول الذي عرفه بسبب التطور الاقتصادي وكذا التطور الذي عرفه قطاع الإسكان والإنعاش العقاري ما أدى إلى ظهور نوع جديد من البيوعات، وهو بيع العقار في طور الإنجاز وقد ازداد التعامل به خلال العقدين الأخيرين، مما دفع بالمشرع إلى إيجاد إطار قانوني وهو القانون 44.00 ينظم هذا النوع من البيوعات وتوفير ضمانات للمشتري وكذا تسهيل انجاز المشاريع من طرف المستثمرين في سوق العقار.


وبيع العقار في طور الإنجاز هو تعاقد ممتد زمنيا يؤدى فيه الثمن الإجمالي على شكل أقساط خلال آجال معينة تبعا لتقدم الأشغال، وبذلك يختلف عن البيع المتداول أو البيع التام، بحيث يكون التسليم نظير دفع الثمن دفعة واحدة، ولهذه الخصوصية فقد أحاط المشرع المغربي هذا النوع بعدة ضمانات كما أوجد نصوص قانونية ضمن القانون السابق الذكر يعالج كل مرحلة على حدة، كما ألزم المشرع الأطراف بالوفاء بالالتزام مع فرض تعويض عن أي تأخير من كلا الطرفين.


ومقتضيات هذا القانون تم إدراجه في الباب الثالث من قانون الإلتزامات والعقود حيث عرف الفصل 1-618 البيع المنصب على العقار في طور الانجاز أنه " كل اتفاق يلزم البائع بمقتضاه بانجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال". هذا الاتفاق قد قننه المشرع المغربي لضمان حقوق المتعاقدين وذلك بتوثيق العقد من طرف أشخاص معينين مع تبيان الشكل ومضمون العقد، وكذا الجهات المكلفة بتصحيح الإمضاء في حالة إذا كان العقد المحرر عرفيا.


وبرجوعنا إلى نصوص هذا العقد نجد أن إنشاء عقد البيع يتم عبر مرحلتين، مرحلة العقد الابتدائي ومرحلة النهائي، وهذا ما سنتناوله في موضوعنا من خلال المنهجية التالية :
مقدمة
المبحث الأول : الطبيعة القانونية لبيع العقار في طور الانجاز
المطلب الأول : ماهية بيع العقارات في طور الإنجاز
الفقرة الأولى : تعريف بيع العقار في طور الإنجاز
الفقرة الثانية : خصائص بيع العقار في طور الإنجاز
المطلب الثاني : تمييز بيع العقار في طور الإنجاز عن بعض العقود الأخرى
الفقرة الأولى : الكراء مع البيع
الفقرة الثانية : عقد الوكالة
المبحث الثاني : إجراءات بيع العقار في طور الإنجاز
المطلب الأول : إجراءات العقد الابتدائي في طور الإنجاز
الفقرة الأولى : تحرير العقد الابتدائي وشروطه
الفقرة الثانية : التقييد الاحتياطي 
المطلب الثاني : إجراءات العقد النهائي في طور الإنجاز
الفقرة الأولى : تحرير العقد النهائي
الفقرة الثانية : تسجيل العقد النهائي
المبحث الأول : الطبيعة القانونية لبيع العقار في طور الانجاز
لابد لنا لبحث الطبيعة القانونية لبيع العقار في طور الانجاز من تحديد ماهية هذا البيع لهذا التصرف القانوني (المطلب الأول)، وتمييزه عن بعض العقود الأخرى (المطلب الثاني)
المطلب الأول : ماهية العقار في طور الانجاز
سنحاول من خلال هذا المطلب تعريف بيع العقار في طور الانجاز (الفقرة الأولى) مع بيان خصائصه (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : تعريف بيع العقار في طور الانجاز


مع تطور الأوضاع الاقتصادية وتزايد الحاجة إلى تملك سكن لائق، من خلال أداء الثمن على أقساط، وتشجيع المنعشين العقاريين على إقامة مشاريع خاصة بدون قروض، فقد رخص المشرع في بيع العقار وهو في طور البناء، حيث صدر القانون رقم 44.00[1] وهي محاولة تشريعية هدفها سد الفراغ الذي يعاني منه النظام القانوني المغربي في هذا الباب، وتخليق مجال المعاملات العقارية مع خلق ديناميكية اقتصادية تستند على خفض النفقات والتكاليف وإنعاش السوق العقارية[2]


وتفاديا لكل تضارب حول ماهية بيع العقار فقد تدخل المشرع المغربي ووضع تعريفا لهذا النوع من البيوع، بحيث عرفه الفصل 1-618 من ق.ل.ع بما يلي : "يعتبر بيعا لعقار في طور الانجاز كل اتفاق يلزم البائع بمقتضاه بانجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال "[3]

من خلال التعريف الذي أوردناه لبيع العقار في طور الانجاز يظهر بأن هذا الأخير يحتوي على مجموعة من الخصائص
الفقرة الثانية : خصائص بيع العقار في طور الانجاز

يظهر من خلال التعريف السابق لبيع العقار في طور الانجاز، أن هذا الأخير يمتاز بعدة خصائص منها أنه ينتمي إلى صنف العقود الملزمة لجانبين، وبـأنه عقد معاوضــة، وأنه من العقــود الشكليـة، وأنه من أعـمال التصـرفات وأنه من العقود المؤجــلة.
1- بيع العقار في طور الانجاز من العقود الملزمة للجانبين لأنه يجعل على عاتق كل من البائع المكلف بإنجاز عقار التزامات معينة كما يلقي على عاتق المشتري التزامات متقابلة منها بالأسـاس أداء الثمن

2- فضلا عن ذلك فإن هذا البيع من عقود المعاوضة لأن البائع مكلف بإنجاز عقار مقابل قيام المشتري بأداء الثمن إلى أن يصير العقار ملكا تاما عند انتهاء البناء.

3- بيع العقار في طور الانجاز من العقود الشكلية حيث أوجب المشرع أن يفرغ عقد البيع قيد الانجاز، سواء الابتدائي أو النهائي في محرر كتابي، والكتابة المشترطة تعد ركنا شكليا فيه، ومن تم فهي تدخل كجزء محدد كماهية التصرف، وتندمج فيه، ولا يقوم العقد بدون كتابة، وفي غياب الكتابة فإنه لا يمكن إثبات التصرف بأية وسيلة أخرى لأننا أمام عقد منعــدم.[4]

4- بيع العقار في طور الانجاز من أعمال التصرفات، فهذا البيع المستحدث يرمي إلى حصول المشتري من البائع على عقار غير موجود في الحال لكن ممكن الوجود في الأمر المستقبل مقابل ثمن يتم أداؤه وفقا لتقدم الأشغال ويتخلل ذلك مرحلة البيع الابتدائي ثم يليها البيع النهائي، وهذه التصرفات ترتبط بسير أشغال البناء وتتطلب إيقاظا وحرصا من الطرفين المتعاقدين على الوفاء بالتزاماتهم.
5- بيع العقار في طور الانجاز من العقود المؤجلة التنفيذ، فالأصل في البيع أنه عقدنا؟؟؟ حيث أن الأحكام العامة جعلت البيع تاما بمجرد تراضي ومكسبا المشتري لملكية الشيء المبيع، لكن هذه الأحكام العامة لا تجد صدى لها في العقار في طور الانجاز نظرا لطبيعة التصرف المبرم والذي يراد به تسيير التعامل في العقارات الممكن إنجازها طبقا للقانون في أمد مستقبلي، فالتسليم غير ممكن في الحال لكنه ممكن في هذا الزمن المتفق عليه.


المطلب الثاني : تمييز بيع العقار في طور الانجاز عن بعض العقود الأخرى
سنحاول من خلال هذا المطلب أن نميز بيع العقار في طور الانجاز بغيره من العقود القريبة له من حيث تكوينه مثل الكراء مع البيع (الفقرة الأولى) وعقد الوكالة (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : الكراء مع البيع
الكراء مع البيع من العقود التي برزت مع انتشار عملية بناء العقارات في المدن الكبرى، وهي تجربة لازالت تستند في تنظيمها إلى اتفاق الأطراف والقواعد العامة، ومن شأن الكراء مع البيع أن يجعل المكتري مالكا للعقار المكتري بعد أداء عدد من الأقساط الشهرية يحددها الطرفان في ضوء الثمن الإجمالي للمبنى ومقدار المبلغ الذي تم تسبيقه وباقي الثمن المقسط والذي يتم الوفاء به بصورة دورية ليصير المكتري مالكا وجوبا للمبنى عند وفائه لمجموع الثمن، وقد حظي هذا النوع من العقود بالتفاتة من التشريع في محاولة لتنظيم مجاله حيث تمت بمشروع قانون رقم 00-51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى التملك وهو منحصر من حيث تطبيقه على العقارات المنجزة المعدة للسكنى كانت محفظة أو غير محفظة.


من هنا يتبين مدى الفرق القائم بين عقد الإيجار المفضي إلى التملك الذي يجمع بين عقدين اثنين هما : كراء وشراء العقار مندمجين في عملية قانونية واحدة، وبين بيع العقار في طور الانجاز الذي يبقى بيعا لعقار المزمع تشييده مستقبلا وفي أمد محدد بين الطرفين المتعاقدين يصل مداه البعيد إلى الانتهاء من أشغال البناء وتسديد الثمن ليتم نقل الملكية في بيع العقار في طور الانجاز إلى الطرف المشتري.

الفقرة الثانية : عقد الوكـــالة
الوكالة حسب الفصل 879 من ق.ل.ع هي " عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه…"، وكما تكون الوكالة صريحة برضا صريح فإنها تكون وكالة ضمنية يشوبها الرضا الضمني من الوكيل الذي تعود عليه فوائد هذه الوكالة.


وما يميز الوكالة هو أنها تنصب على القيام بعمل قانوني[5] ، بينما في بيع العقار يتولى البائع بالتعاقد شراء الأرض والقيام بجميع الإجراءات الأخرى للحصول على تصاميم مقبولة لبناء العقارات والحصول أيضا على الرخص اللازمة للشروع في الأشغال وكذلك التعاقد مع المهندس والمقاول وغيرهما، فهل يمكن القول بأن البائع مستند إلى وكالة ضمنية من المشتري في إنجاز العقارات محل هذا البيع ؟ فلو سلمنا بهذا الرأي لاحتكم الطرفان عند حصول منازعات إلى أحكام الوكالة، لكن بيع العقار في طور الانجاز رغم اشتباهه بالوكالة فإن فوارق جمة تبعد بينهما، منها أن البائع هنا يحصل على الثمن وأنه مسؤول عن نقائص وعيوب المبيع وأن انتهاء العلاقة بين الطرفين يخضع لأحكام القانون 44.00 الذي أفرز بمقتضاه جزاءات تغريمية لكل طرف متراجع عن العقد، وهي أحكام لا تطابق الأحكام المنظمة لأحكام الوكالة.

المبحث الثـاني : إجراءات بيع العقار في طور الانجاز
تعتبر عملية بيع العقار في طور الانجاز من التصرفات القانونية المركبة التي تستلزم إبرام العقد التمهيدي الأولي (المطلب الأول)، على أن يتمم في وقت لاحق بالموافقة على العقد النهائي الذي يؤكد هذه العملية (المطلب الثاني)
المطلب الأول : إجراءات العقد الابتدائي في طور الانجاز

إن دراسة هذا المطلب تستلزم علينا التطرق لكيفية تحرير العقد الابتدائي في (الفقرة الأولى)، ثم طريقة التقييد الاحتياطي لهذا النوع من العقود في (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى : تحرير العقد الابتدائي
سمي هذا العقد ابتدائيا لأنه بمثابة الخطوة الأولى الإيجابية لتأكيد العلاقة التعاقدية بين البائع والمشتري وهو من العقود المؤقتة التي تبرم لغاية محددة ينتهي بانتهائها.

إذ يتحول إلى بيع نهائي مكسب للملكية لمشتري المشتري وقد ينتهي قبل هذا التاريخ بتدخل من المحكمة في الحالات التي يحق لها إنهاء العقد التمهيدي بطلب من أحد الأطراف أو هما معا[6].


وبرجوعنا إلى الفصل 3-618[7] نجد أن المشرع ينص على ضرورة تحرير العقد الابتدائي، إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ، وباستقرائنا لهذا الفصل نجد المشرع حَدّ من حرية المتعاقدين في إبرام هذا العقد شكلا ومضمونا، حيث أوجب الكتابة في العقد الابتدائي واعتبرها شكلية انعقاد وليست إثبات، وذلك بدليل صيغة الوجوب التي جاءت في النص وكذلك بانتهائه بجزاء البطلان بحيث إنه كلما تخلفت الكتابة إلا واعتبر العقد باطلا، وفي المقابل تساهل بخصوص هذه الكتابة فيما يتعلق بالشكل الذي ستتخذه، ولم يقيد المتعاقدين في ذلك بحيث يمكن أن تكون في محرر رسمي أو عقد ثابت التاريخ وذلك نظرا للتداول الشاسع للمحررات العرفية في الواقع العملي.


ونظرا لأهمية هذا العقد الأولي فإنه تطلب فيه أن يكون مشتملا كذلك على العناصر المذكورة في الفصل
3-618 وهي :
- هوية الأطراف المتعاقدة
- تاريخ ورقم رخصة البناء
- الرسم الأصلي للعقار المحفظ موضوع البناء أو مراجع الملكية إذا كان العقار غير محفظ مع تحديد الحقوق العينية والتحملات العقارية الواردة على العقار وأي اتفاق آخر عند الاقتضاء
- ذكر ثمن البيع النهائي وكيفية أدائه
- أجل تسليم البناء للمشتري
- الإشارة لمراجع الضمانة البنكية التي يتعين على البائع تقديمها لفائدة المشتري حماية للأقساط المدفوعة من قبل المشتري للطرف البائع.
وبالإضافة إلى ذلك فإن المشرع تطلب أيضا إرفاق هذا العقد بالوثائق التي تؤكد وجود التصاميم المعمارية المتطلبة لإنجاز البناء محل التعاقد سواء تعلق الأمر بتصميم المهندس أو تصميم الإسمنت المسلح الذي ينجزه المهندس المكلف بوضع هذا النوع من التصاميم المعمارية مع ذلك كله بنسخة من دفتر التحملات[8].
وبما أن إبرام العقد الابتدائي المشار إليه سابقا يرتبط بواقعة الانتهاء من أشغال الأساسات على مستوى الطابق الأرضي حسب ما هو منصوص عليه في الفصل الخامس من هذا القانون فإننا نلاحظ أن المشرع قد استلزم ضرورة إرفاق هذا العقد بشهادة مسلمة من لدن المهندس المعماري تثبت واقعة الانتهاء الفعلي من إنجاز الأساسات على مستوى الطابق الأرضي للعقار، وأن يكون ذلك مطابقا لأصل التصاميم المعمارية وتصاميم الإسمنت المسلح.
إلا أنه بالرغم من وضوح العبارات التي استعملها المشرع في الفصلين الثالث والخامس من المادة 618 حيث تعمد تكديس العقد الابتدائي بمجموعة من العناصر والشروط مع المرفقات المشار إليها كدليل جدية المعاملة وتوفير المزيد من الضمانات لصالح الطرف المشتري إلا أن ذلك لا يعتبر حزام أمان للمشتري الذي قد يفاجأ بتوقف الأشغال لأسباب لا ترجع للبائع بالضرورة، الأمر الذي قد يعصف بآماله في الحصول على البناء المنتظر إنجازه.
الفقرة الأولى : التقييد الاحـتياطي
التقييد الاحتياطي هو إجراء مؤقت يحفظ الحقوق ويحميها خلال فترة معينة كما أنه يمنح الإشهار الكافي الذي من شأنه أن يطمئن المتعاقدين والغير كذلك، وهذا يعني أن التقييد الاحتياطي ليس تسجيلا بالمعنى الحقيقي المنشئ للحق أي المعنى المخصوص في نظام السجل العقاري بل يختلف عنه اختلافا بيِّنا سواء من حيث الطبيعة القانونية أو من حيث الآثار[9].
وقد أشار المشرع لحالة التقييد الاحتياطي للعقد الابتدائي في الفصل 10-618 من ق.ل.ع، ويعد عقد البيع الإبتدائي معلقا على حصول التسليم ليتحول إلى بيع نهائي بتسجيل العقد النهائي بالسجل العقاري، لذلك فالتقييد الاحتياطي للبيع الابتدائي يعد ضمانة هامة تحفظ للمشتري حقه وتشهره عن طريق السجل العقاري بعملية البيع الابتدائي[10].
وقد اشترط المشرع المغربي شروطا دقيقة لتقييد عقد البيع الابتدائي تقييدا احتياطيا وهي :
- أن يكون العقار محفظا
- موافقة البائع على التقييد الاحتياطي
- وجوب تحرير عقد ابتدائي
وهنا يلاحظ أن إجراء التقييد الاحتياطي مرتبط بموافقة البائع، وبذلك يطرح هنا الإشكال في حالة عدم موافقة البائع على القيام بهذا الإجراء، ففي هذه الحالة يمكن للمشتري ولضمان حقه أن يقوم بالتقييد الاحتياطي مستندا على الحالات المذكورة في الفصل 85 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بمسطرة التحفيظ العقاري مع تقديم طلب إلى المحافظ العقاري لإجراء التقييد.
و أخيرا فإذا كانت الفصول 66 و 67 من ظ.ت.ع قد رتبت على التسجيل آثارا مهمة تتجلى في أن الحقوق العينية المنصبة على عقار محفظ لا توجد بين الأطراف ولا تسري إزاء الغير إلا من تاريخ التسجيل، فالملاحظ أن التقييد الاحتياطي – خلافا للتسجيل النهائي – لا ينشئ حقا عقاريا ولا يزيله ولا ينقله ولا يعدله ولا يعلنه، ولا هو قرينة على هذه الوقائع إلا على أية واقعة حقوقية أخرى ولا على وجود نزاع على الحق إلا إذا أقيمت الدعوى وأشير في التقييد الاحتياطي على أنه مؤسس على إقامتها[11]
المطلب الثاني : إجراءات العقد النهائي لبيع عقار في طور الانجاز
بعد التطرق لإجراءات العقد الابتدائي، وجب ذكر المرحلة التي تلي إبرام العقد بتحريره (الفقرة الأولى)، على أن نتطرق لواجب التسجيل في هذا العقد (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : تحرير العقد النهائي
بمجرد الانتهاء من أشغال البناء واستكمال الأقساط المتبقية للمشتري يصبح العقد كاملا جاهزا ليكون العقد نهائيا.
وقد نص المشرع المغربي على ضرورة كتابة البيع النهائي بخصوص هذا العقار تحت طائلة البطلان كما جاء في الفقرة 16 من الفصل 618 والذي أحال على الفصل 3-618 من نفس القانون الذي ورد فيها " يبرم العقد النهائي طبقا لمقتضيات الفصل 3-618 المشار إليها أعلاه وذلك بعد أداء المبلغ الإجمالي للعقار أو الجزء المقرر من العقار"
ومن هنا نستشف من هذا الفصل أن المشرع اشترط الكتابة كشكلية للانعقاد ورتب عن تخلفها بطلان العقد النهائي لبيع العقار في طور الانجاز حيث اعتبر المشرع أن العقد النهائي شأنه شأن العقد الابتدائي تتم طريقة إبرامه إما في محرر رسمي أو في عقد ثابت التاريخ لكن شرط أداء المبلغ الإجمالي للعقار أو الجزء المقرر من العقار محل البيع.
إذا كان المشرع المغربي اعتبر أن هذا العقد النهائي ناقل لملكية الشيء المبيع فإنه أورد استنادا على تلك القاعدة حيث حسب مقتضيات الفصل 618 في فقرته 19 أنه في حالة رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل 30 يوما من تاريخ توصله بإشعار المنصوص عليه في الفقرة 18، يمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى المحكمة لطلب إتمام البيع أو فسخ العقد الابتدائي حيث يعتبر الحكم النهائي الصادر في تنظيمه لهذا البيع بمثابة عقد نهائي.
والمشرع المغربي في تنظيمه لهذا البيع حدد تعريفة إبرام المحررات في العقد النهائي من خلال نص تنظيمي، في المادة الثانية من المرسوم 2.04.14 الصادر في 14 ذي الحجة 1425 حيث حيث يحدد تعريفة تحرير العقد النهائي وذلك وفق الثمن الاجمالي للعقار وذلك كما يلي :
- أقل من 120.000 درهم أو ما يعادلها، مبلغ 600 درهم
- من 120.000 إلى 200.000 درهم، مبلغ 1000 درهم
- من 200.000 إلى 500.000 درهم، مبلغ 2500 درهم
- من 500.000 درهم فما فوق، نسبة % 0,50 من المبلغ الإجمالي.
الفقرة الثاني : تسجيل العقد النهائي
إذا تم إبرام العقد النهائي فإنه وجب التسجيل في السجل العقاري إن كان العقار محفظا، وبذلك التسجيل، يصير المبيع ملكا خالصا للمشتري، وتلك ميزة نظام العقارات المحفظة حيث يصبح المشتري – بتسجيل عقد البيع – صاحب حق عيني تطبيقا للفصل 65 من ظهير 9 رمضان 1331ه، فلا يكفي مجرد إبرام العقد النهائي بالنسبة للعقار المحفظ لانتقال الملكية، بل لابد من قيام الطرفين المعنيين من إتمام شكلية تسجيل هذا العقد النهائي بالسجل العقاري، لأن هذا التسجيل هو الذي يكفل انتقال ملكية الحق العيني في قانون العقارات المحفظة وليس فقط إبرام عقد البيع ولو كان عقدا نهائيا، فلا بد من تحمل المتعاملين في بيع العقار المحفظ من التزام القيد في السجل العقاري للبيع الذي يتم إبرامه وفقا لأحكام الفصلين 66 و 67 من ظهير 9 رمضان 1331ه، فيظهر أن تشريع العقارات المحفظة يزيد من التزامات البائع والمشتري حيث لا يكتفي لنقل الملكية من أحدهما للآخر بمجرد الإتفاق ولا حتى بمجرد تحرير عقد البيع، ولابد للمشتري أن يحتاط بواجب الحصول على تسجيل عقده في شراء العقار المحفظ بالسجل العقاري، وهذا ما جعل القانون 44.00 يركز على مسألة تسجيل البيع النهائي للعقار في السجل العقاري إن كان المبيع عقارا محفظا
أمـــــا إذا كان محل البيع للعقار في طور الانجاز عقارا غير محفظ فإن العقد النهائي يصير كافيا لنقل ملكيته تبعا لما نص عليه الفصل 20-618 من ق.ل.ع بقوله : " لا تنتقل الأجزاء المبيعة إلى المشتري إلا من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى إن كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ، وتنتقل الملكية بعد تقييد العقد النهائي أو الحكم بالسجل العقاري إذا كان العقار محفظا ".
فيستخلص من هذا النص التشريعي ما يلي :
أ- أن انتقال ملكية الأجزاء المبيعة إلى المشتري يبدأ مفعوله القانوني من تاريخ إبرام العقد النهائي إن كان المبيع عقارا غير محفظ، ويتم انتقال الملكية إن ثار نزاع بين البائع والمشتري حول المبيع من صدور الحكم النهائي البات في النزاع مع تعلق المبيع بعقار غير محفظ كما ذكرنا وكذا إن كان العقار في طور التحفيظ.
ب- أما إذا كان المبيع العقار محفظا فإن العبرة في انتقال الأجزاء المبيعة تكون بتقييد العقد النهائي أو الحكم البات في النزاع القائم بين البائع والمشتري، ومن يوم التقييد بالسجل العقاري، وهذا المقتضى يفتح أمامنا الاستدلال بالفرضيتين التالتين :
- إن كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ، فإن قيام صاحب المصلحة (وهو المشتري) بتقديم مطلب التحفيظ وإتمام إجراءات التحفيظ للجزء المبيع، يقطع نهائيا دابر المنازعات المحتملة حول المبيع في حالة استحقاق غير مصرح به أثناء إجراءات التحفيظ. ومن هنا نتصور الصعوبات المحتملة في حالة طلبات الاستحقاق على العقار غير المحفظ إن كان محل بيع لعقار في طور الانجاز .
- أما لو كان المبيع عقارا محفظا فإن لنا أن نتصور عدم فائدة الفصل 20-618 إن كان المشتري قد احتاط لنفسه بإجراء تقييد احتياطي للعقد الابتدائي بالسجل العقاري ذلك أن المشرع تكفل بحماية المشتري عندما نص في الفصل 10-618 الفقرة الثالثة منه على أنه " يبقى التقييد الاحتياطي ساري المفعول الخاص بالمبيع ".
ومن الناحية العملية فإن الفصل 10-618 يؤدي فعليا إلى شل يد البائع عن التصرفات المريبة في المبيع، ويحفظ للمشتري حقوقه كاملة إلى حين نجاحه في تقييد العقد النهائي، أما لو افترضنا عدم لجوء المشتري إلى تقييد شرائه تقييدا احتياطيا فإن الحكم القاضي ضد البائع بإتمام البيع كفيل بترتيب انتقال الملكية إليه من تاريخ تقييد الحكم وابتداء منه نظرا لطبيعة التقييدات بالسجل العقاري والتي هي منشئة للحق العيني، كما هو معلوم.[12]
وجدير بالإشارة أن إبرام العقد النهائي إن كان العقار غير محفظ أو تقييده بالسجل العقاري إن كان العقار محفظا، من شأنه أن يضع حدا للضمانة البنكية أو لأية ضمانة أخرى مماثلة يكون البائع قد قدمها للمشتري تأمينا لاسترجاع الأقساط المؤداة في حالة عدم تطبيق العقد المبرم بين الطرفين بشأن بيع العقار في طور الانجاز وذلك ما صرح به الفصل 9-218.
خاتمة
إن القانون 44.00 وعلى الرغم مما قيل بشأنه يبقى محاولة سريعة جديرة بالتنويه وطفرة قانونية مهمة من شأنها وضع حد لبعض الممارسات التي كانت سائدة ردحا من الزمن في مجال المعاملات العقارية والتي كان يذهب ضحيتها المواطن.
ولا تفوتنا فرصة اختتام هذا العرض المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز بالتأكيد على أن العقار أصبح رافعة الاقتصاد لأنه الأرضية الأساسية لانطلاق المشروعات الاقتصادية الإنتاجية والإسكانية، وهذا ما يتطلب أن تكون الملكية العقارية في بلادنا معلومة الحدود بدقة مستقرة ثابتة جاهزة لتدفق الاستثمار، وهذا ما يسعى إليه نظام التحفيظ العقاري الذي يحتاج إلى تجديد وتحديث النصوص التشريعية حسب ما يلائم الظروف والواقع
لائحة المراجع :
* المؤلـــفـــات :
- محي الدين علم الدين إسماعيل، العقود المسماة، مطبعة الساحل، الرباط، 1978.
- عبد القادر العرعاري، النظرية العامة للعقود المسماة، الكتاب الأول، عقد البيع، الطبعة الثانية، توزيع مكتبة دار الأمان، الرباط 2009.
- المعزوز البكاي وعبد العالي الدقوقي، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري والضمانات العينية والشخصية، طبعة 2009.
- محمد بن أحمد بونبات، بيع العقارات في طور الانجاز، دراسة في ضوء القانون 44.00، سلسلة آفاق القانون رقم 9، 2004
- محمد مهدي الجم، التحفيظ العقاري بالمغرب، 1986
* المقالات :
- محمد الخضراوي، إشكالية توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية – قراءة في قانون 44.00، مجلة البحوث، عدد 07
[1]- نفذ القانون رقم 44.00 بالظهير الشريف رقم 309-02-01 بتاريخ 25 رجب 1423 الموافق ل 3 أكتوبر 2002 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 07 نونبر 2002 ص 3183 وما يليها.
[2]- محمد الخضراوي، إشكالية توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية – قراءة في قانون 44.00 مجلة البحوث، عدد 07، 2007، ص 37
[3]- نلاحظ أن المشرع في القانون رقم 44.00 يتحدث عن العقار في طور الانجاز والحال أن لفظ العقار هو لفظ عام يشمل العقار في مفهومه الضيق وهو الأرض ويشمل أيضا العقار بمفهومه الواسع وهو كل ما اتصل بالأرض اتصال قرار أو أصبح مندمجا فيها، ومن تم فإن المشرع يتكلم عن العقار في مفهومه الضيق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالمشرع استعمل لفظ قيد الانجاز وهي تسمية غريبة.
[4]- أنظر بهذا الخصوص إلى الفصل 401 من ق.ل.ع
[5]- محي الدين علم الدين إسماعيل، العقود المسماة، مطبعة الساحل، الرباط، سنة 1978، ص 362 الفقرة 624
[6]- عبد القادر العرعاري، النظرية العامة للعقود المسماة، الكتاب الأول، عقد البيع، الطبعة الثانية 2009، توزيع مكتبة دار الأمان، الرباط، ص 95
[7]- ينص الفصل 3-618 في فقرته الأولى على ما يلي : " يجب أن يحرر عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الانجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونيا تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان "
[8]- عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، ص 97
[9]- المعزوز البكاي وعبد العالي الدقوقي، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري والضمانات العينية والشخصية، طبعة 2009، ص 149-150
[10]- يرجع إلى محمد أحمد بونبات، بيع العقارات في طور الإنجاز، دراسة في ضوء القانون رقم 44.00، سلسلة آفاق القانون 9، السنة 2004، ص 43 وما بعدها.
[11]- محمد مهدي الجم، التحفيظ العقاري بالمغرب، 1986، ص 267
[12]- محمد أحمد بونبات، مرجع سابق، ص 51
منقوول
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع