القائمة الرئيسية

الصفحات

وجدان قاضي

بحث وجدان قاضي
بحث وجدان قاضي

طَرَحَ أحد المصارف أموال مدينه للبيع بالمزاد العلني، (وفق أحكام القانون السيء رقم 19 لعام 2014)، قدَّر الخبير قيمة الأموال بمبلغ 50 مليون وخمسمائة ألف ليرة سورية، حيث يجب أن يبدأ المزاد بهذا الرقم، ومن المعلوم في هذا المجال أن الخبراء عادة يضعون أسعاراً أقل من القيمة الحقيقية للمال.


لسبب أو لآخر تغيَّب المدين عن حضور الإجراءات في الملف التنفيذي، فسارت بغيبته!


في اليوم المحدد للمزاد لم يتقدم أحد للشراء فتمَّ تأجيل البيع لليوم الثاني حيث تباع الأموال بأي سعر مهما بلغت قيمته،
اشترك أحد الأشخاص بالمزاد وكان هو المزاود الوحيد، فدفع بها مبلغ 150 ألف ليرة سورية فقط!!!! (يعني دفع من الجمل شقفة صغيرة من أذنه)

عُرضت نتائج جلسة المزاد على رئيس التنفيذ القاضي الجريء الأستاذ "سمير الشيخ"، ففوجئ بهذا الثمن البخس جداً الذي رسى به المزاد، ولأن سمير بيك من شريحة القضاة ذوي الضمير الحيّ، أبى عليه وجدانه أن يتمم البيع بهذا الغبن الفاحش، وخاصة بغيبة صاحب المال، وكان بإمكانه قانوناً أن يوقع الجلسة ويتمم البيع ولا تثريب عليه نهائياً، فكان بالمرصاد لهذا الظلم البيّن ورفض البيع وألغى المزاد، 


وكان سنده القانوني أن دائرة التنفيذ تنوب عن البائع في عقد البيع بطريق المزاد العلني، وبالتالي يقوم القاضي بالذات مقام البائع في العقد، إذ يقول العلامة السنهوري:

((قد يظن أن طرح الصفقة في المزاد هو الإيجاب، والتقدم بالعطاء هو القبول.
وهذا ليس صحيحاً. إن طرح الصفقة في المزاد لا يعدو أن يكون دعوة إلى التعاقد عن طريق التقدم بعطاء، والتقدم بعطاء هو الإيجاب.
أما القبول فلا يتم إلا بإرساء المزاد على من يرسو عليه))
{الوسيط – ج1 – فقرة 115}

وبالتالي رفض سمير بيك بكل جرأة ووجدان إرساء المزاد على هذا المزاود، وأبطل المزاد.
استأنف المزاود القرار فرفضت محكمة الاستئناف الطعن وصدّقت قرار رئيس التنفيذ، معلنة انبلاج الحق.

في الحقيقة أكتب هذا الموضوع بقصد توجيه الرسالة التالية:


مهما بدا المشهد قاتماً بالنسبة لوضع القضاء، ولكن إذا دققنا فيه نرى بقع الضوء متناثرة فيه بكل مكان،
يجب أن يعرف الناس أنه بالرغم استشراء الفساد بأنواعه في القضاء، ولكن مازال هناك قضاة شرفاء، وعلماء بالقانون، عددهم وافر وأكثر مما يعتقد الناس..

صحيح أن القضاء مريض، وربما مرضه عضال، ولكنه قابل للشفاء، بعمل جراحي على يد طبيب ماهر.


نَرفَع القبعة للقاضي صاحب الضمير الحي الأستاذ "سمير الشيخ"،
وكذلك لهيئة محكمة الاستئناف المصرفية بدمشق.


ملاحظة:
سبب طمس الأسماء بالحكم يعود لتقديري الشخصي منعاً للحرج، وليس لسبب قانوني نهائياً، إذ لا تثريب على نشر الأحكام القضائية التي تصدر باسم الشعب السوري والتي تعتبر ملكاً لأفراد هذا الشعب الكريم.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع