القائمة الرئيسية

الصفحات

تدخل القاضي بالتفسير عند قصور النص

تدخل القاضي بالتفسير عند قصور النص

تدخل القاضي بالتفسير عند قصور النص
تدخل القاضي بالتفسير عند قصور النص
المحامي عارف الشعَّال

تنازل زوج لزوجته عن حق الانتفاع بعقار واحتفظ لنفسه بالرقبة، 


اشترط عليها في العقد شرطين مقابل هذا التنازل:

  • 1 – أن يسكن العقار طيلة حياته دون مقابل.
  • 2 – موافقتها على بيع العقار للغير دون مقابل، عند رغبته بذلك.

ونصَّ في العقد أيضاً على حقه بمراجعة القضاء وإعادة الحال لما كانت عليه في حال الإخلال بهذين الشرطين.

فإذاً نحن أمام حالة غير معتادة تنازل زوج لزوجته عن حق الانتفاع بعقار، فهو ليس تنازل مطلق، وإنما مشروط بشرطين:

حقه بالسكنى دون مقابل وهو شرط ذكي فعلاً، ولو كان العقار دار الزوجية، فقد يقع الطلاق والزوجة تملك حق استعمال واستغلال العقار، ما يمكنها من إخراجه منه أو مطالبته بأجر مثله.

إضافة لشرط ثاني ملتبس وقاصر والذي أثار الخلاف وهو: (موافقتها على بيع العقار دون مقابل عند رغبة الزوج بذلك)

وفي الواقع هذا الشرط كان ملتبس وقاصر وسيء الصياغة لأبعد حد، لأن المقصود منه أن تتنازل الزوجة عن حق الانتفاع بدون مقابل عند رغبة الزوج ببيع الرقبة، وبالتالي ينصرف حقها في الانتفاع بالعقار في هذه الحالة لاستعماله واستغلاله في حال الطلاق أو وفاة الزوج قبلها، وبالتالي كان يجب أن تتم صياغة الشرط بهذا الشكل وليس كما ورد بالعقد!

وفي الواقع لقد دفع الزوج غالياً ثمن قصور الشرط وسوء صياغته، إذ وقع المحظور عندما رغب ببيع العقار فرفضت الزوجة التنازل عن حق الانتفاع، وفسرت الشرط بأن موافقتها على البيع لا تعني تنازلها عن الانتفاع لأنها لم يُذكر صراحة بالعقد!
فقام الزوج بمراجعة القضاء طالباً فسخ التنازل عن حق الانتفاع وإعادة الحال لما كانت عليه.
رفضت محكمتا الدرجة الأولى والثانية الدعوى وردتها لعدم وجود ما يلزم الزوجة بالتنازل عن الانتفاع إذا رغب الزوج ببيع الرقبة.

أما محكمة النقض التي عندها الخبر اليقين فقد أعادت الأمر لنصابه، وذكرتنا بأن القضاء يملك حق تفسير العقد عند غموضه للوصول للإرادة المشتركة للمتعاقدين، ووجه الغموض هنا الذي لم تنتبه له محكمتا الدرجة الأولى والثانية، هو ما الداعي للحصول على موافقة الزوجة إذا رغب الزوج ببيع ملكه؟؟ ألا يملك الحرية بذلك بدون وصايتها؟؟ 
فإذاً لابد من وجود سبب يجب البحث عنه دعاهما لإقرار هذا الشرط !!

وهذا ما بحثت عنه محكمة النقض فقالت:


((لا يمكن اعتبار الشرط ينصرف إلا إجازة المدعي ببيع الرقبة دون منازعة من المنتفعة، لأنه لا حاجة لإذنها في هذه الحالة كونها لا تضار أو تتأثر بالبيع، وإلا لكان الشرط مفرغاً من موجباته وغدا لزوم ما لا يلزم))


((يستفاد من شرط موافقتها على البيع بدون مقابل بالمفهوم المقابل تنازلها عن حق الانتفاع لأن بيع الرقبة لا يحتاج موافقة المنتفع))
وختمت قرارها بعبارة بديعة تقول:


((لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تكون ملكية أكثر من الملك فتأخذ جانب التفسير اللفظي برغم وضوحه وأن تفسد مدلول العقد وشروطه بحجة التفسير، فلا هي أحسنت التفسير ولا هي استدلت من مدلول كامل عبارات العقد على إرادة المتعاقدين))

في الواقع ما ذهبت إليه محكمة النقض يتوافق مع ما قرره العلامة السنهوري في وجوب التعرف على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين إذ قال:
((ليس صحيحاً أن القانون أخذ بالإرادة الظاهرة كقاعدة عامة...

وهو إذا جعل التعبير طريق التعرف على الإرادة فإنما أراد عن طريق هذه العلاقة المادية التعرف على الإرادة الحقيقية بالقدر الذي يمكن التعرف عليها، ولم يرد الأخذ بالإرادة الظاهرة التي تقف عند ظاهر التعبير. وإلا فالواضح أن القانون قد أخذ بالإرادة الباطنة، أو الإرادة الحقيقية للمتعاقدين، كقاعدة عامة، وفي مواطن شتى، سواء كان ذلك عند تكوين العقد أو عند تفسيره))
(السنهوري – الوسيط – ج1 – ص86)

مثل هذه القضية درس في عواقب قصور النص، لأي محام يبرم عقداً بين طرفين، لأن عواقبه ستكون جسيمة وقد تودي بالحقوق، 
كان يجب أن تكون الشرط كما يلي: ((في حال رغبة مالك الرقبة بيعها، تتنازل المنتفعة فوراً عن حق الانتفاع دون تلكؤ أو مقابل))

----------
هامش1:
تدخل القاضي بالتفسير عند قصور النص ينطبق على القاضي العادي سواء بالنسبة لنص القانون أو العقد، والقاضي الإداري، والقاضي الدستوري، كل في موقعه وحسب سلطته.

هامش2:
محو الأسماء يعود لأسباب تقديرية بحتة للكاتب إذ لا يوجد تبعات قانونية على نشر الأحكام القضائية التي لم تحظره المادة 410 من قانون العقوبات كاملة غير منقوصة.

 تفسير النصوص القانونية وتأويلها تفسير النصوص القانونية pdf قواعد تفسير النصوص القانونية دور القاضي الاداري في خلق القاعدة القانونية بحث حول تفسير القانون pdf تعريف تفسير القانون\ التفسير القضائي التفسير التشريعي
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع