حكومة الفرصة الاخيرة . بقلم
الباحث : عمار المكَوطر
حكومة الفرصة الاخيرة .
بقلم الباحث : عمار المكَوطر
آمال معلقة كبيرة و واسعة يتطلع لها طيف من
الشارع العراقي ، بالحكومة القادمة متمثلة خاصة برئيس مجلس الوزراء المكلف عادل
عبد المهدي ، كما أن هناك طيفاً آخراً ، بدا يائساً او محبطاً من أي تغيير او
إصلاح ، في مسار التجربة السياسية الجديدة التي بدأت بعد عام 2003 . حيث ذهب
الفريق الأول من الشعب بهذا الإتجاه لغياب اي حل حقيقي بديل للوضع القائم سوى
محاولة التغيير و الإصلاح عبر بوابة ذات المنظومة السياسية الحاكمة ، فنظام و
قانون ضعيف خير من فوضى ، و شيء خير من لا شيء . في حين في الضفة الاخرى ، يقف رأي
شعبي آخر ، على النقيض تماماً . عبر هذا الفريق عن معتقداته اليائسة في الاصلاح
عبر مقاطعة الإنتخابات ، و أكد صحة متبنياته و مواقفه من عملية التزوير الواسعة
التي شهدتها ، و أن ما قام على باطل فهو باطل ، و أن التزوير هو انعكاس لحالة
الفساد المستشرية التي ضربت أطناب الدولة العراقية و هزت اركانها ، بفعل ذات
الشخوص و الاحزاب و إن غيرت اسمائها و شعاراتها و انتماءاتها . و أن الحل في رأيها ، نسف الوضع السياسي
الحالي و إعادة انتاج نظاماً سياسياً جديداً شاملاً ، بدستور جديد و نخبة سياسية
جديدة بعيدة عن جل الشخصيات التي مارست العمل السياسي طوال الفترة المنصرمة ، منذ
الاحتلال و حتى الوقت الراهن . و تصاعد أنصار الرأي الثاني بدرجة واسعة ساعد في
ذلك سعة الفساد ، و قلة الخدمات ، و البطالة ، و تصاعد الوعي عند فئة كبيرة مع من
الشباب التي عانت و تعاني من حالة اليأس و الإحباط ، و فقدان الأمل و الطموح ،
ترجم الى مواقف رافضة و إحتجاجات و تظاهرات في محافظات عراقية عديدة ، أهمها و
اولها محافظة البصرة ، التي يعيش ابنائها حالة مأساوية لعلها الأسوأ في تاريخ
العراق الحديث ، حيث تموت المدينة عطشاً و إهمالاً و تردياً واسعاً في شتى الخدمات
، و هي الرئة الاقتصادية العظمى للعراق ، و منفذه البحري الوحيد على العالم . لم تف الحكومات المتوالية في وعودها ، و لم
تقدم ما يلزم بالحد الأدنى منها من واجبات حيال الشعب ، الأمر الذي غدا الوسط
الشعبي يغلي ألماً و حسرة و تذمراً . في ظل هذه الظروف المأساوية ، و المريرة التي
يعانيها الشعب ، الذي تأرجح موقفه بين اليأس و الرجاء ، بين الأمل و القنوط ، أو
التريث قليلاً أو الانفجار . جاء إنتخاب رئيساً للبرلمان و الجمهورية و تكليف
رئيساً لمجلس الوزراء جديد ، ولو بعد مخاض عسير طويل . جعل الشعب يتطلع لغد أفضل ،
علها حكومة الفرصة الأخيرة التي تنقذه من مآسيه ، و مما يعيشه من فقر و حرمان ، و
معاناة اقتصادية و خدمية خانقة .
كل هذا و سواه ، يضع على عاتق رئيس مجلس
الوزراء المكلف ، العمل بجد و إخلاص عبر برنامج عمل ، علمي عملي ، سريع و واقعي ،
يبدأ بضرب رؤوس الفساد و الفاسدين ، و استرجاع اموال الشعب المستلبة ، لتكون خطوة
مؤثرة و فاعلة في إعادة الثقة و جسر الهوة الناجمة عن غياب الثقة بين الحاكم و
المحكوم التي يعيشها الشعب طوال عقد و نصف مضى . ان تحديد مدد زمنية حقيقية لكل
برنامج عمل ، في كل مجال من مجالات عمل الوزارات و جميع مؤسسات الحكومة الاخرى ، و
ترجمة ذلك الى واقع مادي يعيشه المواطن
.
لا شك ان هناك موانع و كوابح ذاتية و
موضعية ، تقف بصلابة لعرقلة ذلك ، بيد انها ليست بالعملية المستحيلة ، بل لا خيار
دون تحقيقها لوقف إنهيار الدولة ، و غرق سفينتها التي يقطن وسطها الجميع . فالأمور
لم تعد تحتمل مماطلة او زيف و تسويف ، فإما الاصلاح او الوقوع في الهاوية . و هنا
سيكتب التأريخ لرئيس الحكومة المكلف أولاً ، انه انقذ وطنه من شفير الهاوية و سار
به الى جادة الامان و يخلد بطلاً وطنياً ، او انه الشخص الذي ضاعت بإدارته البلاد .
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة