ترامب محامي دفاع عن نظام
القمع السعودي . بقلم الباحث عمار المكَوطر.
ترامب محامي دفاع عن نظام
القمع السعودي .
بقلم الباحث عمار المكَوطر.
لم تعد عملية تصفية الصحفي السعودي جمال خاشقجي بحاجة الى كثير من
الأدلة لإثباتها ، فقد دل عليها مسبقاً كثير من القرائن الدامغة ، كحضور الفريق
السعودي الضخم قادماً من بلاده الى مقر قنصليته في تركيا ، و هو متباين الاختصاص ،
موزع الأدوار ، و من بينهم الحارس الشخصي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، الذي
يعد الحاكم الفعلي للنظام السعودي ، بل يمارس حكماً ديكتاتورياً مطلقاً . حتى بدا
والده رهينة بيده و ليس ملكاً ، فليس بوسع الملك سلمان ان يقف موقفاً مخالفاً أو
معارضاً لأي قرار يتخذه ابنه ، و من غير اليسير تقبل الملك تصفية الصحفي السعودي
بهذه الطريقة ، و في دولة اجنبية امام مرأى و مسمع العالم ، إذا ما علمنا ان كل
شيء بات موثقاً في هذا العالم ، و مراقباً لحظة بلحظة ، وهو السياسي المخضرم الذي
خبرته السنون و تبوء كثيراً من المواقع السياسية و الامنية المهمة في بلاده . و بدلاً من إتخاذ مواقفاً عالمية و أمريكية
صارمة ، ظهر الرئيس الامريكي متردداً غير مكترث بما يلزم فعله تجاه اختفاء او
تصفية جمال خاشقجي ، ثم أخذ يبرر تحت ضغط الرأي العام ، العالمي و الأمريكي ، خاصة
من بعض اعضاء الحزب الديمقراطي الذين طالبوا بوقف صفقات السلاح مع النظام السعودي
، و عدم دعمه في حربه ضد اليمن ، فجاء تبريره من زاوية إقتصادية و مالية ، بحجة ان
عوائدها توفر فرص عمل لنصف مليون امريكي ، لإثارة مشاعر الناخب الامريكي الذي يحدد
قوة موقف الحزب الجمهوري و رئيسه ترامب في انتخابات التجديد النصفي للكونكرس . و
في محاولة التفاف أخرى تجاه النظام السعودي إتصل ترامب بالملك السعودي لينقل عنه
نفي تورط بلاده بما وقع ، و ليرسل وزير خارجيته الى المملكة العربية السعودية على
عجل !. لا شك ان ذلك تم وفق صفقة أعدها ترامب ، لإنقاذ ماء وجه حكام النظام
السعودي و خاصة ولي العهد المتورط حتماً ، مقابل ثمن سوف يتقاضاه ترامب ، و هو
سلوك اعتاد العالم عليه للرئيس الامريكي ، الذي يتعامل كسمسار أزمات أكثر منه رئيس
دولة عظمى . كما أن ما حصل بشكل سريع و متزامن مع اغتيال خاشقجي إطلاق سراح القس
الامريكي ليعبر بشكل جلي عن سياسة الصفقات السياسية و البرغماتية ، و المواقف
المتقلبة للرئيس الامريكي ، و التركي أيضاً . إن موقف الولايات المتحدة إزاء قتل الصحفي
السعودي جعل مصداقية الولايات المتحدة و شعاراتها التي تتشدق بها ، في نشر المبادئ
الديمقراطية و الدفاع عن حقوق الانسان و حرية الرأي و التعبير على المحك ، و التي
اتخذتها أحد أبرز وسائلها ، لشن الحروب ، إحتلال الدول ، و التدخل بشؤون الآخرين
في مختلف بقاع العالم
. كما آن للدول الغربية
و حكوماتها التي اعتادت السير خلف ركاب الولايات المتحدة أن تتخذ المواقف الحازمة
إزار هكذا جرائم ، التي تعد وصمة عار في جبين أنظمة سياسية تسوق نفسها الى العالم
انها راعية الحقوق و العدالة و الدفاع عن القيم الإنسانية و الحريات . و أخيراً هل نرى موقفاً أممياً رادعاً
لنظام القمع و الارهاب السعودي ، الذي ما فتأ يدعم و يمول و يمارس الارهاب ،
ابتداءً من القاعدة مروراً بداعش ، و اخيراً و ليس آخراً ، ارتكاب هذه الجريمة
المروعة امام العالم بأسره ، و المماطلة و التسويف و الوقاحة ، تارة بالإنكار و
اخرى بالتهديد ، ثم التملص بوسائل فجة مفضوحة ، بإسناد الفعل الى مارقين ! . فهل يصحو الضمير الانساني العالمي ، ليقف
بوجه و وجود هكذا انظمة فاسدة ، و شخصيات دموية ، بعد ما باتت القوى الكبرى صانعة
و داعمة و حامية لهم ؟!
. و الى متى يبقى مصير
شعوب العالم بيد مراهقين و سماسرة تدور في فلك الكيان المصطنع و تنفذ أوامره ؟! .
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة