القائمة الرئيسية

الصفحات

وظيفة الدولة في ظل واقع الفوضى الخلاقة الدكتور حيدر ادهم الطائي


وظيفة الدولة في ظل واقع الفوضى الخلاقة
الدكتور حيدر ادهم الطائي


وظيفة الدولة في ظل واقع الفوضى الخلاقة
الدكتور حيدر ادهم الطائي

تباينت وجهات النظر التي تقدمها الكتابات الفقهية ذات المنشأ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقانوني في تحديد الدور المفترض للدولة وما ينبغي لها ان تقدمه للانسان, فالدولة هذا التنين الذي عبر احد اساتذة العلوم السياسية بصدق عن نظرة الإنسان إليه بقوله " غالبا ما يشعر الإنسان بالقوة والعظمة. إلا ان قوته وعظمته تذوي وتتضاءل حتى تصل الى العدم أمام قوتين اثنين فقط هما: الله والدولة"  فهاتين القوتين كانتا وما زالتا تشغلان القسم الأكبر من المساحة التي يعمل فيها فكر الإنسان, وهما يتشابكان معا في بعض الاحيان وتتقدم إحداهما على الأخرى في احيان اخرى, كما لوحظ الأمر في مجرى التطور التاريخي للفكر الغربي. ومع ذلك يمكن للمتتبع ان يكشف عن وجود مفهومين لدور هذا التنين القانوني والسياسي: الأول مفهوم طرحه الفكر الرأسمالي المبني على تمجيد دور الفرد فيما أطلق عليه بالدولة الحارسة التي يقتصر مجال نشاطها على أضيق الحدود في حين نادى الفكر الاشتراكي او الماركسي تحديدا بمساحة واسعة للغاية شبيهة بالمساحات التي كان يستحوذ عليها القطاع الاشتراكي في هذا البلد وغيره يتحرك فيها نشاط الدولة ممتدا الى جوانب كثيرة اقتصادية وأمنية واجتماعية لكن هل اقتصرت الرؤية المذكورة على التوجهين الرأسمالي الفردي والاشتراكي الماركسي ؟
قد تبدو الإجابة مطروقة وهي كذلك بالفعل إذا سلمنا بوجود تيار ثالث عبر عنه المذهب الاجتماعي, ومع انهيار التجربة السوفيتية مطلع تسعينيات القرن العشرين كانت المفاجئة بتوسع مجال نشاط القطاع الخاص ليمتد الى عمق المساحة الأصيلة لحركة الدولة ممثلة بواجبها في حفظ الأمن على مستوى الداخل والخارج فظهر النشاط الواضح للشركات العسكرية والأمنية الخاصة, وهذه ممارسة ما نادى بها حتى الأرباب الكبرى للفكر الفردي في وقت كانوا فيه بعز انتصاراتهم وزهو تألق مذهبهم, وكانت البدايات القانونية قد اتجهت الى تأطير هذه الممارسة المستحدثة للقطاع الخاص سواء تم ذلك بتشريعات وطنية نظمت عمل هذه الشركات أم بمحاولات لوضع مبادئ وأسس توجيهية لعمل الشركات المذكورة, وهكذا طعنت الدولة في الصميم وبحركة مباغتة لفتت الانتباه من جانب من لا يريد لهذا التكوين القانوني والسياسي والاقتصادي أن يستمر في أداء دوره او الحد الادنى من هذا الدور.
الطعنة الثانية عبرت عنها ممارسات تشريعية كرست فكرة الازدواج في الجنسية التي تم على أساسها إضعاف ركن الشعب الذي يشكل احد الأركان الأساسية لقيام الدولة, وباطلاق غير مبرر, وإذا سلمنا ان التوجه العام في الوقت الحاضر يميل الى إضعاف دور الدولة على المستويات كافة يبقى التساؤول المشروع قائما ومضمونه ما هو البديل الناجع الذي يمكن أن يؤدي ما تؤديه الدولة من وظائف ودور من المفروض أن يكون متوازنا تجاه الإنسان ؟ والإجابة باختصار انه لا بديل حتى هذه اللحظة عن الدولة في القيام بالكثير من الأعباء لمصلحة الإنسان, ونحن في عراق الأنهار جفت أم استمرت في الجريان نقول ما قال الشاعر:
"ياسيدي ... يا عراق الأرض ... يا وطنا
تبقى بمرآه عين الله تكتحل
 لم تشرق الشمس إلا من مشارقه
 ولم تغب عنه إلا وهي تبتهل
 يا أجمل الأرض ... يا من في شواطئه
 تغفو وتستيقظ الآباد والأزل
 يا حافظا لمسار الأرض دورته
 وآمرا كفة الميزان تعتدل
 مذ كورت شعشعت فيها مسلته
 ودار دولابه, والأحرف الرسل
 حملن للكون مسرى أبجديته
 وعنه كل الذين استكبروا نقلوا !
يا سيدي... أنت من يلوون شعفته
ويخسأون, فلا والله, لن يصلوا".



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع