القائمة الرئيسية

الصفحات

قمم تربوية شامخة في عصر ملوك الطوائف وغياب لقمر يوسف بن تاشفين الدكتور حيدر ادهم الطائي




قمم تربوية شامخة في عصر ملوك الطوائف وغياب لقمر يوسف بن تاشفين
الدكتور حيدر ادهم الطائي



قمم تربوية شامخة في عصر ملوك الطوائف وغياب لقمر يوسف بن تاشفين
د. حيدر ادهم الطائي

لقطاع التربية والتعليم في العراق قصص لا تنتهي من مسلسل الكفاح المستمر, فالمعلم والمدرس واساتذة  الجامعات العراقية ممن لديهم رؤية واضحة للرسالة السامية التي يؤدونها في الاوقات الصعبة والاستثنائية التي مر بها العراق – مو كل اصابعك متساوية - وهي ظروف ما زالت مستمرة نظرا لغياب الحلول الجذرية وانعدام وجود رؤية تعكس خطة واضحة للدولة العراقية في معالجة المشاكل المتفاقمة في القطاع المذكور الامر الذي ادى الى تراجع كبير في ميدان تقديم الخدمات التعليمية الى الانسان العراقي رغم الشعارات والتصريحات والوجوه القديمة والجديدة التي لم تقدم سوى الفشل الذي يرتد بصورة او باخرى الى واقع الفساد المستشري مع غياب الارادة السياسية الجادة لمكافحة هذه الافة الاكلة للاخضر واليابس, ورغم محاولات التلميع الاعلامي القائم على تقديم الوعود الكاذبة من جانب ضيوف المحطات الفضائية يبقى الامل قائما على انقاذ غرناطة بكل ما تمثله من وجود تاريخي ارتبط بحضارة امتدت لقرون اشرقت فيها شمس العلوم واقمار المعرفة. ومع غرناطة قد يجري انقاذ عرش ابو عبد الله الصغير او دونه فليس المهم العمل على انقاذ عرش الملك فهل يبلغ الخيال بكاتب هذه السطور والجسارة الى الحد الذي يستطيع فيه تحدي مستوى الفشل القائم في ميدات التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ؟
سنقول "نعم" ان امكانيات معالجة الاوضاع المزرية في العراق قائمة بشرط توافر النية الصادقة, والتخطيط السليم المرتبط بتحديد الاهداف المنوي الوصول اليها, والقدرة على تنفيذ الخطط الموضوعة. الم ينتصر العراق على "الارهاب" ؟ وقبل ذلك انتصر على محاولات التجهيل بفضل جهود ثلة من التدريسيين المخلصين الذين بذلوا ما في وسعهم, وبقدر ما تسمح به ظروف الحال, وهي صعبة للغاية, سواء قبل الاحتلال الامريكي للعراق او بعد التاريخ المذكور, وهذا يعني ان التحديات التي واجهت هذا البلد في السنوات الاخيرة قد افرزت استجابات مناسبة الى حد ما, وقد حدثني احد الطلبة السابقين في كلية الادارة والاقتصاد بجامعة بغداد عن تاثره بمجموعة من التدريسيين المتميزين خلال فترة تسعينيات القرن العشرين, وهي فترة زمنية صعبة على المستويات كافة بالنسبة للانسان العراقي, وذكر منهم على وجه التحديد الشهيد الدكتور جاسم الذهبي "رحمه الله" الذي كان يعامل الطلبة بروح تربوية وابوية متميزة للغاية ليعكس بذلك جانبا من رسالته الانسانية في الحياة, فضلا عن الدكتور صلاح الرحيمي الذي كان يحمل جانبا من الم الواقع المرير في العراق خلال تلك الفترة, فمن يتحدث معه كان يشعر بذلك الحزن الدفين الساكن بين جنبات روحه, في حين تميزت الدكتورة راقية الجلبي بهدوئها الشديد, واخلاقها الرفيعة, وقدرتها على فرض احترامها على الكافة بينما وصف هذا الطالب السابق الدكتور عامر الكبيسي بانه معتد بنفسه الى حد كبير ليعكس للطلبة من خلال هذه الميزة ما يجب ان يحظى به الاستاذ الجامعي من تقدير واحترام في المجتمع فضلا عن ايمانه باهمية الدور الذي يؤديه – هل يتوافر هذا الجانب في العراق الفيدرالي الديمقراطي التعددي الان ؟ !!! والى اي مدى ؟ !!! اما الدكتور عاصم الاعرجي فهو صاحب الاخلاق الرفيعة الذي يشجع الطلبة على القراءة, واهمية الاطلاع على ما تنشره الصحف لانها تعكس جانبا من اهتمامات المجتمع, وهو المتعاون معهم دون ان يؤدي هذا التعاون الى القصور في اداء دوره من الناحية العلمية.
اما اساتذتنا الاكارم في كلية القانون بجامعة بغداد فما زلت اتذكر الدكتور عصام العطية "رحمه الله" وهو يقود سيارته الزرقاء اللون المعتقة والتاريخية "مارسيديس موديل 1975 على ما اظن" لكن بطاريتها خانت استاذي الفاضل في مراب الكلية حيث قمنا بدفعها لتشغيلها انا وزميل اخر لي من دون جدوى عندما كنا طلبة في الماجستير ليضطر الدكتور "ابا زينب رئيس قسم القانون الدولي" بعدها الى ملاحقة باصات النقل العام ذات اللون الاحمر المزدحمة بالركاب "الامانة" ويا له من موقف حيث شر البلية ما يضحك, "فذو العقل يشقى في النعيم بعقله........واخو الجهالة في الشقاوة ينعم" كما انني ما زلت اتذكر وباعتزاز كبير التقاطيع الغاضبة في وجه الدكتور عصام البرزنجي الاستاذ في القانون الاداري معبرا عن زهو الجبال وكبرياء القمم المرتفعة "والكبرياء لله وحده جل وعلا" وبكل عناد "الكردي الانسان" عند مواجهته لاحد الطلبة المسيئين جدا في لحظة من اللحظات, والذي قدر لسوء حظه العاثر الاصطدام مع هذه القامة العلمية الرائعة عندما اساء لقدسية المحاضرة, وللحقيقة اقول "ان امتعاض الغالبية الساحقة من الطلبة على تصرف زميلهم السيئ كان ملاحظا"  فهؤلاء النماذج من التدريسيين المتميزين في كل شيئ علما وخلقا هم من قدر الله لوجودهم استمرار العراق, فلم يتركنا احد منهم رغم ضيق الحال الذي عانوا منه كثيرا باستمرارهم في اداء دورهم الى اقصى حد مستطاع, وللامانة اقول ان هؤلاء الذين اتحدث عنهم لم يكن لهم اية علاقة بالاجهزة المتنفذة في الدولة اثناء تلك الفترة لكي ابين الفرق الشاسع والمسافة الفاصلة بين التدريسي التربوي وبين اخرين.... من اللذين يدعون وصلا بليلى!!! وهذه كلمة حق لن تروق للكثيرين, وكلمة الحق مرة, وهم كثر وما زالوا موجودين متمتعين بنعيم الجهل العلمي والتربوي, فهم في واد والعملية التربوية والتعليمية في واد اخر, ومع كل هذا الالم للواقع المزري الذي يعاني منه التدريسيين بالوصف الايجابي المذكور, دون من ينطبق عليهم الوصف السلبي.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع