القائمة الرئيسية

الصفحات

الارهاب والمقاومة / قراءات في تحديد المفهوم الدكتور حيدر ادهم الطائي (ج: 3)



الارهاب والمقاومة / قراءات في تحديد المفهوم
الدكتور حيدر ادهم الطائي (ج: 3)


الارهاب والمقاومة / قراءات في تحديد المفهوم
 الدكتور حيدر ادهم الطائي

ثالثا:استنتاجات وتوصيات
يبدو مما تقدم وجود توجهات قانونية متباينة في تحديد من يمكن ان يوصف بالمقاومة لكي تسبغ المشروعية على سلوكه فبين راي تقليدي نشا في ظل الامبراطوريات المندثرة, وراي حديث يذهب الى ضرورة توفير الحماية لافراد المقاومة على اسس واعتبارات متعددة, وربما يكون موقف اتفاقية جنيف الثالثة معبرا عن التوجه الوسط  من بين الرايين, وبهذا الخصوص نثبت الاستنتاجات الاتية:
1.اجمعت الاتفاقيات الدولية ذات الصلة على تجريم العديد من الافعال التي عدت من اشكال الارهاب, ويبدو ان الاتجاه المذكور هو الذي طغى على مواقف الدول بمعنى تجريم افعال بعينها على اعتبار كونها جرائم ارهابية في ضوء الخلاف الحاد حول تحديد مفهوم او تعريف متفق عليه للارهاب.
2.تعود جذور افكار المقاومة وشرعيتها الى ازمنة قديمة, وان لم تكن هناك اعمال قانونية واضحة تبرر فكرة المقاومة, الا ان التبرير الفكري المبني على اعتبارات تحقيق العدالة ورد العدوان امر قائم.
3.توجد اراء متباينة تعالج موضوعي الارهاب والمقاومة على مستوى الطروحات القانونية كرست من خلالها وثائق اتفاقية دولية وقوانين داخلية جرمت هذه الافعال وعاقبت عليها.
4.في اطار فقه القانون الدولي فقد ظهرت اتجاهات حول الموقف من المقاومة, فهناك المدرسة التقليدية التي لا تجيز اعمال المقاومة بعد تمام الاحتلال, وهذه الفكرة تستجيب للافكار التي كانت سائدة في ظل القانون الدولي التقليدي الذي يعترف بالحرب ولا يحرمها, بينما ظهر اتجاه اخر مبني على ما جاءت به اتفاقية جنيف الثالثة من اعتراف بالمقاومة, ولكن بشروط صعبة نسبيا, وهي نصوص جاءت بها الاتفاقية المذكورة لتعكس ممارسات حركات الانصار والمقاومة التي ظهرت في مواجهة الاحتلال الالماني اثناء الحرب العالمية الثانية, وهذه حركات مارست اعمال المقاومة في ظل ظروف تختلف عن الظروف الحالية التي تشهد حركات مقاومة في بلدان متعددة, في حين ظهر اتجاه ثالث يميل الى الاعتراف بحق المقاومة على نطاق اوسع, وهو ما يتماشى مع ما ورد في الميثاق من تكريس لفكرة جواز استخدام القوة للدفاع عن النفس. واذا كانت الافكار المتقدمة تمثل خلاصة موقف الفكر القانوني من شرعية او عدم شرعية الارهاب والمقاومة, فهناك مجموعة من التوصيات نوجزها بعدة نقاط هي:
1.العمل على دراسة تعديل المادة (4) من اتفاقية جنيف الثالثة بحيث يتم التخفيف من صرامة الشروط التي تتطلبها للاعتراف للمقاومة بوضع قانوني معين, وعلى وجه التحديد الشرط المتعلق بان تكون المقاومة حاملة لعلامة معينة يمكن تميزها عن بعد فضلا عن الغاء التمييز الذي يتبناه جانب من الفقه بين المقاومة والهبة الجماهيرية ذلك ان المنطق يقول ان من حق المعتدى عليه ان يقاوم بمختلف الطرق والاساليب المتاحة التي تخضع لاسس واعتبارات اخلاقية تنعكس من خلال عدم تعرض المدنيين للخطر او المساس بهم او بالفئات الاكثر ضعفا, وهم النساء والاطفال وكبار السن, والموقف المذكور تدعمه توجهات قانونية, فاذا كانت محكمة العدل الدولية في رايها الاستشاري الصادر عام 1996 قد توصلت الى نتيجة مفادها عدم وجود قاعدة قانونية دولية تحرم استخدام السلاح النووي او التهديد به في اقصى حالات الدفاع عن النفس, واذا كان القاضي الامريكي "نائب الرئيس شويبيل" قد ذكر في رايه الملحق بهذه الفتوى ان من غير الممكن تجاهل ممارسات الدول النووية, ومنها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن من اتباعها لسياسة الردع فضلا عن احتماء العديد من الدول بمضلاتها النووية, فانه من غير الممكن ايضا ان تقيد عمليات المقاومة ويقيد الحق في المقاومة المبني على مبدا الحق في تقرير المصير ومبدا الدفاع عن النفس بطريقة تعكس جانبا كان سائدا في فترة الامبراطورية الاستعمارية او يتم تكريس مفاهيم ناتجة عن ممارسات حركات الانصار اثناء الحرب العالمية الثانية.
2.العمل على ادخال جريمة العدوان في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بوضعها في دور النفاذ حالها حال الجرائم الاخرى التي نص عليها النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية, وهي جرائم الحرب, والجرائم ضد الانسانية, وجريمة ابادة الجنس البشري, وان تعمل المحكمة على وضعها موضع التطبيق فضلا عن ضرورة ان يشمل نشاط المحكمة المناطق الجغرافية في العالم كافة لتلافي حالات الانسحاب من النظام الاساسي وهو ما اقدمت عليه مؤخرا عدد من الدول الافريقية على وجه الخصوص مبررة توجهها بوجود نوع من ازدواجية المعايير او التعامل مع دول العالم بخصوص قيام المحكمة بواجباتها, وهذا ما سيمثل في حالة القيام به مرحلة جديدة ومهمة باتجاه تطوير القانون الدولي, وسنكون بهذا الشكل قد وفرنا حماية حقيقية للمبدا الوارد في ميثاق الامم المتحدة الخاص بتحريم اللجوء الى القوة او التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية.
3.العمل على تبني فكرة مفادها القضاء على الاتجاه الذي يضيق من فكرة ومجال المقاومة مع التشديد على ضرورة العمل على محاربة الارهاب, واذا كانت فكرة المقاومة بمفهوم واسع هي التي يجب ان تسود فان ذلك يجب ان لايعني مطلقا المساس بقواعد قانونية دولية موضع احترام حاليا وعلى راسها عدم جواز تعريض المدنيين للقتل وبقية الفئات التي لا تشترك في العمليات الحربية. واذا كنا نرفض القيام باعمال مؤذية للمدنيين والفئات الاخرى غير المشتركة في العمليات الحربية من جانب المقاومة فانه من باب اولى رفض اي مساس بهذه الفئات عن طريق عمليات ارهابية.
4.اذا كان التوصل الى تعريف للارهاب على المستوى الدولي والوطني امر مستحيل في الوقت الراهن لاسباب متعددة فمن المهم السعي الى تحديد اشكال العمليات الارهابية بمعنى تحديد جرائم بعينها تعد من جرائم الارهاب, وربما يكون التمييز بين اعمال الارهاب واعمال المقاومة المسلحة المشروعة المبنية على اعمال الحق في تقرير المصير والدفاع عن النفس هو الخطوة الاولى بالاتجاه الصحيح للوصول الى النتيجة المذكورة. اي ان اعمال المقاومة المسلحة تكون مشروعة على وجه العموم بشرط عدم المساس بالمدنيين وغيرهم من الفئات التي سبق ذكرها فيجب ان توجه هذه الاعمال او الهجمات ضد قوات الاحتلال فاذا مست غير قوات الاحتلال عدت اعمالا ارهابية بشرط توافر شروط اخرى كارتباطها بهدف سياسي معين يتم الوصول اليه باللجوء الى اعمال عنيفة وعن طريق اشاعة نوع من الرعب في نفوس الناس وذلك كله خرقا لقواعد قانونية ثابتة ومطبقة في النظام القانوني الدولي.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع