القائمة الرئيسية

الصفحات

الاطار القانوني للهيئات المستقلة ومفهوم استقلالها (ج 3) بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


الاطار القانوني للهيئات المستقلة ومفهوم استقلالها (ج 3)
بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي 
معهد العلمين للدراسات العليا

الاطار القانوني للهيئات المستقلة ومفهوم استقلالها
بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي

الفرع الثاني /دستور جمهورية العراق والهيئات المستقلة

لم يكن مفهوم الهيئات المستقلة معروفا في النظام القانوني العراقي قبل عام 2003 ,واما جاءت به اوامر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة ومثلها جاءت بمفهوم السلطة القضائية المستقلة بموجب الامر (35) لسنة 2003حينما شكلت مجلس القضاء الاعلى بموجبه لتخرج القضاء والمحاكم لاول مرة في تاريخ العراق من هيمنة السلطة التنفيذية واعطته استقلال تام .
وبهذا لم تكن معظم الهيئات المستقلة من وضع دستور العراق لعام 2005 بل ان الدستور اقر القائم منها وفقا لقوانين تشكيلها التي كانت قد صدرت قبل وضع الدستور باكثر من سنة ,اذ شرعت وفق المعايير الدولية والممارسات المتبعة في العالم وكانت تنص صراحة على الاستقلال التام فنص القسم (3) من امر مفوضية الانتخابات العراقية المستقلة رقم (92) لسنة 2004 ينص على : ( يتم بموجب هذا الامر انشاء مفوضية الانتخابات العراقية المستقلة كادارة حكومية مستقلة تحكم ذاتها غير حزبية محايدة ....وتكون المفوضبة مستقلة عن فروع الحكومة التنفيذية والتشريعية والقضائية ),كما نص البند (2)من القسم (2) من امر سلطة الائتلاف المؤقتة  المنحلة رقم (56)لسنة 2004 (قانون البنك المركزي العراقي) على : ( يتمتع البنك المركزي العراقي بالاستقلال ....ولا يتلقى البنك المركزي اية تعليمات من اي شخص بما فيها الجهات الحكومية ....يتم احترام استقلال البنك المركزي العراقي ,ولن يسعى اي شخص او جهة التاثير على نحو غير ملائم على اي عضو من اعضاء هيئة لصنع القرار يتابعة للبنك المركزي العراقي فيما يتعلق بواجبات وظيفته تجاه البنك ولن يقوم اي شخص او جهة بالتدخل في نشاط البنك المركزي العراقي ),وكذلك البند (1) من القسم (3) من امر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (65)لسنة 2004للمفوضية العراقية للاتصالات والاعلام والذي نص على : ( يتم بموجب ذلك انشاء هيئة ادارية مستقلة لاتسعى لتحقيق الربح يطلق عليها اسم "المفوضبة العراقية للاتصالات والاعلام " تتحمل  وحدها دون غيرها مسؤولية ترخبص وتنظيم خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية والبث والارسال وخدمات المعلومات وغير ذلك من خدمات اجهزة الاعلام في العراق ....) , وكذلك نص الاستقلال بشان الهيئة العراقية العامة لخدمات البث والارسال اوضح من سواها اذ نصت ديباجة الامر (66) لسنة 2004 على : ( ....واقرارا كذلك بعدم التدخل في استقلال الاعلام هو واجب الحكومات بالمقابل ,وتاكيدا على ان استقلال الاعلام في هذا السياق يعني عدم اخضاعه للرقابة او للنفوذ غير الملائم وعدم التدخل في شؤونه او تعريضه للضغط من قبل قوى سياسية او قوى خارجية اخرى ....),كما نص البند (5) القسم (2) منه على تعريف الاستقلال بقوله : ( تعني عبارة الاستقلال :- القدرة المالية والتحريرية والادارية على ممارسة العمل بدون الخضوع الى التاثير او سيطرة الحكومة او لتاثير اي مصالح خارجية غير ملائمة ).
لبتبين لنا مما تقدم ان ان انشاء الهيئات المستقلة كان قائما ابتدا ء على توزبع الادوار والمهام والسلطات والصلاحيات في الدولة بين جهات او هيئات وسلطات متعددة لايتحكم بعضها بالعض الاخر ,لايعلو بعضها على الاخر بل يحكمها ويعلو عليها القانون لتحد سلطة كل منها السلطة الاخرى تاسيسا على مقولة مونتيسكيو {السلطة لا تحدها الا السلطة }فهي جميعا سواء كانت سلطة او هيئة يحكمها القانون لتقوم العلاقة بينها على اساس التعاون والتنسيق والتكامل في اداء الادوار لتحقيق المصلحة العامة ,ليس على اساس الامر والطاعة او حكم الاعلى للادنى او الامر والطاعة بل التعاون والتنسيق والتكامل في اداء الادوار لتحقيق المصلحة العامة "9",فاستقلال الهيئات امر مطلوب لاهمية ذلك مع التاكيد على استقلالية العاملين فيها بعدم انتمائهم لاي حزب او كيان سياسي لكونها حاجات وطنية تؤدي الدور المطلوب منها مع تلبية الحاجات المؤسسة من اجلها بدقة وبطريقة تضمن الحيادية والاستقلال والمهنية والشفافية .

الخاتمة

ورد مصطلح الهيئات المستقلة ضمن دستور العراق لعام 2005 ليشير الفصل الرابع منه ضمن المواد من (102-108)في باب الهيئات المستقلة ليضع مرجعا لكل منها لتخضع للرقابوة ولتنظم اعمالها ,كما اشار الى استقلالية تلك الهيئات وجهة الرقابة عليها ليجعل ارتباط بعضها بمجلس النواب في حين جعل الاخرى ترتبط بمجلس الوزراء مع ترك ارتباط البعض الاخر دون تحديد للجهة التي يرتبط بها , ليثير الوضع القانوني لتلك الهيئات مشكلة من خلال تنظيم العلاقة بين السلطات وتلك الهيئات ,وقد توصلنا من خلال بحثنا لعدة استنتاجات وهي كالاتي :
1- ان الهيئات المستقلة ليست سلطة رابعة الى جانب السلطات الثلاث لانها ليست جهازا دستوريا وانما جهاز اداري يحتاج بسبب طبيعة اعماله ان يتمتع بمزيد من الاستقلال الاداري ازاء الاجهزة الحكومية التقليدية كحاجة البنك المركزي لهذه الاستقلالية ازاء وزارة المالية التي تتولى ادارة السياسة المالية للدولة لتتطلع لاخضاع السياسة النقدية لها كذلك ,كما ان الدستور حدد حصرا سلطات الدولة الثلاث على وفق نص المادة(47)منه كما انه اطلق تسمية الهيئات المستقلة على الكيانات الواردة في الفصل الرابع منه ولم يسمها بالسلطات المستقلة .
2- اورد دستور جمهورية العراق لعام 2005 صياغات متعارضة وغامضة ليثير مشاكل في التفسير وفي التنفيذ فلم يحدد المقصود بالهيئات المستقلة على الرغم من حداثة التعبير في القانون الدستوري العراقي ادخلته سلطة الائتلاف لاول مرة في الامر (56/2004) (قانون البنك المركزي )ليحدد الاستقلال في المادة (103) من الدستور بانه استقلال مالي واداري بينما الامر (56) عرف الاستقلال بانه : (القدرة المالية والتحريرية والادارية على ممارسة العمل بدون الخضوع الى التاثير او سيطرة الحكومة او لتاثير مصالح خارجية غير ملائمة )وبما ان دستور 2005 جاء لاحقا للامر (56) فهذا يظهر التناقض مع نص المادة (103) التي اخذت بالمعنى الضيق للاستقلال من جهة ومن جهة اخرى لا يمكن لقانون ان يعلو على الدستور .
3- لم يحدد الدستور مفهوم الارتباط الوارد في المادة (103 /ثانيا)والذي هو من المؤكد ليس ارتباطا اداريا لان مجلس النواب جهاز تشريعي وليس تنفيذي ليكون معنى الارتباط هو المسؤلية امام مجلس النواب من حيث الاداء الوظيفي كما تقتضيه المادة(61/ثانيا )من الدستور بشان اختصاص المجلس في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية سواء تعلق الامر باداء الوزارات او الجهات غير المرتبطة بوزارة او الهيئات المستقلة على حد سواء .

التوصيات

1- ان وجود الهيئات المستقلة بستوجب وجود تنسيق مع باقي السلطات في الدولة مع احتفاظ تلك الهيئات باستقلالها المالي والاداري تحصينا لها ولتكون مستقلة في قراراتها واجراءتها .
2- ان خضوع الهيئات المستقلة لايخل بطبيعة عملها ولايؤثر على استقلالها فالاستقلال لايعني الانفصال والاشراف لايعني الخضوع اضافة ان مجلس النواب لايملك من الادوات ما يؤهله لادارة شؤون تلك الهيئات ,كما ان بقاء هذه الهيئات بمناى عن الاشراف سيبقيها خارج اطار وحدة التكامل في العمل مع باقي السلطات في الدولة .

الهوامش
1- د.حيدر طالب الامارة الامارة ونور سعد محمد ,اللجان البرلمانية وتمييزها عن الهيئات المستقلة ,مجلة التشريع والقضاء ,العددالثاني ,2017.
2-  معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي .
3-  دستور تونس النافذ .
4- عز الدين عيساوي ,المكانة الدستورية للهيئات المستقلة :مال الفصل بين السلطات ,مجلة الاجتهاد القضائي ,العدد الرابع , ,جامعة محمد خيضر بسكر, الجزائر ,ص206 .
5- د.حنان محمد القيسي ,مفهوم الاستقلال والهيئات المستقلة في دستور 2005,كلية القانون الجامعة المستنصرية ,ص5.
6- حميد طارش الساعدي ,الاطر الدستورية والقانونية للهيئات المستقلة ,مؤسسة مدارك لدراسة اليات التطور الفكري ,مقال منشور على شبكة النت على الموقع :
7- صحيفة المرايا الالكترونية –الهيئات المستقلة بين الاستقلال التام او الاستقلال المالي والاداري ,رئيس هيئة النزاهة على الموقع :
          ,القاضي علاء جواد حميد ,رئيس هيئة النزاهة وكالة .
8- القاضي رحيم حسن العكيلي ,الهيئات المستقلة بين الاستقلال التام او الاستقلال المالي والاداري ,مدونة القاضي رحيم حسن العكيلي .
9- زهير كاظم عبود ,قرار المحكمةالاتحادية العليا عن الهيات المستقلة في الدستور,مجلس القضاء الاعلى على الموقع   ,د.اسماعيل محمد صعصاع غيدان ,م. صادق محمد علي ,مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونيةوالسياسية ,العدد الاول ,السنة الثامنة ,2016,ص258 .


المصادر
معجم المعاني الجامع –معجم عربي عربي .

المجلات
1- د.اسماعيل محمد صعصاع وصادق محمد علي ,مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية ,العددالاول,السنة الثامنة ,2016.
2- د.حنان محمد القيسي,مفهوم الاستقلال والهيئات المستقلة في دستور 2005 ,كلية القانون الجامعة المستنصرية .
3- د.حيدر طالب الامارة ونور سعد محمد ,اللجان البرلمانية وتمييزها عن الهيئات المستقلة ,مجلة التشريع والقضاء ,العددالثاني ,2017 .

الدساتير والقوانين

1-  الدستور الفرنسي لعام 1958.
2-  دستور جمهورية العراق لعام 2005.
3-  الدستور التونسي النافذ .
4-  الدستور المصري لعام 2014.
5-  اوامر سلطة الائتلاف لسنة 2004.
6-  قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2013.

القرارات
1-  قرار المحكمة الاتحادية رقم 222/ت/2006.
2-  قرار المحكمة الاتحادية رقم 228/ت/2006.
3-  قرار المحكمة الاتحادية رقم 88/ت/2010.

مواقع النت
1- حميد طارش الساعدي ,الاطر الدستورية والقانونية للهيئات المستقلة ,مؤسسة مدارك لدراسة اليات التطور الفكري ,مقال منشور على شبكة النت على الموقع : 
2- رحيم حسن العكيلي ,الهيئات المستقلة بين الاستقلال التام والاستقلال المال والاداري ,مدونة القاضي رحيم حسن العكيلي .
3- د.زهير كاظم عبود ,قرار المحكمة الاتحادية العليا عن الهيئات المستقلة في الدستور ,مجلس القضاء الاعلى على الموقع :
4- صحيفة المرايا الالكترونية –الهيئات المستقلة بين الاستقلال التام او الاستقلال المالي والاداري ,رئيس هيئة النزاهة على الموقع:

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع